القــاعدة وداعـــش فــي اليمــن.. شركاء تحالف العدوان في مشروع الاحتلال

|| صحافة ||

تلقتا دعماً أمريكياً وقاتلتا جنباً إلى جنب في صفوف المرتزقة في مختلف الجبهات

صحف وشبكات إعلامية دولية تكشف في تحقيقات استقصائية دعم السعودية والإمارات للقاعدة وداعش

مثَّلت البيضاء منطقة استراتيجية للتنظيمات تساعدها على التنقل بين عدد من المحافظات بسهولة

نقلت السعودية والإمارات أسلحة أمريكية إلى القاعدة ومليشيات متشددة لدفعها للقتال ضد أنصار الله

قوات المرتزقة قاتلت خلال إحدى المعارك الكبرى في تعز على نفس الجبهة مع مسلحين موالين لتنظيم القاعدة

 

شركاء في الخفاء، أعداء أمام الشاشات، لعل ذلك أصدق توصيف لحال العلاقة بين أطراف العدوان على اليمن بدءاً بالولايات المتحدة ومروراً بتحالف الأعراب وليس انتهاء بالجماعات التكفيرية على الأرض، إذ لطالما جمعتهم المؤامرات وحركتهم اليد العليا، وإن كان التكفيريون وشرعية الارتزاق مجرد أدوات يجمعهم الدمار ويفرقهم المال إلا أنهم أثبتوا ولاءهم لأمريكا في حربها على اليمن وكانوا لها طائعين.

 ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تنسج الخطط واحدة تلو الأخرى في مشروعها التوسعي، خاصة في المناطق الغنية بالثروات الطبيعية وتلك التي يمكن أن تمثل لها مركزاً للسيطرة العسكرية على مزيد من الدول، وكالعادة كان اليمن واحداً من أهم البلدان التي أرادت أمريكا احتلاله منذ مطلع القرن الجاري، وحتى قبل حادثة 11 سبتمبر 2001م (تفجير مباني التجارة العالمية)، فاتخذت من تنظيم القاعدة ذريعة للتواجد العسكري على الأرض، واستطاعت من خلال الضغوطات التي مارستها على النظام الحاكم -آنذاك- فرض سيطرتها على البلد وانتهاك السيادة اليمنية وتنفيذ هجمات عسكرية على عدة قرى في عدد من المحافظات كان ضحاياها في الغالب مواطنين أبرياء.

 الحرب على الإرهاب

 كانت البداية في الـ 12 من أكتوبر 2000م، عندما استهدف قارب صغير المدمّرة العسكرية الأمريكية البحرية (يو إس إس كول) في ميناء عدن، لتسفر الحادثة عن مقتل 17 ملّاحاً أمريكياً وإصابة 39 آخرين، ليعقبه بيوم واحد فقط انفجار داخل أسوار السفارة البريطانية في صنعاء، ومن ثم يخرج تنظيم القاعدة متبنياً الهجمتين، فتسارع أمريكا لإعلان ما تسميه «الحرب على الإرهاب» بعد تسخير عمل الآلات الإعلامية الدولية كافة لتهيئة المجتمع من أجل القبول بالتواجد الأمريكي.

بعد قيام ثورة فبراير 2011م، أعلن السفير الأمريكي السابق جيرالد فايرستاين منتصف سبتمبر 2012م وصول مجموعة وصفها بالصغيرة من قوات المارينز الأمريكية، إلى صنعاء بناء على مباحثات تمت مع الحكومة اليمنية (حينها كان المنتهية ولايته عبدربه هادي رئيساً لليمن)، مضيفاً في بيانه إن “مهمة تلك القوات ستكون المساعدة في جهود الأمن وإعادة الوضع إلى طبيعته في سفارة الولايات المتحدة بصنعاء”، وقتذاك كشفت صحيفة “الشارع” اليمنية أن نحو 1500 أمريكي تمّ إرسالهم إلى قاعدة العند العسكرية، وأن 200 آخرين أُرسلوا إلى قاعدة الديلمي الجوّية في صنعاء وفي ما بعد أصبحت القاعدتان تضمان 5800 عسكري أمريكي.

 غرفة عمليات مشتركة

  على مدى سنوات التواجد الأمريكي في اليمن استمرت القوّات الخاصة الأمريكية بالمرابطة في قاعدة العند كما أُقيمت في اليمن محطّتان قادرتان على تحليل المعلومات المستقبلة وتوجيه ضربات الطائرات بدون طيار، إحداهما داخل مبنى السفارة الأمريكية ذاتها، والأخرى في مبنى سرّي في صنعاء، أكد تلك المعلومات تصريح الفار هادي في العام 2013م والذي تحدث فيه عن «وجود غرفة عمليات مشتركة في صنعاء لمحاربة القاعدة تديرها أربع دول».

واستطاعت القوات الأمريكية اختراق جهاز الأمن القومي اليمني ووزارتي الدفاع والداخلية خلال الفترة التي عمل فيها مسؤولون في تلك الأجهزة مع القوات الأمريكية في وحدات إقرار تنفيذ الضربات الجوية بواسطة طائرات «بريداتور»، وهذا ما أدى في الأخير إلى وصول تنظيم القاعدة إلى صنعاء برعاية أمريكية وتواطؤ يمني من نظام هادي، وكانت نتيجته كارثية في تفجيرات مجمع وزارة الدفاع (العرضي) والأمن المركزي وكلية الشرطة، واستطاعت القاعدة الاستيلاء على أبين وبعض القرى في لحج وحضرموت وشبوة، كما قامت بذبح العديد من الجنود اليمنيين.

 

21 سبتمبر

كانت ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م بمثابة كابوس قضّ مضجع الاحتلال الذي لجأ إلى سحب قواته من صنعاء والعند، لكنه اتخذ وسائل أخرى لتدمير اليمن وقتل الشعب اليمني، كان أهمها العدوان الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية والإمارات، وبموازاة ذلك عززت السعودية والإمارات من دعم الجماعات الإرهابية وسط اليمن بغية إيصالها من جديد إلى صنعاء، خاصة بعد بتر يدها عقب حادثة تفجير جامعي الحشحوش وبدر في أمانة العاصمة.

وكانت الجماعات الإرهابية قد اتخذت من محافظة البيضاء نقطة انطلاق جديدة للتوسع في اليمن باعتبارها منطقة استراتيجية تتوسط عدداً من المحافظات، الأمر الذي سيساعدها في التمدد على نطاق واسع، إضافة إلى ما ستمنحها هذه الميزة من قدرة على التحرك بين الإمارات والولايات التي تريد إنشاءها، ليس لإقامة دولة إسلامية كما يروجون له، بل لاستباحة أراضيها وارتكاب أبشع الجرائم وممارسة الانتهاكات بحق الساكنين وتحويل الشباب إلى مشاريع انتحارية ضد أبناء الوطن باسم الدين، بغرض تشويهه.

 مشاركات واسعة

منذ إعلان العدوان على اليمن في مارس 2015م، كان للتنظيمات الإرهابية مشاركات واسعة مع ما تسمى بقوات الشرعية (المرتزقة) في أكثر من جبهة، وفي هذا الجانب اطلعت «الثورة» على وثائق سرية تثبت مشاركة قيادات من تنظيمي القاعدة وداعش مع قوات تحالف العدوان في كل من مارب والبيضاء وعدد من الجبهات التي ظلت تتلقى دعماً عسكرياً ومالياً طيلة الخمس سنوات الماضية، ليس من قبل تحالف العدوان فحسب، بل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، عن طريق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد)، والدعم الاستخباراتي والتنسيق الأمني والتواصل بين قيادات الجماعات على المستوى العربي.

واستمر تنظيما القاعدة وداعش في إنشاء المعسكرات في محافظة البيضاء، وتلقي الدعم الأجنبي، وحظيا باهتمام واسع من قبل الحلفاء، وقد أجرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية تحقيقاً استقصائياً في العام 2019م، يكشف أن الأسلحة الأمريكية التي تبيعها واشنطن لتحالف العدوان وصلت إلى أيادي التنظيمات الإرهابية وسط وجنوب اليمن وهي عناصر موالية لدول العدوان، بحسب التحقيق الذي استند إلى أدلة تؤكد أن العتاد العسكري الذي باعته واشنطن للسعودية والإمارات تم توزيعه على الجماعات الموالية لتحالف العدوان، ولفت التحقيق إلى أن السعودية وحلفاءها نقلوا أسلحة أمريكية الصنع إلى القاعدة ومليشيات متشددة في اليمن لدفعها للقتال معها ضد «أنصار الله».

 

خطوط أمامية مشتركة

كما كشف تحقيق القناة الأمريكية أن «الكثير من الأسلحة البريطانية والأمريكية وجدت طريقها إلى المجموعات الموالية للسعودية والإمارات في اليمن، وإلى مجموعات منشقة لدى بعضها علاقات مع تنظيمي القاعدة وداعش»، فيما كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية في تحقيق لها أن السعودية والإمارات تسببتا بوصول بعض الأسلحة المتطورة التي تم شراؤها من الشركات الأوروبية والأمريكية مثل العربات المدرعة ومنصات الصواريخ والعبوات الناسفة والبنادق المتطورة إلى جماعات مسلحة في اليمن تنتمي أو ترتبط بالتنظيمات الإرهابية، بينما تحدثت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية في أغسطس من العام 2019م، بالاستناد إلى وثائق سرية، عن عقد السعودية والإمارات اتفاقات سرية مع تنظيم القاعدة في اليمن، تمثلت في دفع السعودية أموالاً للتنظيم الإرهابي مقابل انسحاب مقاتليه من بعض المناطق في اليمن.

وفي فبراير 2016م، قالت شبكة «بي بي سي» البريطانية، إن فريق التحقيق الوثائقي لديها حصل على أدلة تفيد بأن قوات من التحالف الذي تقوده السعودية على اليمن قاتلت خلال إحدى المعارك الكبرى على نفس الجبهة مع مسلحين موالين لتنظيم القاعدة ضد أنصار الله، مشيرة إلى أن المعلومات التي حصلت عليها جاءت بعد زيارة الفريق للخطوط الأمامية قرب مدينة تعز حيث توجد قوات من الإمارات والسودان ومسلحين تابعين لتنظيم القاعدة يقاتلون ضد الجيش واللجان الشعبية.

 عملية البيضاء

مؤخراً كشفت القوات المسلحة أن العملية الواسعة التي نفذها الجيش واللجان الشعبية في البيضاء استهدفت أكبر وكر وأهم معقل للتكفيريين (القاعدة وداعش) بعد أن دفعت بهم دول العدوان كآخر ورقة لها في عدوانها على اليمن، وبعد فشلها خلال ست سنوات من تحقيق أي انتصار يذكر أمام الجيش واللجان، وقال العميد يحيى سريع المتحدث الرسمي للقوات المسلحة، إن العملية «انتهت بتحرير مساحة تقدر بألف كيلو متر مربع كانت خاضعة لعناصر ما يسمى بالقاعدة وداعش وأقيمت فيها معسكرات عدة لتلك العناصر»، لافتا إلى أن «عدد المعسكرات التي اقتحمتها قواتنا واستولت عليها 14 معسكراً منها ستة معسكرات تابعة لما يسمى داعش وأخرى تابعة لما يسمى بالقاعدة».

استخدمت تلك المعسكرات للتدريب وكان جزء منها يحتوي على ورش تصنيع أحزمة ناسفة وعبوات متفجرة -بحسب سريع- الذي قال إن العملية أدت إلى سقوط ما لا يقل عن 250 من تلك العناصر ما بين أسير وقتيل ومصاب، من بينهم عناصر من جنسيات عربية وأجنبية وقيادات متورطة في التخطيط لعمليات باليمن ودول عربية وأجنبية، إلى جانب خمسة من قيادات داعش أبرزهم زعيم التنظيم والمسؤول الأمني والمسؤول المالي».

في الجزء الثاني من التحقيق تستعرض «الثورة» مشاركة تنظيم القاعدة وداعش مع قوات المرتزقة في جبهات متعددة وأبرز قيادات الجماعات ومناطق تواجدها.

 صحيفة الثورة

قد يعجبك ايضا