التطبيع جواً؛ الإمارات أول الواصلين

|| صحافة ||

لا حدود للتطبيع بين بعض الدول الخليجية والكيان الاسرائيلي بعد اليوم، ففي الأمس كانت هذه الدول تحوم حول فكرة “التطبيع” قبل الولوج اليها بشكل مباشر على مبدأ “جس النبض”، ونظرا للصمت العربي تجاه اي خطوة مجحفة تقوم بها “اسرائيل” بحق الفلسطينيين وجدت الامارات أن الفرصة مواتية لتكون الدولة الخليجية السباقة للتطبيع، لترسل على اثر ذلك أول طائرة تجارية إماراتية بشكل علني الى مطار بن غوريون في تل أبيب، مساء 19 أيار/مايو، تمهيدا لفتح خط جوي مباشر مع كيان العدو، يتم من خلاله نقل البضائع والسياح والركاب وصولا الى ان تحمل هذه الطائرات مسؤولين اماراتيين الى “اسرائيل” وهذا الامر ليس مستبعدا لطالما ان الامارات استقبلت كبار المسؤولين الاسرائيليين على اراضيها.

الطائرة التي حطت رحالها في مطار بن غوريون، قيل انها لم تحمل على متنها ركاب، وانما “مساعدات طبية للفلسطينيين من أجل دعمهم في مواجهة فيروس كورونا”، ولكن هنا يجب ان نتحدث عن نقطتين مهمتين:

الأولى: اذا كانت الامارات تريد حقا مساعدة الفلسطينيين لماذا لم ترسل لهم المساعدات عبر دولة عربية، خاصة وان هذا الامر ممكن من خلال مصر والاردن، وعلاقتها مع كلا الدولتين جيدة وليس هناك اي خلاف مباشر.

الثانية: ان السلطة الفلسطينية ليس لديها اي اطلاع مسبق عن هذه المساعدات، حيث رفضت السلطة الفلسطينية استلام مساعدات إماراتية بدون التنسيق معها، واعتبرت السلطة الفلسطينية هذه الطريقة قناة للتطبيع مع إسرائيل.

وقال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد اشتية، الخميس، إن الإمارات لم تُنسق مع أي جهة فلسطينية رسمية، بشأن المساعدات الطبية التي أرسلتها عبر مطار إسرائيلي.

وأضاف اشتية، في مؤتمر صحفي عقده بمكتبه، عقب لقاء سفراء من دول الاتحاد الأوروبي، “لا علم لنا بالموضوع، ولم يتم التنسيق معنا، ولا مع سفيرنا في الإمارات”.

ومضى: “سمعنا في وسائل الإعلام عن طائرة مساعدات من الإمارات حطت في إسرائيل، لم ينسق معنا ولم يتصل بنا أحد”.

وفي وقت سابق، قالت زير الصحة الفلسطينية، مي كيلة، إن بلادها ترفض استقبال المساعدات الطبية المقدمة من الإمارات.

اذا ارسال المساعدات عبر مطار اسرائيلي مقصودة وليست عفوية، خاصة وان الامارات اقدمت على خطة تطبيعية قبل مدة عندما اتفقت السلطات الإماراتية مع الحكومة الإسرائيلية على إجلاء عدد من الإسرائيليين العالقين في المغرب، بحسب إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، مبيّنةً أن الرباط رفضت الأمر بعدما شعرت بالإهانة لتنسيق البلدين من دون أخذ رأيها.

وكانت مصادر مغربية قد ربطت تدهور العلاقات بين السلطة في المغرب والإمارات بفشل الجهود الإماراتية لإعادة العالقين الإسرائيليين.

وطوال الأيام الأخيرة، ترددت مزاعم بشأن إجلاء 26 إسرائيلياً من الرباط، وإعادتهم إلى تل أبيب عبر باريس، على متن “طائرة إماراتية فخمة”، في ظل تكهنات بأنها مملوكة لأحد أفراد الأسرة الحاكمة في البلد الخليجي الثري. جاء ذلك عقب تداول مقطع مصور لعدد من الإسرائيليين على متن الطائرة.

وكانت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية قد ذكرت قبل أيام أن الخطوط الجوية الإماراتية نقلت عددا من الإسرائيليين العالقين في المغرب إلى تل أبيب بطلب من الجانب الإسرائيلي.

في المقابل، احتفى الإسرائيليون بالرحلة الإماراتية، وأعرب حساب السفارة الافتراضية لإسرائيل في الخليج الفارسي عن أمله في أن تكون الرحلة “فاتحة خير مبشرة بتدشين رحلات تحمل سياحاً إلى إسرائيل”.

وبرغم عدم وجود علاقات رسمية معلنة بين البلدين، فإن البلد الخليجي أثار الجدل مراراً على مدار السنوات الماضية بشأن مؤشرات تحسن العلاقات مع إسرائيل.

وكانت أبوظبي قد سمحت لرياضيين ومسؤولين إسرائيليين بدخول أراضيها للمشاركة في فعاليات دولية ومؤتمرات. ومن المقرر أن تشارك إسرائيل بجناح خاص في معرض “إكسبو دبي” الذي أُجّل إلى العام المقبل بسبب أزمة كورونا. وكان يوصف بـ”أبرز مظاهر التطبيع” مع الدول الخليجية.

في الختام؛ التطبيع الذي تقدم عليه الامارات سيكون على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية، وسيمثل طعنة في الظهر لقضايا الامة، وارتهانا للمشروع الامريكي_الصهيوني، خاصة وان التطبيع يتوائم مع خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية،

ووصف قائد الثورة الاسلامية سماحة السيد علي خامنئي الخطوة الإماراتية بأنها خيانة للفلسطينيين.

وكتب سماحته في تغريدة على “تويتر” : ارتكبت بعض دول الخليج الفارسي أكبر خيانة ضد تاريخها وضد تاريخ العالم العربي. لقد خانت فلسطين من خلال دعمها لإسرائيل. هل ستقبل هذه الأمم بخيانة قادتها؟

النقطة الثانية ان ما قامت به الامارات يعد تجاهلا متعمدا للاردن، حيث كان بإمكانها ارسال المساعدات للفلسطينيين عبر الاردن، كما فعلت منظمة الصحة العالمية، وليس عبر دولة الاحتلال.

التجاهل الاماراتي للاردن يعطي جرعة قوة للاسرائيليين الذين يقبلون على ضم غور الاردن، بما يخالف جميع القرارات الدولية، الامر الذي يهدد بحل الدولتين واتفاقيات السلام مع الاردنيين والفلسطينيين ويمهد لبدء انتفاضة جديدة قد تنطلق من الاردن، من يدري لننتظر ونرى.

 

الوقت التحليلي

 

قد يعجبك ايضا