الاستخبارات الأمريكية والأسلحة البيولوجية
|| مقالات || أنس القاضي
وتبقى الأسلحة الجرثومية النوع المفضَّل للولايات المتحدة الأمريكية لاستخدامها في قتل شعوب العالم، وما فيروس كورونا إلا امتداد لإرث إجرامي عتيق!
شرعت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي «بيل كلينتون» في العمل على برنامج أبحاث سري جديد حول الأسلحة البيولوجية.. بعد انتهاء فترة كلينتون احتضن المشروع البيولوجي من قبل إدارة بوش الابن التي عملت على توسيعه، وتُعد هذه الجهود سرية استئنافاً للعمل على فئة من الأسلحة المحرمة كان الرئيس «نيكسون» قد تخلى عنها عام 1969م.
في عام 1975م دوَّت فضيحة في الولايات المتحدة الأمريكية مفادها أن وكالة الاستخبارات المركزية خالفت الأمر الرئاسي لعام 1969م الذي أمر بتدمير مخزون الأسلحة البيولوجية في الولايات المتحدة، فقد احتفظت وكالة الاستخبارات الأمريكية بكمية كبيرة من مسببات الأمراض والسموم لاستخدامها الخاص وذلك لمدة 5 سنوات بعد صدور الأمر الرئاسي القاضي بتدميرها.
شملت السموم – التي تم تخزينها في مختبر الجيش في فورت ديتريك بولاية ماريلاند – الجمرة الخبيثة وبكتيريا السل، وفيروسات التهاب الدماغ، والسالمونيلا، وسموم المحار، وفيروس الجدري، ومختلف السموم المستخدمة في الحرب البيولوجية.
في وقت سابق من العام 2001م قال مسؤولون في الإدارة الأمريكية إن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” وضعت خططا للهندسة الوراثية لصناعة بديل محتمل أكثر قوة من البكتيريا المسببة لمرض الجمرة الخبيثة، وهو سلاح مثالي في الحروب الجرثومية.
عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفي خريف العام 2001م، وقعت سلسلة من رسائل الجمرة الخبيثة في الولايات المتحدة الأمريكية عبر مظاريف ملوثة بالوباء، أسفرت الهجمات الناجحة عن مقتل خمسة أمريكيين ومرض 17 آخرين، فيما تم استرداد أربعة مظاريف ملوثة بالجمرة الخبيثة، كان اثنان من هذه الظروف موجهان إلى صحيفة نيويورك بوست والمصور «توم بروكو» في ان بي سي. واثنان من المظاريف موجهان إلى اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ في واشنطن هما «باتريك ليهي» و«توم داشل».
كانت رسائل الجمرة الخبيثة الموجهة إلى نيويورك قد أُرسلت في 18 سبتمبر 2001م، بعد سبعة أيام فقط من هجمات الحادي عشر من سبتمبر،- أما الرسائل الموجهة إلى أعضاء مجلس الشيوخ فقد أرسلت بعد 21 يوما.
على الرغم من أن مكتب التحقيقات الفدرالي يعترف بأن هجمات الجمرة الخبيثة التي وقعت في العام 2001م نُفذت من علماء حكومة الولايات المتحدة، فإن مسؤولاً كبيراً في مكتب التحقيقات الفدرالي قال إن مكتب التحقيقات الفدرالي مال إلى إلقاء اللوم في هجمات الجمرة الخبيثة على تنظيم القاعدة بضغط من قبل المسؤولين في البيت الأبيض.
عملت الولايات المتحدة الأمريكية على ربط الجمرة الخبيثة بالعراق كمبرر لتغيير النظام العراقي آنذاك بقيادة صدام حسين، وهو الأمر الذي تم في الغزو الأمريكي الأطلسي للعراق عام 2003م.
كانت الحقيقة الصادمة أنه في عام 1999م كُلّف المخترع الأمريكي لسلاح الجمرة الخبيثة «وليام باتريك» من قبل الاستخبارات الأمريكية بالقيام بوضع سيناريو هجوم افتراضي بالجمرة الخبيثة عبر رسائل البريد.
تم تسريب هذه الوثيقة السرّية إلى وسائل الإعلام الأمريكية، وفي تقرير عنوانه “تقييم المخاطر” أوضح ويليام باتريك أن 2،5 غرام هي الكمية القياسية من الجمرة التي يمكن وضعها في مظروف دون الكشف عنها، وأشار باتريك إلى أن الولايات المتحدة قد نجحت في “تركيز” سلاح مسحوق الجمرة الخبيثة إلى حد لم يسبق له مثيل وذلك بوضع تريليون جرثومة في الغرام الواحد.
في 16 و17 سبتمبر من العام 2008م، أجرى مجلس النواب الأمريكي واللجان القضائية في مجلس الشيوخ جلسات استماع حول قضية الجمرة الخبيثة شملت استجواب مدير مكتب التحقيقات الاتحادي «روبرت مولر».
في جلسة الاستماع طرح نادلر واحداً من أكثر الأسئلة مركزية في قضية الجمرة الخبيثة أشار إلى أن المرافق التي تتوفر فيها فعلا المعدات والأفراد القادرة على تحضير المسحوق الجاف من الجمرة الخبيثة المغلفة بـ”السيليكا” هي مختبرات “دوجواي” للجيش الأمريكي، و شركة باتيل، وهاتان الشركتان هما المقاول الخاص في وكالة المخابرات المركزية الذي أجرى أبحاثا كبيرة على سلالات معقدة من الجمرة الخبيثة من أجل استخدامها كسلاح بيولوجوي.
كان السؤال المحوري هو: كيف أهمل مكتب التحقيقات الفدرالي تلك المؤسسات المرتبطة بالجيش الأمريكي ولم يتعامل معها كجناة متوقعين وراء الهجوم؟! ومضت سبعة أشهر قبل أن يرد مكتب التحقيقات الفدرالي بإجابة غير واضحة.