محاربو سبأ ينقشون النصر على قمة جبل هيلان
موقع أنصار الله ||مقالات || عبد الملك العجري
في إطار البرنامج الذي رعاه المجلس السياسي لأنصار الله بالتنسيق مع القوى والأحزاب السياسية لتنظيم زيارات ميدانية من الوفود السياسية لمعايدة المقاتلين في جبهات الرباط الوطني ,انطلقنا صبيحة أمس الجمعة وكانت وجهتنا مدينة صرواح التاريخية (120كم شرق العاصمة )وجبل هيلان الاستراتيجي الذي ترقد المدينة التاريخية في سفحه .
في أثناء الطريق كنت ارمى ببصري أقصى الأفق فتتراءى أمامي سلسلة لا تنتهي من الجبال تكفي لالتهام أعظم وأقوى جيوش العالم ,حينها ادركت جيدا لماذا أطلق المؤرخون على اليمن “مقبرة الغزاة”.
فكل الجيوش التي فكرت في غزو اليمن كان تجد نفسها تهلك على جنبات جبالها وفي سفوحها ووديانها وقيعانها قبل أن تجتازها ,وهي ان نجحت في اجتيازها تحتاج قيادته لجيش إضافي لا يقل عددا وعدة عن سابقه لتامين بقائه لبعض الوقت ,وسيكون محظوظا للغاية إن عاد ببعضهم , فالذاهب لها لا يعود كما في الأغنية التركية الشهيرة .
وصلنا صرواح عاصمة مملكة سبا حيث يرقد مكاربتها العظام مطمئنين يحرسهم احفادهم من اللجان الشعبية والجيش ويسجلون انتصاراتهم على “”نقش النصر” * التاريخي جنبا إلى جنب مع انتصارات الملك السبئي ” كرب إل وتر”.
وبرفقة عدد من أفراد اللجان الشعبية والجيش ذهبنا للسلام على روح الملكة العظيمة البهية بلقيس, حدثناها عن الملك سلمان وعن أمراء الرمال,قلنا لها إن سلمانهم ليس كسليمانها وإن كتاب سليمان الكريم ليس ككتاب سلمان المهين الذي أعلنوه علينا من عاصمة كبير الشيطانين، وكيف أنهم عقدوا العزم على غزونا بقصد إذلال عزتنا وإفساد أرضنا ,وجددنا لها العهد أنا لازلنا كما كنا أولو قوة و أولو باس شديد وقاسمناها ألا تطأ قدم لغاز باحتها المقدسة وأن شمسها ستظل مشرقه تنثر الضياء والبهاء على كل ربوع اليمن .
بعد أن ودعنا البهية بلقيس وبينما نحن نتهيأ لصعود “جبل هيلان ” استمعنا لشرح عن الاهمية الاستراتيجية لجبل هيلان الذي يمتد من صنعاء الى الجوف مرورا بمارب ,والمحاولات الحثيثة والمكثفة لقوى الاحتلال بهدف السيطرة عليه لما له من أهمية استراتيجية في السيطرة على خطوط الامداد وباعتباره خط الدفاع الأول عن العاصمة صنعاء وبوابه رئيسية توصل إليها . صعدنا الجبل وهو عبارة عن هضبة تمتد بطول 14 كيلو متر وفي الجهة المقابلة لمدينة مارب قيلنا في مغارة صغيرة يتحصن بها المقاتلون .
وانا أتأمل وجوه المقاتلين واسمع لحديثهم ارتسم في مخيلتي مشهد لملائكة يقاتلون كالجن , وأنت تعاين أجسادهم النحيلة يخال لك أن ريحا متوسطة القوة يمكنها أن تقتلعهم من أماكنهم وتطير بهم في الهواء .
كيف استطاعت هذه الأجساد النحيلة أن تصمد أمام عواصف وقواصف التحالف ذات القوة الجبارة المجهزة بأحدث آليات وتقنيات العولمة العسكرية؟ إنها بحق معجزة لا تأبه لمنطق التوازنات العسكرية و تخترق كل نواميس وقوانين التغالب ,يجترحها هؤلاء المحاربون الأقوياء ..كل واحد فيهم يأخذ مكانه في الجبل وكأنه أحد ضخوره وقد اكتسب ذات خصائصه سحنته ,هويته ,صلابته ,بأسه ,شدته ,قوته ,صعوبته ,حمايته لأهله….الخ .
غادرت وأنا أردد في سري أي ساعة نحس قادتك إلى اليمن أيها الملك المخبول .
* نقش النصر: نص سبئي من أهم الوثائق القومية التاريخية مكتوب بخط المسند على الصخر في معبد “إل مقه”الكبير في صرواح بمأرب، وهو أطول نص يصل إلينا من حضارة سبأ، سجل فيه الملك”كرب إل وتر” حروبه وانتصاراته في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد.