..الحرب العدوانية على اليمن «بداية النهاية»

|| صحافة || صحيفة لا

بعد أن ظل تحالف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي يعربد في سماء اليمن منذ بدأ عدوانه في 26 مارس 2015 ويقتل اليمنيين، أطفالاً ونساء، مستهدفا كل مظاهر الحياة، بعد أن دمر البنية التحتية للبلد، تغيرت موازين القوة اليوم وأصبحت اليد العليا للقوات المسلحة اليمنية بعدما حققته من انتصارات عظيمة وإنجازات كبيرة في العمليتين الأخيرتين “نصر من الله” و”البنيان المرصوص”، لذلك جاءت عملية توازن الردع الثالثة لترسخ ملامح المرحلة القادمة وفق إدارة صنعاء للمعركة.

 

عملية توازن الردع الثالثة، كما جاء في بيان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع: “نفذتِ القوةُ الصاروخية وسلاحُ الجو المسيرِ عمليةً نوعيةً مشتركة “عملية توازن الردع الثالثة” في العمقِ السعودي بعددٍ من الصواريخِ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة كانت على النحو التالي:

12 طائرة مسيرة من نوع صماد 3.

صاروخان من نوع قدس المجنحة.

صاروخ ذوالفقار الباليستي بعيد المدى.

استهدفت شركة أرامكو وأهدافاً حساسة أخرى في ينبع، وقد أصابت أهدافها بدقة عالية“.

 

وأكد سريع أن هذا الاستهداف جاء في إطار الرد الطبيعي والمشروع على جرائم العدوان، والتي كان آخرها جريمة الجوف التي راح ضحيتها عشرات الشهداء من المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، متوعداً النظام السعودي بضربات موجعة ومؤلمة إذا استمر في عدوانه وحصاره على بلدنا.

لذلك فإن ما تكسبه العملية الكبرى من أهمية هي عدة العوامل التي توفرت فيها، لما تمثله منطقة ينبع الصناعية والنفطية كونها ثاني أكبر مدينة على البحر الأحمر بعد مدينة جدة وتقسم المدينة إلى 3 مدن: ينبع البحر، وينبع النخل، وينبع الصناعية، وتلقب بلؤلؤة البحر الأحمر، وتعرف ينبع الصناعية أيضا بالهيئة الملكية، وقد أسست عام 1975 بتصميم حديث على مساحة 185 كيلومتراً مربعاً.

 

وتحتوي على 3 مصافٍ للنفط ومصانع للبلاستيك وعدة مصانع للبتروكيماويات، وكذلك ميناء الملك فهد الصناعي.  تتميز بالشوارع المنظمة والتصميم الجميل، والتطوير قائم لجعلها أكبر مدينة صناعية في العالم.

كما تعتبر أكبر مدينة تم تخطيطها وبناؤها كوحدة لتستوعب 200,000 نسمة، حسب إحصاءات شركة “بارسونز“.

من هنا اكتسبت العملية أهميتها، لما مثلته من تطور في القدرات العسكرية اليمنية من حيث استخدام أكثر من سلاح في العملية واشتراك القوة الصاروخية والطيران المسير، وكذلك المسافة الكبيرة التي تتجاوز الألف كيلومتر، ما ينبئ بتطور نوعي ملحوظ في سلاح الجو اليمني.

لذلك يرى اللواء عبدالله الجفري، الخبير العسكري، أن “عملية توازن الردع الثالثة عملية نوعية كبيرة أطلق عليها المرحلة الثالثة من استراتيجية توازن الردع. توازن القوة اليوم هو من خلال الأسلحة التي استطاعت أن تصل العمق الاستراتيجي للسعودية، هي اليوم التي غيرت هذه المعادلة على المسرح العملياتي لهذه المعركة في قواعد الاشتباك، لأن هذه الأسلحة تتجاوز حدود الجغرافيا، وضربت تلك المنشآت الاقتصادية التي تتبع شركة أرامكو السعودية التي تعتبر من أهم الركائز الأساسية للاقتصاد السعودي“.

 

ويضيف اللواء الجفري: “هذه العملية لها عدة دلالات من الناحية السياسية ومن الناحية العسكرية ومن الناحية الاقتصادية. من حيث الدلالة السياسية وتوقيتها لأسباب عدة فهي أولاً: جاءت في إطار الرد الطبيعي على جرائم العدوان التي كان آخرها الجريمة الشنعاء بحق أبناء مديرية المصلوب في محافظة الجوف التي راح ضحيتها أكثر من 60 بين شهيد وجريح من الأطفال والنساء، وكانت العملية بمثابة الرد الطبيعي، ومن الأهمية استمرار هذه الضربات إذا استمر العدوان على أبناء الشعب اليمني وإننا لن نقف مكتوفي الأيدي. أما توقيتها في هذه المرحلة في ظل وجود وزير الخارجية الأمريكي بومبيو من الناحية السياسية تعتبر صفعة وإهانة كبيرة جدا في العرف الدبلوماسي، وخصوصا لوزير خارجية أكبر دولة في العالم، كان مضمون هذه الرسالة أنه مهما تغطرس وتكبر وتعالى النظام السعودي وأستنجد بأمريكا، فإنها لن تنفعه، وهذه كانت من أهم الرسائل السياسية“.

 

أما عن حجم العملية ونتائجها يقول الجفري: “إن هذه الضربة العسكرية التي نفذت بـ12 طائرة نوع صماد 3، وكذلك صاروخين مجنحين نوع القدس، وصاروخ باليستي تم الإعلان عنه لأول مرة هو “ذو الفقار” كانت رسالة مهمة جداً إزاحة الستار عن هذا الصاروخ بعيد المدى الذي يمكنه الوصول إلى الكيان الصهيوني، وكذلك اشتراك هذه الطائرات مع هذه الصواريخ المختلفة المهام والقدرات بما تمثله من مواصفات علمية وتقنية دقيقة جداً، قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القدرات العسكرية للدفاعات الجوية السعودية قد فشلت فشلاً ذريعاً، وأن هذه الأسلحة التي آخر ما صنعته تلك الامبراطوريات فرنسا وبريطانيا وأمريكا لم تستطع اكتشاف أو إسقاط الأسلحة اليمنية وأنها أصبحت متطورة جداً بعد أن أصابت أهدافها، وهي رسالة عسكرية هامة جدا بعد شراء السعودية دفاعات جوية من الباتريوت والقبة الحديدية والباك ثري والثاد التي تعتبر فخر الصناعات لتلك الدول المتطورة، لذلك هذا هو التفوق العسكري في مجال القدرات الصاروخية والطيران المسير كأسلحة استراتيجية“.

 

لذلك تعتبر العملية بكل المقاييس العسكرية والسياسية تطوراً كبيراً في مجرى الحرب العدوانية على اليمن من حيث تراكم القوة وامتلاك صنعاء القرار بضرب واستهداف المنشآت الحيوية لقوى العدوان ورأس الحربة في العدوان المملكة السعودية.

ويربط العقيد مجيب شمسان، المحلل العسكري، الأحداث والتطورات الأخيرة ببعض، حيث يقول: “تأتي أهمية عملية توازن الردع الثالثة في هذا التوقيت لاسيما بعد الانتصارات الميدانية الساحقة التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في الجبهة الشمالية الشرقية، عملية “البنيان المرصوص” والتي كان من نتائجها استعادة أكثر من 2500 كيلومتر مربع، ومع تقدم الجيش إلى مواقع استراتيجية وحساسة بالنسبة للعدو ومرتزقته في الجوف ومأرب، صعد العدو من غاراته الجوية ليعيق تقدم الجيش واللجان في محافظة الجوف، إلا أنه فشل في ذلك وفوجئ بإسقاط طائرة حربية مقاتلة نوع تورنيدو فخر الصناعة البريطانية، وهنا حاول العدو الانتقام كعادته بقصف المدنيين ومحاولة منه لتصفية الطيارين خشية أن يقعا أسيرين بيد الجيش واللجان الشعبية. وأمام تلك المجازر البشعة لم يكن أمام القوات المسلحة اليمنية إلا أن ترد على تحالف العدوان، فمبادرة السلام التي أطلقها المجلس السياسي الأعلى بقيادة مهدي المشاط في سبتمبر الماضي لا تعني الاستسلام، وإنما كانت قارب نجاة لدول العدوان لتحافظ على ماء وجهها وتنجو من الغرق المحقق بالطوفان اليمني، فمبادرة السلام جاءت من منطلق القوة وليس الضعف، من معطيات النصر وليس من معطيات الهزيمة“.

 

ويضيف شمسان: “من هنا كانت عملية توازن الردع الثالثة التي استهدفت شركة أرامكو وأهدافا أخرى حساسة في ينبع التي تبعد أكثر من 1200 كيلومتر وبعملية مشتركة جمعت بين الطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة والتي تعكس قدرة فنية وتقنية عالية في التحكم وإدارة هكذا عملية مشتركة لتتزامن في وصولها إلى هدفها في وقت واحد مع فارق السرعات واختلاف مسارات التوجيه. وبالتالي فإن عملية توازن الردع الثالثة تضمنت أكثر من رسالة، فهي من ناحية تعني القدرة على امتلاك القرار في تنفيذ ضربات استراتيجية نوعية بهذا المستوى، لاسيما وأن الضربة تزامنت مع وصول بومبيو إلى الرياض“.

 

ووفق العقيد شمسان هي رسالة تحذيرية وعسكرية معاً، حيث يقول: “ومن ناحية أخرى هي رسالة تحذيرية للجانب الاقتصادي، خصوصا وأن السعودية تشهد اجتماعات تحضيرية لقمة العشرين، ورسالة عسكرية بأن لدينا من أسلحة الردع الاستراتيجي ما يمكننا من استهداف أي هدف في طول وعرض دول العدوان، وأننا كل يوم نضيف إلى مخزوننا الاستراتيجي أسلحة ردع جديدة ومتطورة، وعليكم أن تحسبوا حساب الاستمرار في هذا العدوان على الشعب اليمني الذي يزداد كل يوم إصرارا وثباتا في مواجهتكم“.

 

أما ما تمثله العملية من تطور في مجرى الصراع القائم يضيف شمسان بالقول: “أما نتائجها على صعيد الصراع فإن أبرز ما تمثله هذه العملية هو أنها تمثل تدشينا لمرحلة جديدة من الصراع مع العدو، وسيكون عنوان هذه المرحلة من المواجهة هو الوجع الكبير، كما جاء ذلك على لسان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع في مؤتمره الصحفي لعملية “وإن عدتم عدنا” والتي تم خلالها استهداف مخازن ومعسكرات العدو في المخا، لذلك فإن هذه المرحلة إذا ما صعّد العدو من هجماته ستشهد قواعد اشتباك مغايرة ستجعل من دول العدوان في وضع مختلف تماما لا يحسدون عليه“.

هذا وتبقى الأيام حبلى بالمفاجآت التي تتوعد بها صنعاء دول العدوان، بما تمتلكه من قدرة عالية لمراكمة خبراتها وإحراز التفوق العسكري والعملياتي على كافة أصعدة المواجهة، وهو ما بدا واضحاً من خلال الإنجازات الأخيرة في تطهير جبهة نهم والوصول إلى مشارف مدينتي مأرب وحزم الجوف في عملية “البنيان المرصوص” النوعية وقبلها في عملية “نصر من الله“.

قد يعجبك ايضا