الله سبحانه هو من سيتكفل بأن يجعل لأمته هداة من داخل أهل بيت نبيه، في كل عصر بدون تساؤلات ولا تصنيفات

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

إذا قد صح لي فقط بأن الله يريد مني أن أتبع أهل البيت ويريد من الأمة جميعا أن تتمسك بأهل البيت؛ إذًا فلنتمسك بأهل البيت، ولو حصل التمسك بأهل البيت من أول يوم من بعدما مات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لما تفرقت الأمة أبدًا، ولما اختلفت في الدين أبدًا، فما نشأت هذه التساؤلات إلا من بعد، ولأنني أنا بطبيعتي وفطرتي، أي واحد منا سيعرف، هو يفرق، سأعرف بأن ذلك هو الجدير بأن أتبعه وليس ذلك الجاهل، وليس ذلك الفاسق، هل أحد منا سيتجه إلى الجاهل يتبعه؟ هو ما معه أي شيء يمكن أن أتبعه فيه.

لكن أحبه لأنه من قرابة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، ذلك الفاسق من أهل البيت هل أحد منا سيفكر أن يتبعه؟ وإذا كان هناك أشخاص مثلًا فاسقين من أهل البيت ومعهم ناس يتبعوهم هل هم يتبعونهم على أساس أنهم متبعين لأهل البيت؟ اسألهم! لا.. معلوم هذا.

فالناس بطبيعتهم يفرقون، والله سبحانه وتعالى هو من سيتكفل بأن يجعل لأمته هداة من داخل أهل بيت نبيه، في كل عصر بدون تساؤلات بدون تصنيفات.

ومتى قد قال الله لك أن تحب الفاسق منهم أو تتولى الفاسق؟ هل قد قال كذا؟ حتى نقول: كيف؟ لماذا؟ ما قد قال لنا نهائيًا، ما قد قال.

لكن أنت عندما تنتقد عليه أنت تنتقد على الله سبحانه وتعالى فتقول: كيف؟ وكيف؟ ولماذا؟ بعدما صحت القضية، بعدما صحت القضية التي منها: أننا نؤمن جميعًا بأن الصلاة عليهم مع الصلاة على النبي وآله هي من أذكار الصلاة التي هي خير الأعمال، أليس هذا دليل؟

إذًا فالمطلوب هو الارتباط بأهل البيت هكذا، محبة أهل البيت هكذا، وليس الرفض إلا إذا ظهر لي ذلك أنه مؤمن فأنا أحبه! فتكون قاعدتي العامة أنه لا أرتبط بهم إلا إذا رأيت واحد صالح، الصالح عندما ترى صالح يجب أن تحبه وتتولاه من أي فئة كان، يعني قضية أهل البيت ليس لكون المسألة أنهم هم وحدهم مَنْ هم مؤمنون، أو هم وحدهم الذين يجب أن تحبهم، أليست المحبة واجبة فيما بين المؤمنين؟ أليس المؤمنون يجب أن يكون بعضهم أولياء بعض؟

لكن فقط هناك تميُّز في هذه المسألة هو: أن المحبة لأهل البيت لمهمة أخرى، لغرض آخر، أن تولي أهل البيت هو من نوع آخر، كما قلنا سابقًا: هل هناك استواء لمحبتي لعلي ومحبتي لعمار؟ والتولي لعلي والتولي لعمار؟

عندما يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ} (المائدة:من الآية55) وهناك قال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ}(التوبة:من الآية71) هل قوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} مثل {وَلِيُّكُمُ}؟ ليست المسألة سواء، هناك فوارق. محبتي لأهل البيت هي لغاية أخرى أن أؤمر بالارتباط بهم وبمحبتهم؛ لأن محبتي لهم هي تساعد على اتباعي لهم وتمسكي بهم، فهي تدفعني إلى طريقهم، وإلى السير على هديهم، محبتي لك أنت كمؤمن لكن لست ملزمًا بأن أقتدي بك، أنا وأنت ملزمون بأن نقتدي بأهل البيت، أليس كذلك؟

فأنا أحبك كمؤمن، وحبي لك وحبك لي هو يساعد على توحدنا ووقوفنا مع بعض، أليس للحب هنا غاية أخرى؟ تولي لك وتوليك لي هو أيضًا يساعد على أن نكون عبارة عن جسد واحد كما قال في الحديث؛ لنقوم بمهمة واحدة هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِـالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(التوبة: من الآية71).

إذًا فلا تشغل نفسك وأنت مقسم لصلاتك على محمد وعلى آل محمد، رسول الله أمرني أن أصلي عليهم على هذا النحو وأنا أعلم برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لأنه يتحدث بوحي من الله، الله هو الذي أمره لا يأتي بألفاظ هكذا من عنده هو، فأصلي عليهم كما أراد أن أصلي عليهم على هذا النحو.

وأفهمُ أن المسألة هي لبيان مقام أهل البيت في الأمة، ولربط الأمة بأهل البيت، إذا أردت أن أتساءل فاذهب أتساءل على الآية القرآنية، وانظر كيف هل فيها مخرج؟ {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} أين أرفع كلمة: {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا} التي جاءت من عند الله، أو كلمة: (اللهم صل على آل محمد) التي جاءت من عندي؟ أيهما أرفع؟

ثم يقول في الأخير: (فمنهم.. ومنهم.. ومنهم..) أليس الله يعدد من داخلهم؟ لكن أنا ملزم بأن أؤمن بأن هؤلاء هم الذين اصطفى، أليس هذا الذي يجب علي؟ عندما يقول لي بأن منهم ظالم. في ميدان العمل لن أرتبط بالظالم، أليس كذلك؟ {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّـالِمِينَ} (البقرة:124) بل انطلق بعد السابقين بالخيرات في ميدان العمل.

أفضل صلاة يصليها الإنسان على أهل البيت هي أن يقول: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) لا تزيِّد ولا تنقِّص، ولا داعي لتلك العبارة التي يأتي بها الخطباء: اللهم اجعل أزكى صلواتك وأنمى بركاتك.. إلى آخره..   نحتفظ بهذا النص الذي جاء من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأن الرسول هو حكيم كحكمة القرآن، ولا تقول: طيبين، ولا تقل: طاهرين، ولا تقل شيء: ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)) هذا حديث الأمة متفقة عليه، ويشهد للمسألة هو اتفاق الأمة على هذه الصلاة داخل الصلاة، حتى في التشهد أليس بعضهم يقول: [التحيات لله والصلوات] حتى يصل إلى هناك ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد.. هكذا، أليس الناس جميعًا يقولون هكذا؟ الذي يقول [بسم الله وبالله] والذي يقول [التحيات لله] إلى آخره.

لاحظوا، الأشياء التي تعتبر مهمة للأمة الله يحفظها، الأشياء التي هي مهمة جدًا في هداية الأمة وتوجيههم إلى الصراط المستقيم تحفظ، حديث الثقلين حفظ على الرغم مما حصل ضد أهل البيت من مؤامرات، وحديث صحيح لا أحد يقدح فيه، حديث الغدير حفظ، حديث المنـزلة حفظ، أحاديث كثيرة التي هي تعتبر قواعد هامة جدًا، الصلاة على النبي وآله بهذا النحو داخل الصلاة حفظت.

ولهذا تلاحظ كيف جاءت سرًّا، أليس التشهد سرًّا؟ ربما لو أن التشهد جهرًا لاحتاجوا أن يدخلوا في الصلاة عليهم شيء وهي جهر، لكن كل واحد يصلي لحاله، والذي في نفسه شيء على آل محمد لا يحاول أن يزيد شيء؛ لأن الصلاة سرية وأنت تخاطب نفسك.

وأنا أصلي عليهم ثم أسير على نهج غيرهم وأتمسك بغيرهم!، أصلي عليهم في الصلاة ثم لا أذكرهم مرة واحدة، وأكرر الكلام في الصحابة صحابة صحابة.. إلى آخره. أليس هذا شيء مخالف؟! ولهذا نقول: لاحظوا عقائدنا نحن كيف أنها منسجمة مع القرآن ومع الصلاة، قلنا لكم من زمان أن عقائدنا نحن، عقائد أهل البيت وشيعتهم من الزيدية منسجمة تمامًا مع القرآن، ومنسجمة تمامًا مع الصلاة من أولها إلى آخرها.

نحن قلنا في جلسات سابقة: أن الآخرين الذين عقائدهم باطلة في الله ويقولون: (سبحان ربي العظيم وبحمده) أليسوا يكذبون في قولهم هذا؟ عندما يقولون: (الله أكبر) وهم يأمرون بطاعة الظالم، أليسوا يكذبون؟ وهكذا من أول الصلاة إلى آخرها هم يشهدون على أنفسهم بالباطل، وعندما تتجه إلى عقائدنا تجد صلاتنا وإذا هي صحيحة من أولها إلى آخرها لفظًا ومعنى فيما تعطيه من دلالة، نحن نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ونتمسك بمحمد وآل محمد.. أليس كذلك؟ لكن أن أقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ثم أذهب إلى آخرين هل هذا انسجام مع الصلاة أم مباينة؟

 

نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا إنه على كل شيء قدير.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

معنى الصلاة على محمد وأله

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 8/2/2002م

اليمن – صعدة

 

قد يعجبك ايضا