تأملاتٌ للتاريخ..!
موقع أنصار الله || مقالات ||عبد القوي السباعي
حين رآهم يعصفون كالريحِ، وينبثقون كالفجرِ، وينسلُّون كالليلِ، ويسيلون كحممِ البركان.. في مثل ها هُنا مكان، وهكذا زمان، تستوقفُ التاريخَ لحظاتٌ يتأمل فيها كُنْهَ المسار، وتصاميم رسم الشعار، ظل يُدققُ مُتحرياً وبإمعان، قبل أن ينحتَها كمصفوفةٍ على أحجارِ الصوان، ليُضمِّنَها بالزُّخرفِ نقشه، ويُزيّنُ عرشه، فيبحثُ في تفاصيلِ أحداثها المثخنة بالدهشة، عن تُرجمان وتفاسير فحوى البيان..، إذ اختلطت عليه الأسماء، فقال: من هؤلاء..؟، يقولُ متسائلاً.. لا متجاهلاً ولا متغافلاً.. أهذه ملائكةٌ من السماء..؟!
وكأنهُ لم يرَ يوماً قط هكذا رجال، تأتي بالمُحال، يشربون العَماسَ في الوغى كشربِ الزُّلال..
هُنا، تجيبُ الأرض التي تعرفُهم بسيماهم، وتألف مسعاهم.. وتستبشرُ بمجيئهم حينما وصلوا، وعلى وقدِ الرمال لعيرِهم فصلوا: إنهم غضبٌ من القهار على أعدائهِ نزلوا، رافعين رؤوسهم ويعلون كُـلَّ رأس، وباعثين في أعدائهم لهيبَ اليأس، كافأهمُ اللهُ من عظيم القوةِ وشديد البأس، وأيدهم بالنصر والظفر، ولهم في كُـلّ معتركٍ آياتٌ وعبر..
إنهم قدموا الأرواح على كَفِّ الحرية فداء، وخضّبوا صروحَ المعالي وبيارق المجد بالدماء، وجادوا كرماءَ، وبذلوا على ضفافِ العزة والكرامة نفوسهم بسخاء.. فحينما تُزمجر رياحُ الموتِ غاضبةً، ويعلو على عَصفِها صوتُ الرصاصِ، وتَقدَحُ صواعقُ الحق في كُـلّ بارقة، قد استوجبت منّا وَقْعَ القِصاص.. فاعلموا أنهم قَدِموا، رجالٌ عاهدوا الله فصدقوا، إلى الهيجاء قد نزلوا، ما بين أشوَسٍ ماجدٍ صعبِ المراس، وغضنفرٍ كاسرٍ مُلتهبُ الحماس، يسقون العِدى كأسَ المنون، وحتفَ الردى، بسِنان الرماح الفواغر، وشفرات الحاسمات البواتر.. قد أسرجوا للمجد صهوة جيادهم، فأثرن من نقعها الحوافر، وتوشحوا لها بالمرهفات البيض، والأسل السمر، فطأطأت لشدة بأسهم أسدُ الثرى، وجلاوزةُ البراري البُلد، وغيلانُها المُرد، وتزلزلت من وقع أقدامهم الراسيات الصلد، فكان النصرُ حليفَهم وقائدَهم، وعنواناً لصولاتهم وجولاتهم.. فهل عرفتهم..؟
إنهم وبكل فخر، رجالُ الله، وأنصاره وأوليائه، مجاهدو الجيش اليمني واللجان الشعبيّة.