عن تحالف العناكب أتحدَّث..!
موقع أنصار الله || مقالات ||د. حبيب الرميمة
تحدَّثَ اللهُ سبحانَه وتعالى عن وهن بيت العنكبوت، ثم جاء العلمُ ليثبتَ حقيقةَ هذا الوهن؛ باعتبَاره بيتاً يسودُه التمزُّقُ والصراعُ، وهو ما يجعلُه من أوهنِ البيوت، فالأنثى للعنكبوت هي وحدَها القادرةُ على نسج خيوط البيت؛ لذلك هي تستخدمُ الذكرَ للتلقيح فقط، وبعد أن تبيضَ تقومُ بقتل الذكر، وبعض العناكب يقومُ الأولادُ بقتل الأب الذكر، وبعضُها تتقاتل العناكب الصغار فيما بينها حتى لا يبقى منها إلا القليل، فخيوط العنكبوت التي تبدو فولاذيةً ومحكمة الصنع والتي تعتمدُ عليها العناكب في صيد فرائسها، من ينسجها يعاني من تفكك وصراع مع الذات، وهو السر في تشبيه الله تعالى للذين يتخذون أولياءً من دونه بها (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أولياء كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ العنكبوت لو كانوا يعلمون).
وعندما أطلق السيدُ حسن نصر الله صرخته قبل عشرين عاماً في وجه إسرائيل بأنها أوهنُ من بيت العنكبوت، كانت تلك الكلمات العميقة لها وَقْعٌ قاسٍ في نفوس الصهاينة؛ لأَنَّهم يعرفون دلالتَها بشكل أكثر من بعض السطحيين، ومؤشرٌ لمدى ما تتمتع به المقاومة من فَهم دقيق لذلك الكيان الصهيوني، حتى أن أحدَ أسباب شن العدوان على لبنان ٢٠٠٦م هو الوصول إلى المكان الذي أطلق منه هذا الوصف، بحيث أطلقوا على العملية التي قاموا بها “الخيوط الفولاذية”!..
اليومَ مشروعُ الصهيونية العالمي وأدواته في المنطقة يتكشَّفُ أكثرَ كبيتٍ أوهنَ من بيت العنكبوت مليءٍ بالصراعات والخواء والهشاشة، فالنظام السعودي الذي يبدو ظاهراً قوياً ومتماسكاً ينخدع به الكثير ممن خانوا أوطانهم كحامٍ لهم، تجده غارقاً في صراعاته الأسرية، ويعقد صفقةً تلو أُخرى مِن أجلِ حماية نفسه من مُسيَّرات وصواريخ اليمنيين، وإسرائيل التي تعاني من أزمةٍ سياسيةٍ حادَّةٍ منذ ثلاث سنوات لم تستطع أن تشكِّلَ حكومةً، تبدو ظاهراً قوية وتخدع الكثير من الأنظمة التي تهرول للتطبيع معها والولاء لها لحماية مصالحها، إسرائيل التي خدعت وَهزمت نفسياً كَثيراً من الأنظمة الإقليمية والدولية بتكنولوجياتها ونظامها الدفاعي المتطور، وقبابها الحديدية، تسقط في أول اختبار أمام صاروخ دفاع جوي -كما يقول الصهاينة إنه انزلق من سوريا ليقعَ حول منشأة ديمونا النووية!!- لينسف كُـلَّ التهويلات التي زرعتها إسرائيلُ حول قوة ردعها، بل إن قوةَ ردعها لا تكاد تصمُدُ أمام تشكيلات المقاومة الفلسطينية التي تبدي تطوراً وحنكةً يوماً بعد آخر.
وأمريكا التي أصبحت إلهاً تخافُ منه وتتولاه كثيرٌ من الأنظمة لحماية مصالحها يتجلى عجزُها عن حماية سفارتها وقواعدها في العراق، أمام ضربات الحشد الشعبي.
وتوقيتُ الضرباتِ المؤلمةِ التي بات مشروعَ المقاومة هو من يحدّد زمانَها ومكانَها بمختلف الساحات، كُـلُّ هذا يشيرُ إلى أن مجتمعَ تحالُف العناكب المتمثل بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي وأدواته سينهارُ بشكلٍ مذهلٍ وغيرِ متوقعٍ أمام إرادَة الشعوب الحية بالمنطقة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وإيران، وأن زمنَ الهزائم وَلّى وجاء زمنُ الانتصارات.