عامٌ من العُـدْوَان على المنظومة الصحية على بلادنا.. أكثر من 250 منشأةً ومركزاً صحياً تعرضت للقصف بما في ذلك مراكز تابعة لأطباء بلا حدود واستشهاد ما يقارب 80 كادراً طبياً

موقع أنصار الله || صحافة محلية _ صدى المسيرة _ زكريا الشرعبي ||
– سعر الأدوية ارتفع بنسبة 300% وخدمات التحصين توقّفت في بعض المحافظات بشكل كلي.
 
لا جريمةٌ من الجرائم التي تقشعِرُّ منها الأبدانُ وتحرّمُها الشرائعُ السماوية والأرضية إلا وارتكبها العُـدْوَان الأمريكي السعودي في اليمن، فلم يكتفِ بسفك الدماء وتدمير البنية التحتية التعليمية والحضارية وتدمير طرُق المواصلات وشبكات المياه ولا بالحصار الخانق المفروض؛ ليعزز هذا باستهداف القطاع الصحي والمستشفيات.
 
أكثر من (250) مرفقا صحياً، منها مستشفيات رئيسية وأخرى فرعية ومراكز طوارئ وعيادات عامة، حصيلة أولية صادرة عن المركز القانوني اليمني لما تم تدميره من قبل العُـدْوَان الأمريكي السعودي خلال عام.
 
المنظومة الصحية اليمنية انهارت بنسبة 70%، بحسب تقرير وزارة الصحة، والمستشفيات التي لم يقصفها العُـدْوَان لم تستطع الصمود بسبب الحصار من الأدوية والمخاوف من القصف فأغلقت خصوصاً في محافظتي صعدة وحجة ومحافظة تعز.
 
صعدة.. محافظة خالية من المرافق الصحية
 
محافظة صعدة التي تم الإعلان عنها منطقة منكوبةً في الأشهر الأول من العُـدْوَان جراء القصف المتواصل عليها من قبل طيران العدو لا يجدُ الناس ولو عيادةً صغيرةً ليتعالجوا فيها أو يسعفوا ضحاياهم الذين سقطوا بفعل غارات الطيران المحلقة المستمرة فوق محافظهم منذ عام كامل دون توقف حتى لساعة واحدة.
 
في هذه المحافظة قصف العُـدْوَان (39) مركزاً صحياً، وهذا الرقم هو عدد المراكز الصحية في المحافظة، ومن ضمن هذه المراكز مستشفى حيدان.
 
وتم تدمير المستشفى في أكتوبر العام الماضي في حيدان بأكثر من غارة وهو مكتظ بالمرضى والعاملين، الضربة الأولى وقعت في الجناح الأيسر للمبنى فخرج جميع المرضى والعاملين بالمستشفى ثم أسقط الطيران خمس قنابل أخرى على المستشفى، منها قنبلتان لم تنفجرا وبقيتا داخل المبنى، وثلاث دمرت حجرة الطوارئ بالكامل وأقسام المرضى المقيمين والمعمل الطبي وجناح الولادة، وأضرّت كثيراً بما تبقى من جدران المبنى.
 
مستشفى حيدان هو آخرُ المستشفيات الحكومية في محافظة صعدة ولم يتبق في المحافظة سوى مركز تابع لمنظمة أطباء بلا حدود في دائرة نصف قطرها 80 كيلومتراً ورغم أن هذا المركز يحمل شعار المنظمة وتم إشعار قيادة العُـدْوَان به إلا أنه هو الآخر لم يسلم من همجية الطيران وتم قصفه أيضاً.
 
وقصفُ طيران العُـدْوَان لم يقتصر على المستشفيات والمراكز الصحية فحسب، فحتى مصنع الأوكسجين الوحيد في هذه المحافظة تم تدميره كلياً وكذا تدمير مكتب الصحة والمعهد الصحي، ليكون العُـدْوَان بهذا قد دمّر جميع عناصر المنظومة الصحية في محافظة صعدة وأخرجها تماماً عن الخدمة فحرم ضحايا العُـدْوَان من خدمات الإسعاف وإنقاذ الحياة، وهذا ما أدى إلى تزايد الوفيات بمعدلات عالية في أوساط المصابين.
 
إضافة إلى هذا حرمت المحافظة من خدمات التحصين وأدى حرمانها إلى ظهور حالات إصابة بالحصبة بمعدلات غير مسبوقة، حيث بلغ ما أمكن تسجيله أكثر من (500) حالة، بحسب صحيفة الثورة والائتلاف المدني لرصد جرائم العُـدْوَان.
 
تعز.. مرتزقة العُـدْوَان يحولون المستشفيات إلى ثكنات عسكرية
 
محافظة تعز هي الأخرى حيث يعسكر مرتزقة العُـدْوَان وسط هذه المدينة وإلى جانب مستشفاياتها، بما في ذلك المستشفيات الرئيسية الثورة والجمهوري والعسكري، وأدّت عسكرتهم في هذه المستشفيات إلى تعطل خدماتها تماماً، هذا بالإضافة إلى عشرات العيادات والمستشفيات الخاصة، وبات على أبناء مدينة تعز أن يقطعوا المسافات الطويلة إلى حدود محافظة إب لكي يسعفوا ضحاياهم أو يتعالجوا من أمراضهم.
 
لا راحم لملائكة الرحمة
 
ملائكةُ الرحمة لم يسلموا أيضاً من هذه الهستيريا ولم يُغْـنِ شرف المهنة عن أكثر من80 طبيباً استشهدوا و212 آخر جُرحوا بفعل غارات هذا العُـدْوَان، حسب ما أشارت إليه معلومات صادرة عن المركز القانوني.
 
كذلك عشراتٌ من سيارات الإسعاف وعشرات من كوادر الإسعاف استهدفوا ومراكز نقل دم ومراكز للغسيل ومراكز رعاية ومخازن تموين دوائي غير مصنع بيوفارم الذي تم قصفه مطلع هذا العام.
 
كارثة دوائية
 
استهدافُ المراكز الصحية والحصار المستمرّ على البلد من جميع الأشياء بما فيها الأدوية ينذرُ بكارثة صحية ستكون السيطرة عليها خارج القدرات الصحية المتبقية لليمن بشكل كامل، حيث كانت وزارة الصحة قد أعلنت أن 25 ألفَ حالة سرطان و6 آلاف حالة فشل كلوي و43 ألف حالة مرض السكري يقفون جميعاً على عتبات الموت؛ بسبب الحصار الذي يفرضه على البلد حائلاً بينهم وبين الأدوية أسبابهم الأخيرة للحياة، فقد تسبب هذا العُـدْوَان بإجبار عدد من مصانع الأدوية في اليمن على التوقف بالتزامن مع غياب الأدوية المستوردة، الأمر الذي يجعل اليمن على شفا كارثة صحية.
 
وَأعلنت الوزارة عن انعدام 200 صنفٍ من أصناف الأدوية من السوق المحلي منها أدوية ضرورية خاصة بالسرطان والكلى والسكري، وقد أتت استغاثة الوزارة بعد أن كانت قدمت بلاغاً إلى المنظمات الدولية، أن المستشفيات الكبرى ستكون قريباً غير قادرة تماماً على تقديم الخدمات الإنْسَـانية والطوارئ أو تنفيذ عمليات وتوفير الرعاية المركزة للمرضى المحتاجين.
وقالت الوزارة إن البرامجَ المنقذة للحياة والحماية الصحية قد تنهار تدريجياً؛ بسبب نقص الأدوية للأمراض المزمنة.
 
كذلك أعلنت الهيئة العامة للأدوية أن 20 نوعاً من أنواع الأدوية المنقذة للحياة من ضمنها أدوية أمراض (الكلى، التهاب الكبد، أمراض القلب وأدوية كيميائية للمصابين بالسرطان، السكري، شلل الأطفال، وأدوية الأطفال الذين يعانون من متلازمة التنفس) بجانب أدوية الأطفال الذين يعانون نشاطا زائداً، لم تعد موجودة إضافة إلى ندرة في المحاليل الوريدية.
هذا ويوجد في اليمن 7 مصانع للأدوية أبرزها شركة سبأ فارما والشركة اليمنية المصرية للأدوية، وكذلك مصنع بيوفارما المصنع الوحيد للحقن الأمبول والشركة الدوائية الحديثة، ويقتصر إنتاجها على أدوية المسكنات فقط، ومع هذا فقد توقّف معظمها عن الانتاج؛ بسبب عدم القدرة على استيراد الموادّ الخامة؛ بسبب الحصار، وبحسب الهيئة العامة للأدوية، فقد كانت هذه المصانع تغطّي 15 % من حاجة السوق المحلي، وقد انخفضت في بداية العُـدْوَان إلى 5%، ومع استهداف العُـدْوَان لمصنع بيوفارم فقد انخفضت إلى أقل من هذه النسبة، وهذا ما رفع سعرَ الأدوية المتبقية إلى ما يقارب 300% بحسب عددٍ من مدراء الصيدليات.
قد يعجبك ايضا