كارثية العملة غير القانونية.. الأرقام لا تكذب

العدوان أغرق السوق بـ74% زيادة عن العرض النقدي

|| صحافة ||

تراجع متوسط متحصلات الاقتصاد القومي من النقد الأجنبي إلى 8 مليارات دولار مقارنة بـ 18.6مليار دولار عام 2014م
استنفاد كامل احتياطات النقد المحلي لتمويل الموازنة العامة لعامي 2015و2016م بما يقارب 560 مليار ريال
ارتفاع نسبة النقود إلى إجمالي العرض النقدي من 36.4% عام 2014م إلى 60% عام 2019م
دراسة اقتصادية حديثة: استحالة إدارة السياسة النقدية من بنك عدن لافتقاده القرار والسيادة الوطنية
انخفاض الناتج المحلي الحقيقي إلى 46.2% ومتوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 53%
ارتفاع متوسط معدل التضخم السنوي من 10% قبل العدوان إلى 21% عام 2019م
اتساع نسبة البطالة الكاملة إلى 65% وارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر الأعلى إلى 85%

الثورة / أحمد المالكي

أكدت دراسة اقتصادية حديثة صدرت هذا الأسبوع أن أهم أدوات الحرب النقدية العدوانية التي تمارس ضد الشعب اليمني منذ خمس سنوات تتمثل في تجفيف مصادر عوائد النقد الأجنبي للاقتصاد القومي والتي تضم عوائد صادرات النفط والغاز ومعظم السلع والخدمات والسحب من القروض والمساعدات الخارجية لدعم الموازنات والاستثمارات الأجنبية الداخلية ومتحصلات التحويلات الخاصة وعائدات المؤسسات العامة والخاصة.

وأوضحت الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد محمد حجر -وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة حول إدارة السياسة النقدية كأداة في الحرب الاقتصادية، أنه يمكن إيجاز أهم الأدوات في الحرب النقدية والتي على رأسها وضع القيود على الواردات ومنع العديد منها ونقل مهام واختصاصات البنك المركزي من مقره الرئيسي في صنعاء إلى فرع عدن وكذا سحب نظام المعاملات الدولية “السوفت” للبنك المركزي وبنك التسليف التعاوني والزراعي والاستحواذ على ما تبقى من رصيد الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي، وتهديد العديد من البنوك التجارية والإسلامية من القيام بالمساهمة في تمويل عجز الموازنة العامة إضافة إلى سحب العملة الوطنية من المناطق خارج سلطة دول العدوان إلى المناطق التي تحت سيطرتهم وكذلك العمل على تشجيع المضاربة في أسعار العملات الأجنبية ورفع أسعار الصرف الرسمي لها مرة تلو أخرى مع زيادة أسعار الفائدة بهدف رفع تكاليف الاستثمار وأعباء الدين العام الداخلي بالإضافة إلى الاستحواذ على الطبعة الرسمية من النقد المحلي ثم الاستمرار في عملية طباعة نقود جديدة وبمبالغ تتجاوز حجم النقد في التداول، ناهيك عن إرغام رجال المال والأعمال بالتوريد نقداً إلى البنك المركزي في عدن مقابل فتح اعتمادات الاستيراد بهدف سحب النقد المحلي الرسمي، والاستيلاء على إيرادات الضرائب والرسوم على الواردات لصالح المناطق خارج سيطرة دول العدوان وبالعملات الصعبة وفرض توريد قيمة الغاز والنفط المحلي من مارب نقداً بهدف سحب السيولة المحلية.

وقالت الدراسة إن النتائج المترتبة على العدوان تتمثل في انخفاض الناتج المحلي الحقيقي عام 2019م عن عام 2014م بما نسبته 46.2 % وانخفاض الواردات الحقيقي عام 2019م عن عام 2014م بما نسبته 46.5 % وانخفاض العرض الكلي الحقيقي من السلع والخدمات إلى 46 % .

وأشارت الدراسة إلى أن زيادة إجمالي العرض النقدي عام 2019م عن عام 2014م يصل إلى 74 % كما أن انخفاض متحصلات الاقتصاد القومي من النقد الأجنبي من نحو 18.6 مليار دولار عام 2014م إلى ما يقارب 8 مليارات دولار في المتوسط خلال السنوات 2015 – 2019م.

وبينت الدراسة أن البنك المركزي فقد متحصلاته من النقد الأجنبي بصورة نهائية للسنوات 2015 – 2019م بمتوسط سنوي 4.5 مليار دولار من عائدات صادرات النفط والغاز والسحب من القروض والمساعدات الخارجية وعائدات المؤسسات العامة الخارجية، ناهيك عن أن البنك المركزي سحب من احتياطاته الخارجية البالغة 4.67 مليار دولار عام 2014م بما مقداره 3.9 مليار دولار خلال عامي 2015و2016م لتغطية قيمة الواردات من السلع الأساسية لكافة محافظات الجمهورية بما فيها المحتلة.

ولفتت الدراسة إلى أن البنك المركزي استنفد كامل احتياطاته من النقد المحلي لتمويل الموازنة العامة لعامي 2015و2016م بما يقارب 560 مليار ريال وارتفاع متوسط معدل التضخم السنوي من نحو 15 % قبل العدوان إلى نحو 21 % في المتوسط خلال الفترة 2015 – 2019م، وذلك بالتزامن مع انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل الحقيقي عام 2019م عن 2014م بما نسبته 53 % .

ونوهت الدراسة بأن نسبة البطالة الكاملة ارتفعت من 24 % تقريباً عام 2014م إلى 65 % عام 2019م مع ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر الأعلى من 49 % عام 2014م إلى نحو 85 % عام 2019م، مؤكدة أن نسبة النقود إلى إجمالي العرض النقدي ارتفع من 36.4 % عام 2014م إلى 60 % عام 2019م بالإضافة إلى ارتفاع نسبة المديونية الحكومية للجهاز المصرفي إلى إجمالي العرض النقدي من 66 % عام 2014م إلى 108 % عام 2019م وانخفاض قروض القطاع الخاص من الجهاز المصرفي عام 2019م عن عام 2014م بما نسبته 8 % ما ترتب عليه انخفاض نسبة قروض القطاع الخاص إلى إجمالي العرض النقدي من 16 % عام 2014م إلى 9 % عام 2019م وانخفاض نسبة الودائع إلى إجمالي العرض النقدي من 64 % عام 2014م إلى 40 % عام 2019م وارتفاع نسبة الودائع بالعملات الأجنبية إلى إجمالي الودائع من 27.1 % عام 2014م إلى 45.2 % عام 2019م.

وأوردت الدراسة جملة من النتائج المترتبة على الطباعة الجديدة والتي أبرزها يتمثل في إغراق السوق المحلي بكمية كبيرة من النقد الجديد غير الرسمي حسب القوانين النافذة بهدف المضاربة بالنقد الأجنبي ورفع أسعاره وتهريبه إلى الخارج والتخلص من الفقد المطبوع قبل أي مفاوضات لانتزاع اعتراف رسمي لحكومة العملاء وسلطة البنك المركزي في عدن وبالتالي الاعتراف بالسياسة النقدية التي تتخذها حكومة العملاء بما يتوافق وأهداف دول العدوان من ناحية وتغطية فضائح الفساد وغسل الأموال لحكومة العملاء والبنك المركزي في عدن من ناحية ثانية ، بل وأخذ الشرعية للبنك المركزي في عدن لإدارة عملية الإعمار لما دمرته الحرب بعد انتهاء العدوان، الأمر الذي يسمح لدول العدوان مرة أخرى بإدارة وتوجيه الاقتصاد القومي مستقبلاً بما يحقق أهدافها .

وأضافت الدراسة إن العدوان يعمل على الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من تحويلات المغتربين اليمنيين من خلال فرض سعر صرف أعلى في عدن بصورة مستمرة، ما يدفع المغتربين إلى تحويل مدخراتهم عبر الصرافين هناك للاستفادة من فارق السعر في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال عن السعر في المناطق التي تحت سيطرة حكومة الإنقاذ بصنعاء إضافة إلى ارتفاع أسعار الصرف بصورة متتالية وبالتالي اتجاه المستوى العام للأسعار نحو الارتفاع وبالأخص للسلع الأساسية الغذائية والدوائية مما يزيد من حالة الفقر والمجاعة.

وقالت الدراسة إن ذلك كله يهدف إلى رفع مستوى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي مما يزيد من حدة الضغوط على متخذي القرار أو المفاوض في حكومة الإنقاذ بصنعاء .

وأوردت الدراسة جملة من المقترحات على رأسها مطالبة الأمم المتحدة بتحييد الاقتصاد بصورة عامة أو المشاركة مع صندوق النقد الدولي وتشكيل فريق فني محلي من الجانبين يتولى إدارة السيولة النقدية وسياسة سعر الصرف في ضوء ضوابط ومعايير اقتصادية تخدم المجتمع بدرجة أساسية والاستمرار في مقاطعة العملة الجديدة مع ضرورة معالجة الآليات القائمة لتنفيذ القرار بما يساهم في بلوغ الهدف من اتخاذ القرار المتمثل في تحقيق الاستقرار النقدي وبالأخص السيطرة على أسعار الصرف ومعدلات التضخم والسيطرة على تدفقات النقد الأجنبي وتوجيهه بما يتفق وتوفير السلع والخدمات الأساسية والضرورية .

بالإضافة إلى أهمية توجيه النقد المحلي غير الرسمي الذي يتم توريده إلى البنك المركزي أو لدى البنوك والصرافين المخولين بذلك لتغطية قيمة الغاز والنفط المحلي من مارب أو الرسوم والضرائب المفروضة على الواردات لصالح المناطق خارج سيطرة دول العدوان والواصلة عبر المنافذ التي تحت سيطرة دول العدوان .

وأكدت الدراسة استحالة قيام فرع البنك المركزي بعدن بأي من مهام البنك المركزي وذلك استناداً إلى عدم توفر الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في المناطق المحتلة، وعدم استقلالية القرار الاقتصادي لخضوع متخذ القرار في عدن لسيطرة قوى العدوان، وعدم وجود البنية التحتية والإدارية والتنظيمية المناسبة لقيام البنك المركزي بمهامه الأساسية، ناهيك عن أن محور النشاط الاقتصادي والمتعاملين الاقتصاديين ومراكز البنوك والصرافين تعمل خارج المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة العملاء، والبنك المركزي، ما يعني أن (80 % – 90 % ) من محاور أنشطة الاقتصاد القومي خارج سيطرة البنك المركزي، وحكومة المرتزقة بعدن، كما أن جزءاً هاماً من موارد البنك المركزي في عدن وضعت في حساب لدى بنوك دول العدوان، كالبنك الأهلي السعودي، مما يخضعه لسياسات وشروط دول العدوان، إضافة إلى استقلالية فروع البنك في عدن ومارب وحضرموت والمهرة، الأمر الذي يجعل وحدة إدارة السياسة النقدية من قبل فرع البنك المركزي في عدن مستحيلة، وهذا يؤكد أن نقل البنك إلى عدن هو لإدارة حرب أكثر منها إدارة لاقتصاد قومي، ناهيك عن الفساد الكبير، وغسل الأموال من قيادات حكومة العملاء والبنك المركزي في عدن حسب التقارير الدولية، مما يجعل الإقرار لسياسات التي يتخذها مساهمة في تفشي الفساد، ونهب الأموال وتهريبها للخارج على حساب الشعب، وهي جريمة كبرى.

وخلصت الدراسة إلى أن الطباعة الجديدة وبهذا الكم والحجم الكبير بدعوى استبدال النقد التالف كذبة كبيرة، خاصة وأن النقد التالف لا يتعدى (300 مليار ريال)، بينما المطبوع (720) مليار ريال، أي بفائض (1420) مليار ريال، إلى جانب (61 % ) من النقد الرسمي سيولة فائضة، ما يجعل مساندة هدف اتخاذ القرار الخاص بمنع تداول العملة الجديدة واجباً وطنياً وأخلاقياً ودينياً.

مشددة على أهمية تكثيف برامج التوعية الموجهة والهادفة للمجتمع من خلال ترشيد الاستهلاك على مستوى الفرد والأسرة والمؤسسات، وبالأخص السلع غير الضرورية المستوردة من دول العدوان، والتوسع في الأنشطة المحلية المعتمدة على موارد ومدخلات محلية، مع ضرورة تطمين المجتمع والتوعية بعدم الانجرار وراء الشائعات، والاندفاع إلى تحويل مواردهم من العملة الوطنية إلى عملات أجنبية، وتشجيع المغتربين على زيادة تحويلاتهم إلى اليمن كواجب وطني، ودفع المواطنين إلى إيداع ما لديهم من سيولة لدى الجهاز المصرفي بما يحد من أزمة السيولة، وضرورة تعزيز دور البنك المركزي بصنعاء في إدارة السياسة النقدية بالمشاركة الفاعلة مع البنوك التجارية والإسلامية والصرافين، واتحاد الغرف التجارية والجهات الحكومية المعنية، ومتابعة وتقييم نتائج تنفيذها أولاً بأول، وضرورة تمتع آلية تنفيذ القرار بالمرونة اللازمة لمعالجة أي صعوبات أو اختلالات أو قصور بما يكفل بلوغ أهداف القرار.

 

قد يعجبك ايضا