الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ لأنهم وقفوا المواقف المشرفة وحملوا نفوسا تأبي الظلم

|| من هدى القرآن ||

{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران:107) ابيضت وجوههم في مواقفهم في الدنيا، كانوا ملتزمين، كانوا من يهمهم أمر الأمة، من يهمهم أمر الدين، هم من يحملون نفوساً كبيرة تَأْبَى الظلم، تأبى الذل، تأبى الاضطهاد، وتأبى الضَّيمَ، تغضب لله، تغضب للمستضعفين من عباد الله، تحمل العداوة الشديدة لأعداء الله، والغضب العارم على أعداء الله، هم من كانوا ينطلقون في مواقفهم على هدي الله فيقفون المواقف المشرفة مهما كان الحال ومهما كان الأمر.

 

هؤلاء هم من يأتون يوم القيامة ووجوههم مُبْيَضّة وجوههم بيضاء مشرقة؛ لأنهم بيضوا وجوههم مع الله، مع دينه، مع أمته، مع إخوانهم، مع أمتهم، مع أبناء وطنهم فيقدمون على الله ووجوههم مُبْيَضّة، هؤلاء هم منهم في رحمة الله في الدنيا وفي الآخرة، إنهم يتحركون في رحمة الله، يتحركون في ظل الآيات، وعلى هدى الآيات آيَاتُ اللَّهِ ربهم الرحمن الرحيم.

 

وفي يوم القيامة سيكونون في مستقر رحمة الله في الجنة يحظون برضوانه، ويحظون بالنعيم، هؤلاء هم من يستحقون كل شرف وكل كرم وكل تقدير، يستحقون المقام العالي عند الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا جاءت الآية بالتعبير السريع جداً الذي يعبر عن جدارتهم بالجنة {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران:107)، كأنهم أصبحوا في الجنة، كأنهم صاروا إلى الجنة, وكأنه ليس هناك ما يمكن أن يحول بينهم وبين الجنة ولا لحظة واحدة {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران: من الآية107).

 

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} (البقرة: من الآية252) {تِلْكَ} إشارة إلى هذه الآيات، وكلمة {آيَاتُ} تعني أعلام أعلام من الهدى، أعلام من البينات، أعلام إلى الحقائق. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} حق لا ريب فيه، حق لا شك فيه، حق لا يتخلف.

 

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران:108) كل هذه التأكيدات من عند الله سبحانه وتعالى بشكل رهيب، بشكل يخلق في نفس الإنسان شعوراً بالحياء، بالخجل أمام الله سبحانه وتعالى، تكشف عن رحمته العظيمة بعباده، أنه يرشدنا؛ لأنه لا يريد لنا أن نُظلم.

السيد حسين بدرالدين الحوثي

(سورة آل عمران ـ الدرس الثالث)

 

قد يعجبك ايضا