موانئ البحر الأحمر … جبهة اقتصادية صامدة في وجه العدوان

|| صحافة ||

خمسة أعوام من العدوان والحصار والقتل والتدمير للبنى التحتية ومنها قطاع النقل وعلى وجه الخصوص القطاع البحري ممثلاً بمؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية التي تعمل بمهنية وحيادية تامة لتوفير الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء ومشتقات نفطية.

واستهدف طيران العدوان المؤسسة وموانئها (الحديدة والمخا والصليف ورأس عيسى) في عدوان ممنهج ينم عن حقد كبير لما تتمتع به هذه الموانئ من مواقع استراتيجية ذات أهمية اقتصادية واستثمارية على خطوط الملاحة البحرية بمجالاتها الحيوية المتنوعة خاصة التجارية التي تجوب البحر شرقا وغربا بواردات وصادرات لكل أنواع البضائع والسلع التجارية.

وكشفت وزارة النقل عن حجم الأضرار والخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالمؤسسة والموانئ التابعة لها جراء العدوان والحصار على مدى خمس سنوات حسب المؤشرات الأولية والتي بلغت أكثر من 955 مليوناً و886 ألف دولار .

وأشار تقرير الوزارة تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منه، إلى أن التكلفة التقديرية للأضرار والخسائر المباشرة وغير مباشرة بميناء محطة الحاويات بالحديدة 809 ملايين و458 ألف دولار ، وفي ميناء المخاء بمحافظة تعز 126 مليوناً و9 آلاف دولار فيما بلغت بميناء الصليف ومرسى رأس عيسى 20 مليوناً 418 ألف دولار.

وبين التقرير أن الأضرار الجسيمة التي لحقت بميناء الحديدة تمثلت في خروج محطة الحاويات الخاصة باستقبال سفن الحاويات التجارية وتدمير الكرينات الجسرية والمولدات الكهربائية ومعدات الصيانة والهناجر والأجهزة واستهداف منزلق العائدات الذي يقوم بإدخال السفن وغيرها من التقنيات المهمة في عمل وتشغيل الميناء.

كما استهدف طيران العدوان ميناء المخا مخلفاً أضراراً في الرصيف وتدمير اللنش القاطر ومن ثم احتلاله من قبل قوى العدوان الإماراتية.

واستهدف طيران العدوان موقف الشاحنات والقاطرات بمرسى رأس عيسى النفطي ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 15 عاملا وإصابة 14 آخرين واشتعال النيران في المنشأة النفطية للميناء التي كانت تحتوي على كميات كبيرة من مادة الديزل وخلفت خسائر فادحة في ملحقات المنشأة وعدد من الناقلات .

الرئيس التنفيذي للمؤسسة محمد اسحاق أكد أن المؤسسة بما تمتلكه وتشرف عليه من موانئ بحرية تعد ركيزة أساسية ومحورية في الاقتصاد الوطني فهي تغذي مناطق مختلفة من الوطن بالواردات من المواد الأساسية والتموينية بما يقدر بـ70 % من الواردات التي تصل إلى موانئها ما جعل النية والرغبة ملحة لدى دول تحالف العدوان لفرض الحصار الخانق على موانئها ومن ثم الاستهداف المباشر بهدف إيقاف نشاطها ومنعها من تقديم خدماتها المختلفة.

وأشار إلى تعدد جرائم وانتهاكات العدوان على موانئ المؤسسة بدءاً بحصار الموانئ التابعة لها منذ 26 مارس 2015م وما واكبه من عراقيل وممارسات تعسفية على السفن الواصلة على مدى خمس سنوات ركزت فيها دول العدوان وبشكل أكبر على سفن الحاويات نظرا لما تمثله من أهمية باعتبار أن معظم المواد الغذائية والدوائية تصل عن طريقها ومنها الحاويات المبردة.

وبيّن إسحاق أن التعريفات القانونية للعدوان وفرض حصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى وفقا للمادة (25) و(28) من ميثاق روما وتعديلاته المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية في العام 2010م فإن عملية الحصار الاقتصادي الجائر وتجويع الشعوب بمنع وصول احتياجاتها من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وغيرها من الاحتياجات الأخرى ومنع تدفق وانسياب المساعدات والإغاثات الإنسانية للمدنيين تعد جرائم حرب من الدرجة الأولى ولا تسقط بالتقادم، أي عدوان بغض النظر عن مبرراته وأسبابه يعد في جوهره خرقاً للقانون الإنساني الدولي.

ووفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الأولى من بروتوكول جنيف للعام 1977م فإن الاستهداف المباشر للمنشآت الاقتصادية والموانئ البحرية التجارية التي تعد اللبنة والركيزة الأساسية للدولة وتمكن أي شعب من الحفاظ على استقراره وتحول دون انهياره تعد جرائم حرب من الدرجة الأولى ولا تسقط بالتقادم.

ولفت إسحاق إلى أن الحصار سبب ولا يزال مشاكل مالية للمؤسسة والتاجر والمستورد من جهة والمواطن من جهة أخرى نتيجة ارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية والدوائية.

وشدد على أهمية قيام الأمم المتحدة بدور أكبر لتشغيل موانئ البحر الأحمر، وتسهيل دخول السفن الإنسانية والتجارية وتفتيشها فيها بدلا من إجراءات التفتيش في جيبوتي خاصة بعد إيفاء الفريق الوطني بلجنة تنسيق إعادة الانتشار بالتزاماته في المرحلة الأولى من عملية إعادة الانتشار بموانئ الحديدة، الصليف، رأس عيسى النفطي.

كما أكد رئيس المؤسسة، ضرورة الإسراع في رفد الموانئ باحتياجاتها الضرورية من المشاريع والمعدات الأساسية وتطبيق آلية التحقق والتفتيش وتوفير المتطلبات الإجرائية واللوجستية والفنية المشتركة الخاصة بها وفقا لاتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة بما يسهم في تسهيل دخول سفن المساعدات الغذائية والطبية والسلع التجارية للتخفيف من المأساة الكبيرة التي يعيشها الشعب اليمني بفعل العدوان والحصار.

وفيما يتعلق بالحلول والبدائل التي اعتمدتها قيادة المؤسسة لضمان تشغيل ميناء الحديدة قال إسحاق “إن عمال وموظفي المؤسسة بذلوا جهودا كبيرة لاستمرارية التشغيل، كما اتخذت قيادة المؤسسة إجراءات عاجلة لتجاوز آثار العدوان وإعادة تشغيل ميناء الحديدة في زمن قياسي عقب تعرضه للاستهداف المباشر والتدمير الممنهج”.

حيث بادرت بتنفيذ الحلول العاجلة في الجوانب التشغيلية والإدارية والمالية وكان تركيزها بشكل أكبر على الجوانب الفنية والتشغيلية وضمان توفير الحد الأدنى من الجاهزية التشغيلية لضمان وصول المساعدات الإغاثية لعموم المحافظات.

وأوضح رئيس المؤسسة أن استهداف العدوان لمحطة الحاويات بالميناء وتدميرها وخروجها تماما عن الخدمة، أفقد الميناء أكثر من 60 في المائة من إجمالي قدرته التشغيلية وتراجع نشاطه إلى أدنى مستوياته.

وقد ترتبت على ذلك أضرار وخسائر مادية مباشرة وغير مباشرة تحملتها وما زالت تتحملها وتعاني منها المؤسسة وميناء الحديدة على وجه الخصوص.

وأفاد أن استهداف المؤسسة ترتب عليه إيقاف تنفيذ الأعمال والمشاريع التطويرية للموانئ التابعة لها مثل مشروع تطوير ميناء الحديدة ومشروع تطوير ميناء المخا واللذين كانت المؤسسة على وشك تنفيذهما في 2015م بعد أن كانت قد قطعت شوطا كبيرا في الإجراءات التنفيذية الخاصة بهما خلال الأعوام 2012 – 2014م والحصول على التمويل بالإضافة إلى توقف تنفيذ  الخطط والمشاريع والبرامج التنفيذية السنوية ومشاريع الصيانة لغرض الحفاظ على الآليات والمعدات من التلف.

وقال رئيس المؤسسة “ونتيجة للحصار وإصرار دول العدوان على منع استيراد قطع الغيار اللازمة لعملية الصيانة فقد وقعت أضرار وخسائر مادية لتلك الآليات والمعدات بالإضافة إلى أن الاستهداف المباشر لموانئ المؤسسة وما رافقه من حصار بحري خانق وما ترتب عليه من توقف وشحة وصول الواردات المختلفة كان له تأثير مباشر على الحياة المعيشية للمواطنين وفقدان العمال والموظفين التابعين للمؤسسة وموانئها المختلفة وعمال الشحن والتفريغ بمحطة الحاويات وكذا عمال الشحن والتفريغ في ميناء المخا لوظائفهم”.

وأضاف أن ذلك أدى أيضاً إلى توقف وشحة وصول الواردات وتوقف العمل في الكثير من القطاعات الصناعية والخدمية التي تستوعب الآلاف من الأيادي العاملة وإيقافها عن العمل وانضمامها إلى رصيف البطالة ناهيك عن تضاؤل النشاط التجاري وتقلص حجم الإيرادات ومنع وصول الأدوية والتي عادة ما تصل داخل الحاويات ومنع وصول المستلزمات والمحاليل الطبية وخاصة أدوية مرضى القلب والسرطان والفشل الكلوي والسكر وغيرها ما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات وانتشار العديد من الأمراض، كما ترتب على الاستهداف والحصار المتواصل على الموانئ ومنع دخول سفن المشتقات النفطية ما بين الحين والآخر انقطاع التيار الكهربائي وتوقف الأجهزة الطبية عن العمل ووفاة الكثير من المرضي وخاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة .

وأكد إسحاق أن التحدي الآخر الذي واجهته المؤسسة إلى جانب ما خلفه العدوان من دمار لموانئها وإيقاف معظم آلياتها ومعداتها تمثل في كادرها البشري ومحاولة الحفاظ عليه وتعزيز روح المسؤولية الوطنية لديه لضمان استمرار المؤسسة وموانئها في عملها في ظل الأوضاع الاستثنائية الراهنة التي يمر بها الوطن .

وأشار إلى أن ميناء الحديدة يقوم بدوره الإنساني والإغاثي وفق القوانين والأعراف الدولية ويمتثل للمنظومة الدولية لأمن الموانئ (ISPS) وتخضع السفن المرتادة إليه لإجراءات رقابية من الأمم المتحدة (UNVIM) .

 

سبأ: تقرير/ إبراهيم الروني

 

قد يعجبك ايضا