الكويت .. وطن يفاوض العالم
موقع أنصار الله ||مقالات || علي احمد جاحز
عاد وفدنا الوطني إلى الكويت مجددا ، عودة الواثق الذي يحمل بين جوانحه الوطن كل الوطن ، الوطن بانتصاراته وصموده وشموخه وأيضا مآسيه وجراحه وأوجاعه وأزماته وقضاياه العادلة ، إضافة إلى مستقبله وطموحات أبنائه في أن يكون لهم دولة كريمة وقوية ومستقلة وذات سيادة بعيداًعن وصاية احد .
ذهب الوفد الوطني إلى الكويت مستندا إلى ظهر منيع هو الوطن والشعب ، مفوضا من الصامدين والمرابطين والصابرين والمؤمنين بنصر الله ، ولذلك لم يتردد ولم يتراجع ولم يتقلب في مواقفه ولم يظهر في تصريحاته أي خوف أو قلق أو حتى مجرد حيرة أو ريبة ، رغم يقينه ويقننا جميعا انه سيقف بمواجهة العالم بقواه الاستكبارية التي تعتدي على اليمن وتتآمر عليه ، ويعلم الوفد الوطني أن أفضل موقف يمكن أن يواجهه هو موقف الصامت العاجز عن الإنصاف أو موقف الصامت المتواطئ .
ذهب الوفد الوطني وخلفه أبطال من الجيش واللجان قابضون على الزناد يجسدون أروع ملاحم البطولات في كل الجبهات ، وكل تلك الجبهات تحقق انتصارات كبرى ، وكل تلك الانتصارات وازنة وفاعلة ومؤثرة وداعمة لموقفه وموقعه الوطني الثابت ، ليجلس على الطاولة حاملا رؤى منصفة وحلولاً قوية ومعقولة ومقبولة وهو في موقع من يستطيع أن يماطل ويبني على انتصاراته ، لكنه ينطلق من حرصه على إرساء السلام والاستقرار وإخراج الوطن والشعب من هذه المعاناة ومن تركيزه على ضرورة بناء الوطن و المضي به نحو المستقبل حتى وإن قدم البدائل وأعطى التنازلات وأقام الحجج على العدو ومرتزقته وعلى العالم .
وفي مقابل ذلك ذهب وفد الرياض مرغما إلى الكويت ، بعد أن هدد وأرعد وابرق بأنه يرفض العودة وانه يرفض التفاوض من حيث المبدأ وانه سيحسم بالحرب وانه سيدخل صنعاء ، لكن في الواقع كل تلك الإرهاصات سرعان ما تبخرت لينكشف مجددا انه ليس صاحب قرار وانه مجرد ورقة يجري تحريكها في الاتجاه هذا أو ذاك ، بدليل انه غير رأيه عدة مرات وفي كل مرة يعود دون أن يحقق شيئا من شروطه التي كان يعلنها .
وبعد كل ذلك الضجيج الذي سمعناه من جهة وفد المرتزقة ابتداءً من نهاية الجولة الأولى ومروراً بخطاب المعتوه هادي من مارب وانتهاء برفض المخلافي الذهاب إلى الكويت إلا برفقة المبعوث الدولي الذي كان قد انطلق إلى عمان برفقة الوفد الوطني ، في النهاية عاد وفدهم إلى الكويت حاملا بين جوانحه هزائم وانكسارات وخيبات ، وأيضاً محملاً بنوايا السعودية ومن يقف خلف السعودية في إعاقة الحل وإفشال المشاورات و تعقيد الأمور والإنقلاب على ما جرى التوصل إليه في الجولة السابقة .
المراقب لمسار الكويت سيدرك بسهولة ويسر أن وفدنا الوطني لم يغير أو يبدل لا رؤيته ولا مواقفه ولا حتى أعضاءه ، وملتزم بكل ما جرى التوصل إليه في الجولة السابقة وفي الجولات المتباعدة السابقة ، وهو يدرك تماما انه بذلك سيكسب ثقة الشعب وإحراج المجتمع الدولي المتابع وتعري الخصم الضعيف المتذبذب بحسب مزاج أسياده في الرياض والبيت الأبيض .
وبنفس الوقت يظهر للمراقب والمتابع أن وفد الرياض عاد ليتحدث من المربع الأول ويطرح مطالب كان يطرحها بداية مشاورات الكويت و يدور في نفس الحلقة المفرغة ، وهو تعبير عن عدم امتلاكه المشروع والرؤية الحقيقية لإخراج البلد من هذا الوضع المأساوي ، وانه فقط يتمترس خلف مطالب شكلية يمليها عليه العدوان الذي في الواقع يريد تحقيق اهداف عجز عن تحقيقها بالحرب ، وتتلخص في إعادة اليمن إلى حظيرة الوصاية والسيطرة على القرار اليمني .
ما لايدركه المرتزقة أو ربما يدركونه ولا يمتلكون حتى الإعتراض عليه ، هو أن السعودية ومن يقف خلفها يجري تفاهمات سرية وخفية مع أنصار الله لإنقاذ نفسه من المستنقع ، لايهمه مستقبل المرتزقة فهم مجرد أدوات يستخدمها في سبيل الحصول على مكاسب في مفاوضات الباطن التي يرى أنها ستكون المخرج الحقيقي له من شباك الحرب في اليمن التي علق بداخلها .
أما العدوان فقد وصل إلى قناعة بان الواقع أصبح مختلفاً ولذلك بدا يبحث عن ترتيبات جديدة مع القوى الفاعلة على الأرض والممسكة بزمام الأمور على كل الصعد في الداخل ، ولعل التأمل في المقابلة التي أجرتها قناة الميادين مع الأستاذ محمد عبد السلام رئيس وفد أنصار الله أمس ، سيجد من خلال ما كشف عنه عبدالسلام من خبايا بخصوص التفاهمات السرية مع السعودية سيلمس الثقة والقوة في الطرح وهو ما يدل يقينا أن لدينا ما يجعلنا نتحدث بهذا المستوى من الثقة أمام أعتى عدو هو السعودية ونقولها بالفم المليان نحن نتفاوض مع السعودية دون أن نقدم تنازلات بل نداً لند و هذه بتلك وإننا نفاوض المجتمع الدولي ولا نفاوض وفد المرتزقة وإن المبعوث الدولي يحمل مطالب وفد الرياض والسعودية ، وإن السعودية تبحث عن مخرج بالتفاهم معنا .
لا أتوقع أن يخرج الكويت باتفاق شامل ، إلاّ في حال نجحت المفاوضات مع السعودية ومع المجتمع الدولي ونضجت لديهم قناعة بضرورة الحل الشامل ، حينها يمكن أن يجري اتفاق تاريخي يقر لليمن بالنصر و يترجم تضحيات هذا الشعب وبطولات الجيش واللجان الشعبية .