الإمام علي عظيم من عظماء الأمة وبطل من أبطال الإسلام

موقع أنصار الله | تقارير | صادق البهكلي

 

منزلة الإمام علي (عليه السلام) عند الله سبحانه وتعالى

نزلت الكثير من الآيات التي تتناول فضل الإمام علي (عليه السلام) منها:

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿55﴾ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾[المادئدة 55ـ 56]

﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} التحريم4

﴿أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ﴾هود من الآية 17

﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾التوبة19

﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً﴾الإنسان8

 

منزلة الإمام علي (عليه السلام) عند رسول الله (صلوات الله عليه وآله)

كما أشاد الرسول (صلوات الله عليه وآله) بفضل الإمام علي وقال عنه وله الكثير من الأحاديث المتواترة منها:

  • ((ستقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)).
  • ((علي مع القرآن والقرآن مع علي))
  • ((علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار)).
  • ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)).
  • ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)).
  • ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله)).
  • برز الإسلام كله للشرك كله )).
  • ((لأعطين الراية غدا رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار يفتح الله على يديه)).
  • ((لا يحبك إلا مؤمن والا يبغضك إلا منافق)).

 

من أقوال الإمام علي (عليه السلام)

  • قال عليه السلام: ((والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جلب شعيرةٍ ما فعلت ما فعلت)).
  • دخل عليه ابن عباس بذي قار وهو في طريقه إلى حرب الجمل وهو يخصف نعله بنفسه فقال (عليه السلام) يخاطب ابن عباس ((ما قيمة هذه النعل)) واحد من حذائه ما قيمة هذه النعل فقال ابن عباس لا قيمة لها فقال (عليه السلام): ((والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقًا أو أدفع باطل)).
  • وقال عليه السلام: ((ما فاجأني من الموت واردٌ كرهته ولا طالعٌ أنكرته)).
  • وقال عليه السلام: ((والله لأبن أبي طالب آنس بالموت من الطفل الرضيع بثدي أمه)).
  • وعند لحظة استشهاده قال عليه السلام: ((فزت ورب الكعبة)).
  • وقال عليه السلام: (والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً ، وأجر في الأغلال مصفداً ، أحب إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد أو غاصباً لشيءٍ من الحطام ، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يسرع البلاء قفولها ، ويطول في الثرى حلولها ).
  • وقال عليه السلام: ( اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسةً في سلطان ، ولا التماس شيءٍ من فضول الحطام ، ولكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطلة من حدودك).

 

دوافع التآمر الأموي على الإمام علي (عليه السلام)

اتجه بنو أمية إِلَـى استهداف الإِمَـام عَـلِـيّ عليه السلامُ، وَإِلَـى التخلص منه باعتبار الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – كان يشكّل الضمانة الحقيقيةَ والأكيدة للحفاظ على دين هذه الأُمَّـة ولاستقامة مسيرة هذه الأُمَّـة وباعتبار الإِمَـامِ عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – يمثّلُ أَيْـضاً الامتدادَ الأصيلَ الحقيقيَّ الناصعَ للإسْـلَام المحمدي للإسْـلَام الحقيقي بنقائه التام بنوره الذي لا يشوبه أيُّ ظلامٍ بطُهره وزكائه الذي لا يشوبُه أيُّ دنس.

الإِمَـامُ عَـلِـيٌّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – بهذا الاعتبار بهذه الأَهَميَّة بهذا الدور الرئيسي والمهم للأمة اتجه بنو أمية إِلَـى استهدافه وَإِلَـى إزاحته ليتمكنوا من الوصول إِلَـى أهم موقع في التأثير على الأُمَّـة وهذا الموقع المهم هو إدارة شئون الأُمَّـة حينما يصلون إِلَـى هذه الموقع فيتحركون منه في هذه الاتجاهات التي أخبر عنها الرَّسُــوْلُ صَلَـوَاتُ اللهِ عَلَيْـهِ وَعَلَى آلِه في إفساد دين الأُمَّـة في استعبادِ الأُمَّـة في الاستئثار بخيرات ومصالح ومال الأُمَّـة، هذه تمثل كارثة، ومثّلت فعلاً كارثة كبيرة على الأُمَّـة امتدت تأثيراتُها إِلَـى اليوم، ولذلك فنحن حينما نستذكر هذه الذِّكْـرَى وحينما نستذكر التأريخ وحينما نستذكرُ الإِمَـامَ عَـلِـيّاً – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – لأننا في واقعنا فيما نعانيه كأمة من مشاكلَ وفيما نواجه من تَحَـدِّيات وإخطار في أمسّ الحاجة إِلَـى أن نستذكر كُلّ ذلك ونستخلصَ منه ما نحتاجُ إليه من دروس وما نحتاج إليه من عِبَرٍ وما نحتاج إليه في تصحيح وضعيتنا كأمة ومسارنا كأمة، فنحن اليوم نستذكر الإِمَـامَ عَـلِـيّاً – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – الذي هو عَـلَمٍ وهادٍ للأمة من بعد نبيها صَلَـوَاتُ اللهِ وسلامُه عليه من موقعه العظيم، كما قدَّمَه الرَّسُــوْلُ صَلَـوَاتُ اللهِ عَلَيْـهِ وَعَلَى آلِه وكما كان عليه هو – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – في واقع الأمر.[من خطاب السيد عبد الملك 1437هـ]

 

الإمام علي (عليه السلام) علامة فارقة بين الإيمان والنفاق

الإِمَـام عَـلِـيٌّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – في هذا الموقع الكبير والعظيم أن يكونَ حبُّه علامة للإيمان وأن يكون بغضُه علامةً للنفاق هذا بحد ذاته يكشف لنا موقع الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – المهم في الإسْـلَام باعتباره علامة فارقة ومعياراً يعبّر عن الحق وعن الإيمان الحقيقي والصادق وعن الامتداد الحقيقي لمشروع الإسْـلَام الذي لا بد أن تلتفَّ حولَه الأُمَّـةُ، فبنو أمية كانوا بلا شك امتداداً لحركة النفاق ولكنهم نشطوا في فرصة مواتية وفي ظرف تأريخي أوصلهم من واقعهم كمنافقين وكفئة ستلعب أسوأ دور تخريبي في الأُمَّـة يمتد تأثيرُ هذا الدور في مستقبل الأُمَّـة، وصلوا إِلَـى موقع الحكم إِلَـى موقع السلطة إِلَـى موقع القرار إِلَـى أهم موقع للتأثير على الأُمَّـة من خلاله ولكن لم يتمكنوا من ذلك إلا بعد إزاحة الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – بعد استشهاد الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – بمكيدة منهم وتخطيطٍ منهم ومؤامرة منهم.

عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – وهو الامتداد الإيماني الحقيقي الذي يفضح حركة النفاق، التي تستطيع أن تتماهى حتى مع بعض الرموز، لكنها لا تستطيع أن تنسجمَ مع عَـلِـيّ وتستطيع أن تنسجم كُلّ الانسجام مع بني أمية وتمجد بني أمية وتعظّم بني أمية بالتأكيد، وهذا واضح المناهج المدرسية لديهم، والنظام السعودي مثالٌ على ذلك التوجه الفكري الثقافي يعادي عَـلِـيّاً عليه السلام يحط من قدر عَـلِـيّ، الاتجاه الوهابي في أغلبه له موقفٌ واضحٌ ضد الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – والكثير منهم يشعر بالضيق فوراً عندما يسمعك تتحدث عن عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – ولكن من الشيء المهم ومن حجة الله القاطعة أن النصوص المهمة في الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – ومنها أنت مني بمنزلة هارون من موسى، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، أنت مني بمنزله هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وغيرها من النصوص المهمة، ومنها من كنت مولاه فعلي مولاه، وحديث الغدير أَيْـضاً، وسائر النصوص المهمة التي تبين مقام عَـلِـيّ وحاجة الأُمَّـة إِلَـى عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – هي ثابتة في موروث الأُمَّـة كُلّ الأُمَّـة.

 

جوانب من شخصية الإمام علي (عليه السلام)

حبه الشديد لله ورسوله

كان الإمام علي (عليه السلام) ممتلئاً قلبه بمحبة الله ورسوله وكان يحظى بمكانة عظيمة عند الله ومحبة كبيرة من الله ورسوله.

في حادثة جعل منها الرسول درساً للأمة في مواجهة اليهود في خيبر قال الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) [لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله]  كان رجلاً بما تعنيه الكلمة [يحب الله ورسوله] فكان قلبه ممتلئاً بالمحبة لله والمحبة لرسوله هذا يقدم لنا الإسلام بشكله الحقيقي هكذا يجب أن تكون أنت كمسلم تحمل في قلبك المحبة الصادقة المحبة العالية أن يكون قلبك المعلق في صدرك ينبض بحب الله فوق محبتك لكل شيء هذا يهيئك للاستجابة لله يهيئك للانطلاقة الصادقة مع الله يدفعك في ميادين العمل بما فيه رضى الله وهذه شهادة من رسول الله للإمام علي (عليه السلام) شهادة عن واقع عن حقيقة مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى[رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار يفتح الله على يديه] وكان هذا ما حصل.

 جهاده وتضحيته

الإمام علي (عليه السلام) في سجله الجهادي لم يساويه أحد من المسلمين فما وقف أحدٌ موقفه ولا جاهد جهاده ولا ضحى تضحيته ولا صابر صبره ولا صمد صموده أحدٌ من أمة محمد هذا هو في هذا الجانب في مجال الجهاد والتضحية.

أنظر إلى كل ميدان من ميادين الحق من ميادين الخير من ميادين الإسلام تجد بعد محمد علي علي هو السابق من هذه الأمة. فلذلك في موقفه المشهور في أول عمل فدائي وأول موقف للتضحية والبذل والجهاد في موقف المبيت على فراش النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم)) في تلك العملية التي كانت عملية استشهادية بكل المقاييس كان علي هو الحاضر لأن يكون هو الرجل الأول الذي يبادر إلى ذلك بروحه العالية وإيمانه العظيم ونفسه القوية الاستشهادية وروحية البذل والعطاء والتضحية على أرقى ما يكون وأسمى ما يمكن وهكذا واصل حياته. فمن غزوة إلى أخرى ومن واقعة إلى ثانية ومن بدر إلى أحد ومن أحد إلى غيرها إلى الخندق إلى مبارزة عمرو بن عبد ود التي قال عنها الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) :(برز الإسلام كله إلى الشرك كله). كان علي في ميادين الحرب في ميادين المواجهة يمثل الإسلام ولكن أرقى تمثيل وأعظم تمثيل.  كان سخياً بنفسه لله لم يبخل بموقف ولم يبخل بخطوة في سبيل الله ولم يبخل بعمل في سبيل الله فكان سيفه عندما أشرف على فراق هذه الدنيا مليء بالثلم طالما ضرب به في سبيل الله. بمواقفه العظيمة بصموده باستبساله بصبره بشموخه بتفانيه في سبيل الله كان عند أوان استشهاده أوان فراقه لهذه الحياة كان مليئاً بالجروح.  كم خاض من المعارك  كم وقف بسيفه من أجل الإسلام  كان حاضراً في كل فترة في كل معركة في كل حادثة يكون الإسلام فيها على خطر  في كل حادثة تستدعي تضحية أو بذلاً أو موقفاً كان سريع الاستجابة وبروحية عالية. روحية محبة.

 بذله وعطاءه ورحمته بالناس.

لو نأتي إلى جوانب أخرى من حياته (عليه السلام) في مجال العطاء والبذل والرأفة والرحمة والحرص الشديد على رضى الله جل شأنه رحمته بالناس من حوله لذلك ذكر لنا القرآن الكريم وسجل موقفًا يدلل على مدى رحمته وإيثاره وعطفه وحنانه المتميز سجله في سورة الإنسان في موقفٍ مشهور ٍ معروف له ولزوجته فاطمة الزهراء (رضوان الله عليها) تلك الأسرة النبوية الكريمة العظيمة فيما تحمله من قيم في صيامهم ومع غروب الشمس ودخول الليل وعندما حان وقت الإفطار وأتى وقت العشاء بجوعهم وعطشهم ولديهم القليل من الطعام، في وضعٍ اقتصٍاديٍ صعب عاشوه في تلك المرحلة يأتي إليهم ذووا الحاجة من الناس، المسكين واليتيم والأسير فكان الموقف الذي سجله لهم القرآن الكريموَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً8 إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً9 بكل رحمة بكل عاطفة بكل محبة ومن واقعٍ إيمانيٍ قائمٍ على الخوف من الله وعلى ابتغاء مرضاته وعلى السعي للحصول على رحمته يقدمون طعامهم وهم في أشد الحاجة إليه يصبرون على جوعهم ويأثرون أولئك ذووا الحاجة والفقر والشدة، المسكين واليتيم والأسير على أنفسهم هكذا يبرزون ويقدمون قيم الإسلام بأرقى صوره بأجمل صوره..

عدله

حتى بعد ما تمكن من قيادة هذه الأمة هو ذلك الرجل الذي قال :((والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت))  هذا قمة العدل قمة العدل لو أعطي الأرض بكل ما في الأرض على أن يظلم نملة  نملة صغيرة يسلبها حبة شعير مجلوبة ما فعل ما تجرأ على أن يعصي الله في نملة كيف بمن إذا قادوا الأمة وأمسكوا بزمام أمرها ظلموها وبطشوا بها ونكلوا بها ونهبوا خيراتها وتحولوا إلى متسلطين جبابرة وطغاة ظلمة. هكذا وقد أصبح بيده أمر هذه الأمة وهو في مستوى أن لا يتجرأ على ظلم نملة في سلبها جلب شعيرة بمقابل الدنيا بأجمعها فهل سيظلم فيما فوق ذلك أو أكبر من ذلك؟.(من خطاب السيد في ذكرى استشهاد الإمام علي 1434هـ)

 

اغتيال الإمام علي (عليه السلام) شاهد على انحراف الأمة عن الخط الذي رسمه رسول الله (صلوات الله عليه وآله)

كيف لا تكون ذكرى حزينة أن نرى ذلك البطل، ذلك العظيم، ذلك العَلَم يسقط شهيداًً. هل كان سقوطه ذلك في مواجهة مع أعداء الإسلام فكان السيف الذي قُتِل به من خارج هذه الأمة؟ إنه وللأسف الشديد، والذي يدل على الشقاء الذي وقعت فيه هذه الأمة أن علياً (صلوات الله عليه) يسقط شهيداً في عاصمة دولته، في باب محرابه، في فِنَاءِ مسجده، وسط هذه الأمة، وبسيفٍ محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرات من قبل من أصبح فيما بعد خليفة يحكم هذه الأمة، والكل تحت عنوان: إسلام ومسلمين.

إن هذا يدل على ماذا؟ يدل على انحراف عن الخط السوي، عن الصراط المستقيم؛ لأن من المعلوم أن دعوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن رسالته، أن تربيته، أن منهجيته كانت بالشكل الذي تخلق ساحة للعظماء، تخلق أمناً للعظماء، تخلق التفافاً تحت رايات العظماء, لا أن يصير الحال إلى أن نرى أولئك العظماء يتساقطون واحداً تِلوَ الآخر داخل هذه الساحة. فعلي يسقط شهيداً، والحسن بعده يسقط شهيداً، والحسين بعده يسقط شهيداً، وزيد بعده يسقط شهيداً وهكذا واحداً تِلوَ الآخر!.

هل كان ذلك وليد تلك اللحظة؟ وليد ذلك الشهر الـذي سقط فيه الإمام علي (صلوات الله عليه) شهيداً؟. لا. إنه الانحراف الذي بدأ، والذي يرى البعض بل ربما الكثير يرون في تلك البداية وكأنها بداية لا تشكل أيّة خطورة، لكن شاعراً كـ[الهَبَل] مرهف الحِس، عالي الوَعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث, وتسلسل تبعاتها, يقول في كلمة صريحة في بيت صريح:

وكل مُصابٍ نَالَ آل محمدٍ فليس سوى يوم السَّقِيفَة جَالبُه

عندما نرى الإمام علياً (صلوات الله عليه) يسقط شهيداً لا يكفي أن نحزن، لا يكفي أن نبكي، لا يكفي أن نتألم, بل لا بد أن نأخذ العبرة، أن نتساءل: لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة؟! ولماذا رأينا فيما بعد وعلى امتداد التاريخ الكاذبين الظالمين الطغاة, المحرفين للدين، المنتهكين لحرمات الله هم من يحكمون هذه الأمة؟! وباسم رسالة هذه الأمة [الإسلام]! وباسم نبي هذه الأمة [أمير المؤمنين, خليفة رسول رب العالمين،] وعناوين من هذه؟!.(الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي)

 

الإمام علي منهجية نبوية وقرآناً ناطقاً

إذاً سنرجع إلى علي باعتباره قرين القرآن، ولا يمكن بحال أن نتأثر بتلك الضجة الإعلامية, وبذلك الإرهاب الثقافي الذي يفرضه الآخرون؛ لأننا نجدهم هم, ونجد أنفسنا أيضاً لو استجبنا لهم سنصطدم بمثل هذه الأحاديث، سنصطدم بالقرآن، نصطدم بالرسول، نصطدم بالواقع أيضاً, نصطدم بالواقع.

فعندما نرى عليا (صلوات الله عليه), نرى فيه المنهجية التي سار عليها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، نرى فيه القرآن الناطق كما قال هو عن نفسه.

إذاً فلنستنطق علياً فيما يتعلق بقضايانا، الأحداث التي مر بها علي، المواقف التي سار عليها علي، التوجيهات التي أطلقها الإمام علي, فيما يتعلق بتصحيح عقائدنا، فيما يتعلق بترسيخ إيماننا، ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية التي جاء بها كتابنا, ورسولنا (صلوات الله عليه وعلى آله).

 

  • منهجية (أفي سلامة من ديني؟))

ففي موضوع الشهادة مثلاً, موضوع الشهادة, لقد كان الإمام علي على علم عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يوم أن أخبره بأن لحيته سَتُخْضَب من دم رأسه.

هذا الخبر لو يأتي لشخص منا – ربما – قد يكون مزعجاً، لو يأتي هذا الخبر لشخص منا قد ينظر إلى ما حوله, ينظر إلى أسرته, إلى أولاده, إلى ممتلكاته إلى مظاهر الحياة من حوله فيبدو متأسفاً ويودع نفسه حيناً بعد حين وينتظر متى يخضب دم رأسه لحيته، لكن عليا كان يهمه شيء واحد.

كيف أجاب على الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)؟. قال: ((يا رسول الله أَفِيْ سلامة من ديني؟)) أفي سلامة من ديني يحصل هذا؟ ((قال: نعم. قال: إذاً لا أبالي)) مادام أن ديني سليماً.

الإمام علي عندما يقول بهذه العبارة يعطينا إشارة مهمة جداً، وكأنه يلحظ من خلال ما يسمع من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه سيحصل ضلال، يحصل انحراف، تحصل فتن. يهم أي إنسان حريص على سلامة نفسه أن يبحث عن سلامة دينه, وأن يحرص على سلامة دينه.

لو كانت الأمور عند الإمام علي (عليه السلام), في رؤيته – يوم قال لـه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بهذا الكلام – هو أن هذه الرسالة ستمشي بشكل طبيعي، وسيكون الناس كلهم هكذا بشكل صحيح يسيرون جيلاً بعد جيل لما سأل الرسول: ((أفي سلامة من ديني؟)).

ناهيك عما إذا كان قد قال لـه: أن الذي سيقتله هو أشقى هذه الأمة، أي من هذه الأمة، وهو من يجلب الشقاء على هذه الأمة، وشبَّهه بعاقر ناقة ثمود الذي جلب الشقاء على تلك الأمة فجعلها تستحق عذاباً شديداً من الله، استأصل تلك الأمة بأكملها.

((أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟)) ما أحوجنا إلى هذه المشاعر!.

تجد الإمام علياً تأكد أيضاً بأنه فعلاً كان قريناً للقرآن, وما يزال قريناً للقرآن, أن هذا هو منطق القرآن نفسه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102)أليس هذا توجيه يحث كل إنسان منا على أن يكون حريصاً على أن يسلم له دينه؟ وأن يكون كل ما يهمه هو أن يسلم له دينه، على الرغم من كل ما يواجهه، على الرغم من أي شيء يمكن أن يواجهه حتى وإن كان خبراً مؤكداً على نحو ما جاء لعلي (صلوات الله عليه): ((ستخضب هذه من هذا)) وأشار إلى لحيته ورأسه؟.

ومن خلال هذا نعرف موقعنا نحن من القرآن ومن قرين القرآن، عندما نجد الكثير منا، الغالبية العظمى منا يضحي بدينه من أجل احتمال أن تسلم لـه دنياه، إحتمال أن تسلم لـه قدماه ناهيك عن رأسه، أو لاحتمال أن لا يبـيت ليلة في سجن من السجون، لاحتمال أن لا يضحي بمبلغ من المال في سبيل إعلاء كلمة ربه، أليس كثير من الناس على هذا النحو؟.

كأننا نقول للقرآن نفسه عندما يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}(الصف: من الآية14ه) أفي سلامة من دنيانا يا قرآن الله؟!. عندما يقول: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (آل عمران: من الآية104) تمام, لكن هل في سلامة من دنيانا ورؤوسنا وأقدامنا وأيدينا يا كتاب الله؟!.

إن كل إنسان يتولى عليا، إن كل إنسان مصدق برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وبكتاب الله يجب أن تكون مشاعره على هذا النحو الذي كان يسيطر على مشاعر علي (عليه السلام): ((أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟. قال: نعم: إذاً لا أبالي)).

ولقد كان يقول: ((والله لا أبالي أوقعت على الموت أو وقع الموت عليّ)) إن كل شيء يهمه هو أن يكون هناك السلامة لدينه، فلتخضب دماء رأسه لحيته، وليتقطع إرباً, وليكن ما كان ما دام دينه سالماً لـه.(الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي)

 

  • الإنسان لا يمكن أن يسلم إذا لم يسلم لـه دينه, لا في دنياه ولا في آخرته

وهذه هي الرؤية الصحيحة، هذه هي السلامة لمن يبحث عن السلامة، الإنسان لا يمكن أن يسلم إذا لم يسلم لـه دينه, لا في دنياه ولا في آخرته، ما الذي جعلنا نُظلم؟ ما الذي جعلنا نُقهر ونحن ملايين؟ نمتلك الإمكانيات الكبيرة، نمتلك الجيوش، نمتلك الثروات الضخمة والهائلة في باطن الأرض وظاهرها، نمتلك رقعة استراتيجية مهمة؟ لأن ديننا لم يسلم لنا, فوجدنا أنفسنا لم نسلم من الذل، لم نسلم من القهر, لم نسلم من النهب.

أصبحت هذه الأمة ذليلة, أصبحت مستضعفة, أصبحت مقهورة؛لأنها لم تفكر تفكير قرين القرآن ((أفي سلامة من ديني؟))، وحينها عندما تنطلق لتبحث عن السلامة لنفسك وأنت لا تفكر في أن يسلم لك دينك فلن تسلم نفسك، لن يسلم عِرْضك، لن تسلم كرامتك، وفي الأخير لن تسلم أنت في الآخرة يوم تلقى الله، لن تسلم سوء الحساب، لن تسلم نار جهنم.

إنها الرؤية الحكيمة, ليست رؤية ذلك الذي يفكر في ممتلكاته البسيطة، يفكر في نفسه هو فيرى نفسه أغلى من الدين بكله، يرى نفسه أغلى من نفس الرسول، أغلى من نفس علي، أغلى من نفس الحسن، أغلى من نفس الحسين.

متى يمكن أن يكون لإنسان يفكر هكذا تفكير قيمة عند الله؟ متى يمكن أن يُمنح إنسان على هذا النحو عزة من الله؟ لا، إنه بهذا التفكير يُعتبر تجسيداً صادقاً لمن يَعْشُ عن ذكر الرحمن{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(الزخرف:36).

كم هو الفارق بين أن تكون في الاتجاه الذي يمنحك الله فيه العزة، يمنحك الله فيه القوة, التأييد، يمنحك الله فيه سلامة آخرتك وإن لم تسلم دنياك؟ كم هو الفارق بين واقع شخص على هذا النحو وبين شخص يُقَيِّض لـه الله شيطاناً يصبح قريناً لـه {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}(الزخرف:37) وواقع إنسان يُسلط الله عليه شرار عباده، يسلط الله عليه من يسومه سوء العذاب في دنياه, وفي يوم القيامة سوء الحساب, وسوء العذاب في نار جهنم؟ نعوذ بالله من نار جهنم. (الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي)

 

  • الإمام علي ما يزال حياً كما أن القرآن الذي قرنه به الرسول حياً

إن عليا (صلوات الله عليه) – وإن وجدناه [سَقَطَ] بل نقول صعد إلى ربه شهيداً – إنه ما يزال حياً كما أن هذا القرآن الذي قرنه به الرسول حياً، حياً فيما يعطيه من هدى, من نور، من دروس، من عظة، من عبر، حياً فيما يعطيه الأحرار، فيما يعطيه المجاهدين، فيما يعطيه الصادقين من دروس تجعلهم يذوبون في هذا الدين.

أنت عندما تنظر إلى نفسك، أنا عندما أنظر إلى نفسي, وأنظر أيضاً إلى علي (صلوات الله عليه) فأكون حريصاً على سلامة نفسي وإن كان ثمن ذلك أن أُلقي بعلي، وبدين علي، وبمنهج علي، وبتوجيهات علي عرض الحائط، هذا يعتبر من أسوء الانحطاط الذي يمر به الإنسان.

هل يمكن أن أرى نفسي، أو أي واحد منا يرى نفسه أغلى من نفس علي (صلوات الله عليه)؟؟. هل يمكن لأحدٍ منا أن يرى نفسه، أن يرى دمه أغلى من دم علي (صلوات الله عليه)؟. لا يمكن لأحدٍ أن يقول لنفسه هكذا وإن كان واقع الكثير منا هكذا.

فعلي (صلوات الله عليه) عندما وجدناه كان يستقبل ذلك الحدث الذي يتوقعه: أن يخضب دم رأسه لحيته ويسقط شهيداً, لم يكن من‍زعجاً من ذلك، كان الذي يزعجه هو ما يرى الأمة فيه وهي تسير باتجاه ذات الشمال، وهي تبتعد حيناً بعد حين, ومسافات طويلة تبتعد عن كتاب الله, وعن منهج رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله).

كان يتألم عندما يرى أن تلك الجهود التي بذلها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وبذلها هو تحت لوائه, في مكة, وفي المدينة, في معارك الإسلام, كلها ضاعت هباء، وصارت هباء منثوراً تحت أقدام، وعلى أيدي من لم يكونوا يجرؤون في يوم من الأيام أن ين‍زلوا إلى ساحات الوغى لمواجهة أعداء الله.(الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي)

 

  • مظلومية الإمام علي (عليه السلام)

لقد كان الإمام علي (صلوات الله عليه) يخوض غمار الموت, ويقتحم الصفوف, في بدر, في أحد, في كل معارك الإسلام, بينما كان أولئك يجلسون جانباً, وَلَيْتَهم جلسوا جانباً من بعد ممات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لا. كانوا في أثناء احتدام مواجهة الكفر يجلسون جانباً، وعنـدما نـزل (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى قبره, بل من قبل وهو ما يزال على فراش الموت بدأوا يتحركون وين‍زلون إلى ساحة هذه الأمة؛ لينحرفوا بها عن نهج محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي من أجله كان يقتحم ساحات الوغى، يقتحم الصفوف, وهو يواجه المشركين ويواجه الرومان, ويواجه اليهود, ويواجه كل أصناف أعداء الإسلام، برزوا بعد!.

هناك عبارة قالها أحد العلماء بالنسبة لعلي (صلوات الله عليه): [لو كانت الأمور تُقاس بمقاييس الدنيا لما رأينا أحداً يُعدُّ مظلوماً أكثر مما حصل على علي من الظلم] يجاهد، يعاني، يتعب في سبيل دين هو يعلم أنه دين عظيم، وفي خير هذه الأمة، وفي مصلحة هذه الأمة، وفي عزة هذه الأمة, ثم يرى أيادي تعبث بهذا الدين.

يتجه إلى تلك الأمة نفسها التي من أجلها جاهد، من أجلها عانى، من أجل عزتها تعب, يحاول أن يحركها قبل أن يَعْظُم الخَطْب، في مرحلة كان يمكن أن يتلافى فيها ما حصل لم يحصل له استجابة، حرّك الزهراء (صلوات الله عليها)، حرك الجانب العاطفي، ماذا عمل أولئك عندما خطبت فيهم الزهراء؟. بكوا وقالوا: إن خطوتها ما تَخْرُم خطوة رسول الله، تذكروا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في خطوة فاطمة, وخطى فاطمة, ومنطق فاطمة, ولم يتذكروا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فيما ذكرتهم به فاطمة!.

بكوا لغياب الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ولم يبكوا لغياب دينه، لم يبكوا لغياب الدين الذي كان الرسول مستعداً من أجله أن يُقتل، وواجه المخاطر الشديدة من أجل هذا الدين.

فكيف لا يتألم الإمام علي (عليه السلام), وكيف لا يرى نفسه مظلوماً وهو يرى الأمور تسير على هذا النحو الذي يضيع كل الجهود التي بذلها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله), وكل الجهود التي بذلها هو وبذلها عظماء آخرون من خيار صحابة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله). (الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي)

 

  • الإمام علي (صلوات الله عليه) يُلْهِم الناس كيف تكون المواقف الصحيحة

وعندما نرجع إلى علي (صلوات الله عليه) نراه – كما أسلفنا – يُلْهِمُ من خلال ما قدّم، من خلال ما تكلم، يُلْهِم الناس كيف تكون المواقف الصحيحة, كيف تكون التوجهات التي فيها نجاة الناس. عندما نرجع إلى فضائل الإمام علي (صلوات الله عليه) نجد أن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يثني عليه كثيراً.

يجب أن نفهم من كل هذا، من كل ما قدمه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، من فضائل لعلي، من كل ما ذكره من فضائل لعلي، من كل ما وجدناه من مواقف عظيمة لعلي أن تفكير النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وتفكير علي، وما يريده النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)، وما يريده الإمام علي هو أن نأخذ من ذلك العبرة، نأخذ من ذلك الوعي، نأخذ من ذلك ما يجعلنا مستبصرين في كل شؤون الحياة، في كل المواقف التي يطلب منا أن نقفها في هذه الحياة، أن نعرف المقاييس الصحيحة التي من خلالها نستطيع أن نقيّم الأشخاص والمواقف والاتجاهات في هذه الحياة؛ لهذا قال عنه (صلوات الله عليه وعلى آله): ((علي مع الحق، والحق مع علي)).

ونحن شيعة علي يجب أن نرجع إلى دراسة تاريخ علي، إلى دراسة سيرة علي (صلوات الله عليه)؛ لنعرف كيف نقتدي به؟ كيف نسير على خطاه؟ كيف نتمسك بنهجه؟ كيف نسلك السبيل الذي سلكه؟ كيف ننظر إلى الأمور كنظرته؛ لأنه بالتأكيد قرين القرآن.

 

  • استقبال علي (صلوات الله عليه) للشهادة

ثم نأتِي إلى موضوع آخر هو: كيف كان استقبال علي (صلوات الله عليه) للشهادة؟.

قد تحدثنا عن ما الذي أوصل الإمام علياً (صلوات الله عليه) إلى أن نراه يخرُّ صريعاً في وسط أمة مسلمة، وداخل بيت من بيوت الله، كيف كان استقباله للشهادة هو؟. لنعرف أن الإمام علياً (صلوات الله عليه) كان يرى أن مقام الشهادة مقام عظيم، وأنها أمْنِيَة كان يطلبها، أنها أمنية كان يسأل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عنها هل سيحصل عليها؟، ومتى سيحصل عليها؟.

استقبلها الإمام علي (عليه السلام) استقبال من يعرف كرامة الشهيد, عظمة الشهيد. فعندما خرَّ صريعاً بعد تلك الضربة قال (صلوات الله عليه): ((فُزْتُ ورب الكعبة)).

بينما نرى التاريخ يحكي عن أشخاص آخرين ممن سبقوه أن أحدهم تمنى عند احتضاره أنه كان بَعَرَات لخروف تتساقط هنا وهناك، لكن علياً (صلوات الله عليه) قال: ((فزت ورب الكعبة))؛ لأنه على يقين من سلامة دينه، على يقين من صحة موقفه، على يقين من صحة نهجه، على يقين من أن الله سبحانه وتعالى قد منح الشهداء،  وأعطى الشهداء الكرامة التي تجعل مثله – على الرغم من عباداته الكثيرة – يصرخ بهذه الكلمة العظيمة مقسماً: ((فزت ورب الكعبة)). (الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي).

  • نستلهم من الإمام علي (صلوات الله عليه) الصبر على الحق، الصمود في مواجهة الباطل

ما أحوجنا – أيها الإخوة – إلى أن نستلهم من علي (صلوات الله عليه) الصبر على الحق، الصمود في مواجهة الباطل، استقبال العناء والشدائد بصدور رَحْبَة، بعزائم قوية، بإرادات لا تُقهر، برؤية واضحة، ببصيرة عالية فنكون ممن يحمل شعور علي حتى في لحظة الاستشهاد، في لحظة اغتياله يرى نفسه مسروراً ((فزت ورب الكعبة)).

لماذا سماه فوزاً؟. وهل يمكن للكثير منا.. الذي يرى نفسه فائزاً أنه لم يُقْحِم نفسه – كما يقول الكثير – في مشكلة، أنه لم يدخل في عمل ربما يؤدي إلى مشكلة، أنه يبتعد مسافات عن أن يحصل عليه أبسط ما يحتمل من ضر في ماله أو في نفسه، هل يمكن لأحد ممن يفكر هذا التفكير أن يقول عندما يحتضر, عندما تأتيه ملائكة الموت: ((فُزتُ ورب الكعبة))؟؟. لا والله، بل ربما يصرخ مُتَأَوِّهاً، بل ربما يَبْهَرَه الموت – كما قال الإمام علي (صلوات الله عليه) وهو يوصي ابنه الحسن ويحذره من أن يكون على طريقة سيئة عندما يفاجئه الموت – قال: ((فيَبْهَرَك)). نعوذ بالله من بَهْرَة الموت.

متى تكون بَهْرَة الموت؟ عندما تكون أنت من لم تحرص على سلامة دينك، من لم تُضَحِّ من أجل دينك، من لا تعتبر السقوط شهيداً في سبيل الله من أجل سلامة دينك فوزاً، سيبهرك الموت، وسيبهرك الحشر، وستبهرك زبانية جهنم.. هذا شيء لا شك فيه.

الإمام علي عندما يقول: ((فزت ورب الكعبة))؛ لأنه سار على منهجية هي منهجية يفوز من سار عليها.

عاش مجاهداً في سبيل الله، عاش أميناً، عاش صادقاً، عاش ناصحاً، عاش حراً، عاش ينطق بالحق.. ولولا علي، لولا كلمة علي، لولا مواقف علي لما وصل الدين إلينا بنقاوته، لما وصل الدين إلينا بصفائه من داخل ظلمات ذلك الانحراف الذي أوصل معاوية – وهو اللعين ابن اللعين – إلى سُدَّةِ الحكم, إلى أن يتحكم على رقاب هذه الأمة.

الإمام علي (صلوات الله عليه) بعد أن عاش مجاهداً, عاش على هذا النحو الذي أصبح فيه فعلاً – وهذه نقطة مهمة يجب أن نتفهمها – شاهداً لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأنه في علي (صلوات الله عليه) نزل قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}(هود: من الآية17).(الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي)

من وصايا الإمام علي صلوات الله عليه

الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) يقول لابنه الحسن في وصيته الخالدة: (ولا تأخذك في الله لومة لائم، وخض الغمرات للحق حيث كان) وخض غمرات الموت للحق حيث كان يقول لأبنائه:(كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا) هكذا يقول لأبنائه: (كونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا) يقول في وصيته قبيل وفاته، وصية من أجمل الوصايا: (الله الله في نظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: صلاح ذات البيت أفضل من عامة الصيام والصلاة) ويقول في تلك الوصية:(الله الله في كتاب ربكم لا يسبقنكم إلى العمل به غيركم).[ أهل البيت عليهم السلام]

 

من ينطلقون بإيمان ناقص هم من يجنون على الأمة

أولئك [الخوارج]، الخوارج هم مجموعة من جند الإمام علي (عليه السلام) انشقوا عنه في أيام [صفين] بعد أن رفع معاوية وأصحابه المصاحف عندما أحسوا بالهزيمة وقالوا: بيننا وبينكم كتاب الله, فأولئك المتعبدون على جهل، الجنود الذين هم غير واعين تأثروا بتلك الدعاية! وهكذا سيحصل في كل عصر لأي فئة وإن انطلقوا تحت اسم أنهم جنود لله, وأنصار لله، إذا ما كان إيمانهم ناقصاً, سيجنون على العمل الذي انطلقوا فيه, سيجنون على الأمة التي يتحركون في أوساطها, سيجنون على الأجيال من بعدهم، وهم من انطلقوا باسم أنهم يريدون أن ينصروا الله, وأن يكونوا من جنده لكن إيمانهم ناقص، ووعيهم ناقص.

أتظنون أن انتصار الدولة الأموية, وتمكنها لتقهر الآخرين، ثم تمكنها لأن تصنع أمة أخرى غير الأمة التي أراد محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يبنيها من ذلك الزمان إلى الآن؟. أنه فقط قوتهم، بل تخاذل من هم يحملون اسم جند الحق، قلة إيمانهم، ضعف إيمانهم، ضعف وعيهم. لماذا انتهت معركة صفين دون هزيمة لمعاوية, وقد كانت مؤشرات الهزيمة بدأت؟ عندما تخاذل أولئك الجنود من صف الإمام علي وتحت رايته.

لماذا وقد تحرك الإمام الحسن ليواصل المسيرة, مسيرة والده الإمام علي فآل الحال إلى أن يقف مقهوراً ويأخذ ما يمكن من الشروط لتأمين مجتمع أهل العراق، عندما تخاذل أصحابه. الإمام الحسين آلت قضيته إلى أن يقتل في كربلاء, بسبب ماذا؟. تخاذل أصحابه، التخاذل الذي يصنعه ضعف الإيمان، قلة اليقين، انعدام الوعي.

وكان الإمام علي (عليه السلام) يحذِّر, وعندما كان يحذر كان يوجه تحذيره إلى جيشه, إلى أصحابه، وليس إلى أولئك إلى جيش معاوية، يقول لأهل العراق: ((والله إني لأخشى أن يدال هؤلاء القوم منكم لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)). كان جيش معاوية يجتمعون تحت رايته لكن أصحاب الإمام علي كانوا يتخاذلون ويتثاقلون، والتفرق قائم بينهم, لا يتحركون إلا بعد عناء وتعب شديد وتحريض مستمر.

ما الذي جعلهم على هذا النحو؟ هو قلة إيمانهم فلهذا كان زين العابدين (عليه السلام) يوم صاغ هذا الدعاء [دعاء مكارم الأخلاق] صدّره بهذه الفقرة المهمة ((اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان)) فأنا رأيت ما عمله في الأمة، ما عمله في الإسلام ضعف الإيمان، ما عمله الإيمان الناقص من آثار سيئة، عدم وعي إلى درجة رهيبة أن يكون أولئك الناس الذي بينهم علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، لكنهم كانوا عندما يرون أنفسهم لا يخافون عليا يأمنون جانبه، كان يكثر شقاقهم، ونفاقهم، وكلامهم، ومخالفاتهم، وتحليلاتهم وتمردهم، وأذيتهم. [ في ظلال دعاء مكارم الأخلاق ـ الدرس الأول]

 

حاجتنا إلى الإمام علي (عليه السلام)

“إني والله لو لقيتهموهم قلاعُ الأرض كلها أتون من كُلّ سهل وجبل ما باليت ولا استوحشت”

اليوم المستضعفون فيما يواجهونهم من أخطار وتَحَـدِّيات من مؤامرة الظالمين والطغاة من بطش المتجبرين والمستكبرين هم في أمسّ الحاجة، جميعاً نحن في أمس الحاجة إِلَـى الاستفادة من عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ -، إن نفحة من إيمان عَـلِـيّ وعزم عَـلِـيّ وقوة إرادة عَـلِـيّ وبصيرة عَـلِـيّ ويقين عَـلِـيّ ووعي عَـلِـيّ هي كفيلة بأن تجعل من هذه الأُمَّـة أمة تقف الموقف العظيم الموقف اللائق الموقف الذي يرضي ربها ويرضي نبيها صَلَـوَاتُ اللهِ عَلَيْـهِ وَعَلَى آلِه وينسجم كُلّ الانسجام مع كتابها مع القُـرْآن الكريم الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – وهو العلامة الفارقة قال – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – فيما عبّر به من كتاب إِلَـى أهل مصر فيما عبر به عن ثباته وعن عزمه وعن قوة إرادته وعن شجاعته فيما تحتاج إليه الأُمَّـة والشيء الذي نستفيده من عَـلِـيّ هو الشيء الكثير جداً جداً، عَـلِـيّ مدرسة بكاملها وليس مقاماً فقط لمحاضرة أَوْ كلمة في مناسبة قال – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – (إني والله لو لقيتهم) وهو يتحدث عن الأعداء واحداً يعني بمفردي (وهم قلاعُ الأرض كلها ملء الأرض أتون من كُلّ سهل وجبل من كُلّ موطن ما باليت ولا استوحشت)، هذا هو الإيمان، هذه هي الروحية الإيمانية التي تجعل الإنسان ثابتاً مطمئناً مهما كان حجم التَّحَـدِّيات والأخطار، (وإني من ضلالهم الذي هم فيه والهدى الذي أنا عليه لَعلى بصيرة من نفسي ويقينٍ من ربي)، هذا من أهم ما نستفيده من عَـلِـيّ أن نسعى لأن نكون دَائماً على بصيرة ووعي وَأن نكونَ على يقين فيما نحن عليه من الحق، (وإني إِلَـى لقاء الله لمشتاق)، يعني ليس عندي طمعٌ في الحياة ولا طمع في موقع الحكم لأغراض نفسية أَوْ شخصية، (ولكنني آسى على هذه الأُمَّـة) ولكنني آسى أن يلي هذه الأُمَّـة سفهاؤها وفجّارها، هذا ما كان يخشى منه عَـلِـيّ عليه السلام على الأُمَّـة ويحزن ويأسف من أن يحل هذا بالأُمَّـة أن يلي هذه الأُمَّـة سفهاؤها وفجارها، فيتخذ مال الله دولاً، يستأثر بالخيرات والمال العام فيصبح أغلب الأُمَّـة من الفقراء ومن أشد الحالات المؤثرة في واقع الأُمَّـة، الفقر يصبح وسيلة هو في حد ذاته لإفساد الأُمَّـة لاستغلال الناس لظلمهم وهو من أكثر مظاهر الظلم وهو من أكثر عوامل الفساد، ونتيجته هي هذه أَوْ سببه الرئيسي هو هذا، حينما يستأسر الطغاة والظالمون بالمال العام بالحق العام بثروات الأُمَّـة ثم يترك الأُمَّـة تعاني بفقرها وبؤسها وعباده خولٌ والصالحين حربٌ، مَن وجدوه صالحاً حاربوه استهدفوه بكل الوسائل والفاسقين، حزباً يجعلون من الفاسقين حزباً يتكتل لضرب الأُمَّـة لظلم الأُمَّـة لاستهداف الأُمَّـة في كُلّ شيء فَإن منهم الذي شرب فيكم الحرام وجلد حداً في الإسْـلَام وَأن منهم مَن لم يسلم حتى رضخت له على الإسْـلَام الرضائخ، فلولا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم وجمعكم وتحريضكم ولتركتكم إذ أبيتم وونيتم، ألا ترون إِلَـى أطرافكم قد انتقصت وَإِلَـى أنصاركم قد افتتحت وَإِلَـى ممالككم تزوى وَإِلَـى بلادكم تغزى انفروا رحمكم الله إِلَـى قتال عدوكم ولا تثاقلوا إِلَـى الأرض فتقروا بالخسف.. فتخاذل الأُمَّـة هو سببٌ لهوانها لذلها لسيطرة الأشرار والسفهاء والفجار والظالمين والمستكبرين والمنافقين عليها فتقروا بالخسف وتبوئوا بالذل ويكون نصيبكم الأخس وَأنا أخو الحرب الأرق المستيقظ المنتبه ومن نام لم ينم عنه والسلام.

 

عبر ودروس من حياته

عندما نحيي هذه المناسبة وهي أليمة وهي محزنة وهي فاجعة كبرى فإنَّ من أهم ما نسعى له هو أخذ العبرة والدروس من جانب، ومن جانب أخر لنعزز ارتباطنا وولاءنا واتباعنا واقتداءنا بهذا الرمز العظيم الإمام علي (عليه السلام) الذي مثَّل امتداداً حقيقياً أصيلاً للإسلام بعد وفاة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وفي مرحلة مهمة وحساسة من تاريخ الأمة.

 

نتعلم منه الشجاعة والثبات في مواجهة الطاغوت

كان الإمام علي (عليه السلام) في بدر وهي الملحمة الكبرى الأولى للمسلمين،والإسلام في مواجهة قوى الطاغوت والشرك الاستبدادية الظالمة الطاغوتية فكان موقف الإمام علي (عليه السلام) في تلك الملحمة الكبرى والأولى في تاريخ الإسلام والتي أسست لمرحلة جديدة أخرجت المسلمين من واقع الاستضعاف والقهر والتعذيب إلى موقع القوة وإلى موقع الحضور الثابت الراسخ، كان الإمام علي (عليه السلام) متميزًا بمواقفه التي سجلها التاريخ لدرجة أن الحد الأدنى لما تنقله الروايات لقتل الأعداء في غزوة بدر الكبرى الذين قتلهم الإمام علي (عليه السلام) بنفسه كان يعادل ثلث قتلى العدو وكل المسلمين اشتركوا وشاركوا وشارك هو معهم فيما بقي من قتلى العدو في تلك الملحمة الكبرى.. هكذا كان وزنه وهكذا كان دوره رجلاً عظيمًا وبطلاً ثابتًا سخر كل شجاعته كل تفانيه كل عوامل التضحية والفداء لديه لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ولإقامة الإسلام الدين الحق.( السيد عبد الملك /ذكرى الاستشهاد  1433هـ)

نتعلم منه ما نحتاج إليه من قوة الإيمان في مواجهة المخاطر

في غزوة [الخندق] عندما برز عمر بن عبد ود العامري والذي كان يمثل دورًا كبيرًا لنصرة الشرك وعاملاً معنويًا مهمًا في رفع معنويات العدو باعتباره أحد الأبطال المشهورين وفرسان الكفر والشرك والطاغوت المعروفين ببطولتهم واستبسالهم وبراعتهم في القتال وشدة بأسهم فكان مهابًا ولكنه عندما برز وجعل يتحدى وينادي بأعلى صوته ينادي هل من مبارز كان من تصدى لهذا المجرم لهذا البطل الذي هو أحد قادة وفرسان وأبطال الكفر والشرك وصناديد الشرك كان هو الرجل المتميز الإمام علي (عليه السلام) الذي قال عندما قال الرسول من يبرز له وأنا أضمن له الجنة فكان علي هو المتقدم لهذه المهمة فيعرض نفسه ويقدم استعداده للقيام بهذه المهمة بكل رغبة وللمرة الثانية وللمرة الثالثة والرسول يقول من يبرز له ثم يتقدم للقيام بهذه المهمة ليقول الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كلمة مهمةً سجلها التاريخ ((برز الإيمان كله إلى الشركِ كله)) فالإمام علي (عليه السلام) عندما برز برز الإيمان يحمل الإيمان في قلبه عقيدةً ومبدأ وفي روحه عزمًا وإرادة وصلابة وكان في موقفٍ حاسم يمثل قوة الإيمان في زيف طغيان الشرك وجبروته فكان أن أنتصر الإيمان وانتصر علي وانتصر الإسلام وقتل عمر بن عبد ود وكان قتله عاملاً مهمًا في إضعاف معنويات الأعداء.( السيد عبد الملك /ذكرى الاستشهاد  1433هـ)

نتعلم منه السبق والمبادرة نحو الأعمال الصالحة

كان الإمام عليٌ (عليه السلام) سابقًا إلى الإسلام ليحوز فضيلة السبق {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{11} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} سبق إلى الإسلام منذ انبثاق نوره من دون أي تردد أو تأخر أو تلكؤ دخل إلى الإسلام ودخل الإسلام فيه فكان كل قلبه وكل روحه وكل حياته لقد ذاب في الإسلام وامتزج به فكان خلقه الإسلام وكانت قضيته الإسلام كانت حياته للإسلام وكان الفدائي الأول في الإسلام.

نتعلم منه كيف نصبح جديرين بحمل المسؤولية في مواجهة الأعداء مهما كانت إمكانياتهم

( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرار غير فرار يفتح الله على يديه ) تجلى في ذلك المقام مستوى أهلية الإمام علي عليه السلام لتلك المسئولية العظيم، رجلاً في مستوى المسئولية ، رجلاً لديه الجدارة ببناء هذه الأمة بالارتقاء بها بتعليمها بقيادتها في مواجهة اعداءها مهما كانوا ومهما كانت إمكانياتهم ، لديه هذا المستوى العالي من الإيمان منزلة عظيمة سامية رفيعة عند الله العظيم (يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) هذا الرجل العظيم الذي يحبه الله ورسوله أليس جديراً منا بالمحبة ؟ أليس جديراً منا بان نتولاه ؟ أليس جديراً بالمقام العظيم في قيادة الأمة وهداية الأمة ؟ .

نتعلم منه التسليم المطلق لله ولرسوله

من مواقفه الشريفة والمتميزة والمبكرة في صدر الإسلام مبيته في فراش الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة في حادثة تستدعي أن يكون من يقوم بتلك المهمة حاضرٌ لبذل حياته وتقديم حياته في سبيل الله فتحرك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا بد أن يكون له غطاء حتى لا ينتبه المشركون لحركة الرسول وخروجه من بيته فكان أن أوكل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذه المهمة الفدائية الاستشهادية إلى الإمام علي (عليه السلام) الذي كان على استعداد تام وبدون أي تردد لبذل روحه لبذل حياته في سبيل الحفاظ على حياة الرسول من أجل الله ومن أجل الإسلام ومن أجل نبي الإسلام وكان أن قال للرسول صلوات الله عليه وعلى آله: أوتسلم يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بلى قال: فذهب راشدًا مهديًا، وبقي على فراشه ونزلت الآية القرآنية التي كان أول مصاديقها هو الإمام علي (عليه السلام) {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} فكان الإمام علي (عليه السلام) هو النموذج الأول والمصداق الأول لهذه الآية المباركة وهذا يدلل على حقيقة الإيمان وسموا أخلاق الإسلام عندما يكون الإنسان بهذا المستوى من الحضور للبذل والعطاء والتضحية لا حدود لعطائه لا حدود لمواقفه يستعد أن يجود بنفسه أن يبذل نفسه أن يعرض نفسه لأي خطر مهما كان،

نتعلم منه الصبر والمصابرة في المواجهة

، كان الإمام علي (عليه السلام) متميزًا بمواقفه التي سجلها التاريخ لدرجة أن الحد الأدنى لما تنقله الروايات لقتل الأعداء في غزوة بدر الكبرى الذين قتلهم الإمام علي (عليه السلام) بنفسه كان يعادل ثلث قتلى العدو وكل المسلمين اشتركوا وشاركوا وشارك هو معهم فيما بقي من قتلى العدو في تلك الملحمة الكبرى.. هكذا كان وزنه وهكذا كان دوره رجلاً عظيمًا وبطلاً ثابتًا سخر كل شجاعته كل تفانيه كل عوامل التضحية والفداء لديه لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ولإقامة الإسلام الدين الحق.في [أحد] عندما انهزم المسلمون فكان هو الثابت الذي لا يتزحزح ولا يتزلزل ويوكل على نفسه مهمة أساسية في الذب عن شخصية الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في مرحلة كان الرسول صلوات الله عليه وآله يتعرض فيها للقتل، فكان يرد الكتيبة تلو الأخرى تأتي الكتيبة التي تتعمد إلى الوصول إلى شخص النبي لاستهدافه فيقول : أدفعهم عني يا علي، فيتحرك ليقتل قائد تلك الكتيبة ثم يدفع الكتيبة الأخرى، وفي غزوة [الخندق] عندما برز عمر بن عبد ود العامري والذي كان يمثل دورًا كبيرًا لنصرة الشرك وعاملاً معنويًا مهمًا في رفع معنويات العدو باعتباره أحد الأبطال المشهورين وفرسان الكفر والشرك والطاغوت المعروفين ببطولتهم واستبسالهم وبراعتهم في القتال وشدة بأسهم فكان مهابًا ولكنه عندما برز وجعل يتحدى وينادي بأعلى صوته ينادي هل من مبارز كان من تصدى لهذا المجرم لهذا البطل الذي هو أحد قادة وفرسان وأبطال الكفر والشرك وصناديد الشرك، كانالرجل المتميز الإمام علي (عليه السلام) الذي قال عندما قال الرسول من يبرز له وأنا أضمن له الجنة فكان علي هو المتقدم لهذه المهمة فيعرض نفسه ويقدم استعداده للقيام بهذه المهمة بكل رغبة وللمرة الثانية وللمرة الثالثة، ليقول الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كلمة مهمةً سجلها التاريخ ((برز الإيمان كله إلى الشركِ كله)) فالإمام علي (عليه السلام) عندما برز برز الإيمان يحمل الإيمان في قلبه عقيدةً ومبدأ وفي روحه عزمًا وإرادة وصلابة وكان في موقفٍ حاسم يمثل قوة الإيمان في زيف طغيان الشرك وجبروته فكان أن أنتصر الإيمان وانتصر علي وانتصر الإسلام وقتل عمر بن عبد ود وكان قتله عاملاً مهمًا في إضعاف معنويات الأعداء،

نتعلم منه أن  سلامة ديننا يجب أن تكون فوق كل الاعتبارات

الإمام علي (عليه السلام) عندما يقول هذه العبارة يعطينا إشارة مهمة جداً، وكأنه يلحظ من خلال ما يسمع من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه سيحصل ضلال، سيحصل انحراف، ستحصل فتن، يهم أي إنسان حريص على سلامة نفسه أن يبحث عن سلامة دينه وأن يحرص على سلامة دينه، لو كانت الأمور عند الإمام علي عليه السلام وفي رؤيته -عندما قال لـه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) هذا الكلام- أن هذه الرسالة ستمشي بشكل طبيعي، وسيكون الناس كلهم يسيرون بشكل صحيح جيلاً بعد جيل لما سأل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ((أفي سلامة من ديني؟))، ناهيك عما إذا كان قد قال لـه أن الذي سيقتله هو أشقى هذه الأمة، أي هو من هذه الأمة، وهو من يجلب الشقاء على هذه الأمة، وشبهه بعاقر ناقة ثمود الذي جلب الشقاء على تلك الأمة فجعلها تستحق عذاباً شديداً من الله، استأصل تلك الأمة بأكملها. ((أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟)) ما أحوجنا إلى هذه المشاعر؟))، حينها عندما تنطلق لتبحث عن السلامة بنفسك وأنت لا تفكر أن يسلم لك دينك فلن تسلم لك نفسك، لن يسلم عِرْضك، لن تسلم كرامتك، وفي الأخير لن تسلم أنت في الآخرة يوم تلقى الله سبحانه وتعالى، لن تسلم سوء الحساب، لن تسلم نار جهنم. (الشهيد القائد / ذكرى استشهاد الإمام علي)

 

الإمام علي والشعب اليمني علاقة تاريخية قائمة على الحب والولاء والوفاء

شعبنا اليمني له صلة عظيمة بالإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ -، الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – وكما في الاستقراء التأريخي بعثه النَّـبِيّ إِلَـى اليمن ثلاث مرات وفي كلها كان له مهمة رئيسية في اليمن، في واحدة من المهام أسلم معظم أهل اليمن على يد الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – وأسلمت همدان الكبرى في يوم واحد، والتأريخ شاهد.

إنما أقول إن المتأصل في هويتنا اليمنية ونحن يمن الإيمان وحب عَـلِـيّ من الإيمان وبُغضه نفاق، المتأصل في هويتنا اليمنية ونحن يمن الإيمان والحكمة هو الحب لعلي هو التعظيم لعلي في قلوب اليمنيين المتمسكين بهُوتهم الأصيلَة على هويتهم الإسْـلَامية الإيمانية منزلة عظيمة ومحبة كبيرة وشعبنا اليمني واضح في هذه المحبة للإمام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – هذا الولاء للإمام – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – ووقفوا في صدر الإسْـلَام، كما كانوا فاتحين في حركة الإسْـلَام وقفوا إِلَـى جانب الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – وكان أعظمُ رموز أنصار الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – من اليمن، ومنهم الصحابي الجليل عمار بن ياسر ومنهم مالك الأشتر وآخرون كثر، ليس المقام مقام استقصاء هذا هو المتأصل في هويتنا اليمنية، ونحن اليوم معنيون أن نستفيد من ثبات عَـلِـيّ من بسالة عَـلِـيّ من شجاعة عَـلِـيّ من إيمان عَـلِـيّ في مواجهة هذه التَّحَـدِّيات ونحن شعبٌ مستهدف تكالبت علينا قوى الشر وتحاول احتلال كُلّ بلدنا وتحاول أَيْـضاً أن تستعبدَنا أن تهيننا، والظلم علينا هو كُلّ يوم، نحن شعبٌ مظلوم ولكننا مهما كانت مظلوميتنا بإيماننا وقيمنا وشجاعتنا برموزنا في الإسْـلَام ومنهم الإِمَـام عَـلِـيّ – عَلَـيْـهِ السَّـلَامُ – بمحبتنا لنبي الإسْـلَام ورسول الإسْـلَام محمد صَلَـوَاتُ اللهِ عَلَيْـهِ وَعَلَى آلِه، بصلتنا العظيمة بنبينا وإسْـلَامنا وقرائننا وبمبادئنا وموروثنا من القيم نستطيع أن نقفَ في وجه التَّحَـدِّيات مهما كانت.

قد يعجبك ايضا