21 سبتمبر
موقع أنصار الله || مقالات || د. محمد البحيصي *
في هذا اليومِ تجلّت الإرادَةُ اليمنيّة.. وأشرقت شمسُ صنعاءَ بعد طولِ غياب.. وسجَدَ نُقم وعيبان شكراً لناصرِ المستضعَفين..
وتدفّقت سيولُ الشعب الهادرة لتصُبَّ في بحرِ الجُمُوعِ الهاتِفةِ، مؤذنةً بقادمٍ خَصْبٍ تستعيدُ فيه الأرضُ اليمنيةُ بركتَها وتُرجِعُ للإنسان اليمني هُويَّتَه الإيْمَـانيةَ التي سعى الفاسدون لطمسها..
في هذا اليوم، اجتمع شملُ اليمني على تاريخه وحضارته وروحه.. وانقشعت الحُجُبُ التي نصبها أعداءُ الحقيقة ومارسوا خلفَها دورَ الشيطان..
في هذا اليوم، أذّن مؤذِّنٌ مستعيداً ذلك القولَ الأُنشودةَ:
لن ترى الدُّنيا على أرضي وصيّا..
فلاذت خفافيشُ الكهنة وأفاعي السّحرة مخافةَ أن تلتقمَها عصا الشعبِ بعد أن بَطَلَ سحرُها وبات كيدُها في ضلال..
وجاء الثوّارُ ومعهم الأجوبةُ التي أفرزتها عصورُ الخنوع للظَّلمة والاستسلام للأجنبي المعادي والتي بقيت بلا أجوبةٍ صحيحةٍ ومقنِعةٍ؛ بفعلِ التزييف والقهر والاستبداد..
حتّى جاء الرّجالُ الذين عاشوا حركةَ العقل بالفكر المتجدِّدِ المنفتِح.. وعاشوا حركةَ الجسم بالعبادة والجهاد.
وعاشوا حركةَ المجتمع بالحراك الثوري..
جاء هؤلاءِ على رأس الجماهير وكلُّهم استعدادٌ من خلال ثقافتِهم القرآنية ومظلوميتهم وتجربتهم لدفعِ ثمن التغيير الذي حَلُمَ به اليمنيون بعدَ أن باعَدَ المفسدون بينهم وبين أسفارهم..
جاء الثوّارُ وقد أخذوا على عاتقهم الجهادَ؛ لأجل القضاء على الطاغوت السياسي الحاكم وزُمرة الفساد التي خرّبت على النّاس حياتَهم.. وبذلوا في سبيل ذلك أنفسَهم وأموالَهم وأبناءَهم.. دماً ودُمُوعاً وسجناً وتهجيراً وتنكيلاً وآلاماً لا يحتملُها إلَّا من امتحن اللهُ قلبَه للتقوى..
بالثقافة القرآنيّة الواعية الجادّة.. والحركة الجادّة الهادفة.. والعمل الجاد الذي يدُلُّ على صدقِ كُـلِّ ذلك..
وكل ذلك في إطارٍ أخلاقي رحماني متّصل برسولِ صلّى اللهُ عليه وآله وبالصادقين، وُصُـولاً إلى باعِثِ المسيرة القرآنية في اليمن، وأعني الشهيدَ القائدَ السيد حسين بدر الدين الحوثي وخَلَفَه الأمينَ السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائدَ الثورة.. حيث ثبت الرجال على ولايتهم دونَ تردُّد ولا تراجُع بعد أن خَبِرُوا سُمُوَّهم الأخلاقي والنفسي والمعرفي وصراحةَ الحق في فعلهم.. فمضَوا لا يبالون بحَــرِّ العذاب ولا يعبأون بمذاقِ الموت.. مما جعل أرواحَ وقلوبَ المؤمنين ترتبطُ بهم كما يرتبطُ ضياءُ الشمس بالشمس..
نعم.. هي الحكمةُ والعلمُ والتضحية ونُكرانُ الذات والتواضع والأدب والمحبّة ونُصرةُ الضعيف والعدالة والحرية واحترام الإنسان والإيثار والشجاعة والمروءة والفتوّة والعطاء..
وهذا كلُّه هو السندُ الذي أمدّ الثورةَ بكل هذا الحضور الذي يُشبِهُ المعجزة.. وأعطاها كُـلَّ هذا الالتفاف الجماهيري.. ومنحها كُـلَّ هذا الصمود والإبداع وبناء القوّة والقدرة على مواجهة العدوان وكسر أدواته.. والانتصار..
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
هذا يومُ قيام الشعب اليمني العزيز للّه..
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
* رئيسُ جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية