الخوف من الله أساس الفلاح والنجاة وعاقبته الفوز والجنة والنعيم

 في ضوء آيات من سورة الرحمن، وبعد إن تحدث السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في المحاضرة السابقة عن وعيد الله سبحانه وتعالى وعقابه، وعن عذاب جهنم وعن أهوال القيامة ويوم الحساب، ويواصل السيد القائد الحديث وفق ما ورد في سورة الرحمن عن جنات الله ونعيمها العظيم، وما أعده الله سبحانه وتعالى لعباده المتقين الصالحين من نعيم الذي لا يساويه أي نعيم أخر، حيث يقدم السيد القائد وصف دقيق لنعيم الله في الجنة فيما يتعلق بسعة الجنة وجمالها، والأنهار والثمار والملابس والحور العين، وكذلك تكريم الله سبحانه وتعالى للمؤمنين فيها.

ويؤكد السيد القائد في الوقت نفسه أن الحصول على هذا النعيم العظيم ممكن للإنسان إذا توفر لديه الخشية من الله والخوف منه، وترافق مع ذلك العمل بمسؤولية لما وجه به الله عز وجل، والشكر له على نعمه في الدنيا والاستجابة له فيما أمر به.

وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ:

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} من هذه الآية المباركة بدأ الـسـيد الـقـائد المحاضرة الرمضانية الثامنة على ضوء الآيات المباركة من سورة الرحمن، إذ يوضح أن الله سبحانه وتعالى يبين طريق النجاة، والفوز، والسعادة، والسلامة من عذاب الله، وأن ذلك مجموعٌ بكله في هذه الفقرة من النص القرآني: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، يقول السيد القائد:

“الله جلَّ شأنه يقول في الآية المباركة: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: الآية46]، بعد ذلك العرض عن عذاب الله، وعن حال من يتورَّطون فيصلون إلى عذاب الله، يبين سبحانه وتعالى طريق النجاة، طريق الفوز، طريق السعادة: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، طريق الفوز والنجاة والسلامة من عذاب الله، هو مجموعٌ بكله في هذه الفقرة من النص القرآني: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، فقرة جامعة، ونص جامع لكل أسباب النجاة، وللسبب الرئيسي للنجاة والفلاح”.

 ومن قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}، يقدم السيد القائد قاعدة اساسية مفادها أن أساس الفلاح والنجاة تكمن في الخوف من الله سبحانه وتعالى، حيث يقول:

“في كثيرٍ من السور تأتي الآيات المباركة بمواصفات إيمانية معينة، وأعمال عبادية، ولكنه هنا يقدِّم ما يبنى عليه كل ذلك وما يجمع كل ذلك، أساس النجاة هو في هذا، أساس الفلاح هو هذا، أساس الفوز هو في هذا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}، من هو مؤمنٌ بالله واليوم الآخر، ومؤمنٌ بأنَّ هذه الحياة الأخرى آتيةٌ لا محالة، ومؤمنٌ بموقف الحساب والجزاء في يوم القيامة؛ فهو سيخاف، سيخاف ذلك المقام العظيم: المثول بين يدي الله سبحانه وتعالى، والوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى للحساب والجزاء، هذا سيدفعه هنا في الدنيا إلى أن يستقيم وفق هدي الله سبحانه وتعالى، وهذا سيحرره من أكبر عائقٍ يؤثِّر على الكثير من الناس، ويصدهم عن الاستجابة لله سبحانه وتعالى الاستجابة الكاملة: وهو الخوف من الآخرين”.

العوائق التي تصد الكثير من الناس عن الاستجابة لله سبحانه وتعالى:

يؤكد السيد القائد أن من أكبر العوائق التي تؤثر على الكثير من الناس وتصدهم عن الاستجابة لله سبحانه وتعالى فيما شرعه من فرائض أساسية ومسؤوليات مهمة في دين الله، وأساسية لتحقيق التقوى، والإيمان، والنجاة والفلاح في هو الخوف من الآخرين من الطواغيت والجبابرة والظالمين، ومن أبرز تلك المسؤوليات مسؤولية الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبر، والتقوى، والأخوة الايمانية، إذ يقول:

“من أكبر العوائق التي تؤثِّر على الكثير من الناس، فتصدهم عن الاستجابة لله سبحانه وتعالى في فرائض مهمة، في أعمال مهمة، فيما شرعه الله وفرضه من مسؤوليات مهمة، أساسية في دين الله، أساسية لتحقيق التقوى، أساسية لتحقيق الإيمان، أساسية للنجاة والفلاح، وذات أهمية كبيرة جداً في واقعنا في هذه الحياة، نحن بحاجة إليها لصلاح حياتنا، لاستقامة حياتنا، لأن نعيش في عزةٍ، وكرامةٍ، وحريةٍ، ولأن نقيم القسط في واقع حياتنا، ولأن نحقق العدل في مسيرة حياتنا، كل تلك المسؤوليات ذات الأهمية الكبيرة في واقع الحياة، والأهمية الكبيرة في الدين، أكبر عائقٍ للكثير من الناس للنهوض بها، والاستجابة لله فيها: هو الخوف، الخوف من الآخرين، الخوف من أعداء الله، الخوف من الجبابرة الطغاة الظالمين والمستكبرين، فيؤثِّر هذا الخوف على الكثير من الناس؛ فيعطِّلون مسؤوليات مهمة: مسؤولية الجهاد في سبيل الله بمفهومه القرآني الصحيح، مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمفهومه القرآني الصحيح، مسؤولية العمل على إقامة القسط، {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}[النساء: من الآية135] في هذه الحياة، وهي مسؤولية مهمة وعظيمة، ومن أهم واجباتنا كأمةٍ مسلمة، مسؤوليات مهمة: التعاون على البر والتقوى، مسؤولية الاعتصام بحبل الله جميعاً، وأن نكون كمؤمنين ومؤمنات بعضهم أولياء بعض، تجتمع كلمتهم في موقف الحق، يتعاونون على البر والتقوى، الأخوة الإيمانية… مسؤوليات مهمة جداً”.

ومن الخطير جداً أن تجد الكثير من الناس يعطل مسؤوليات مهمة جدا، وتهرب الكثير من هذه المسؤوليات سببه الخوف من الآخرين، في الوقت الذي سقط من وعيهم الخوف من جهنم والخوف من يوم الحساب، يقول السيد القائد:

“الدافع للكثير من الناس في التهرب من هذه المسؤوليات، والنهوض بها: هو الخوف، الخوف من الآخرين، من الجبابرة، من الطغاة، من الظالمين، الخوف إما من سجونهم، الخوف- كذلك- من القتل، الخوف من القصف، الخوف مما قد يأتي مما هو متوقعٌ من جانبهم، نسبة الخائفين من المسلمين من أمريكا وإسرائيل كم ستطلع هذه النسبة؟ وأثر هذا الخوف عليهم في تنصلهم عن مسؤوليات وواجبات صريحة في القرآن الكريم، وردت بها آيات كثيرة في القرآن الكريم، كم ستطلع؟ كم يندفع البعض إلى شطب مسؤوليات مهمة من دين الله نتيجةً لهذا الخوف، ليس هناك ثقة بالله سبحانه وتعالى، وليس هناك هذا الإيمان باليوم الآخر إلى هذه الدرجة: التي يتحرر فيها الإنسان من أسر الخوف من الآخرين، ومن ضغط الخوف من الآخرين وما هو الذي بيد الآخرين أولئك؟ هل بيدهم شيءٌ كجهنم؟ هل بيدهم شيءٌ كالعذاب في جهنم؟ هل هناك شيءٌ مما هو متوقعٌ من جانبهم يساوي لحظةً واحدة في نار جهنم، في عذابها المستعر، في حميمها، في كل أصناف العذاب فيها، في الخلود الأبدي في عذابها؟”.

نحن بحاجة إلى أن نرسِّخ في أنفسنا الإيمان باليوم الآخر:

إن الخوف من الله سبحانه وتعالى غاية مهمه وضرورية ولا بد منها بالنسبة للإنسان، لاسيما وأنه يترتب عليها استقامة الحياة للإنسان في الدنيا، والفوز والنجاة في الآخرة، وعندما يرسِّخ الإنسان في نفسه الإيمان باليوم الآخر فهو الذي سيحرره من كل أشكال الخوف من الآخرين، يقول السيد القائد:

“نحن بحاجة إلى أن نرسِّخ في أنفسنا الإيمان باليوم الآخر، فهو الذي سيحررنا من كل أشكال الخوف من الآخرين؛ وبالتالي فمن يخاف مقام ربه: هو سيتحرك بكل جدية، وبدون اكتراثٍ بالأعداء، للقيام بمسؤولياته وواجباته، ينطلق في ميادين الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى بكل عزة، بكل حرية، بكل كرامة، بكل إباء، واثقاً بالله سبحانه وتعالى، متوكلاً عليه، متحرراً من الخوف من الآخرين، ينطلق في النهوض بالمسؤوليات الأخرى كذلك في السعي مع إخوته المؤمنين والمؤمنات لإقامة القسط، لإقامة العدل، للاجتماع على كلمة الحق، للاعتصام بحبل الله جميعاً… وهكذا للتعاون على البر والتقوى، بدون اكتراث بأعداء الله وما بأيديهم.

“من يخاف مقام ربه”:

إن الخوف الحقيقي من الله سبحانه وتعالى ومن سخطه وعقابه وعذابه، والخوف من حدوث أي تقصير فيما أمر الله به الإنسان يضبط حاضر في الدنيا الإنسان ومستقبله في الآخرة بالشكل الذي يجعله يتحرك وفق ما أمر الله به، وبدون أي خوف أو رهبة أو خشية من أي أحد مهما كانت الصعوبات والتحديات ومهما كانت الظروف، وبالتالي فإن من يخاف مقام ربه هو الذي سيتمكن من تحقيق الاستجابة الكاملة في التزاماته الإيمانية والدينية، يقول السيد القائد:

“من يخاف مقام ربه: هو الذي سيتمكن من تحقيق الاستجابة الكاملة في التزاماته الإيمانية والدينية، ولن يأتي إلى الكثير منها ليشطب عليها، ويتنصل عنها، ويتهرَّب منها؛ لأنه متحرر من هذا الضغط الذي يؤثِّر على الآخرين فيركعهم، ويجعلهم يتجهون بدلاً من الاستجابة لله، إلى شطب الكثير من المسؤوليات والأعمال العظيمة والمهمة جداً”.

ويؤكد السيد القائد أن:

“من يخاف مقام ربه: هو أيضاً من سيسيطر على أهوائه ورغباته، التي قد تؤثِّر عليه تجاه بعضٍ من المسؤوليات، والأمور، والالتزامات المهمة، ومن يخاف مقام ربه: هو الذي سيسيطر على أعصابه في حالات الغضب والانفعال، التي تؤثِّر على الكثير من الناس فلا يتقون الله، فيعملون ما يسبب لهم سخط الله سبحانه وتعالى، وهم يعيشون في تلك الحالات: حالات الغضب والانفعال”.

ومن خلال الخوف من الله وحده يكون الإنسان صادقاً وحراً وقوياً، ويجني ثمار ذلك العزة والكرامة والفوز والنجاة، فالخوف من الله عز وجل يشكل ضمانة لاستقامة الإنسان، واستجابته المتكاملة لله سبحانه وتعالى، وتحقيق التقوى، يقول السيد القائد:

فهي تشكِّل ضمانة لاستقامة الإنسان، واستجابته المتكاملة لله سبحانه وتعالى، وتحقيق التقوى: أن يخاف مقام ربه، هذا يفيده أمام المخاوف، أمام الأهواء والرغبات، وأيضاً أمام حالات الانفعال والغضب، سيتمكن من خلال ذلك أن يسيطر على نفسه، سيتجه في مجال الأعمال ولن تؤثر عليه لا مخاوفها ولا صعوبتها، إذا وجد فيها شيئاً من الصعوبة، فهو يدرك أنَّ كل المخاطر وكل الصعوبات لا تساوي لحظةً واحدة فيما يقابلها من صعوبات ومخاوف في نار جهنم وعذاب والعياذ بالله، فيستهين بكل شيءٍ في مقابل أن يعمل بما فيه نجاته وسلامته”.

والخوف من الله سبحانه وتعالى يشكِّل ضمانة لاستقامة الإنسان، واستجابته المتكاملة لله سبحانه وتعالى، وتحقيق التقوى، فمن يخاف مقام ربه هو الذي سيتحرك للقيام بمسؤولياته بكل جديةٍ، وبدون اكتراثٍ بالأعداء، وينطلق في ميادين الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى بكل عزةٍ، وحريةٍ، وكرامة، وإباءٍ، واثقاً بالله سبحانه وتعالى، ومتوكلاً عليه، ومتحرراً من الخوف من الآخرين.

والإنسان الذي يخاف مقام ربه هو الذي سيتمكن من تحقيق الاستجابة الكاملة في التزاماته الإيمانية والدينية، ولن يسعى إلى الكثير منها ليشطبها أو يتنصل عنها، ويتهرَّب منها؛ لأنه يخاف مقام ربه ويسعى إلى تنفيذ الكثير من المسؤوليات والأعمال العظيمة والمهمة جداً، فمن يخاف مقام ربه هو أيضاً من سيسيطر على أهوائه ورغباته، التي قد تؤثِّر عليه تجاه بعضٍ من المسؤوليات، والأمور، والالتزامات المهمة، وكذلك هو الذي سيسيطر على أعصابه في حالات الغضب والانفعال، التي تؤثِّر على الكثير من الناس فلا يتقون الله، فيعملون ما يسبب لهم سخط الله سبحانه وتعالى، وهم يعيشون في تلك الحالات: حالات الغضب والانفعال.

 

 

 

قد يعجبك ايضا