الإنفصالي الجديد ” محمد عبد السلام “
أثارت تصريحات محمد عبدالسلام الناطق باسم أنصار الله " الحوثيين " لصحيفة الهوية بخصوص القضية الجنوبية الكثير من ردود الفعل , وانبرى جهابذة فتوحات 94 م للهجوم عليه, بل ودعا النائب الإصلاحي منصور الزنداني إلى محاكمة كل من يطالب بالانفصال بوصفه مرتكب لجريمة الخيانة العظمى التي عقوبتها الإعدام, ابن عمه عبدالمجيد أفتى بقتال الاشتراكيين في 94م ومنصور يحرض أجهزة الدولة على المواطنين الجنوبيين ويتهمهم بتهمة تؤدي إلى إعدام فاعلها.
ألا يوجد حل وسط لدى آل الزنداني غير الموت, ألا يوجد مكان للتفاوض, للإغراء, للإصلاح, للعتاب, للسجن حتى, كل من اختلف معهم يفتى بقتله أو يطالبون بإعدامه كخائن, إذا كان الله سبحانه وتعالى لم يجبرنا على الاعتقاد به حيث قال " فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ", فكيف يريد آل الزنداني إجبارنا على الاعتقاد بحتمية الوحدة .
الوحدة ليست مقدسة ولا خط أحمر, الوحدة لها أهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية لتسهيل حياة " الإنسان ", وليست ليتمتع بها " الحمران ", الوحدة وسيلة لتحقيق مصالح " المتحدين " وليست غاية لتطبيق فتاوى " الملتحين ".
لم يفهم البعض من الوحدة إلا " الجغرافيا " ونسوا " الديموغرافيا " , نسوا أن الوحدة شراكة " بالتراضي " وليست تسوير " للأراضي " .
وبالرجوع إلى تصريحات محمد عبدالسلام نجدها متوازنة ومنطقية وواقعية وليست للاستهلاك المحلي , هكذا هم الحوثيين, مع أنهم لم ينشؤوا حزباً سياسياً, لكنهم أرقى سياسياً في خطابهم وفي مدنيتهم أكثر من بعض الأحزاب السياسية التي عمرها عشرات السنين , أكثر تفهماً لمطالب الآخرين بحكم معناتهم , لم يستخدموا الفتوى ضد خصومهم في الداخل , ضد من حاربهم , ضد حتى من أفتى بقتلهم , بعكس بعض الأحزاب السياسية التي استخدمت ولا زالت تستخدم الفتوى في صراعاتها السياسية .
هذا هو نص تصريح محمد عبدالسلام في ما يخص القضية الجنوبية : (( نحن نعتقد أن مصطلح الوحدة لم يعد مصطلحا مقبولا لدى أبناء الجنوب ونحن عندما تبنينا خيار الفيدرالية هو على أساس أن يكون هناك حل مرضي لأبناء الجنوب يؤخذ فيه بعين الإنصاف رد اعتبارهم وتضميد جراحهم ومظالمهم التي لحقت بهم ولا زالت من قبل النظام الظالم وأعوانه ، وفي النهاية نحن لن نقف ضد خيار الشعب في الجنوب حتى لو كان يسعى إلى الانفصال فهذا خيارهم لأننا نعتقد أن الشعب إذا قرر مصيره فلا أحد يستطيع مواجهته ، وفي المقابل عندما نتحدث عن الوحدة من منظور قرآني فنحن نعتقد أن وحدة الأمة الإسلامية جمعاء ليس بين اليمنيين فحسب بل كل المسلمين ضرورة من ضرورات الحياة التي تؤدي إلى قوة المسلمين وعزتهم وعنصرا من مقومات النهوض والقوة لمواجهة التحديات والمخاطر كما نص على ذلك القرآن الكريم ورسم الطريقة المضمونة لتحقيقها ))
كلام يكتب بماء من ذهب, ويدل على وعي قل نظيره بالمبادئ الإسلامية , ولو تكلم بمثله أغلب السياسيين والعلماء في الشمال لما طالب بعض الجنوبيين بالانفصال .
وعند تفحصنا لكلامه نجد أنه لم يطالب بالانفصال من تلقاء نفسه , فعندما قال : ( أن مصطلح الوحدة لم يعد مصطلحا مقبولا لدى أبناء الجنوب ونحن عندما تبنينا خيار الفيدرالية هو على أساس أن يكون هناك حل مرضي لأبناء الجنوب ) كان يقصد الوحدة المركزية وليس الوحدة بشكل عام , والدليل على ذلك ذكره للفدرالية, فالفدرالية خيار ممكن في ضل وحدة لا في ضل انفصال, لكن البعض للأسف لا يحسن قراءة وفهم النصوص مع انه يحمل شهادة الدكتوراه ونائب رئيس البرلمان العربي .
الوحدة المركزية لم تعد خياراً مقبولاً لدى كل أبناء الجنوب هذا هو ما قاله محمد عبدالسلام يا زنداني وهذه هي الحقيقة, أبناء الجنوب مجمعون على رفض مركزية صنعاء, لكنهم منقسمون بين مؤيد للفدرالية ومطالب بفك الارتباط .
ثم أوضح محمد عبدالسلام أكثر وقال أنهم لن يقفوا أمام خيار الجنوبيين إذا سعوا هم إلى الانفصال وأصبح خياراً شعبياً , مبيناً أن الوحدة في المفهوم القرآني ليست بالشكل الذي يفهمه البعض , وقدم محمد عبدالسلام ذلك الشاب الثلاثيني والذي لا يحمل شهادة الدكتوراه وليس له أبحاث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم , قدم تفسيراً راقياً جداً للمفهوم الديني للوحدة أخرس به ألسنة البعض مِن مَن يدعون علمهم وتفقههم في الدين .
ومن يدعي عكس كلامه عليه أن يسعى للوحدة مع السعودية ولو بالقوة لان الإسلام حسب فهمه يأمرنا بالوحدة , أم أن الأمر الإلاهي يقتصر على الوحدة مع الجنوب فقط ؟
هناك فعلاً فرق بين فهم " النصوص " وفهم " اللصوص " . كلام محمد عبدالسلام دعوة صادقة إلى استمرار الوحدة بالتراضي, ومن يطالبون بإعدام المطالبين بالانفصال على اعتبار أنهم خونة هم من يحرضون على الانفصال .
من أولى بالمحاكمة يا زنداني ؟ من هو الخائن ؟ من انقلب على اتفاقية الوحدة وفتح عدن وأفتى بقتل النساء والأطفال والمستضعفين ودفع بالجنوبيين إلى خيارات أخرى ؟ أم من يدعوا إلى إنصاف الجنوبيين وإصلاح مسار الوحدة .