“كورونا” كجزء من الحرب الجرثومية: هل فعلتها واشنطن؟
|| صحافة ||
لا تزال تجليات القوّة الامبرياليّة في أميركا الشمالية والجنوبية وأفريقيا وآسيا وأوروبا، تتفاعل بطرق مختلفة تستخدمها الإدارات الأميركية المتعاقبة، تارةً بشن حروب مباشرة وأخرى بأخرى غير مباشرة. وتعد الحرب البيولوجية ركناً أساسياً، من الحروب غير المباشرة، التي ما فتئ النظام الأميركي يستخدمها، لإثبات قدرته التفوقية من ناحية، وحاجة الدول لتطوره وتقدمه من ناحية أخرى، ما يساهم في تثبيت سيطرته على مفاصل النظام الدولي برمته، على الصعد كافة ومنها الأمن الصحي العالمي.
الأوبئة أداة للهيمنة
يشكل نشر الأوبئة جزءا من القدرة والسيطرة، حيث تأتي بعد ذلك الحاجة لمن يسيطر على الوباء ويصنّع اللقاح له، وهذا ما يؤشر إلى أن الحرب البيولوجية تعد شكلاً من أشكال الحروب المعتمدة، خاصةً أنها تعد من أسلحة الدمار الشامل الذكية، وفي هذا الإطار، يقول المؤرخ الأميركي شلدون واتس في كتابه “الأوبئة والتاريخ: المرض والقوة الإمبريالية” (Epidemics and History: Disease, Power and Imperialism)، إن الطب الإمبريالي كان أداة للهيمنة الإمبرياليّة نفسها من خلال غزو المناطق الأخرى تحت مسمى الطب والدواء، هكذا إذاً نرى أنه عادة ما يكون الوباء مؤثراً بين القوة الحاكمة والطبقة المحكومة، وهذا ما ينطبق ايضاً على عملية تصدر النظام الدولي.
ومع انتشار فيروس كورونا بشكل لم يعد بالإمكان السيطرة عليه، تصاعدت الأصوات في الصين وروسيا وإيران مطالبةً الولايات المتحدة بتوضيحات حول كيفية نشوء فيروس كورونا، مع الإشارة في صحف غربية عدة الى احتمالات كبيرة بأن يكون الفيروس قد نشأ في أميركا وتم نشره عبر الجيش الأميركي في الصين أولاً. ويبدو أن الحرب البيولوجية ونشر الأوبئة ستكون سلاحاً يستخدم بشكل دائم، حيث يقول “مايكل نايتس” وهو زميل في برنامج الزمالة “ليفر” في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن “الأوبئة العالمية ستصبح قريباً أمراً عادياً وفي الوقت نفسه محرّكاً أساسياً لمستقبل المجتمع”، وهذا ما يجعلنا ندرك كيف تفكر واشنطن باستراتيجية الحرب الجرثومية والتي هي عقيدة أساسية لتصبح البديل عن الحرب النووية، وتساهم بالتالي في تثبيت هيمنتها.
دور واشنطن في نشر “كورونا”
لقد تصاعدت مؤشرات عدة تتقاطع إلى درجة كبيرة، بما يثير الشبهات بشكل أكبر، حول دور واشنطن بالقيام بهذه اللعبة القذرة، خاصةً أن واشنطن ترى في بكين اللاعب الأكثر خطورة لها على تصدر النظام الدولي، بعد أن تحولت الصين إلى وحش اقتصادي وتكنولوجي ضخم يتمدد في مختلف أرجاء المعمورة، ويشكل المنافس الأكبر للولايات المتحدة الأميريكة، فضلاً عن القدرات العسكرية الهائلة التي تمتلكها الصين، إلى جانب كونها لاعباً سياسياً رئيسياً، لم يعد يمكن الفصل دون الرجوع إليه في ملفات الاقتصاد والسياسة والأمن الدولية، كونها تعد قوة عظمى تتمتع بحق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي، وبالتالي كل ذلك أفقد الولايات المتحدة السيطرة على الصين سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ما جعلها تخشى أن تدخل معها فيها حرب عسكرية مباشرة.
وقد لاقت تغريدات الناطق باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان التي لمّح فيها الى أن “الجيش الأميركي قد يكون هو من جلب الوباء إلى ووهان” تفاعلاً كبيراً في إطار إمكانية أن يكون ما يحصل حرباً بين الطرفين، ليعود خبراء صينيون لمطالبة البيت الأبيض بتوضيحات حول سبب إغلاق مختبر فورت ديتريك للأبحاث على الجراثيم والفيروسات التابع للقيادة الطبية للجيش الأميركي في مدينة فريدريك – ماريلاند نهاية العام الماضي، حيث أعلن معهد البحوث بحسب مقال لـ”نيويورك تايمز” أن إغلاق المختبر من المحتمل أن يستمر شهوراً، وأكد أنه لم يكن هناك تهديد للصحة العامة، ولا إصابات للموظفين ولا تسرّب للمواد الخطرة خارج المختبر، فيما أعلن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركي CDC، في بيان يومها، إنه أمر بوقف الأبحاث في فورت ديتريك لأن المركز لم تكن لديه أنظمة كافية لتطهير مياه الصرف الصحي من مختبراته الأكثر أماناً، وبرّر عدم نشر معلومات أكثر حول القرار بأسباب تتعلق بالأمن القومي.
بالإضافة إلى هذا الأمر فقد نشر خبراء صينيون ورقة بحثية نشرها موقع مجلة نيتشر العلمية عام 2015، وجاء فيها أن مجموعة من العلماء نسخوا نوعاً من فيروسات كورونا بالتعاون مع الجيش الأميركي. وقد توصل علماء الأوبئة وعلماء الصيدلة اليابانيون والتايوانيون إلى أن فيروس “التاجي” الجديد يكاد يكون من المحسوم أنه نشأ في الولايات المتحدة الاميركية لأن هذا البلد هو الوحيد المعروف أنه يحتوي على جميع الأنواع الخمسة ـ التي ظهرت منها كل الأنواع الأخرى. هذا ولفت تقرير أخبار أساهي الياباني إلى أن الفيروس التاجي نشأ في الولايات المتحدة ، وليس في الصين ، وأن العديد من 14000 حالة وفاة أمريكية تعزى إلى الإنفلونزا ربما تكون قد نتجت بالفعل عن فيروس التاجية.
وتمتلك ووهان في الصين نوعًا واحدًا فقط من هذه الأنواع، مما يجعل الاشتباه بانطلاق العدوى منها دون تدخل خارجي أمرا بعيدا. وهنا يشير لاري رومانوف في مقالة له في Global Research إلى أنه كان هناك أيضًا مواطنون يابانيون مصابون في أيلول/ سبتمبر من العام 2019 ، في هاواي، ولم يسبق لهم زيارة الصين، وتحدثت معلومات أن هذه العدوى انتشرت على الأراضي الأمريكية قبل فترة طويلة من تفشي المرض في ووهان ولكن بعد وقت قصير من إغلاق “فورت ديتريك”.
ويصف البروفيسور Michel Chossudovsky في Global Research ايضاً، مسرحية دونالد ترامب بالقول ان الصين تقف وراء الفيروس بالكذبة الكبرى التي شاركت فيها ايضاً منظمة الصحة العالمية ووسائل إعلام عالمية، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أنه في حين أن تسمية الفيروس التاجي “صنع في الصين” كانت بمثابة ذريعة، كان الهدف غير المعلن هو جعل الاقتصاد الصيني يقع على ركبتيه.
ويبدو أن نشر الفيروس كان الهدف منه، حرباً اقتصادية، تدمر اقتصاد الصين، وهو فعلاً وفق ما يشير Chossudovsky ساهم في تقويض كل من اقتصاد الصين وكذلك اقتصاد معظم الدول الغربية (حلفاء الولايات المتحدة)، مما أدى إلى موجة من الإفلاس، ناهيك عن البطالة، وانهيار الصناعة والسياحة، كما يستند في مقالته ايضاً إلى التحليل العلمي الذي كشف عنه لاري رومانوف الذي تطرقنا إليه آنفاً بأن الفيروس “صنع في أمريكا”. ويقول Chossudovsky ايضاً لنكن واضحين: إن جائحة الفيروس التاجي ليست “سبب” هذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تتكشف. إنها “ذريعة” لتنفيذ “عملية” مصممة بعناية (مدعومة بتضليل إعلامي) لتزعزع استقرار الاقتصادات الوطنية، وتضعف قطاعات كبيرة من سكان العالم وتضعف حياة الملايين من الناس. ما نتعامل معه هو “فعل حرب”.
من الواضح كما تقدم، أن العالم اليوم أصبح مخيفاً لدرجة أنه توجد مؤسسات مافيا علمية وأبحاث لجمع التريليونات من الثروة وذلك بنشر فيروسات مميتة وإطلاقها لتصيب الملايين حتى لو راح ضحيته الكثير، ثم بعد فترة تعلن عن اكتشاف المصل أو العلاج، فتتهافت عليه الدول كي تحمي شعوبها مثل كورونا وغيرها، وهذا الابتزاز يظهر بخطابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وربما تكشف أمريكا عن مصل فعّال لعلاج كورونا مثل ما قبله من الفيروسات وتبدأ المليارات تدخل خزينة شركات الأدوية الأمريكية”. وهان يقول الطبيب البريطاني جورج دراوني الذي يعمل في منظمة “العدل والتنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، أن حروبًا بالوكالة جديدة تشن بين الدول، لكن ليست عسكرية ولا تحتاج لمعدات ثقيلة وسلاح جوي، ولكنها حرب بنشر الأوبئة والأمراض الفيروسية سريعة الانتشار وهذا ما يحدث الآن في الصين، جازماً أن خلفها أمريكا وعندهم المصل واللقاح الشافي له، وكل ما هناك هو ابتزاز وتدمير للاقتصاد الصيني”.
العهد الاخباري/ د.علي مطر