يريدُ لنا الجنة

‏موقع أنصار الله || مقالات || صفاء فايع

منذ إطلالة الشهر الكريم علينا وفي عام ربما سيسمى عام النكبات والمصائب، حيث وفيه اجتاح العالمَ مرض عضال، لم تسلم منه دولة، والتي كان آخرها اليمن، حيث أنه سيحصد الكثير من الأرواح، والنيل من الاقتصاد، والتسبب في شللٍ إن لم يكن كلياً فنصفيٌّ أَو جزئي من حركة الحياة، يطل علينا السيد القائد بمحاضراته الرمضانية التي تشفي السقيم، وتغسل الران من القلوب، وتطهر الدرن من النفوس، بمثابة معقمٍ قوي الفعالية قادر على قتل فيروس أفتك من كوفيد 19، كيف لا؟! ومن لم يتعظ فمصيره ليس الموت وإنما جهنم الخلد أُعدت للمعرضين.

كانت رياح البداية في قارب الرحلة الرمضانية باتّجاه النار، وما أُعد فيها للمجرمين، والفاسدين، والضالين، والظالمين، حتى بلغت القلوب الحناجر واشتد الناس إلى معرفة سُبل الخلاص والعتق، والبحث عن مصادر الهداية والتقوى والنجاة، فأشرع قارب الحديث إلى الصراط المستقيم، متنقلاً بين المعاملات، والمظالم، والمسؤوليات، وما هي مكامن الخلل، وأوكار حصد الحسنات ونيل السيئات، إلى أن وصل إلى ما كنا نظنه أصغر الذنوب وماكنا نعتقد أننا غير ملامين فيه، فشعرنا حينها بفرط تقصيرنا وعظيم جُرمنا بذنوبٍ ظنناها صغيرةً فكانت عند الله عظيمةً، وليس الأمر هكذا فحسب، بل أصبح كُـلُّ مهتم بمحاضرات السيد القائد يغبطه على ما تحمله نفسه من زكاء، وطهر، وتقوى، وإيمان، وورع، وحكمة، وخلاص من المعاصي، واستشعار للمسؤولية، ليشعر حينها أين هو وأين قائده الحكيم..

يسير قارب الحديث الذي يحمل النجاة والثبات في مجراه مستقيماً، ويرى الكثير أنفسهم بين السطور، ومن المفترض ومما لا ينبغي سواه أن يكون كُـلّ من ينتمي إلى المسيرة القرآنية وإلى القائد الحكيم، قد حدّد موقعه من الإعراب بين كُـلّ تلك الأنواع من الناس التي ذكرتها المحاضرات الليلية، وأن تكون حالةُ التقوى قد وصلت إلى شرايين الأعماق، فيحاول كُـلّ فرد تغيير نفسه وتدارك سيئاته بقدر ما يستطيع، فيتخلص من الذنوب وتبعاتها، لكن من العجيب حقاً أن هناك من لا يزال يصر على ظلمه لنفسه رغم توضيح القائد لخطورة ذلك، وذلك بالأنفة والكبر والغرور وعدم الاعتراف بالذنوب ورد المظالم إلى أهلها، ومن المؤسف أن يظن ذلك أنه ينتمي إلى مسيرة قرآنية عظيمة تهتم بأصغر المظالم وما يظنه الأغلب توافه الذنوب، حيث لا ذنب تافهاً فيها، فهي مسيرة الجنة.

يتربص الموت ويفتك بالكبار والصغار في هذه الأيّام بما كسبت أيدي الناس، وبما كسبوا من مظالم وفساد، فقد أصبح سهلاً جِـدًّا تلقينه من قبل البعض لبعضهم الآخر، وقد لا تكون للأقدار الإلهية دخل هنا، فقد بات يأتي الموت على شكل قذيفة أَو قنبلة أَو مُنتج مُصنَّع، أَو سلعة مستوردة، أَو فيروس جديد، أَو مُهجّن، ولا يعرف أحد متى ستكون ساعته، وبأي طريقة سيكون صعوده إلى ربه!!

ولا يزال البعض للأسف يظنون أنهم مخلّدون، أَو أن مصيرهم الجنة لا شك، حيث لا خوف، ولا خلاص، ولا تذلل، ولا رهبة، ولا رحمة لأنفسهم من النار، لحتى ظننت أن السيد القائد يريد لنا الجنة، لن أقول (هم) هنا بالإشارة إلى البعض، وإنما سأشمل نفسي وأقول نحن، فالجميع غير مستثنى من الذنوب.

نعم، نحن هنا نسعى بأيدينا وأرجلنا إلى النار، وهذه حقيقة لا نريد سماعها أَو التفكير فيها جميعاً، ولكن، من لم يستشعر الخطورة فمن المؤكّـد أن كُـلّ أعماله محبطة، وأنه سيكون ذلك اليوم أكبرَ الخاسرين، فلا نفوت الفرصة في هذا الشهر الكريم في التخلص من الذنوب ورد المظالم والتزود من المحاضرات بالعمل الذي يوصلنا بإذن الله إلى حالة التقوى والفوز العظيم.

قد يعجبك ايضا