«حرب وقود» سعودية على اليمن… بتواطؤ أممي

|| صحافة ||

إزاء فشلها في تحقيق أي مكسب من العدوان الدائر على اليمن منذ ست سنوات، لا تدّخر السعودية أي جهد في سعيها لجعل حياة اليمنيين جحيماً حقيقياً، من خلال حصار محكم يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية التي تسبب بها العدوان، وأبرز معالمه منع وصول المشتقات النفطية.

وتعيش صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة «الإنقاذ الوطني»، أسوأ أزمة وقود منذ بدء العدوان، فبالتزامن مع نفاذ كافة احتياطات الوقود لدى شركة النفط اليمنية، بدأ العد التنازلي لتراجع أداء القطاعات الإنتاجية والخدمية إلى أدنى المستويات، وارتفعت أسعار المواد الغذائية وتعرفة النقل بين المحافظات.

هذه الأزمة التي صنعتها السعودية باحتجازها 14 سفينة محملة بمادتي الديزل والبنزين منذ عدة أشهر، صارت تهدد حياة الآلاف من مرضى الفشل الكلوي في اليمن، كما تمنع وصول المساعدات الدولية عبر ميناء الحديدة ومطار صنعاء.

ونتيجة لفشل الأمم المتحدة في الضغط على دول العدوان السعودي ــ الإماراتي للإفراج عن السفن التي بلغت فاتورة تأخير وصولها أكثر من 30 مليون دولار، أعلنت هيئة الطيران المدني والأرصاد في صنعاء، عدم قدرة مطار صنعاء الدولي على استمرار توفير الخدمات الملاحية لطائرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والإغاثية بسبب نفاد المشتقات النفطية الأساسية والاحتياطية والطارئة. وأكدت الهيئة أن المطار غير قادر على تشغيل مولدات الكهرباء وعربات الإطفاء والأجهزة والمعدات الخاصة بتقديم الخدمات للطائرات الأممية والمنظمات الإنسانية والإغاثية التي تصل مطار صنعاء الدولي وتغادره بشكل يومي.

الأمم المتحدة التي أكدت أن أزمة المشتقات الحالية التي تشهدها المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء تهدد حياة الملايين من اليمنيين، تجاهلت أكثر من تحذير تلقته من حكومة صنعاء من توقف كافة الأنشطة في البلاد، ولم تتخذ أي موقف إزاء القرصنة السعودية على إمدادات الوقود في جيبوتي وقبالة ميناء الحديدة.

وبعكس استخدام المنظمة الدولية الشهر الماضي قرار إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتصنيف «أنصار الله» حركة إرهابية، ذريعة للتهرب من واجبها في الإفراج عن السفن المحتجزة وضمان استمرار وصول إمدادات الوقود إلى ميناء الحديدة، فإنها حالياً تستخدم سياسة المراوغة تجاه مطالب صنعاء للإفراج عن السفن.

شركة النفط في صنعاء اتهمت الأمم المتحدة بالتواطؤ المفضوح تجاه ما يعانيه الشعب اليمني من أزمات جراء نفاذ المشتقات النفطية في السوق اليمنية، ووصفت القرصنة السعودية على إمدادات الوقود التي يتم استيرادها من دولة الإمارات، بالجريمة التي ترقى إلى الإبادة الجماعية، لتداعياتها الجسيمة على الملايين من اليمنيين.

وأشارت إلى أن غرامات تأخير السفن بلغت 91 مليون دولار العام الفائت، مؤكدة أن إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن أزمات الوقود المفتعلة من قبل تحالف العدوان، تتجاوز 10 مليارات دولار خلال السنوات الماضية.

أزمة الوقود المفتعلة التي تعد أحد دوافع تصاعد الهجمات بالصواريخ والطيران المسير ضد اهداف سعودية عسكرية واقتصادية منذ قرابة الشهر، مسّت بحياة المواطن اليمني اليومية، وطاولت أضرارها مختلف القطاعات وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانتشار الأوبئة والأمراض، وتراجع معدلات الإنتاج المحلي من السلع والمنتجات وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

 

بلغت فاتورة تأخير السفن الناقلة للوقود أكثر من 30 مليون دولار

ووفقا لبيان صادر عن وزارة الزراعة، فإن الأزمة أثرت على النشاط الزراعي، كزراعة الحبوب والخضار والفواكه والبن اليمني، وأدت إلى إعاقة العديد من المشاريع الإنتاجية وصولاً إلى تهديد النشاط المصرفي وحركة النقل الداخلي بأنواعه المختلفة بالتوقف. يضاف إلى ذلك أن آثار هذه الأزمة تمس حياة السواد الأعظم من اليمنيين في الريف والحضر، ولها دور بارز في تدهور القطاع الصحي في العاصمة والمحافظات.

دول تحالف العدوان التي تستخدم ورقة المشتقات النفطية كأداة من أدوات الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني، وقفت وراء افتعال العشرات من أزمات الوقود خلال السنوات الماضية، إلا أن أضرار هذه الأزمة الحالية التي بدأت مطلع العام الجاري، ولم تتوقف حتى اليوم، هي الأشد ضرراً على الصعيدين الإنساني والاقتصادي.

وتفيد الإحصائيات الصادرة عن وزارة التخطيط في صنعاء أو النشرة الشهرية لمراقبة السوق التي تصدرها منظمة الزراعة والأغذية في اليمن، بأن حرب الوقود تسببت بارتفاع سعر اللتر من مادة البنزين من 150 ريالاً والديزل من 158 ريالاً في العام 2014، إلى 520 ريالاً، في أواخر العام 2015.

وتشير الإحصائيات إلى أن اللتر من مادة البنزين تراجع خلال العام 2016، بعد إعلان صنعاء قرار تعويم المشتقات النفطية، إلى 300 ريال مقابل 310 ريالات للتر من مادة الديزل.

وفي ظل معاودة القرصنة البحرية على إمدادات الوقود من قبل العدوان في العام 2017، ارتفع سعر اللتر من البنزين، وكذلك من مادة الديزل إلى 350 ريالاً، ليرتفع إلى 395 ريالاً للبنزين و380 ريالاً للديزل خلال 2018.

وعلى الرغم من استقرار الأسعار الرسمية المحددة من قبل شركة النفط في صنعاء لمادتي البنزين والديزل خلال العامين الماضيين بسعر 245 ريالاً للتر البنزين و345 ريالاً للتر الديزل، فإن القرصنة البحرية على سفن الوقود خلال السنوات الماضية كان لها أثر بالغ على قدرات شركة النفط في تغطية احتياجات السوق بشكل كلي.

فآلية التفتيش الأممية (اليونفيم)، أكدت أن واردات الوقود لم تغط احتياجات السوق اليمنية بنسبة 20 في المئة في العام 2018، و24 في المئة في العام 2019، أي أن فجوة الإستيراد تتراوح ما بين 75 في المئة و80 في المئة. وخلال العام الماضي تجاوزت الفجوة بين الاحتياجات الشهرية من الوقود وبين الكميات التي دخلت قرابة 60 في المئة. ولذلك يتعمد العدوان إتاحة هامش واسع لتجار الأزمات والحروب، فكلما شدد العدوان الحصار على الشعب اليمني وتعمد منع دخول المشتقات النفطية الى ميناء الحديدة ازدهرت الأسواق السوداء التي يقف خلفها، والتي يستخدمها كأداة لاستغلال حاجة الناس للوقود للكسب غير المشروع، وكوسيلة لسحب السيولة من الأسواق المحلية.

 

الأخبار اللبنانية

قد يعجبك ايضا