إيران وقوى المقاومة..من هو ذراع الآخر؟

‏موقع أنصار الله || مقالات || إبراهيم السراجي

لا يوجد خلاف في الغرب على طبيعة أهدافهم في منطقة الشرق الأوسط ولكن ربما يكون هناك تباين في الأساليب والرؤى كما ان الإعلام الغربي وإن أظهر مستوى كبيراً من الحرية ومارس انتقادات حادة للنظم التي تحكم دول الغرب إلا أنهم جميعاً يتفقون على ضرورة مواجهة محور المقاومة وكذلك دعم إسرائيل، ويتفق الغرب سياسياً وإعلامياً على تقديم صورة زائفة عن طبيعة الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط بالشكل الذي يعزز ويساعد على تحقيق أهدافهم.

قد نجد في كبريات الصحف الأمريكية والبريطانية والفرنسية تقارير تعترف على سبيل المثال بشعبية أنصار الله  أو حزب الله وحماس ، وقد نجد فيها انتقادا للدول الغربية على بعض الممارسات في اليمن ولبنان وفلسطين، لكن هناك لازمة واحدة يرددها المسؤولون الأمريكيون والغربيون وكذلك السياسيون ووسائل الغربية وهي “المدعومون من إيران أو التابعين لإيران أو أحد أذرع إيران” في كل مرة يذكرون فيها هذه الأطراف الثلاثة والأطراف الأخرى مثل الحشد الشعبي وغيره، وهو أسلوب مضلل يسعى الغرب من خلاله دائماً لتثبيت الرؤية التي افتراها عن المكونات في المنطقة لتبرير تدخلاتهم العسكرية ونهبهم للثروات، ولعل هذا يقودنا إلى سؤال ربما لم يطرح من قبل وهو: هل حزب الله وأنصار الله وحماس ذراع لإيران أم العكس؟

ربما تكون الإجابة على ذلك السؤال موضوع لبحث أو مقالة مطولة ولكن يمكن هنا تقديم إشارة مختصرة تقدم إجابة مختصرة أيضاً ولكن مفيدة، ومن أجل ذلك يجدر بنا التذكير بأن العداء بين إيران وأمريكا بدأ مع انتصار الثورة التي قادها الإمام الخميني في عام 1979م ضد الشاه، الذي ظل إلى آخر أيامه حليفاً وثيقاً لأمريكا وإسرائيل، والذي اختار، أي الإمام الخميني، أن بمحض إراداته وتعبيراً عن هوية شعبه الإسلامية أن يناصب العداء لأمريكا وإسرائيل، رغم أن ما كان يعانيه الشعب الإيراني من فساد الشاه وطغيانه كان كافياً ليحظى الإمام الخميني بدعم شعبه للثورة دون أن يكون مضطراً لتغيير سياسة بلاده الخارجية وبالتالي يتجنب غضب الأمريكيين والغرب عليه وعلى بلاده، كما انه لم يكن ليفقد تأييد الأنظمة العربية وخصوصاً الخليجية التي كانت تتذلل للشاه وتقيم معه علاقات قوية رغم أنه وشعبه كانوا “شيعة” كما هم أيضاً اليوم قيادة وشعباً ينتمون في الغالبية إلى المذهب “الشيعي”.

إذن لم يكن الإمام الخميني مجبراً على تغيير سياسة بلاده الخارجية وقطع علاقات إيران بإسرائيل ومعاداته لأمريكا، بل إنه لو استمر على سياسة الشاه الخارجية وغير السياسة الداخلية بما يرضي شعبه لحظي بالتأييد الداخلي والغربي وحظي بعناية ورعاية ودعم غير محدود من واشنطن، ولكنه اختار مناصرة القضية الفلسطينية ودعم قوى المقاومة ضد إسرائيل سواء في لبنان وفلسطين وجلب بهذا الاختيار الحصار والعقوبات على بلاده والمستمرة منذ نجاح الثورة إلى اليوم وبوتيرة متصاعدة وتحملت الثورة والشعب الإيراني بكل قناعة تلك العواقب .

أيضاً لا تجني إيران بالمفهوم المادي البحت أي فائدة من توجهها لدعم قوى المقاومة وتسليحها وتمويلها بل إنها تخسر بما تنفقه على تلك القوى من مال وسلاح ووقت وتخسر أيضاً نتيجة لذلك بفعل العقوبات والحصار الأمريكي الغربي المستمر.

وهنا نقول ما الذي يجبر إيران على تحمل كل ذلك خصوصاً أنها لو انصاعت لأمريكا ستستفيد مادياً ولن تلومها الأنظمة العربية التي تهرول أصلاً للتحالف مع أعداء العرب والمسلمين والتطبيع مع الكيان الصهيوني بل وتنفق مئات المليارات لأمريكا وإسرائيل؟

إن ما يجبر إيران على كل ذلك هو موقف مبدأي منطلقة من ذلك من انتمائها للإسلام وبالتالي فإنه ووفقاً للرؤية التي يروجها الغرب فإن إيران تكون ذراعاً للمقاومة الفلسطينية واللبنانية وقوى المقاومة الأخرى وليس العكس، لكن الغرب يحاول تثبيت رؤى تتنافى كلياً مع المنطق عبر تكرارها إعلامياً لتثبيتها في الوعي حتى نجح أحياناً في إقناع الكثيرين بأن الفلسطيني حين يقاوم من يحتل أرضه ويغتصب حقوقه ما يفعل ذلك إلا لخدمة إيران!!

 

قد يعجبك ايضا