صنعاء جاهزة لما بعد نهم: الرياض وأبو ظبي تصعّدان في الحديدة
|| صحافة ||
في وقت كانت تنطلق فيه العمليات في نهم شرقي العاصمة اليمنية، كان في القيادة العسكرية في صنعاء من هو منكبّ على التحضير لسيناريو ردّ «التحالف» بتحريك جبهات الحديدة والساحل الغربي عموماً. وبالفعل، فإن هزيمة مأرب والجوف، الثقيلة على الرياض وحلفائها، سرّعت من خروقات اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشي بتحقّق التوقّعات وينذر بانهيار تفاهمات السويد للتعويض عن خسائر نهم، بتورّط إماراتي هذه المرة بعد طول غياب عن المشهد الميداني.
ردّاً على الخسارة الكبيرة التي مُنيت بها قوات حكومة الرئيس اليمني المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، وميليشياتها الموالية للتحالف السعودي، في جبهة نهم شرقي العاصمة صنعاء أواخر الشهر الماضي، ووصول الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» إلى محيط عاصمتَي مأرب والجوف، يعمل «التحالف» على تعويض خسارته بإشعال جبهة الساحل الغربي والحديدة. تصعيدٌ يأتي بالتزامن مع إعلان وزارة خارجية هادي إنهاء «اتفاق السويد»، وفي ظلّ دعوات واسعة للتصالح بين حزبَي «التجمع اليمني للإصلاح» («الإخوان المسلمون» في اليمن) و«المؤتمر الشعبي العام» (الفرع المنشقّ عن صنعاء والموالي للإمارات)، بهدف ترتيب الصفوف مجدداً للحفاظ على ما تبقّى من مكاسب على الأرض.
على مدى الأيام الماضية، صعّدت ميليشيات تتبع الإمارات، وهي قوات طارق صالح (ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح)، تساندها ميليشيات «المجلس الانتقالي الجنوبي»، هجماتها على مدينة الحديدة، وتزايدت زحوفاتها العسكرية في مناطق التماس في عدد من مديريات الساحل الغربي، وهو ما عدّته صنعاء خرقاً واضحاً لـ«اتفاق استكهولم» سيكون له ما بعده من ردّ. خروقات طاولت إحدى نقاط الارتباط المشتركة التابعة للأمم المتحدة، وحوّلت أحياء في جنوب الحديدة، كحارة الضبياني وشارع صنعاء والحديدة لاند ومحيط المطار وأحياء كيلو 16، إلى ساحة حرب مفتوحة تتعرّض بشكل مكثف للقصف المدفعي والصاروخي. وعلى إثر هذه التحركات، المسنودة جواً من طيران «التحالف»، ندّدت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، الثلاثاء الماضي، بالتصعيد. وعقب احتجاج فريق صنعاء في لجنة التنسيق المشتركة على قصف الطيران بغارة جوية مديرية الضحي (شمال مدينة الحديدة)، يوم 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، عبّر رئيس البعثة، الفريق أبهيجيت غوها، عن قلقه العميق إزاء التطورات الأخيرة، وحذّر من أيّ تصعيد جوي، مشيراً إلى أن «أيّ هجوم حربي سيقوّض روح اتفاق الحديدة ويعرّض تنفيذه للخطر». وحثّ غوها في بيان «الأطراف على مواصلة الانخراط في العمل بِنيّة صادقة، وبشكل مشترك، من خلال لجنة تنسيق إعادة الانتشار وآلية التهدئة وتعزيز وقف إطلاق النار، لضمان احترام وقف إطلاق النار واستمرار التهدئة على الأرض».
صعّدت ميليشيات تتبع الإمارات هجماتها على مدينة الحديدة
التصعيد، الذي طاول أيضاً منطقتَي الجبلية والفازة في مديرية التحيتا وأحياء مدينة الدريهمي المحاصرة التي تتعرّض لقصف يومي، كانت تتوقعه القيادة العسكرية في صنعاء بعد تأمينها جبهة نهم، وهي أخذت احتياطاتها لمعركة أوسع نطاقاً في مناطق الساحل الغربي وصولاً إلى محيط مدينة الحديدة، وفق تأكيد قائد المنطقة العسكرية الخامسة، اللواء يوسف المداني. الأخير أكد، الأربعاء الماضي، أن قوات الجيش و«اللجان» في المنطقة العسكرية الخامسة على استعداد وجهوزية قتالية عالية للتصدّي لكلّ محاولات التقدّم أو إحداث أيّ ثغرات. وأفاد المداني بأن خروقات اتفاق وقف إطلاق النار من قِبَل الميليشيات بلغت أكثر من 51 ألفاً و830 خرقاً، وأدت إلى مقتل ألف و62 مواطناً وجرح 3 آلاف و576 آخرين. وأشار إلى أن «عدد ما تمّ رصده من تحليق لطيران العدو الحربي في سماء المحافظة بلغ ألفاً و285، وما تمّ رصده من تحليق لطيران الاستطلاع 3 آلاف و361، فيما بلغ إجمالي الغارات التي شنّها طيران العدو 57 غارة». ولفت إلى أن «قوات العدو استحدثت 865 تحصيناً عسكرياً، وتمّ رصد 435 عملية تجميع وتحشيد، و110 عمليات تعزيز لقواته العسكرية». وقال إن قوات الجيش و«اللجان» أفشلت 159 عملية تسلّل، وصدّت 18 عملية هجومية، مضيفاً أن «إجمالي القذائف المدفعية والصاروخية التي أطلقها العدو بلغ 13 ألفاً و481 قذيفة وصاروخاً، وأكثر من 32 ألفاً و59 عملية إطلاق نار بمختلف الأسلحة الرشاشة».
مصدر عسكري في العاصمة صنعاء أكد، لـ«الأخبار»، أن أيّ تصعيد في الساحل الغربي «سيواجَه برد عنيف وغير محدود سيصل إلى الرياض وما بعد الرياض»، في إشارة إلى أبوظبي. كما أكد أن صنعاء على علم مسبق بأن «العدو عمل على ترتيب أوراقه في الحديدة منذ أشهر»، معتبراً أن إعلان وزير خارجية هادي، محمد الحضرمي، في الـ25 من الشهر الماضي، إنهاء العمل بـ«اتفاق استكهولم» إثر هزائم جبهة نهم وجبهات مأرب والجوف، وبعد أكثر من زيارة لطارق صالح إلى السعودية خلال الشهر الماضي، ولقاء الأخير نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، يأتي في إطار ترتيبات واستعدادات لعملية عسكرية في الحديدة.
الاخبار اللبنانية/رشيد الحداد