البراكين الخامدة تشتعل في قلوب شباب السعودية.. لماذا قام “الشمراني” بعملية الاغتيال والانتحار؟

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

تحاول أمريكا والسعودية تجنب وقوع توتر في العلاقات بينهما عقب حادثة إطلاق النار التي نفذها طالب سعودي في القاعدة الجوية البحرية الأمريكية في مدينة فلوريدا. يذكر أن طالباً سعودياً يدعى “محمد سعيد الشمراني” قام يوم الجمعة الماضي بإطلاق نار على عدد من الجنود الامريكيين في القاعدة الجوية البحرية الأمريكية في “بينساكولا” بولاية فلوريدا، ما أسفر عن مقتل أربعة أمريكيين على الأقل وإصابة ثلاثة آخرين وعقب وقوع تلك الحادثة، قام الطالب السعودي على الفور بالانتحار واطلاق الرصاص نحو رأسه.  وتقول الشرطة في “سكامبيا فلوريدا” إن تلك القاعدة العسكرية الامريكية كانت قد حظرت امتلاك الطلاب الدارسين فيها للاسلحة، لكن الطالب السعودي عند ذهابه إلى مدينة نيويوك للنزهة قام بشراء مسدس من طراز “غلوك” عيار 9 ملم اشتراه في أمريكا، وتضمن المسدس مخزن ذخيرة إضافيًا بينما كان في حوزة المهاجم ما بين أربعة وستة مخازن أخرى.

وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن هذا الطالب السعودي قام في الساعة السادسة والنصف صباحا بتوقيت الولايات المتحدة باطلاق النار بشكل عشوائي على الجنود الامريكيين الذين كانوا يتدربون داخل مبنى منشأة التدريب في هذه القاعدة الامريكية، كما قام ثلاثة جنود سعوديين آخرين بتصوير هذه الحادثة. وبعد وقوع هذه الحادثة، أفادت وسائل الإعلام الأمريكية أن الهجوم كان سببه الطيار العسكري السعودي، “محمد سعيد الشمراني” ووفقًا لعدد من المسؤولين الأمريكيين، فلقد اعتبرت الحكومة الامريكية هذه الحادثة بأنها هجوم إرهابي. وتجدر الإشارة إلى أن قاعدة سلاح الجو الأمريكي الواقعة في مدنية فلوريدا هي مهد التدريب على الطيران البحري، ويتم تجنيد الطلاب والمدربين من جميع أنحاء العالم في هذه القاعدة التي تحتوي على ما يقرب من 7000 جندي وأكثر من 6000 مدني.

بالطبع، ليس من المستغرب سماع مثل هذه الأخبار من مناطق مختلفة من أمريكا؛ حيث تشير الأرقام الصادرة عن وسائل الإعلام العالمية فيما يتعلق بمثل هذه الحوادث داخل أمريكا إلى أن عددًا كبيرًا من الأمريكيين قد قتلوا في أحداث مماثلة لإطلاق النار في الشهر الماضي وحده وتشير المعلومات إلى أن سلسلة حوادث إطلاق النار مستمرة في أمريكا وأن سكان البلاد لا يتمتعون بالأمن الكافي.

ومن المثير للاهتمام، أنه قبل يومين فقط من هذه الحادثة الاخيرة، أطلق بحار أمريكي النار وقتل ثلاثة من الموظفين التابعين لوزارة الدفاع الأمريكية في عملية مماثلة في قاعدة “بيرل هاربور” البحرية وبعد ذلك قام المهاجم بالانتحار وقتل نفسه. وبالنظر إلى كل المعلومات التي تم ذكرها اعلاه، نجد أن حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة أمر شائع، ولكن وقوع هذه الحادثة التي نفذها طالب عسكري سعودي عقب وقوع تلك الحادثة التي نفذها بحّار أمريكي بثلاثة أيام أثارت العديد من التكهنات حول دوافع وأسباب هاتين الحادثين.

لكن النقطة المهمة الأخرى هي أن الجانبين، السعودية وأمريكا، يحاولان تجنب الإضرار بعلاقاتهما الدبلوماسية، حيث أدان المسؤولون السعوديون الهجوم وأرسلوا تعازيهم إلى حكومة الولايات المتحدة وشعبها. كما أعرب السعوديون، وخاصة الملك “سلمان”، على أن “محمد سعيد شمراني” هو مواطن سعودي لا يمثل السعودية وشعبها وإنما يمثل نفسه فقط.

رواد مواقع التواصل الاجتماعي السعوديين يطلقون هاشتاج” مجرم_فلوريدا_ لا يمثلنا” وفي هاشتاج آخر قالوا ” # العزم_ يجمعنا”، لإظهار التحالف والصداقة بين السعوديين والأمريكيين.

وفي سياق متصل، اصدرت سفارة السعودية في أمريكا بيانا قالت فيه: “إن حادث إطلاق النار في قاعدة عسكرية جوية في فلوريدا يوم الجمعة الماضي مؤلم للغاية”، مؤكدة على وحدة الشعب السعودي في إدانة هذه الجريمة. وقدمت الأميرة “ريما” سفيرة السعودية في أمريكا التعازي للشعب الأمريكي في المأساة التي وقعت في “يينساكولا”، فلوريدا. وقالت، في تغريدات عبر تويتر،:” نتعاطف مع عائلات المتضررين من هذا الهجوم المروع”. وتابعت: “كابنة طيار عسكري سابق تدرب في بأمريكا فإن هذه المأساة مؤلمه بشكل خاص. والشعب السعودي متحد في ادانته لهذه الجريمة. ونقف متضامنين مع أصدقائنا الأمريكيين خلال هذه الأوقات العصيبة”.

ومن جانبه، قال الرئيس الأمريكي، “دونالد ترامب”، إن الملك السعودي “سلمان بن عبد العزيز”، تحدث معه هاتفيًا، للتعبير عن تعاطفه وتعازيه لعائلة وأصدقاء ضحايا المحاربين الذين قتلوا وجرحوا في حادث إطلاق النار بقاعدة بحرية عسكرية أمريكية، بولاية فلوريدا، التي وقعت يوم الجمعة الماضي وكتب ترامب على “تويتر”: “الملك سلمان اتصل بي معبرا عن خالص تعازيه لأسر وأصدقاء المحاربين الذين قتلوا وجرحوا بالهجوم الذي وقع في فلوريدا”. وأضاف: “قال الملك إن الشعب السعودي غاضب بشدة من العمل الوحشي الذي قام به مطلق النار، وأنه لا يمثل بأي شكل من الأشكال مشاعر الشعب السعودي المحب للشعب الأمريكي”.

إن الموقف الصامت للكثير من وسائل الإعلام السعودية والأمريكية على العديد من الحوادث في المنطقة، والذي أصبح طبيعياً وواضحاً على نطاق واسع فيما يتعلق بالتعاون الاستخباراتي السعودي الأمريكي، هو الذي دفع المهاجم السعودي للقيام بهذه الجريمة. يذكر أن الولايات المتحدة قامت خلال السنوات الماضية باجبار القادة السعوديين للقيام ببعض الاعمال الاجرامية في المنطقة وذلك من أجل تحقيق بعض المكاسب للولايات المتحدة. كما أن العديد من الجنود الامريكيين قاموا خلال الفترة الماضية بإهانة عدد كبير من المسؤولين السعوديين، مما ولّد مشاعر السخط لدى أفراد الجيش السعودي المتعصّب، الامر الذي كشف عنه “الشهراني” قبل قيامه بتلك الحادثة.

وحول هذا السياق، ذكرت وكالة الأنباء الأمريكية “إي بي سي” إن المحققين الامريكيين يحققون فيما إذا كان الملازم السعودي قد أطلق النار على الجنود الامريكيين من توجهه الديني والأيديولوجي، أو أنه كانت هناك مشكلة أثناء خدمته العسكرية في “بينساكولا” أجبرته على القيام بمثل هذه الجريمة. ولقد أظهرت نتائج التحقيق أن المواطن السعودي كان يكره الولايات المتحدة ولهذا فلقد استخدم عبارة “دولة شريرة” لوصف الولايات المتحدة قبل قيامه بتلك الجريمة.

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة “يو إس إي تودي” الامريكية” يوم السبت الماضي، أن “الشهراني” كتب على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قبل ساعتين من قيامه بإطلاق النار على الجنود الامريكيين، بأنه ينتقد سياسات الولايات المتحدة اللا إنسانية ودعمها للكيان الإسرائيلي وأنه يعارض نشر القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية. وفي السياق نفسه، ذكرت وكالة “أسوشيتيد برس”، أن الملازم السعودي كان يشاهد شريط فيديو عن إطلاق النار الجماعي في الليلة التي سبقت حادثة إطلاق النار، وكشفت أيضا بأن طالب سعودي أخر في قاعدة فلوريدا قام بتصوير عملية إطلاق النار. وعلى الرغم من أن هذه الحادثة قد لا تؤدي إلى تفاقم العلاقات السعودية الأمريكية، إلا أنه يبدو أن هذه الحادثة ستكون سببًا لتوسع معارضة الرأي العام الإقليمي للسياسات الأمريكية والنهج العنصري للقادة الأمريكيين ضد دول المنطقة.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com