فجور سعودي بلا حدود..صورة عبدالله آل قريريص من غرف الموت أنموذجاً
|| صحافة ||
يأبى النظام السعودي إلا أن يكشف بصورة متواصلة عن حجم الغلّ الدفين بحق أهالي المنطقة الشرقية، غلّ تترجمه طريقة التعامل والتنكيل المتمخض عن حالات الاعتقالات التي تطال الصغار والكبار، الشيب والشبان، النساء والرجال، جميعهم على حد سواء من دون مراعاة إنسانية أو أخلاقية أو دينية أو شرعية، فالقواعدة والقوانين والشرائع السماوية منها والوضعية، تضرب بها الرياض عرض الحائط، وتفرغ غضبها وغلها الدفينين لتنتقم من أصحاب الكلمة والرأي والصوت المطلبي.
رفع النقاب مساء الجمعة 24 نيسان/أبريل 2020، عما عاشه أحد أبناء بلدة العوامية في القطيف داخل زنازين السجون التي تنقل بها على مدى عام ونصف العام من الاعتقال التعسفي غير المبرر قانونيًا وإنسانياً، فكانت الصورة مأساوية لحالة الحاج علي عبدالله آل قريريص، حين عودته إلى عائلته، إذ ارتسمت على جسده المنهك آثار الإهمال الطبي والصحي المتعمّد الذي كابده خلف القضبان، فضلاً عن الانتهاكات النفسية التي تمارسها السلطة بحق المعتقلين.
يكشف مصدر أهلي خاص (فضّل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية)، في حديث لموقع “العهد”، عن واقع الحال الذي حلّ بالحاج عبدالله آل قريريص نتيجة اعتقاله التعسفي وإهماله الطبي في السجن، حيث تعرض لأبشع أنواع الانتهاكات وعانى الإهمال الصحي والحرمان من العلاج الضروري اللازم على الرغم من كبر سنّه، بعد أن تعمّدت السلطات انتهاك حقوق الرجل الخمسيني انتقاماً من دوره الإنساني والاجتماعي في عموم منطقة القطيف.
حجم الاضطهاد الذي نال من الحاج آل قريريص، الذي وصفه المصدر بأنه مأساوي ومزري ومحزن للغاية، يمكن أن يتضح من خلال مقارنة بين صورتين للحاج قبل اعتقاله وبعد معانقته الحرية، فالصورة كفيلة بإبراز تبدل شكل الحاج آل قريريص، وكهولته وتغيير ملامح جسده ووجه، حيث بدت عليه بشكل ظاهر وجلي آثار التعب والحرمان والإهمال، وما نالته أيام الاعتقال بأشهرها الـ18 من رجل كان يوصف بـ”الأسد” بقوته وصلابته ودوره في الحراك المطلبي السلمي الذي شهدته القطيف عام 2011، إبان انتفاضة الكرامة الثانية، وما قدمه من تضحيات على مذبحها ولايزال.
الإفراج عن الحاج آل قريريص الذي هو حق لا منّة من السلطة، جاء عقب معاناة صحية كبيرة عانى منها الرجل الخمسيني، بعد تنقّله بين زنازين السجون، فبعد اعتقاله حين استدعائه إلى مركز شرطة القطيف يوم 14تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، من أجل تنفيذ حكماً بالسجن عام ونصف العام بمزاعم وافتراءات سلطوية تنتقم من دوره الاجتماعي في المنطقة، تم توقيفه هناك لمدة 5 أيام في المركز قبل أن يصار إلى نقله لسجن العوامية في التاسع عشر من الشهر نفسه. وبعدها، بدأت رحلة العذابات في المعتقل، إذ لم تحترم السلطة سنّ الرجل الكبير بنقله من سجن مباحث لآخر، ودارت أيام اعتقاله ما بين زنازين السجن العام بالقطيف إلى سجن مباحث الدمام وصولاً إلى سجن الحائر بالرياض، ليصل إلى الحالة التي بدت عليه حين خروجه من المعتقل.
لاشك أن حال الحاج المفرج عنه المعُتقل عبدالله آل قريريص الصحية السيئة، تأتي نتيجة الانتقام من البصمة التي زرعها في الحراك السلمي في القطيف منذ العام 2011، عبر كلماته وتقدمه في المسيرات السلمية المطلبية، وأيضاً خطاباته ودعواته إلى مقارعة الظلم والطغيان والإبقاء على المطالب المشروعة مهما طال زمن الحراك، واختلفت أشكاله، وتعددت قرابينه. فالحاج قريريص، عانى ويلات الاعتقال ومعه اثنين من أبنائه، فهو والد المعتقل الفتى مرتجى قريريص أصغر سجين سياسي في البلاد، وتعرض لأساليب مروعة من التعذيب النفسي والبدني في زنازين السلطات السعودية ليس أقلها التعذيب بهدف انتزاع اعترافات، ومع بلوغه سن 18 عاماً، هدده النائب العام بإمكانية تنفيذ حكم الإعدام صلباً بحقه، بعد اتهامات تزعم “انضمامه إلى منظمة إرهابية”، وإدانته للمشاركة في تشييع أخيه الشهيد علي أيضاً، وغيرها من الاتهامات المزعومة، غير أن الضغط الدولي والحملات المتواصلة دفعت السلطات إلى التراجع عن إعدامه والإبقاء على حكم بالسجن لثماني سنوات.
أما الابن الثاني للحاج المفرج عنه، فهو رضا الذي اعتقلته المباحث العامة من مقر عمله في 19 يونيو 2014، من دون مذكرة اعتقال أو حتى أسباب، وتتعمد تممارسة صنوف الانتهاكات بحقه بحكم سجن صادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة المعنية بقضايا الإرهاب، لمدة 12 عاماً ومنعه من السفر مدة مماثلة، ولأن العائلة تعاني العمليات الانتقامية من دورها الاجتماعي، فإن السلطة تستهدف ابن ثالث اسمه جواد، وتطارده من أجل اعتقاله انتقاما من دوره ونشاطه السلمي في الحراك المطلبي للقطيف. الحراك الذي قدّم خلال اللحاج عبدالله، ابنه الناشط علي شهيداً، ارتقى برصاص قوات الأمن التي حاولت وأد الحراك السلمي.
يجزم المصدر الأهلي، بأن واقع حال عائلة آل قريريص ينسحب على كثير من العائلات المستهدفة في القطيف، وينذر واقع الصورة التي خرج بها الحاج عبدالله بواقع مأساوي تصدّره ويلات السجون سيئة السمعة في البلاد، وتخطه على أجساد المعتقلين. معتقلون يحدق بهم خطر الموت نتيجة مقصلة الإعدام والإمعان بالإهمال الطبي المتعمّد انتقاما من الكلمة والصوت والرأي الذي لا شك أنه يؤرق راحى النظام السعودي، الذي يصمّ آذانه عن الدعوات والمطالبات الحقوقية للكف عن تلوين سجله بالخطوط السوداء.
العهد الاخباري/سناء إبراهيم