21 سبتمبر.. أُمُّ الثورات
موقع أنصار الله || مقالات || الشيخ مصلح علي أبو شعر
تحل علينا الذكرى السادسةُ لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، في ظل تصاعد الرغبة والإرادَة الشعبيّة نحو استكمال أهدافها وَالتحرّر والاستقلال والخَلاصِ لكل شبر من الأرض اليمنية من الوصاية والارتهان والعمالة.
إن قيمَ ومدلولات هذه الثورة تجاوزت توقيتَها المحوري والذي جاء كضرورة ملحةٍ لإنقاذ البلاد من شبح السقوط في وحل المخطّطات والمؤامرات التي كانت تحدقُ بها قُبيلَ اندلاع هذه الانتفاضة الشعبيّة، إلى ما هو أبعدُ من ذلك، ويتمثلُ بإخراج البلاد من حالةِ التبعيةِ والارتهانِ والفسادِ الجاثمِ عليها منذ أكثر من نصف قرن، وَتدشين فُرَصِ بناء الدولة على مختلف المسارات.
لقد مثّلت ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر عودةَ الروح إلى أوصال الجسد اليمني بعد أن عاثت فيه المؤامراتُ الخطيرة وَأقعدته وَشلت حريتَه وَسيادته واستلبت مقدراتِه وَقرارَه السياسي، وبعودة هذه الروح تمكّن اليمنيون من التعبير عن أنفسهم وَتاريخهم وَتطلعاتهم، بعد أن انزاح من على كاهلهم كُـلُّ المثبطات والأثقال التي كانت تحولُ دونَ استشراف آفاق العيش في وطنٍ خالٍ من الهيمنة والتبعية والوصاية الخارجية، منعدمٍ فيه الفساد والظلم والإقصاء والتهميش.
وأثبتت هذه الثورةُ المجيدة أن اليمنيين قادرون على أن يصبحوا قوةً مؤثرة وفاعلة في المنطقة والعالم، إذَا ما توفرت القيادة الحرة والشجاعة التي تعبر عن ضمير شعبها وَتتحَرّك من وحي آماله وَمواقفه، وَتلملم شتاته وَتوظف جهودَه نحو الهدف الجامع والأسمى الذي ينسجمُ مع إرثه وتاريخه وَقيمه وتوجّـهاته.
ورغم العدوانِ الوحشي والحصار المستمران منذ لحظة اندلاع ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر بغرض شلها وتقويضها وَإطفاء شعلتها، إلَّا أن الإرادَة الشعبيّة وَصدقَ وحكمة القيادة الثورية مثلتا مفاعيلَ المقاومة والصمود في وجه هذا الاستهداف الذي تقفُ وراءه قوى الاستعمار والهيمنة العالمية وأدواتها في المنطقة، كمعاقبة لهذا الشعب على تطلعاته باستقلال قراره السياسي وَإدارة شؤونه بنفسه دون تدخلات إقليمية ودولية
ولأَنَّها ثورةُ شعب، فقد هبَّت جميعُ مكوناته للدفاع عنها، وبذلت التضحياتِ الكبيرةَ والجسيمةَ في سبيل التصدي لهذا العدوان، والانتصار لكل الثورات التحرّرية السابقة التي صادرت أهدافَها وَحرفت مساراتها؛ بفعل التدخلات السافرة في شؤوننا الداخلية، فاستحقت أن تكونَ أُمَّ الثورات.
وبقدر ما حملت هذه الثورةُ من معانٍ عظيمة في التحرّر من الوصاية وَاستقلال القرار، فقد جاءت لتهيئةِ مناخ جديد ليمن يسودُ فيه التسامحُ والتعايشُ وإرساءُ قيم العمل المشترك لبناء يمنٍ جديد خالٍ من الفساد والاستبداد والظلم والإرهاب ومن الهيمنة الخارجية، ويشترك في بنائه وينعمُ بخيراته كُـلُّ أبنائه.