11 فبراير وموقعُه في السرائر

‏موقع أنصار الله || مقالات || منير الشامي

ونحن نحيي الذكرى العاشرة لذكرى انطلاقة ثورة ١١ فبراير نستذكرُ ذلك اليومَ الذي كان فيه أولُ خروج ضد الطاغية عفاش وضد نظامه الإجرامي، ونتذكر أَيْـضاً مرورَ عقدٍ من الزمان على ذلك اليوم التاريخي، وإن كانت نظرةُ الشارع اليمني لا تزال متباينةً عنه، فالبعض لا يزال متشائماً من ذلك اليوم يرمي كُـلّ التهم عليه، وفريق ثاني يراه يوماً سلبياً بعد أن كان يراه إيجابياً وكان مندفعاً للمشاركة فيه لحاجة في نفس يعقوب لم تُقْضَ، والبعضُ يعتبره حدثاً عابراً ليس له أي أثر يذكر، مبرّراً ذلك أن ما قبله كما بعدة ولم يتغير أي شيء، والفريق الأخير يعتبره بداية المسار الصحيح في درب نضال الشعب اليمني نحو الحرية والاستقلال.

ومن الطبيعي أن نتساءل عن أسباب التباين والاختلاف.

والحقيقة أن هناك أسباباً عديدةً للتباين والاختلاف، لعل أهمها وأولها هو التباين في مستوى الوعي الوطني والاختلاف في رؤية وعلاقة كُـلّ فريق ونظرته إلى الوطن والأحداث.

فالفريق الأول استقرت رؤيتُهم التشاؤمية عنه ويعتقدون أنه سببُ كُـلّ المعاناة ويرمون كُـلّ التهم عليه؛ بسَببِ تحيزهم لصف المجرم عفاش لمصالح شخصية كانت لهم في عهده أَو لتعصب حزبي مبني على جهل وغباء انتج قصور في وعيهم وقصر في نظرهم جعلهم يعتقدون أن الوطنَ هو المصلحة الشخصية فقط، فانحصرت علاقتهم بالوطن على أَسَاس الربح وقيموا تلك العلاقة بالفائدة والمردود الشخصي، وبالتالي فهذا الفريق مستعد ليبيعَ الوطن في أول فرصة، وهذه هي رؤية العفافيش.

الفريق الثاني وهم الذين يرونه يوماً قاتماً بعد أن كانوا يرونه فجراً مشرقاً؛ لأَنَّ حاجتهم منه لم تُقْضَ، فهم كالفريق الأول يقيّمون الوطن بالمصلحة والفائدة والعائد ولذلك فالوطن أَيْـضاً بالنسبة لهم سلعة يروجونها في مزاد مصالحهم وأنانيتهم ويحملون الاستعداد لبيعه بثمن بخس مثلهم مثل الفريق الأول وهذه هي رؤية الإصلاح والإخوان وفق قاعدتهم إما لي وإلا عليا وعلى أعدائي.

الفريق الثالث الذين ينظرون إلى هذا اليوم كحدثٍ عابر لا فرق بين ما كان قبله عما كان بعده ويضم غالبية محدودي الوعي والإدراك من المواطنين الذين لم يفقدوا مصلحةً قبلَه، ولم يحظوا بمصلحة بعده إلا أنهم لم يقعوا تحتَ تأثير المؤثرات الحزبية ولا الطائفية ولذلك فلا مكان للعصبية في نفسياتهم وقاعدة رؤيتهم، ما لنا مصلحة قبله ولا لنا مصلحة بعده أما قاعدتهم تجاه الحكم فهي وفق المثل القائل (من تزوّج أمنا كان عمنا)، وما يميز هذا الفريق أنهم أعظم ولاءً وانتماءً لوطنهم وغير مستعدين للتفريط به بسهولة كما أنهم غير مندفعين للدفاع عنه من أول لحظة، لكن إمْكَانية رفع وعيهم متاحة إن تم استهدافهم بالتوعية الوطنية والدينية المناسبة، ومعظم أفراد هذا الفريق جذبتهم أخلاق المجاهدين وأعلنوا انضمامهم لصف الوطن من قبل العدوان وخلال سنواته تلقائياً، إما بسَببِ الغيرة على الدين أَو على العرض أَو على الوطن أَو نتيجة لتأثرهم بأحداث الواقع؛ لأَنَّ هُوِيّتهم اليمنية لا زالت نقيةً أكثرَ من غيرهم.

الفريق الرابع وهم الذين يعتبرون يوم ١١ فبراير الخطوةَ الصحيحةَ الأولى في درب مسار النضال الوطني والتحرّري من هيمنة قوة الشر والاستكبار، ويرجع ذلك إلى امتلاكهم وعي عالٍ جِـدًّا وثقافة سليمة وهُوِيّة إيمانية يمانية نقية سواءٌ أَكانت ذاتية مصدرها الأصالة اليمنية أَو مكتسبة من الثقافة القرآنية.

والحقيقة أن يوم الـ ١١ من فبراير سيبقى يوماً وطنياً خالداً في التاريخ اليمني وسيظل يوماً مشرقاً في تاريخ نضاله الطويل ففيه كانت الشرارة الأولى للثورة ضد الطغيان الداخلي والإقليمي والدولي، وَإذَا كانت ثورة فبراير لم تنجح، فالسبب ليس يوم انطلاقها بل يعود إلى المكونات العميلة والخائنة التي انحرفت عن مسار الثورة تنفيذاً لتوجيهات الوصاية الخارجية التي كانوا يتبعونها هم والنظام السابق، فهم من شوّهوا تلك الثورة بعمالتهم وهم من أفشلوها بخيانتهم بعكس المكون الوطني الذي واصل المسار الثوري هو والآلاف من أبناء اليمن الشرفاء والأحرار ومضوا على دربها حتى أثمرت بفجر الـ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م.

وخلاصة القول إنه مهما كَثُرَ الجاحدون ليوم الـ١١ من فبراير ومهما حاولوا تشويه ذلك اليوم المشرق فلا بد أن يأتيَ يومٌ ينصفُ كُـلَّ أبناء الشعب ذلك اليوم ويشهدون له بأنه اليوم الذي أثمر بسقوط الطاغية ونظامه، وأنه اليوم الذي رسم فيه درب التحرّر من الوصاية الخارجية، واليوم الذي حدّد مسار ثورة الـ٢١ من سبتمبر المباركة التي اجتثت أركانَ العمالة والخيانة وقطعت شريان الوصاية الخارجية على عتبات الحرية الوطنية والاستقلال وسيأتي اليوم أَيْـضاً الذي يفخرُ فيه كُـلُّ أبناء الشعب بفجرِه الوضَّاء وأنواره المشرقة في تاريخ اليمن المعاصر.

قد يعجبك ايضا