الرسائل الإيمانية للحشود اليمانية: رد يماني على الإساءات
موقع أنصار الله || مقالات || توفيق الشرعبي
أصدق قول يلخص تلك المشاهد العظيمة للحشود اليمنية الملايينية التي خرجت إلى الساحات عصر الخميس احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، هو قول صاحب المناسبة محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- الذي لا ينطق عن الهوى: (الإيمان يمانٍ)، فما تلك الحشود إلّا تجسيد للهُـوِيَّة الإيمانية لهذا الشعب العظيم التي عمل أعداءُ الأُمَّــة على تغييبها بصورة مخطّطة وممنهجة ليتمكّنوا من النيل منها والانحراف بمسارها في اتّجاهات تخدم أهدافهم وأجندتهم.
إن احتفالات الشعب اليمني بميلاد الرسول الأعظم تكتسب تميزاً هذا العام وأهميّة كبيرة؛ كونها تأتي متزامنة مع إصرار أعداء الأُمَّــة على المضي في إساءَاتهم الممنهجة ضد الإسلام ورسوله، والتي صار يتصدر مشهدَها رؤساء دول لطالما زايدت باحترام حقوق الإنسان وادّعت كذبا وبهتانا احترامها للأديان والمعتقدات، وبكل تأكيد أن الرد المزلزل على حملة الإساءَات المتعمدة ضد سيد الخلق قد جاء من اليمن من خلال تلك الحشود المحمدية اللاهجة بحب نبيها الأكرم، والتي أعطت الصورة الحقيقية لمدى تمسك هذا الشعب بقيم ومبادئ دينه ودفاعه عن نبيه ومقدساته.
ومما لا شك فيه أن الحشود اليمانية الملايينية المحتفية بنبيها الكريم -عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام- قد أصابت أعداء الأُمَّــة بمقتل، ومثلت صدمة عنيفة لأصحاب المشروع الانحرافي التكفيري الذي كان قد تغلغل وسط الأُمَّــة، وظل ينخر جسدَها من خلال الفتن الطائفية والمذهبية لإضعافها؛ مِن أجلِ تنفيذ مخطّطات الاستعمار وعلى رأسه أمريكا والصهيونية.
والأهمُّ أن احتفال شعب الأنصار بالميلاد النبوي بتلك الصورة العظيمة التي استلفتت أنظار العالم، قد وجّه الرسالة المهمة بأن الأُمَّــة ستنهض من جديد من خلال شعوبها الحية وستستعيد وحدتها وحريتها وكرامتها وعزتها، خُصُوصاً بعد أن كشّر أعداؤها عن أنيابهم ومخالبهم للنهش في جسدها ودينها ونبيها ومقدساتها.
أما الصفعة القوية التي وجهتها الحشود اليمنية، فقد كانت من نصيب الأنظمة الوظيفية التي أعلنت ارتماءها في أحضان كيان العدوّ الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ولمقدسات الأُمَّــة فيها، ومفاد تلك الصفعة أن مشاريع التطبيع هي بداية النهاية للمشروع الإسرائيلي.
فشعب امتلك الإرادَة والقيادة ونفض عن كاهله أوزار التبعية والارتهان، خرج بقضه وقضيضه تحت أشعة الشمس تعظيماً وإجلالاً ونصرةً لسيد البشرية وإحياء لميلاد النور، خرج محتفياً بنبيه وكلُّه عزة وعظمة وشموخ بصبره وصموده للعام السادس على التوالي في مواجهة عدوان كوني، راسماً بتضحياته وحشوده الملايينية خارطة طريق للأُمَّـة جمعاء نحو العزة والحرية.
وأمام تلك اللوحة العميقة التي رسمها اليمنيون في ذكرى ميلاد سيد المرسلين، يستطيع كُـلّ مسلم حر أن يقول باعتزاز إن الشعب اليمني الذي نصر رسول الله ووقف طوال تاريخه في مواجهة كُـلّ الانحرافات ومحاولات تشويه الدين الإسلامي، يخوض نيابةً عن الأُمَّــة معركة مصيرية لاستعادة الكرامة والعزة لها، مواجهاً باستبسال منقطع النظير أعداءَها وعلى رأسهم أمريكا واليهود الصهاينة الذين يسعون بمؤامراتهم لتمزيق هذه الأُمَّــة حتى يسهل السيطرة عليها.
ومن المؤكّـد أن أعداء هذا الشعب الخارجيين وعملاءهم الداخليين سيقفون مرعوبين أمام مشاهد تلك الحشود الملايينية لقراءة أبعادها من مختلف الزوايا، وسيدركون أن مشاريعهم ومخططاتهم تتقزم عاماً بعد آخر أمام إيمان وعنفوان الشعب اليمني الذي استطاع أن يقفَ على قدميه، ويحدّد وجهته ويوحد صفوفه من جديد رغم الشوك والنتوءات والشرور الجمة والآفات المدمّـرة التي زرعها الأعداءُ في طريق مسيرته القرآنية ومشروعه الوطني الثوري الوحدوي.
مقصد القول: إن الرسائل التي وجّهها اليمنيون وهم يحتفون بذكرى ميلاد المصطفى -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- كثيرة وذات دلالات إيمانية عميقة، أهمُّها أن انتصار هذه الأُمَّــة على أعدائها لن يتحقّق إلّا بالعودة الصادقة إلى كتاب الله والعمل بالقيم والمبادئ السليمة للدين الإسلامي والتأسي بأخلاق النبي الأكرم الذي كان خلُقُه القرآن.