العدوان والمنظومة الصحية في اليمن .. مؤشرات الانهيار

|| صحافة || سبأ

مضت نحو خمس سنوات من العدوان والحصار الجائر المفروض على اليمن من قبل تحالف العدوان السعودي الأمريكي، والذي تسبب في انهيار المنظومة الصحية في ظل تباطؤ المنظمات الدولية في الاستجابة الصحية .

فقد أجهز العدوان على البنية التحتية للقطاع الصحي ما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة وحرمان ملايين المواطنين من الرعاية الصحية الأساسية، ولم تكتفِ دول تحالف العدوان بالقصف والتدمير، بل فرضت حصاراً على دخول المستلزمات الطبية والأدوية المنقذة للحياة وخاصة لذوي الأمراض المزمنة ومنعت المرضى من السفر لتلقي العلاج في الخارج.

وأكد تقرير صادر عن وزارة الصحة العامة والسكان أن مؤشرات انهيار النظام الصحي في اليمن تمثلت في تدمير طيران العدوان للمنشآت الصحية بشكل مباشر، حيث وصل عدد المنشآت المدمرة كلياً وجزئياً إلى أكثر من 600 منشأة.

وأشار إلى أن خسائر القطاع الصحي وصلت إلى عشرة مليارات دولار، لافتاً إلى انتهاء العمر الافتراضي لـ 93 بالمائة من الأجهزة والمعدات الطبية وتعذر الصيانة لها وقد تتوقف في أي لحظة، نتيجة للحصار وعدم السماح باستيراد الحديث منها.

وأوضح التقرير أن انهيار القطاع الصحي يتجلى أيضاً في عدم حصول أكثر من 48 ألف موظف في القطاع على المستوى المركزي والمحلي على مرتباتهم، وكذلك انقطاع الكثير من الأطباء والموظفين جراء النزوح والظروف الاقتصادية إلى جانب توقف منشآت.

وحسب التقرير فإن هناك ثمانية آلاف مريض بالفشل الكلوي والآلاف من مرضى السرطان والسكري والقلب وغيرها من الأمراض، بالإضافة إلى 40 ألف مريض بالأورام السرطانية مهددون بالوفاة نتيجة عدم إدخال جهاز الإشعاع الخاص بعلاج الأورام، لافتا إلى وفاة 50 % من مرضى الأورام نتيجة عدم توفر الأدوية بسبب الحصار .

وذكر التقرير أنه لا يوجد جهاز قسطرة قلبية في اليمن خاصة بعد تعطل الجهاز الوحيد لدى مستشفى الثورة العام، وعدم وجود دعامات قلبية لأكثر من 30 ألف مريض وعدم وجود صمامات لأكثر من 30 ألف مريض.

وأكد التقرير استشهاد وإصابة أكثر من 40 ألف من المدنيين، بينهم سبعة آلاف و200 طفل وأكثر من 800 طفل معاق نتيجة القصف المباشر لطيران العدوان.

ولفت التقرير إلى أن ألف طفل في اليمن يموتون يومياً نتيجة العدوان والحصار ونقص الأجهزة والأدوية.. مبيناً أنه بحسب تقارير المنظمات الدولية يموت 150 ألف طفل في اليمن سنوياً.

كما دمر العدوان المشاريع المرتبطة بالبيئة كالمياه والصرف الصحي ما أدى إلى انتشار سوء التغذية وظهور الأوبئة وصولاً إلى الكوليرا والدفتيريا، وحاليا حمى الضنك والملاريا بالمقابل تراجع الدعم المقدم من المنظمات الدولية للقطاع الصحي.

وبيّن التقرير أن عدد الإصابات بالكوليرا حوالي مليونين ومائتي ألف شخص توفي منهم نحو ثلاثة آلاف و750 شخصاً، يمثل الأطفال نسبة 32 بالمائة منهم فيما توجد 34 ألفاً و520 حالة إصابة بالحصبة توفيت منها 273 حالة 65 بالمائة منها أطفال.

 

ووفقاً للتقرير بلغ عدد المصابين بمرضى الدفتيريا أربعة آلاف و500 مريض، توفي منهم 253 يمثل الأطفال ما دون الخامسة حوالي 16 بالمائة.. مبيناً أن هناك 2.9 مليون طفل دون الخامسة مصابون بسوء التغذية من أصل 5.4 ملايين طفل وبنسبة 55 بالمائة، منهم 400 ألف طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم.

وأوضح التقرير أن 86 بالمائة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من أحد أنواع فقر الدم، و46 بالمائة من الأطفال يعانون من التقزم، وهناك 80 ألف طفل مصابون باضطرابات نفسية بسبب أصوات الطائرات وانفجارات الصواريخ .

وبين التقرير أن ستة مواليد يموتون كل ساعتين بسبب تدهور خدمات الرعاية الصحية، و65 طفل دون الخامسة من أصل ألف طفل يموتون بسبب نوع من أنواع الأمراض، لافتاً إلى أن 320 ألف مريض عجزوا عن تلقي العلاج في الخارج بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي، توفي منهم حوالي 42 ألف مريض وتبلغ نسبة الأطفال منهم 30 بالمائة.

وفيما يخص الحصار على قطاع الأدوية أشار التقرير إلى أن العدوان والحصار تسببا في عدم توفر 12 صنفاً من أدوية ذوي الأمراض المزمنة خاصة السرطان، إلى جانب استهداف دول تحالف العدوان لمصنع دواء وتدمير مصنعين لإنتاج الأوكسجين وانخفاض نسبة استيراد الأدوية.

كما تسبب العدوان والحصار في تعثر نقل أكثر من 362 صنفاً من الأدوية، وحظر بعض المواد الطبية اللازمة للصناعات الدوائية ومنع دخولها وعرقلة وصول شحنات الأدوية والمستلزمات الطبية التي تم منحها وثائق الموافقة على الاستيراد إلى جانب فرض إجراءات تعسفية لدخول السفن والبواخر المحملة بالأدوية ما تسبب في إتلافها.

وأفاد التقرير أن نشاط مئات المستورين توقف واضطربت أسعار الأدوية بسبب سعر الصرف وفقدان أكثر من 50 بالمائة من الصيادلة لوظائفهم وتوقف النشاط الاستثماري خاصة في مجال التصنيع الدوائي.

وأمام هذه الأرقام الهائلة والمرعبة جدد وزير الصحة العامة والسكان الدكتور طه المتوكل المطالبة بوقف العدوان ورفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي والسماح للمرضى للسفر للعلاج في الخارج.

ودعا الأمم المتحدة إلى سرعة تسيير جسر جوي لإنقاذ المرضى والمصابين بالأورام والأمراض المهددة لحياتهم لتلقي العلاج في الخارج.

وأكد أن الأمم المتحدة لم ترسل إلى اليوم أي طائرة لإنقاذ المرضى المحتاجين للعلاج في الخارج خاصة الأطفال.

وبين الوزير المتوكل أن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تنصلتا عن تسيير الرحلات الإنسانية العلاجية إلى الخارج من مطار صنعاء.

واستنكر تلاعب الأمم المتحدة بآلام اليمنيين، محملاً منظمة الصحة العالمية المسئولية القانونية والأخلاقية عن مثل هذه التصرفات غير المسئولة.

وجدد التأكيد على أن استمرار إغلاق مطار صنعاء جريمة بحق الإنسانية ومخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية والإنسانية.

ودعا وزير الصحة الأمم المتحدة والمنظمات الأممية والدولية، إلى عدم غض الطرف عن هذه المأساة الكارثية التي أودت بحياة الآلاف من المواطنين ومازالت تحصد أرواح آلاف آخرين، داعياً إلى التحرك الجاد لرفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي.

 

 

 

وفيما يخص ما قدمته المنظمات الصحية العاملة في اليمن من دعم للقطاع الصحي للعام 2019م، ذكر الوزير المتوكل في مؤتمر صحفي أن المنظمات الدولية لم تنفذ من خطة الاستجابة الصحية لعام 2019م سوى 19 بالمائة وبعجز يتجاوز 81 بالمائة.

ولفت إلى أن الاستجابة من المنظمات الدولية في جانب البنية التحتية لم يتجاوز 9 بالمائة، وفي جانب التجهيزات والمعدات أربعة بالمائة فقط، وفي الأدوية نسبة الاستجابة 22 في المائة، والنفقات التشغيلية 14 في المائة، وفي التدريب 20 في المائة، والإحالة 9 في المائة.

وأكد وزير الصحة أن المنظمات تعمل بشكل مخل للقوانين والاتفاقيات وقال “خاطبنا المنظمات خاصة اليونيسف برفض هذه الإجراءات “.. مشيراً إلى أن كثيراً من المساعدات العينية المقدمة من المنظمات منتهية كالأدوية ومنها ما تم إعادته من مطار صنعاء خاصة الأنسولين.

وأضاف “هناك مستلزمات طبية رديئة جداً ولا تعمل بالشكل السليم وقد وجهنا مذكرة إلى منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي بضرورة أن تكون الأجهزة صالحة إلى الاستخدام في المجال الطبي ومن مصادر موثوقة ولها ضمانات صيانة ولكن ذلك لم يلق أي استجابة منها“.

وذكر الدكتور المتوكل أن تحالف العدوان رفض إدخال جهاز إشعاعي خاص بمرضى الأورام ما يعني تهديد حياة 40 ألف مريض بالأورام السرطانية.

ولفت وزير الصحة إلى أنه لا يوجد في المرافق الحكومية جهاز رنين مغناطيسي تشخيصي ولم يتم السماح بإدخاله للبلد، حيث تعتبر المنظمات أن هذا الجهاز يحتوي على غاز الهيليوم وهو يدخل في الصناعات العسكرية، موضحاً أنه تم توجيه مذكرة لمنظمة الصحة العالمية بإدخال أجهزة رنين لا يستخدم فيها هذا الغاز ومع ذلك لم يلق الطلب أي استجابة حتى الآن والمرضى يتوفون باستمرار.

وأفاد بأن هناك بعض المنظمات الدولية استجابت لبعض الاحتياجات فيما يتعلق بمرضى الفشل الكلوي ومنها منظمة الصحة العالمية، مستدركاً “لكن المنظمة لم تورد حتى اليوم المرحلة الثانية المتفق عليها حيث لم يوفر من 103 أجهزة خاصة بالغسيل سوى 48 جهازاً، ولم يتم توفير محاليل200 ألف جلسة غسيل“.

وأعرب وزير الصحة عن أمله في مواصلة توفير محاليل الجلسات وأجهزة الغسيل الكلوي.. مؤكدا أنه تمت مطالبة المنظمات بإدخال أدوية جلسات الغسيل الكلوي خاصة دواء الهيبارين لكن لم يتم إدخاله.

ويبقى الواقع خير شاهد على حجم الكارثة التي وصل إليها القطاع الصحي الأهم لبقاء الإنسان على قيد الحياة ، فمن نجا من غارات العدوان سيموت بسبب الأوبئة والأمراض أو بسبب البحث عن الرعاية الطبية والدواء .

قد يعجبك ايضا