السقوط إلى الأعلى.. روحانيةُ العطاء

‏‏موقع أنصار الله || مقالات ||إكرام المحاقري

ليكن بدايةَ الطريق لمن اهتموا لأمرِ أُمَّـة لطالما واجهت مكائدَ الأعداء حتى تهشمت عظامها، وأصبحت طريحة الفراش تتلفظ أنفسها الأخيرة، لكنها لم تستسلم بعد، هناك من قدموا أرواحهم ودماءهم قرابين؛ مِن أجلِ صلاح أمر هذه الأُمَّــة وهم يؤمنون بيقين عودتها إلى الحياة من جديد، بثقافة قرآنية هي السلاح الأعظم لإفشال مخطّطات العدوّ، وها هو النجاحُ يتوج نفسَه ملكاً في ”الذكرى السنوية للشهيد“ تاركاً خلفَه فشلاً ذريعاً لكُلِّ من دار في فلك قوى الاستكبار العالمي، فهكذا تنتصر الدماء.

من كربلاء العراق إلى كربلاء اليمن، قد سقطت دماء عظيمة إلى السماء، وعانقت عنانَ النصر المؤزر، بل هي مَن صنعته بتضحيةٍ نادرة، فروحانيةُ العطاء هي كالخشوعِ في الصلاة في قلب محرابٍ بُني مِن أجلِ إعلاء كلمة الله، ولتكن الثقافةُ والقناعةُ هما الدافعَين الوحيدَين إلى دفع النفس والمال؛ مِن أجلِ الدين والوطن، فالشهداءُ العظماءُ هم من أيقظوا الأُمَّــةَ العربيةَ والإسلاميةَ من سبات عميق طال أمده في دياجير الظلمات الحالكات.

ومن هنا قد سُطّرت الملاحمُ البطولية، ونُكست رايةُ العدوّ في كُـلِّ جبهة، تلك الصدور العارية، والأقدام الحافية والأسلحة البسيطة، والصرخات المتعالية، هي من أسقطت زيفَ القوى الوهمية المسيطرة على العالم، ومن ثَم سقطوا إلى السماء، وكأنها شهادةٌ مستوحاةٌ من ربِّ السماء، بل هي كذلك؛ لأَنَّها خُلقت من نبضِ آيةٍ كريمة قال تعالى فيها: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} فمن قضى نحبَه وفاز فوزاً عظيماً، ومن ما زال ينتظر لم ولن يبدل تبديلاً، فقد باع نفسَه من الله غير متراجع وغير آبه بنيران العدوان.

تلك هي الثقافة القرآنية التي صنعت المعجزات في زمن كاد فيه الظلام يبلغُ مبتغاه، كانت عودةً صادقةً لسيرة “القُدوة الحسنة” النبي محمد ـ صلوات الله عليه وآله ـ ومواقف أُولئك الذين بنوا لبناتِ الإسلام من أول وهلة، حَيثُ بقي الأثرُ والذي ما زال “اللوبي الصهيوني” بجميعِ أسلحته وأدواته يحاول طمسُه لكي يندثرَ من الأرض، لكن الحق هو من يفرضُ نفسَه في الأخير، وها هي المخطّطاتُ الصهيونية تفشل، وها هي الثقافةُ القرآنية تعودُ إلى الواجهة من جديد -(ديناً ودولةً) ووطنيةً وديموقراطيةً واستقلالاً- فالدماءُ الطاهرة هي من حافظت على الحضارة الإسلامية وما زالت تحافظُ عليها، وهي من حفظ ما تبقى من ماء وجه “الأمة الإسلامية”، حَيثُ وقد اتّجهوا للصلاة باتّجاه قبلة التطبيع وتناسوا وتغافلوا عن بينات القرآن التي أجادها وعمل بها من جادوا بأنفسهم ليعيشَ غيرُهم كريماً عزيزاً..

حقاً.. روحانيةُ العطاء هي تلك التي قابلها اللهُ بعطاء..

قد يعجبك ايضا