محاضرة الإرهاب والسلام.. توصيف لطبيعة الصراع مع العدو ورؤية عملية للمواجهة

تقرير |

 

  • الشهيد القائد: لا يجب أن نسمح أن تتغير الأمور وأن تنعكس الحقائق فتغيب كلمة جهاد القرآنية، ليحل محلها كلمة إرهاب الأمريكية.

 

  • الشهيد القائد: نحن الآن في معركة مصطلحات، إذا سمحنا لهم أن ينتصروا فيها فإننا سنكون من نضرب ليس في معركة المصطلحات بل في معركة النار.

 

 

بات من المسلم به أن أحرار الأمة اليوم يواجهون حرباً عدوانية شاملة على كافة المستويات عسكرياً وإعلاميا وسياسيا واقتصادياً وثقافياً وعلميا من قبل قوى الاستكبار وفي المقدمة أمريكا والكيان الصهيوني، فالصراع الأمريكي الصهيوني مع أحرار الأمة أصبح صراعاً وجودياً وشاملاً وصل إلى مفرداتنا العربية..

ويأتي التصنيف الأمريكي لأحرار الشعب اليمني بما يسمى ” قوائم الإرهاب” تأكيداً على السلوك الأمريكي العدائي تجاه أبناء الأمة الأحرار .. و لم يكن هو الجديد من نوعه فقد سبقه تصنيف حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية والعراقية وغيرها من الحركات المناهضة للهيمنة الأمريكية في نفس القائمة، كما أن أمريكا المغترة بقوتها تفرض عقوبات على دول أخرى لها مكانتها كالصين وروسيا وغيرها لأنها لا تؤمن سوى القطبية الأحادية التي تعتبر نفسها القائد الوحيد للعالم والمهيمن عليه.

ولقد كان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) بنظرته الاستباقية القرآنية الثاقبة قد تطرق في ثنايا محاضراته [من هدي القرآن الكريم] بشكل مستفيض عن طبيعة الصراع مع الأعداء وحربهم الشاملة علينا والمؤهلات التي يجب أن نحملها لمواجهة هكذا صراع ولأن الموضوع موضوع كبير لا يسمح الوقت لنا هنا لإيجازه ونكتفي بمراجعة سريعة لمحاضرة [الإرهاب والسلام] وما تضمنتها من توصيفات مهمة لطبيعة الصراع مع العدو الصهيوأمريكي ورؤية قرآنية للمواجهة.

 

لماذا تغيرت الحقائق وانعكست القضايا؟

 

محاضر [الإرهاب والسلام] ألقاها الشهيد القائد (رضوان الله عليه) أثناء زيارته لأبناء همدان، بعد قرابة سته أشهر من أحداث 11 سبتمبر في نيويورك والتي أستغلتها أمريكا لإعلان ما يسمى [الحرب على الإرهاب] يتناول الشهيد القائد بعد كلام مستفيض عن أبناء همدان ودورهم التاريخي واقع الأمة وكيف تغيرت الأمور وانعكست القضايا فأصبح واقع الأمة التي يقول الله عنها {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران: من الآية110)  واقعاً مريراً تعيش حالة الانقسام التي أفضت إلى فراغ كبير جعلها صيداً سهلاً لأعدائها.. يتساءل الشهيد القائد عما الذي حدث: (( ما الذي يحدث الآن؟

هذه الأمة التي يقول عنها الله سبحانه وتعالى أنه حملها رسالة لتخرج بها إلى الناس جميعاً، هاهي اليوم يُطلب منها أن تقعد في بيوتها كما تقعد النساء، بل يُطلب منها أن تصمت فلا تتفوه بكلمة الحق، ولا تهتف بلعن من هتف الله بلعنهم في كتابه وخلده على لسان أنبيائه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(المائدة:78))). وحالة الصمت والخنوع ما يزال هو الموضوع الذي تشتغل عليه أمريكا اليوم فأي حركة أو شخص يرفع صوته ضد الهيمنة الأمريكية سرعان ما يتم مواجهة بالأسلوب الذي تراه الإدارة الصهيوأمريكية..

 

واقع الأمة .. وأين كان يجب أن تكون؟

ويضيف الشهيد القائد (رضوان الله عليه) مستنكراً واقع الخنوع والانكسار الذي أصاب الأمة في الوقت الذي كان مطلوب منها أن تكون هي من تقود العالم لا أن تقعد قعود الخزي والذلة يقول: (( هذه الأمة التي كان المطلوب أن تكون هي من تَجُوب البحار طولاً وعرضاً فتقف في سواحل أوروبا وفي سواحل أمريكا هي الأمة التي تُؤْمَر هي وزعماؤها بالقعود والخنوع, قعود الذلة، قعود الخزي، قعود الخنوع والاستسلام، ونرى أولئك الذين لُعِنوا على لسان الأنبياء هم من يَجُوبون البلاد طولاً وعرضاً، فرقاً عسكرية تمتلك أفتك الأسلحة، أليست هذه من تقليب الموازين؟ أليست هذه من القضايا المقلوبة، والحقائق المعكوسة؟)).

ويضيف (رضوان الله عليه): ((إن الله أراد لهذه الأمة هكذا أن تكون أمة تتحرك في العالم كله {أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فهاهي تقعد ويتحرك أولئك. ولماذا يتحركون؟. هل ليأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟ أم لينشروا الباطل والفساد والقهر والظلم والذلة والخزي لكل أبناء البشرية وللعرب خاصة؟ للعرب خاصة. هذه أشياء مؤسفة، هذه حقائق نحن نشاهدها)).

 

طبيعة الصراع وكيف نواجه حرب المصطلحات

 

في كتابه [قراءة في المشروع القرآني] يلخص الباحث (فاضل الشرقي) إلى أن الشهيد القائد (رضوان الله عليه) قد قدم توصيفاً مهماً لطبيعة المعركة التي تخوضها الأمة مع أعدائها وكيف يجب أن يكون موقفنا حيال ذلك يقول الباحث: (( يبيّن السّيد أنّ الأمّة تخوض معركة شديدة مع أعدائها بما فيها معركة المصطلحات، وأنّ مصطلح الجهاد في سبيل الله يتعرّض لحرب شديدة من قبل أعداء الله، فيقول: ((علينا أن نتحدث عن كلمة الجهاد لأن كلمة الجهاد هي الآن محاربه بعينها، يوضع ويرسخ بدلا منه كلمة إرهاب (

ويعتبرالشهيد القائد أن مصطلح الجهاد المقدس، هو مصطلح قرآني يرتبط به وجود الأمّة بكلّها، وعزّتها، وكرامتها، وهويّتها، وتربط به حيوية الإسلام، والقرآن الكريم، لهذا يتعرّض لحرب شديدة من قبل الأمريكيّين واليهود، وهناك محاولات جادّة لإبعادنا عنه، وتشويهه، وضربه في واقع الحياة والنّفوس، واستبداله بكلمات ومصطلحات أخرى، يقول السيد: ((هذا الجهاد المقدس، هذا المصطلح القرآني الهام هذا المبدأ الذي ترتبط به عزة الأمة وكرامتها، وترتبط به حيوية القرآن والإسلام، يرتبط به وجود الأمة كلها وهويتها، ها هو يتعرض لأن يبدل، كما بدلنا نحن في واقعنا، قعدنا وهم من يتحركون في البحار، وهاهم يحولون الجهاد إلى كلمة تصبح سبه نحن نرددها، ونحن نجعلها كلمة أمريكية تضفي الشرعية على أي ضربه أمريكية لأي جهة))

 

استبدال كلمة ” الجهاد” بكلمة “الإرهاب”

ويوضّح السّيد أنّ الأمريكيين يسعون لتغييب مصطلح الجهاد من قاموس حياتنا، واستبداله بمصطلح الإرهاب، ويعملون بالشكل الذي يهيئ الساحة لأمريكا لضرب واستهداف من تريد، متى ما تريد، فيقول: ((تبدل كلمة جهاد بكلمة إرهاب ومن هو مجاهد فهو إرهابي، ومعنى أنه إرهابي أنه من قد وقع من جانبه ما يعطي أمريكا شرعية أن تضربه، ما يعطي عميلا من عملاء أمريكا شرعية أن يضربه، ونحن من نبارك تلك الضربة))

ويعتبر السّيد أنّ مصطلح الجهاد في سبيل الله هو من يعطينا شرعيّة العمل والتحرّك لإقامة دين الله، وإعلاء كلمته، وضرب أعدائه، فيقول: ((الجهاد الشرعية لنا نتحرك على أساسه في ضرب أولئك المفسدين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، هم في واقعهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، وهم لا يدينون دين الحق(( ويبيّن السّيد أنّ كلمة إرهاب هي مصطلحٌ قرآنيٌّ يهدف لبناء الأمّة، وتربيتها التّربية الجهاديّة الّتي تمكّنها من إعداد وتجهيز القوّة بكلّ ما تستطيع، بما في ذلك الشّكليّات الّتي ستزرع الهزيمة في نفوس الأعداء، وترهبهم، فيقول: ((كلمة إرهاب في القرآن الكريم تعني أن على المسلمين أن يعدوا القوة بكل ما يستطيعون بل وأن يلحظوا حتى الشكليات وأن يلحظوا حتى المرابط التي هي  في الأخير ستزرع الهزيمة في نفس العدو ترهبون به عدو الله وعدوكم)).

وأمام الحرب الّتي يتعرض لها مصطلح وكلمة الجهاد يحثّ السّيد الجميع على ضرورة الحديث الدائم، والمستمر، والمتكرّر عن كلمة ومصطلح الجهاد في سبيل الله، حتّى يترسّخ في ذهنيّة الأمّة وواقعها، في مواجهة ما يتعرّض له من حرب شديدة من قبل أعداء الله، فيقول: ((إن علينا أيها الأخوة أن نتحدث دائما عن الجهاد، حتى أولئك التي ليس لديهم أي روح جهادية عليهم أن يتحدثوا عن كلمة جهاد لأن كلمة جهاد في نفسها كلمة جهاد في معناها هي تتعرض لحرب)).

 

 شمولية الحرب

 

لقد تطوّرت الحرب الّتي نواجه بها كمسلمين، وتوسّعت جدّاً، وأصبحنا نحارب على كلّ المستويات، وفي كلّ الميادين، وفي كلّ القضايا، ووصلت نيران هذه الحرب إلينا كمسلمين، وإلى كلّ ما له علاقة بنا، وبديننا، وعن شموليّة هذه الحرب الّتي تشنّ على المسلمين، ويواجَهُون بها اليوم، يقول السّيد: ((أصبحنا نحن نحارب كأشخاص، وتحارب أرضنا كأرض، وتحارب أفكارنا كأفكار، بل أصبحت الحرب تصل إلى مفرداتنا، أصبحت الفاظنا حتى هي تحارب، كل شيء من قبل أعدائنا يتوجه إلى حربنا في كل شيء في ساحتنا إلينا شخصيا، إلى إقتصادنا، إلى ثقافتنا ، إلى أخلاقنا، إلى قيمنا)).

ويحذّر السّيد من حالة الإهمال والتّراخي في مواجهة هذه الحرب الفكريّة والثّقافيّة الشّاملة  الّتي نُواجه بها كمسلمين، وتُواجه بها ساحتنا الفكريّة والثّقافيّة، ويدعو السّيد إلى عدم السماح للأعداء من التّمكن من ضرب هذه المصطلحات والمفاهيم القرآنيّة الإسلاميّة، وتغييبها من قاموس حياتنا، فيقول: ((لا نسمح أن تتغير الأمور وأن تنعكس الحقائق إلى هذا الحد فتغيب كلمة جهاد القرآنية، وتغيب كلمة إرهاب القرآنية ليحل محلها كلمة إرهاب الأمريكية)).

ويبيّن السّيد أنّ الأمريكيين يسعون لتعميم مصطلح الإرهاب بمعناه الأمريكيّ، ليستخدموه كمبرر في ضرب المسلمين، ويستخدموه في مواجهة كلّ من يواجه عدوانهم، وشرّهم، وضلالهم، فيقول: ((هذه الكلمة إرهاب تعني أن كل من يتحرك بل كل من يصيح تحت وطأة أقدام اليهود سيسمى إرهابي، أن كل من يصيح غضبا لله ولدينه، غضبا لكتابه، غضبا للمستضعفين من عباده ، الكل سيسمون إرهابيين((

 

ضرورة التحرك الشامل

 

ويدعو السّيد الجميع للتحرّك الثّقافيّ، والتّوعويّ، والإعلاميّ، والسّياسيّ في أوساط النّاس، وفي السّاحة العامّة، حتّى لا تترسّخ كلمة إرهاب بمعناها الأمريكي في أذهان النّاس، فيقول:

((إن علينا أيها الأخوة أن نتحدث دائما حتى لا نترك كلمة إرهاب بمعناها الأمريكي أن تترسخ في بلادنا، أن تسيطر على أذهان الناس في بلادنا، أن تسبق إلى أذهان الناس، علينا أن نحارب أن تترسخ هذه الكلمة لأن وراء ترسخها ماذا؟ وراء ترسخها تضحية بالدين، وتضحية بالكرامة، وبالعزة وبكل شيء))

ويقدّم السّيد رؤية عمليّة لمواجهة هذا التحرّك الأمريكي الذي يهدف لضربنا في جذورنا، ومنابعنا، وهويتنا، وأصالتنا، رؤية تقوم على توعية النّاس بأنّ أمريكا واليهود هم من يصنعون الإرهاب للنّاس جميعاً، وهم من يسعون في الأرض فساداً، فيقول: ((عندما نسمع كلمة أنهم يريدون أن يتحركوا لمحاربه الإرهاب وجذور الإرهاب ومنابع الإرهاب فإن علينا أن نبادر دائما إلى الحديث عن الإرهاب ما هو؟ ونربطه دائما بأمريكا أن أمريكا هي التي تصنع الإرهاب للناس جميعا، وأن اليهود هم من يفسدون في الأرض، ومن يسعى في الأرض فسادا هو من يصح أن يقال له أنه إرهابي إرهابا غير مشروع((.

ويحذّر السّيد من السّماح لتأثير الحرب الإعلاميّة، والفكريّة، والثّقافيّة الّتي تشنّها أمريكا،  واليهود، والغرب أن تؤثّر في مصطلحاتنا ومفاهيمنا القرآنيّة، ويؤكّد على أنّ كلمة إرهاب هي مصطلح قرآنيّ مطلوب من المسلمين أن يصلوا إلى مستواه في مواجهة أعدائهم، فيقول: ((لا نسمح أبدا أن تتحول كلمة إرهاب القرآنية إلى سبه، وإلى كلمة لا يجوز لأحد أن ينطق بها، فلنقل دائما إن كلمة إرهاب كلمة قرآنية مطلوب من المسلمين أن يصلوا إلى مستواها، إن الله يقول وأعدوا

لهم أي لأعداء الإسلام لأعدائكم لأعداء الله ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)).

 أهمية النصر في هذه المعركة وخطورة الهزيمة

 

 إ ذ اً تعتبر هذه المعركة الثقافية والتوعويّة مع العدوّ معركة مهمّة جدّاً يجب أن نحقّق النّصر فيها مهما كان الثّمن، لأنّها تعتبر هي الحرب الأولى الّتي يبدأ العدوّ بها في مواجهتنا أوّلاً قبل معركة الحديد والنّار، ولأنّنا إذا هزمنا في معركة الوعي، والفكر، والثّقافة، والسّياسة، والإعلام، فإنّنا سنهزم ونخسر في المواجهة العسكريّة، يقول السيد: ((نحن الآن في معركة مصطلحات، إذا سمحنا لهم أن ينتصروا فيها فإننا سنكون من نضرب ليس في معركة المصطلحات بل في معركة النار، إذا ما سمحنا لهم أن تنتصر مفاهيمهم، وتنتصر معانيهم لتترسخ في أوساط الناس)).

ويجب أن نتحرّك في مواجهة هذه الحرب الشّاملة الّتي تشنّ علينا، وعلى ثقافتنا، وحتّى على مفردات لغتنا العربيّة ، ومفاهيمنا القرآنية، حتّى لا تنتصر المعاني، والأفكار، والثّقافات الأمريكيّة، والإسرائيليّة، والغربيّة، لأنّ هذا سيؤدّى إلى معاناة كبيرة، وخطر كبير على البشريّة، وظلم كبير للأمّة، وحتّى لا تتعرّض ثقافاتنا، ومفرداتنا، ومصطلحاتنا للتّحريف،

والتّثقيف المغلوط، يقول السيد (( نحن إذا نواجه بحرب في كل الميادين، حرب على مفاهيم مفرداتنا العربية، إذا لم نتحرك نحن قبل أن تترسخ هذه المفاهيم المغلوطة بمعانيها الأمريكية، بمعانيها الصهيونية، والذي سيكون من ورائها الشر، إذا لم نتحرك ستكون تضحيات الناس كبيرة، ستكون خسارة الناس كبيرة)).

 

 

قد يعجبك ايضا