تأثيرُ الإنجازات الحقيقية

‏موقع أنصار الله || مقالات || د. خالد القروطي

الأدعياءُ كثيرون، هذا يدَّعي لنفسه عِلماً لا أثرَ له، وذاك يدَّعي لنفسه جاهاً لا حقيقةَ له، وآخرُ يدَّعي قدرتَه على فعلٍ هو أعجزُ الناسِ عنه.

والإشكالُ لا يكمُنُ في الادِّعاءِ نفسِه، فمن حَقِّ كُـلِّ إنسان أن يدَّعيَ ما يشاء، ولن يمنعَه أحدٌ من ذلك.

ولكنَّ الإشكالَ يكمُنُ في مصاديق هذا الادِّعاء أَو ذاك.

ولذلك خاطبنا اللهُ بخطابٍ استنكاريٍّ: (لِــمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)؟!.

وحدّد الموقفَ الشرعيَّ للادِّعاء الخالي عن التطبيق، قائلاً:

“كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ”.

وفي منهجِ الإمامِ عليٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَـإنَّ الإنسانَ لا يقاسُ بأقوالِه وادِّعاءاتِه.

وإنما يقاسُ بإنجازاته وما يَقْـــــدِرُ فعلاً على القيامِ به..

(قيمةُ كُلِّ امرئ ما يُحْسِنُهُ)..

ولاحظوا دِقَّةَ عبارةِ الإمامِ عليٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فلم يقل (ما يعملُه- ما يفعلُه) بل (ما يُحْسِنُهُ)، أي فكما لا قيمةَ لك بمُجَـرّد الادِّعاءاتِ والأقوالِ، فأيضاً ينبغي ألا يتمَّ تقييمُك بناءً على أي عمل، لا، بل أحسن العمل.

وهو بهذا يحقّقُ قولَ اللهِ تعالى: (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا).

فـ الله ربط ضمانَ عاقبةِ العمل بأن يكونَ عملاً حسناً.

لعلَّكم تقولون: ما الذي تريدُ يا دكتور؟

إلى ماذا تلمح؟

أقول لكم: ألا تلاحظون حينما يحقّقُ المجاهدون لنا وللأُمَّـة نصراً ما هنا أَو هناك، حينما يقتحمون ويفتحون ويحرّرون وَ…؟!

كلنا نفرح، كلنا نرفعُ رؤوسَنا، كلنا نتفقُ على تقديرِ ما قاموا به، كلنا نتمنى مشاركتهم.

ولكن، ألم تسالوا أنفسكم لماذا؟

لأَنَّهم فعلاً يفعلون ما يقولون، فعلاً يحقّقون ما يتمنون، فعلاً ينجزون ما كانوا يدَّعون.

فلم تكُنْ ادِّعاءاتُهم فارغةً، منجزاتُهم ورقيةً، أفعالُهم وهميةً.

لم ولن يكونوا مُجَـرَّدَ ظاهرةٍ إعلاميةٍ.

لهذا اتفقنا عليهم، على تقديرِهم والإعجابِ بهم، وَاختلفنا على غيرهم.

لما لم نرَ حقيقةَ الأقوال والادِّعاءات.

كان اللهُ في عونكم، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيدِنا محمدٍ وعلى آلِه.

قد يعجبك ايضا