هل يتبخر التهديد الأمريكي بجعل قيمة الريال أقل من تكلفة الحبر الذي كُتب عليه؟

أمام وعي المواطن وإجراءات حكومة الإنقاذ بسحب العملة غير القانونية

|| صحافة ||

العدوان يستخدم (حكومة الفنادق) أدوات لتنفيذ أحلامه في ضرب الاقتصاد اليمني
العدو راهن على انهيار الاقتصاد من خلال الإفراط في طباعة العملة دون غطاء
إجراءات حكومة صنعاء بسحب العملة أصاب العدو بالجنون

بعد فشل وعجز دول تحالف العدوان السعودي الامريكي على اليمن وأدواته من المرتزقة المحليين على مدى السنوات الماضية في تحقيق أي مكاسب عسكرية أو سياسية أمام صمود واستبسال الشعب اليمني لم يكن أمام قوى الشر والطغيان غير التركيز على الحرب الاقتصادية وجعلها أولوية قصوى في وسائلهم العدوانية ضد الوطن اليمني خاصة في الفترة الاخيرة بهدف ضرب الاقتصاد ومضاعفة معاناة اليمنيين، وذلك عبر ضرب العملة الوطنية من خلال إغراق السوق المحلية بكميات هائلة من الفئات النقدية المطبوعة دون غطاء ما جعل قيمة الريال تتراجع أمام العملات الأجنبية إلى مستويات غير مسبوقة، في تجسيد عملي لما هدد به السفير الامريكي السابق في اليمن “ماثيو تولير” الذي توعد قبل سنوات وبالتحديد بعد عام على اندلاع العدوان بإخضاع اليمن وإجبارها على الاستسلام عبر الحرب الاقتصادية..

وكان السفير الأمريكي -سيىء السمعة “ماثيو تولير”- قد هدد الوفد الوطني المشارك في مشاورات الكويت عام 2016م باتخاذ إجراءات اقتصادية لإخضاع اليمن وأنه سيجعل قيمة الريال لا تساوي الحبر الذي يكتب عليه..

الثورة / حمدي دوبلة – ساري نصر

 

ويقول خبراء اقتصاديون إنه لولا السياسات الاقتصادية السليمة التي قام بها المجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ الوطني في صنعاء لتحقق هذا التهديد القديم الذي أطلقه السفير الأمريكي في وقت مبكر خاصة أن حكومة الارتزاق باتت كدمية في يد العدو ولا تملك من امرها شيئا سوى الرضوخ لرغباته وإملاءاته وتنفيذ أوامره وسياساته الخبيثة .

وعلى الرغم من التحذيرات والدعوات المتكررة التي اطلقها ولايزال خبراء الاقتصاد من مخاطر طبع العملة دون غطاء على الاقتصاد الوطني إلا أن العدو وعبر حكومة الفنادق واصل هذه الاجراءات الخبيثة حتى بلغت كميات ما تم طباعته من هذه العملة غير القانونية خلال السنوات الثلاث الماضية اكثر مما طبع خلال اكثر من 30عاما، الامر الذي تطلب تدخلا سريعا من قبل الدولة والحكومة في صنعاء في سبيل تلافي ما يمكن تلافيه من المخاطر المدمرة لهذه الاجراءات الخبيثة..

إجراءات عاجلة

حكومة الانقاذ في صنعاء حاولت طيلة الفترة الماضية اتخاذ السياسات الممكنة للحد من الآثار الكارثية لإجراءات العدوان فيما يتعلق بهذا الجانب الرئيسي من الحرب الشعواء المفروضة على الشعب اليمني، وساهمت تلك المعالجات -كما يقول مختصون- إلى حد ما في استقرار العملة الوطنية رغم كل التحديات والتداعيات الكبرى للعدوان وحصاره الشامل على البلاد..

آخر تلك الاجراءات الحكومية كان قبل يومين حيث استمع اجتماع لها إلى تقرير محافظ البنك المركزي الدكتور رشيد أبو لحوم عن الآثار الكارثية المترتبة على استمرار طباعة العملة على الاقتصاد الوطني وزيادة معدل التضخم الذي ينعكس بصورة سلبية على أسعار مختلف السلع الأساسية ومعيشة المواطنين اليومية..

واستعرض التقرير في اجتماع الحكومة المنعقد يوم الاحد الماضي الى الإجراءات التي بادر البنك المركزي اليمني باتخاذها لمواجهة الآثار المتوقعة والحد من خطورة هذه الخطوة العدوانية التي تندرج ضمن خطوات الحرب الاقتصادية التي يتبعها العدوان في سعيه لتركيع الشعب اليمني..

وأوضح التقرير أن من الإجراءات التي اتخذها البنك بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية وذات العلاقة التأكيد على منع تداول العملة غير القانونية وإعلان البنك لعامة المواطنين تعويض ما لديهم من أموال بالطبعة غير القانونية بالعملة الرسمية مع إمكانية تحويل الأموال إلى نظام الريال الالكتروني للراغبين في ذلك من المواطنين .. مشيرا إلى أن من تم الاستبدال لهم تجاوزوا الـ900 مواطن خلال يوم عمل فقط، وذلك حرصا على حقوق المواطنين.

وأكد أن ما تم طباعته خلال السنة الحالية والسنوات الأربع المنصرمة أكثر مما تم طباعته في أكثر من ثلاثين عاما سابقة لهذه السنوات في ظل توفر رصيد مناسب من العملة الصعبة آنذاك ووضع اقتصادي أفضل حالا من اليوم..

وندد الاجتماع بهذا العمل العدواني التخريبي المتواصل لحكومة العملاء بإيعاز من تحالف العدوان الذي يستهدف العملة الوطنية وتأجيج الأوضاع المعيشية المتردية التي يكابد لحظاتها المُرَّة المواطن بسبب العدوان والحصار منذ نحو خمس سنوات..

وأكد الاجتماع تأييده لإجراءات البنك المركزي التي أعلنها وما يقوم به من جهود بناءة للحد من تأثير العملة غير القانونية على الاقتصاد الوطني وآثارها الكارثية على سعر الصرف وارتفاع أسعار السلع الأساسية..

وجدد الاجتماع التأكيد على الالتزام بقرار مجلس الوزراء رقم (57) لسنة 2018 م بشأن منع تداول العملة غير القانونية وتجريم من يتعامل بها .. لافتا إلى أن حكومة الإنقاذ تضع في اعتبارها مصالح الشعب اليمني كافة وتعمل جاهدة للتخفيف من معاناته الناتجة عن العدوان وحمايته بمختلف الوسائل..

وأدان الاجتماع الحكومي هذا الإجراء العدواني لتحالف الشر السعودي الإماراتي واستخدامه طباعة العملة أداة حرب ضد أبناء الشعب اليمني في سياق محاولاته المستمرة لتركيعه بعد فشله العسكري والأمني.. مطمئنا المواطنين بأن حقوقهم محفوظة وتضمنها الإجراءات القانونية المعلنة من قبل البنك المركزي التي ضمنت حماية المواطن من الأثر السلبي للعملة غير القانونية بتعويضه بالعملة الرسمية للدولة..

وشدد على ضرورة الالتزام بحيادية الاقتصاد الوطني ورفض كافة الإجراءات التخريبية التي تقوم بها دول العدوان للإضرار به .. داعيا بهذا الخصوص وامتدادا للدعوات السابقة لحكومة الإنقاذ الأمم المتحدة ومجلس الأمن وصندوق النقد الدولي إلى أن يفوا بتعهداتهم السابقة المعلنة بإيقاف طباعة العملة التي أكدوا أنها تضخمية وتؤدي إلى الإضرار المباشر والكارثي بالاقتصاد ومستوى معيشة المواطن والقيام بدورهم في إيقاف تدهور العملة الوطنية..

وحمَّل الاجتماع الأمم المتحدة ومجلس الأمن وصندوق النقد وتحالف العدوان وحكومة العملاء كافة الآثار والتداعيات الكارثية الناجمة عن استمرار طباعة العملة في الوقت الذي تستخدم فيه موارد اليمن السيادية من النفط والغاز -التي ينبغي أن تسخَّر لخدمة اقتصاد الشعب اليمني- في تمويل العدوان عليه ومواصلة العبث والتخريب في مختلف نواحي حياته اليومية.

المواطن هو المستهدف الأول

ويُجمع كل الخبراء ومختصي الاقتصاد والمتابعين للشأن اليمني على أن المواطن البسيط هو المستهدف الأول من الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان ومرتزقته.. ويقول وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط الدكتور/أحمد حجر إن الهدف من إغراق العدوان السوق المحلية بالعملة غير القانونية هو سحب النقد الأجنبي وبالتالي مزيدا من ارتفاع الأسعار..

وأضاف الدكتور حجر في تصريحات صحفية أن انزعاج قوى العدوان من خطوة البنك المركزي مؤشر على فعاليتها في مرحلة يراهن فيها العدو على الورقة الاقتصادية للضغط على الجبهة الداخلية..

وبدأ البنك المركزي في صنعاء إجراءات عملية لمنع توزيع العملة غير القانونية وإغراق السوق اليمني بها من قبل المرتزقة الذين يطبعون المليارات من الريالات غير القانونية دونما حاجة اقتصادية ، وإنما تلبية لطلب دول العدوان التي توعدت بشن حرب اقتصادية قاسية وتجويع الشعب اليمني ، بدأت بنقل البنك المركزي وقطع الرواتب وتجفيف ايرادات الدولة وكل ذلك يقع بصورة رئيسية على كاهل المواطن اليمني البسيط في مفارقة تثبت كذب وتضليل وزيف الشعارات التي لطالما رفعها ويرفعها العدوان لتغطية جرائمه البشعة بحق اليمن ارضا وانسانا.

التدمير الشامل

العدوان الغاشم على اليمن لم يكتف بجرائم القتل والابادة وارتكاب المجازر الوحشية بل تمتد مخططاتة الشيطانية إلي تدمير كل مقومات البلاد ومقدراتها وأهمها الاقتصاد الوطني الذي تسعى إلى تدميره بكل الوسائل والطرق من خلال ممارسات عبثية تتمثل في مجموعة من القرارات الخبيثة ابرزها تدمير العملة المحلية من خلال طباعة اوراق نقدية من فئات مختلفة دون غطاء والسعي نحو السيطرة والاستحواذ على مصادر الاقتصاد القومي من العملات الأجنبية وبالأخص عائدات صادرات النفط والغاز، والسيطرة على الموانئ والمنافذ الاستراتيجية، وإرغام التجار المستوردين في المناطق التي تقع خارج سيطرتها على دفع الرسوم والضرائب المستحقة على وارداتهم عبر المنافذ التي تحت تقع تحت سيطرتهم..

وأثَّرت الحرب الاقتصادية التي تشنها دول العدوان ومرتزقتهم بشكل كبير على الاقتصاد الوطني، حيث كشفت تقارير اقتصادية حديثة عن ارتفاع الدَين الخارجي لليمن من 6 مليارات و765 مليون دولار عام 2014م، إلى 9 مليارات دولار العام الحالي 2019م، بينما ارتفع صافي الدَين الداخلي من 3 تريليونات إلى نحو 6 تريليونات ريال، بما يمثل 94 % من الناتج المحلي الإجمالي..

وبحسب تلك التقارير الرسمية فقد ارتفع صافي الدَين العام المستحق (الداخلي والخارجي) على اليمن في النصف الثاني من العام الجاري 2019م، بنسبة 41 % إلى 10 تريليونات و401 مليار ريال، مقارنةً مع 6 تريليونات و563 مليار ريال في نهاية العام 2014م..

وأضافت التقارير أنه رغم استقرار القيمة المطلقة للدين العام الخارجي دون 7 مليارات دولار خلال الأعوام من 2014م إلى 2017م، إلا أنه ارتفع بمبلغ ملياري دولار بسبب الوديعة السعودية عام 2018م، وبالتالي زادت نسبة الدَين العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 22 % عام 2014م إلى 77 % في يونيو الماضي 2019م.

ويؤكد الخبراء والمحللون الاقتصاديون أن أحد أبرز مسببات زيادة الدَين الداخلي والخارجي هو قيام البنك المركزي- فرع عدن بطباعة عملات ورقية من مختلف الفئات بأكثر من 1 تريليون ريال يمني دون غطاء ما سبب زيادة العرض النقدي وخلق تضخماً انعكس على ارتفاع مستويات الفقر وتدهور مستوى المعيشة، مؤكدين أن هذه الإجراءات التي اتخذها بنك عدن تعكس حالة من التخبط والفشل في إدارة السياسة المالية والنقدية أكثر من كونها خطوة لتفادي أزمة السيولة الحادة كما يراها البنك وأن قرار إصدار نقود جديدة لا يتطابق مع الاعتبارات المتعارف عليها..

وعن الهدف الحقيقي لتحالف العدوان من طباعة العملة الجديدة دون غطاء يؤكد الدكتور أحمد حجر وكيل وزارة المالية إن حكومة العملاء سعت جاهدة خلال فترة العدوان إلى سحب النقد المحلي الرسمي من المناطق التي تقع خارج سيطرتها وذلك من خلال إرغام التجار المستوردين في المناطق التي تقع خارج سيطرتها على دفع الرسوم والضرائب المستحقة على وارداتهم عبر المنافذ التي تقع تحت سيطرتها نقداً.. وكذلك مقابل شراء النفط والغاز المحلي من مارب … إلخ، وهذا يدل على أن الجزء الأكبر من السيولة النقدية المالية مسيطر عليها من قبل حكومة العملاء وشركائهم، مضيفا أن السبب الحقيقي للمسارعة في طباعة العملة بهذا الشكل الملفت للانتباه لا يحتاج للتمعن كثيراً الهدف الحقيقي لذلك هو التهديد الصريح من قبل السفير الأمريكي السابق ماثيو تولليرز عام 2016م بضرب اقتصاد اليمن، لذلك عمل العدوان ومرتزقته كما يقول الدكتور حجر على الاسراف في طباعة العملة دون غطاء قانوني بهدف إحداث انهيار كلي للقيمة التبادلية للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية إلى الحد الذي يصل بالقيمة التبادلية للألف الريال بحيث لا يساوي الحبر الذي كتب به، هذا من ناحية والعمل على التوسع في إنزال العملة الجديدة للتداول مع الاستمرار في سحب العملة الرسمية وعندما تصبح العملة الجديدة هي السائدة في التداول فمن المتوقع قيام حكومة العملاء بإصدار قرار بإلغاء التعامل بالعملة الرسمية وهذا ما سوف يمكنها من التحكم في حجم السيولة خاصة والسياسة النقدية عامة وبما يخدم أجندة دول العدوان من خلال خفض حجم السيولة بما يساهم في الحد من حجم الطلب الكلي المنخفض أصلاً، وبالتالي إدخال الاقتصاد القومي مرحلة الانكماش أو زيادتها بهدف زيادة المضاربة في أسعار العملات الأجنبية ما سينجم عنه ارتفاع كبير ومتواصل في أسعار السلع والخدمات وبالأخص الأساسية..

ويضيف الدكتور حجر أن الآثار المترتبة على الاستمرار في طباعة العملة بهذا الشكل الكبير هو زيادة مستويات الفقر وتدهور مستوى المعيشة في ظل عدم حدوث أي زيادات ملموسة في مستويات الدخول الحقيقية و ارتفاع معدلات التضخم الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة على القروض ما سيساهم ليس في انخفاض حجم الاستثمار في المشاريع الإنتاجية وما يترتب عليه من انخفاض في معدلات النمو الاقتصادي فحسب بل وربما إلى هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، إلى جانب ارتفاع معدلات أسعار الفائدة الذي سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الدَين العام الداخلي وكذلك ارتفاع تكاليف المشتريات الحكومية وهذا ما يجعل موازنة الدولة تتحمل تكاليف باهظة على حساب نفقاتها على تحسين الخدمات العامة ومستوى معيشة العاملين، وهذا ما سيكون له آثار سيئة على مستوى الأمن الاجتماعي والإنتاجي.

خطوات احترازية

في ظل هذه المخططات الخبيثة لتدمير الاقتصاد الوطني من قبل تحالف العدوان قامت حكومة الانقاذ في صنعاء بوضع العديد من الخطط الاحترازية والوقائية لمواجهة هذه المخططات ومنها قرار البنك المركزي في صنعاء بأن تداول أو حيازة العملة غير القانونية يُعد إضراراً جسيماً بالاقتصاد الوطني والعملة القانونية والمصلحة الوطنية العليا، وأقر كذلك تعويض المواطنين من غير “التجار والبنوك والصرافين” بنقد إلكتروني أو بالعملة الوطنية القانونية عما بحوزتهم من العملة غير القانونية “حسب السقف المعتمد” من خلال منحهم فرصة تسليمها خلال 30 يوماً ابتداء من تاريخ 19 ديسمبر 2019م إلى أقرب مركز لوكلاء المحافظ النقدية الإلكترونية، داعيا كافة مكونات المجتمع إلى الإسهام الإيجابي في حماية الاقتصاد وقيمة العملة الوطنية من الانهيار والحفاظ على سعر الصرف وبما يسهم في استقرار أسعار السلع..

وكانت اللجنة الاقتصادية العليا قد دعت في وقت سابق جميع المواطنين في اليمن إلى عدم التعامل بالفئات المالية التي تطبعها حكومة المرتزقة باعتبارها السبب الرئيسي وراء انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار، وشددت في الوقت ذاته ان على المجتمع الدولي ” إلزام حكومة الفار هادي بوقف طباعة العملة وسحب المطبوع من السوق” كما دعت الأمم المتحدة إلى “الوفاء بالتزاماتها وإلزام حكومة هادي بدفع رواتب الموظفين، محذرة حكومة الارتزاق من الآثار الاقتصادية التي ستنتج جراء إقدامها على طباعة عملة جديدة بالإضافة إلى إقدامها “على فرض المزيد من الرسوم الجمركية على واردات السلع الغذائية التي ستؤدي لارتفاع الأسعار وفرض قيود إضافية على الاستيراد ودخول السفن عبر ميناء الحديدة”.

توصيات هامة

تظل هذه الحرب الاقتصادية الشاملة التي يشنها تحالف العدوان من أخطر التحديات التي تهدد حاضر ومستقبل الوطن اليمني، وهو الامر الذي يجب أن يتنبه له المرتزقة ويسارعوا إلى محاكاة حكومة الانقاذ في تغليب المصالح العليا للوطن باعتبار أن أي مشكلات أو خلافات يمكن حلها أو ايجاد معالجات لها إلا ما يمس اقتصاد البلد ومصالحه بعيدة المدى والتي قد يتحمل آثارها ابناء هذا الشعب لعقود طويلة ولجيل بعد جيل.. ويؤكد خبراء اقتصاد محليون ودوليون أن خطر الانهيار الاقتصادي الذي بات شبحا امام اليمن وشعبه لا يمكن تلافيه إلا من خلال خطوات ضرورية تتمثل في الآتي:

إعادة توحيد إدارة البنك المركزي اليمني وجعل ذلك أولوية قصوى لجميع اللاعبين المحليين والاقليميين وعلى المجتمع الدولي الضغط لتحقيق ذلك.

وكذلك إعادة تفعيل آليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في اليمن.

والإفراج عن أرصدة البنوك اليمنية المجمَّدة في حسابات البنك المركزي عبر إعادة تفعيل وظائف غرفة المقاصة الخاصة بالبنك المركزي، وتسهيل النقل الآمن للحيازات النقدية من العملات الأجنبية والمحلية داخل اليمن ودوليًا.

أيضا تسهيل شروط تمويل الواردات بشكل يسمح للبنوك باستخدام أرصدتها غير النقدية المجمَّدة لضمان تغطية خطابات الاعتماد اللازمة لاستيراد السلع الأساسية.

وإنشاء نظام مقاصة نقدية لمبادلة المدفوعات النقدية بين البنوك وشبكات تبادل الأموال والشركات.

الاقتصاد.. قبل العدوان وبعده

بفعل العدوان الوحشي على اليمن وما صاحبه من حصار خانق وحرب اقتصادية شاملة تعرض الاقتصاد الوطني لهزات عنيفة، ويقول مختصون إن العرض النقدي لليمن بلغ قبل العدوان ما يقارب 850.9 مليار ريال وهي النقود اللازمة لسد احتياجات الاقتصاد اليمني ككل، ومع بداية العدوان في 2015م تسبب في توقف كل الموارد المالية العامة للدولة والتي تقع على رأسها الصادرات.

تم إصدار ما يقارب 500 مليار ريال خلال العامين 2015م و 2016م من المبلغ الاحتياطي في خزائن البنك المركزي (صنعــاء – الحديدة – سيئون) والتـــــــي تم طباعتها في العام 2012م بغطاء نقدي، حيث تم إصدارها بعد أن استولى تنظيم القاعدة الارهابي على بعض المبالغ في سيئون وكذا قيام العدو بتخزين العملة لديه ليحدث أزمة سيولة؛ فكان لزاما على البنك المركزي في صنعاء إصدار هذا المبلغ لمواجهة النفقات الحتمية المتمثلة بالرواتب والنفقات التشغيلية لجميع محافظات الجمهورية واحتياجات القطاع التجاري والأفراد..

لاحقاً أتى قرار مخالف لقانون البنك المركزي رقم 14 لسنة 2000م وكذلك للدستور اليمني تمثل بنقل وظائف البنك المركزي إلى عدن وتغيير ادارته والذي باشر مهامه بعملية طباعة نقد جديد بلغ 400 مليار ريال بداية عام 2017م غير أنه لم يكتف بذلك فقط فقد استمر في عملية الطباعة ليصل المبلغ إلى ترليون وثلاثمائة مليار للنصف الثاني من عام 2017م وعامي 2018م و 2019م، ليبلغ إجمالي ما تم طباعته ترليون وسبعمائة ألف مليار ريال من قبل مركزي عدن..

ويؤكد خبراء اقتصاديون أنه وعند تحليل تلك المؤشرات نجد أن البنك المركزي- فرع عدن قام خلال سنتين بطباعة اكثر مما تم اصداره من البنك المركزي صنعاء للفترة منذ انشائه وحتى نهاية 2016م أي ما يتجاوز اكثر من 40 سنة..

وعند احتساب إجمالي العرض النقدي نجد أنه بلغ ثلاثة ترليونات ريال، وهذا الرقم يعتبر كارثيا بكل المقاييس ونتائجه سلبية على الاقتصاد ورأس المال الوطني والمواطن..

وإذا كان مبرر الطباعة من البنك المركزي- فرع عدن بحُجَّة دفع الرواتب فهذا غير منطقي كون 70 % من الموظفين لم يتسلموا رواتبهم مُنذ عام 2017م وحتى اليوم، رغم الطباعة المستمرة .

وعلى الرغم من التزام البنك المركزي- فرع عدن بعدم الاستمرار في عملية الطباعة وإصدارها بعد اول عملية طباعة البالغة 400 مليار إلا انه واصل عملية الطباعة بحُجَّة تكوين احتياطي نقدي غير مصدر ، غير أن الواقع كان منافياً لتلك الالتزامات، حيث تم اصدار ما تم طباعته كاملاً والمقدر بترليون وسبعمائة مليار، والذي يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن عمليات الطباعة غير المدروسة والممنهجة إنما هي لتنفيذ اجندة الحرب الاقتصادية وتمويل تكاليف الحرب بعد أن فشلوا ميدانياً..

كما استخدمت العملة المحلية المطبوعة من قبل البنك المركزي- فرع عدن الاستخدام السيء كمدخل للثراء السريع على حساب الوطن والمواطنين حيث لا توجد آلية ولا رقابة على استخدام تلك الأموال المطبوعة، حيث حدثت وقائع لعمليات استيلاء على النقد المطبوع قبل وصوله إلى البنك المركزي في عدن وقيده في نظام البنك..

يرى بنك عدن أن أداء وظائفه محصورة بعملية الطباعة فقط ونسي الوظائف الأخرى المناطة بتنفيذ السياسة النقدية المتمثل في تحقيق هدف استقرار العملة الوطنية امام العملات الاجنبية وكبح معدلات التضخم بما يحقق نوعا من استقرار الأسعار..

بالإضافة إلى إدارة الدَين العـــام الداخلي والخارجي وســـــــداد الالتزامات علـــــــــــى الحكـــومة، وكل ذلك لم تتم ممارسته من قبل بنك عدن المركزي الخاضع لسيطرة وتحكم قوى العدوان ومرتزقتهم .

المواطن والدور المطلوب

اليوم وأمام هذه التحديات الكبرى التي يواجهها الوطن واقتصاده القومي فإن الجميع معنيون بالمواجهة والتصدي من أعلى رأس هرم السلطة الوطنية وحتى أصغر وأبسط مواطن في هذه البلاد، وعلى المواطنين وخاصة اولئك المتذمرين من اجراءات سحب العملة الجديدة ان يكونوا على ادراك تام بأن عدم التعامل بالعملة غير القانونية هو واجب وطني قبل كل شيء ويهدف إلى حماية المواطنين انفسهم ناهيك عن حماية الاقتصاد الوطني من أثر تلك العملة غير القانونية في تدهور العملة الوطنية والذي ينعكس بشكل مباشر على المواطن من خلال ارتفاع مستوى الاسعار وتدني مستوى المعيشة وبالتالي زيادة معاناة المواطن..

لذلك حرص البنك المركزي – المركز الرئيسي صنعاء على أن يكون للمواطن خصوصية في التعامل مع ما قد يملكه من نقود غير قانونية كونها قد تمثل جزءاً من دخله الذي حصل عليه لإعالته هو وأسرته، وبالتالي تم إقرار آلية لتعويض المواطن مباشرة بأموال قانونية بدلاً من الأموال غير القانونية.

لذلك فإن على اي مواطن لديه نقد غير قانوني في حدود السقف المحدد بـ (100,000) مائة ألف ريال أو أقل أن يقوم بالخطوات التالية كجزء من مسؤوليته الوطنية والاخلاقية في مواجهة هذه الحرب الاقتصادية العدوانية.

وأولى تلك الخطوات اصطحاب البطاقة الشخصية ذات الرقم الوطني (أو استمارة الاستبيان الصادرة عن الأحوال المدنية) والتوجه الى أي محل أو شركة صرافة أو فرع بنك أو أي مزود خدمات مالية لديه أحد الخدمات التالية:

– خدمة موبايل موني

– خدمة فلوسك

– خدمة أم فلوس

والمنتشرة في شتى المحافظات والمديريات الواقعة ضمن إدارة حكومة الانقاذ الوطني..

ويقوم مزود إحدى الخدمات المذكورة في البند باستلام النقود غير القانونية وعدّها وكذلك التأكد من توفر البطاقة الشخصية أو الاستبيان للمواطن.

وفي حال كان لدى المواطن حساب سابق لدى أحدى الخدمات اعلاه المذكورة في البند سيقوم موظف الخدمة بإيداع المقابل للأموال غير القانونية إلى حساب المواطن أولاً في تلك الخدمة، أما في حال لم يكن لديه حساب سابق لدى احدى الخدمات فإن مزود الخدمة سيقوم بفتح حساب للمواطن ليتمكن أولاً من ايداع المبلغ من العملة القانونية في حساب المواطن، (عملية فتح الحساب لن تستغرق أكثر من دقائق).

و بعد إتمام العملية السابقة مباشرة والمتمثلة في ايداع المبلغ في حساب المواطن لدى أحد وكلاء الخدمات المذكورة اعلاه سيكون للمواطن الخيارات التالية:

– الخيار الأول: السحب النقدي الفوري مباشرة للمبلغ بالنقود القانونية من نفس المكان الذي تم فيه استقبال النقود غير القانونية أو في أي مكان آخر يقدم الخدمة التي لدى المواطن فيها حساب والمحددة بالخدمات المذكورة.

– الخيار الثاني: إذا رغب المواطن في ابقاء المبلغ في حسابه كنقد قانوني إلكتروني يمكن من خلاله اجراء عمليات السحب النقدي للعملة القانونية (كما في الخيار الأول) لاحقاً متى شاء، أو استخدام خدمات الدفع الالكترونية لعملية سداد أو شراء احتياجاته.

أخيراً .. مع العلم أن عملية التعويض للمواطن هي عملية واحدة فقط ضمن السقف المحدد بمائة ألف ريال أو أقل.

استهداف العدو الريال الإلكتروني

عَمِد العدوان منذ وقت مبكر إلى استهداف ومحاربة كل الاجراءات الوطنية الرامية إلى الحد من آثار حربه الاقتصادية على الوطن، ومن ابرز تلك الهجمات العدوانية استهداف مشروع الريال الالكتروني والاستماتة في سبيل عرقلته وذلك لإدراكه اهمية هذا المشروع في حل أزمة السيولة، ويؤكد مختصون أن العدو ادرك مبكر أهمية استخدام الريال الإلكتروني في عملية التعويض للمواطن وتعزيز ثقافة المواطنين بالنقد الإلكتروني وتجربته من قبلهم عملياً وبالتالي استمات من خلال أدواته ومرتزقته في عرقلة المشروع الذي رأى فيه العدو أنه سيؤدي إلى الحفاظ على العملة القديمة من التلف، وإلى عدم استخدام عملته، وبالتالي فقدان سيطرته على العملة، كما أن استخدام الريال الالكتروني سيعزز ثقافة استخدام التكنولوجيا وبالتالي ضعف إمكانية تطبيقه لديهم.

يذكر أن قانون النقد الإلكتروني ثم إقراره عام 2006م، وكافة البنوك لديها محافظ إلكترونية وتٌستخدم منذ سنوات ، وتتم وفق أفضل المعايير بل إن محافظنا الإلكترونية تعمل في المناطق المحتلة، وتُصرف رواتب أغلب الدواوين العامة بالنقد الالكتروني وتسدد أغلب الخدمات بالنقد الالكتروني ولذلك استنفر العدو وسائل إعلامه وكل امكانياته لعرقلة المشروع، وهو ما يوجب على السلطة الوطنية المضي قدما في تطبيقه والتعريف بمميزاته.

 

قد يعجبك ايضا