محمد بن سلمان يسعى لتكثيف التعاون مع “إسرائيل”.. هل يصبح التطبيع السعوديّ علنيّاً؟

|| صحافة ||

مرة أخرى، تؤكّد السعوديّة ممثلة بنظامها الحاكم وولي عهدها محمد بن سلمان، حجم خيانتها ومدى عمالتها ضد الوطن العربيّ والإسلاميّ، والدليل على ذلك ما كشفته صحيفة “Jewish Press”، الصادرة في نيويورك والتي تصف نفسها بأنها “أكبر صحيفة أسبوعية يهوديّة في أمريكا”، حول أنّ محمد بن سلمان يسعى بشدة إلى تكثيف التعاون مع الكيان الصهيونيّ الغاصب في مجال تقنيات التجسس، والتعاون مع تل أبيب في مجال الأمن والتقنيات، ما أعاد قضية خيانة العائلة المالكة في بلاد الحرمين إلى الواجهة من جديد.

 

خيانة صريحة

لم يمض شهر واحد على تصريحات وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان، الذي أعرب بكل وقاحة عن أمله بأن يكون لاتفاقات الخيانة بين العدو الصهيونيّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثير إيجابيّ، مضيفاً إنّ التوصل لاتفاق بين السعودية وتل أبيب يتوقف على تنفيذ ما أسماها “مبادرة التسوية العربيّة”، حيث اعتبرت تلك التصريحات خيانة صريحة من المملكة لدينها وأخلاقها وقيمها العربيّة والإنسانيّة، واليوم تؤكّد صحيفة “Jewish Press” الصهيونيّة، أنّ ابن سلمان يعتقد أنّ التعاون مع العدو الأول للعرب والمسلمين سيعزز من أمن بلاده ويدعم محاولاته للتغيير الاقتصاديّ، أو ما يُطلق عليه اسم “رؤية 2030”.

وفي هذا الشأن، أشارت الصحيفة الصهيونيّة إلى أنّ السعودية لم تتوصل حتى الآن إلى اتفاق “إشهار تطبيع” مع الكيان الصهيونيّ المجرم، لأنّ الملك سلمان آل سعود، ملتزم بفكرة وجوب إنشاء دولة فلسطينيّة قبل الإعلان عن التطبيع، وفي نفس الوقت يرى أنّ التعاون مع تل أبيب في مجال الأمن سوف يعزز الدفاع عن المملكة وأنّ التقنيات الصهيونيّة ستكون مفيدة للغاية في التحول الاقتصاديّ الذي يتصوره.

وتشير المعلومات إلى أنّه من الواضح أن محمد بن سلمان يدرك ضرورة إجراء تغييرات عميقة في السعودية التي تخضع للتطبيق الصارم للنسخة الوهابيّة من الشريعة الإسلاميّة، وأضافت الصحيفة إنّ التغييرات جارية في المملكة بأوامر من ولي العهد، كتعديل المناهج التعليميّة وإزالة المحتوى المعادي لليهود، كما ذكّرت بالخطبة التي ألقاها إمام المسجد الحرام في مكة المكرمة، عبد الرحمن السديس، بموافقة العائلة المالكة، في 6 أيلول المنصرم، والتي دعا فيها إلى الحوار والعطف مع غير المسلمين، وأشار بشكل مباشر إلى اليهود.

 

تطبيع مكشوف

من يقرأ الأحداث السياسية في المنطقة يعلم بأنّ الرياض قد طبعت قبل الإمارات حتى، حيث بدأت السعودية الغوص في وحول خيانتها منذ أن عرضت قناة mbc التابعة لها، مسلسلين تلفزيونيين رمضان الماضي، هدفهما التطبيع مع الكيان المعتدي، وأشارت صحيفة الغارديان البريطانيّة في تقرير لها في ذلك الحين، إلى أن المسلسلات الرمضانيّة السعوديّة هدفها التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، فالمسلسل الأول يعرض تاريخ اليهود في منطقة الخليج، أما الآخر فيشير إلى أن الكيان الصهيونيّ قد لا يكون عدواً، وأن الفلسطينيين لم يكونوا في يوم من الأيام من الممتنين والشاكرين لمساعدات مملكة بن سلمان، وذكرت الصحيفة أن مجرد عرض المسلسلين على شبكة  “mbc” السعودية لا يدع مجالا للشك أنها حصلت على موافقة من سلطات البلاد، وقد أعرب المشاهدون العرب وقتها عن غضبهم من تحول الدراما الرمضانيّة إلى منبر سياسيّ للأعداء، و يدعو للتطبيع معهم.

ولا يمكن حصر أدلة الخيانة السعوديّة بحق العرب والفلسطينيين على وجه التحديد، وخاصة في الفترة الأخيرة التي أظهرت بوضوح “معدن السعودية” فيما يخص القضية الفلسطينيّة منذ أن شرعت دولة الإمارات أبواب الخيانة في العالم العربيّ وحتى الآن، ومن ينسى التصريحات السعودية عقب الانتقادات اللاذعة التي وجهتها القيادات والفصائل الفلسطينيّة لاتفاق العار الذي وقعته البحرين والإمارات مع العدو الصهيونيّ الغاصب، حيث شنّ رئيس استخبارات النظام السعوديّ السابق، بندر بن سلطان، وقتها هجوماً حاداً على موقف السلطة الفلسطينيّة من اتفاق الاستسلام الخليجيّ، واعتبرت تصريحاته الهجوميّة على القيادات الفلسطينيّة، رغبة واضحة من بلاده لإقامة علاقات رسميّة مع العدو الصهيونيّ، وتعزيز التقارب السريّ مع تل أبيب.

ومنذ ذلك الحين، كشفت الرياض اللثام عن نهجها القذر وأعلنت تأيّيدها بشكل رسميّ لاتفاق الخنوع الإماراتيّ – البحرينيّ مع العدو الغاشم، في الوقت الذي تحدثت فيه الكثير من التقارير الإعلاميّة العربيّة والدولية عن العلاقات السعوديّة – الصهيونيّة، والأسباب الداخليّة التي تمنع الرياض من الكشف عن علاقاتها مع تل أبيب بشكل علنيّ، بعد أن انقلبت سياسة وسائل الإعلام السعوديّة، بشكل كامل تجاه الاحتلال الصهيونيّ، وأصبحت في الفترة الأخيرة تشيد بشكل فاضح، باتفاقات الخيانة التي أبرمتها بعض الدول العربية مع عدو العرب والمسلمين، ناهيك عن أنها استجابت لطلب الإمارات حينها بالسماح للرحلات القادمة من الأراضي المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو الغاصب بعبور أجوائها، ما أكّد على أنّ خطوة الاستسلام الإماراتيّة لم تعكس موقفها الفرديّ بل الخليجيّ المترافق بـ “ضوء أخضر” سعوديّ.

بعدها بأسابيع، تكشفت الأسباب الحقيقيّة التي أدت إلى الخيانة الإماراتيّة بموافقة سعوديّة، حيث تحدثت وسائل إعلام أنّ أبوظبي وتل أبيب يهدفان إلى إقامة مشروع بحريّ يربط مدينة إيلات بمدينة جدة السعودية، وكُشف عن المخطط خلال زيارة وفد إماراتيّ إلى الأراضي الفلسطينيّة المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو، بعد جولة ميدانية في ميناء مدينة إيلات “أم الرشراش المصريّة”، على ساحل خليج العقبة في البحر الأحمر، والتقى بمسؤولين صهاينة قاموا بزيارة مماثلة إلى أبو ظبي لبحث التفاصيل المتعلقة بتنفيذ المشروع.

وكشف إعلام العدو الصهيونيّ حينها، أنّ المشروع الإماراتيّ – الإسرائيليّ يهدف إلى تعزيز السياحة جنوب الأراضي العربيّة التي يسيطر عليها الكيان، وفتح الباب أمام السياحة الدينيّة المباشرة بين بلاد الحرمين الشريفين وكيان الاحتلال، عبر السماح لقوافل الحج والعمرة من فلسطينيي 48 بالسفر عبر الممر البحريّ إلى مدينة جدة ومن ثم إلى مكة المكرمة.

وذكرت تحليلات إعلاميّة في الوقت ذاته، أنّ تل أبيب تحاول أيضاً استغلال فرص نقل النفط الخليجيّ إلى أوروبا، من خلال الاجتماعات التي عقدتها وزارتيّ الخارجيّة والدفاع في حكومة الاحتلال، وشارك فيها مسؤولون كبار من شركة النفط الحكوميّة “كاتشا”، ويتضمن المخطط الصهيونيّ تفعيل خط “إيلات عسقلان” في الاتجاهين، بحيث يتم عبره نقل النفط الخليجيّ إلى الدول الأوروبيّة، وأنّ مخطط تصدير النفط الخليجيّ إلى أوروبا سيُغير “قواعد اللعبة” في الشرق الأوسط بشكل مطلق.

وعقب تلك الأنباء بوقت قصير، كشف كيان الاحتلال عبر رئيس جهاز استخباراته، يوسي كوهين، أنّ إعلان التطبيع السعوديّ مع الكيان الغاصب بات وشيكاً، فيما كشفت المملكة عبر وزير خارجيتها نفسه، فيصل بن فرحان، أنّ التطبيع مع تل أبيب “سيحدث بالفعل”، وكرر فرحان، المزاعم الإماراتيّة والبحرينيّة حول أنّ التطبيع سيكون ثمناً لوقف مشاريع ضم الأراضي الفلسطينيّة، والمساعدة على تمهيد الطريق للعودة المحتملة للإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات، بحسب ادعائه.

وبما أنّ تطبيع العلاقات بين بعض الدول الإسلاميّة والعدو الغاصب يحتاج إلى فتوى شرعيّة، فإنّ مملكة آل سعود، حاولت شرعنة جريمة التطبيع من خلال رجال دينها الوهابيين، حيث أشار مفتي السعودية السابق وعضو هيئة كبار العلماء في البلاد، عبد العزيز بن باز، قبل أشهر، إلى شرعية تكوين علاقات مع الصهاينة، مبرراً ذلك بأنّ كل دولة تنظر في مصلحتها و إذا ما رأت دولة ما ممثلة في حاكمها، أنّ مصلحة المسلمين في الصلح مع الصهاينة وتبادل السفراء والتعاون التجاريّ والمعاملات الأخرى التي يجيزها الشرع، فلا بأس في ذلك.

وقد ضجت المواقع العربيّة والعالميّة بالخبر الذي نقلته إذاعة جيش العدو  أواخر تشرين الثاني العام الفائت، والذي فضح زيارة رئيس الوزراء الصهيونيّ، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجيّة الأمريكيّ مايك بومبيو، إلى السعودية، واجتماعهما مع وليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة إلى أنّ اللقاء الثلاثيّ جرى بعد أن استقل نتنياهو طائرة إلى مدينة “ناعوم” الساحليّة وأمضى هناك 3 ساعات، فيما رفض مكتب رئيس وزراء العدو التعليق على هذا الخبر، وقد جرت تلك الزيارة بعد شهرين على اللقاء السريّ الذي جمع بين ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، ووفد إسرائيليّ على متن يخته في البحر الأحمر، بمرافقة رئيس الاستخبارات السعوديّة، بدواعي مشاريع التطبيع الجارفة في المنطقة العربيّة.

ومؤخراً، كشفت وسائل إعلام العدو، دور وليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، في إدخال الدول العربيّة إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع الكيان الغاصب، وبالأخص في محادثات التطبيع الصهيونيّة – المغربيّة، ونيّته إلقاء بلاد الحرمين في هاوية التطبيع مع تل أبيب، بعد اكتمال فصول الاستسلام من قبل الدول المطَبّعة، وأوضحت المصادر أن ولي العهد شارك في محادثات مع ملك المغرب، محمد السادس بن الحسن، وأثّر في قرار استئناف العلاقات مع بين المغرب وتل أبيب، في الوقت الذي أكّد فيه أحد مستشاري الملك المغربيّ أنّ وليّ العهد السعوديّ يملك قائمة بالدول التي ستطبّع مع عدو العرب والمسلمين الأخطر ومغتصب أراضيهم.

 

مراقبة تويتر

لا يخفى على أحد أنّ ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، قد تفرغ إلى ناشطي المعارضة، بعد أن تخلص من أبرز منافسيه، من خلال حملات الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، كما وسعت سلطات آل سعود حملة الاعتقالات، لتشمل دعاة وعلماء وسياسيين وتجار.

ولم تستثنِ الأقرباء المنافسين لولي العهد كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم، ولأن العائلة المالكة في السعودية ترتعب من أدنى انتقاد لها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، لا توفر جهداً في التجسس على حسابات المستخدمين، ومؤخراً نقلت مواقع إخباريّة أنّ  نشطاء سعوديين يعتزمون نشر فيلم وثائقيّ حول تجسس السلطات السعودية على موقع التواصل الاجتماعيّ “تويتر”، واختراق حسابات لمعارضين، وكانت الرياض عبر عملاء لها داخل شركة تويتر، تمكنت من كشف آلاف الحسابات التي تنتقد النظام السعوديّ وأفراداً في عائلة آل سعود، وهو ما دفع العديد من النشطاء إلى رفع دعاوى ضد الانقلابيّ محمد بن سلمان، ومسؤولين استخباراتيين في المحاكم الأمريكيّة.

وفي ظل عدم كفاءة منصة تويتر، سمح البرنامج بعمليات اختراق لحسابات بعض المغردين السعوديين المعارضين للنظام الحاكم، ما تسببت في الكشف عن أرقام هواتفهم وعناوين بريدهم الإلكترونيّة، الشيء الذي مكن السلطات السعودية من التعرف عليهم لإسكات أصواتهم للأبد، وعلى هذا فإنّ السعودية في حال تعاونها مع الكيان الغاصب، ستتمكن من الوصول إلى المعارضين ومحاربتهم بشكل أكبر.

خلاصة القول، إنّ طريق الخيانة العلنية مفتوح أمام السعودية لكنه محفوف بالرفض والمخاطر، والدليل على ذلك الرفض الشعبيّ القاطع لتلك المسألة، بالإضافة إلى الخلافات العميقة داخل الديوان الملكيّ السعوديّ، التي أفضت إلى الكشف عن وثيقة سعودية استخباراتية سريّة، في كانون الأول الماضي، تعود إلى العام 2018، وحملت عنوان “إسرائيل والخليج، وحدود الاستفادة الخليجيّة من إسرائيل”، وقدمها رئيس الاستخبارات السعودية، الفريق أول خالد الحميدان، إلى الديوان الملكي السعودي تحت بند “سري للغاية” بتاريخ 31/10/2018، حيث تسود الخلافات الديوان الملكي بين فريقي الملك سلمان الرافض للتطبيع مع العدو الإرهابيّ، وفريق نجله ولي العهد الداعم للتطبيع، ما يعني أن التطبيع العلنيّ القائم سريّاً سيكون علنيّاً في الأيام القادمة، تبعاً للظروف السياسيّة.

 

الوقت التحليلي

قد يعجبك ايضا