مصيــر السعودية المحتوم

يحيى المحطوري

 

كغيري من المسلمين تلقيت خبر إعلان النظام السعودي منع الحج على المسلمين وحصره على المواطنين والمقيمين في السعودية ولعدد ستين ألفا فقط.

لكني لم أتفاجأ بالأمر مطلقا، لأنني من اليمنيين المستبصرين الذين أيقظتهم نداءات الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي المبكرة، حين قال:

ماذا لو تعرض الحج؟. هل تظنون أنه مستحيل؟. كنا نقرأ من سنين نقرأ من سنين نصوصاً لوزراء بريطانيين ونصوص ليهود، وهم يصيحون من الحج، وقرأنا للإمام الخميني وهو يؤكد -قبل أكثر من عشرين عاماً-بأن أمريكا وإسرائيل تخطط للاستيلاء على الحج.

ولتعرف أهمية الحج بالنسبة للأمة وفي مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين ارجع إلى القرآن الكريم تجد آيات الحج متوسطة للحديث عن بني إسرائيل، وآيات الجهاد والإعداد ضدهم في أكثر من موقع في القرآن الكريم. فهم لا بد، لا بد أن يعملوا للاستيلاء على الحج بأي وسيلة ممكنة، وقد رأوا بأن الأمور تهيأت لهم على هذا النحو.

ومنذ عام 2002م إلى اليوم توالت الشواهد الكثيرة على تحركهم لاستهداف الحج، بل قالها صراحة الكاتب الصهيوني آفي ليبكن، في مقابلة تلفزيونية عن كتابه المشهور «الطريق إلى مكة»،

والنظام السعودي الذي ينفذ كل ما يريده اليهود منه خوفا منهم وحرصا على بقائه، هل سيتحقق له الأمن أو السلامة بطاعتهم؟ وهل سيسلم باستهدافه للمقدسات الإسلامية؟؟

 

مكانة البيت الحرام

ولكي نجيب على هذه الأسئلة علينا أن نعود إلى كتاب الله الكريم، ونتأمل آياته التي تحدث فيها عن البيت الحرام، وقد ذكرها الشهيد القائد في سياق حديثه عن قو ل الله سبحانه:

 

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً}[البقرة: من الآية125] يثوبون إليها، يلتقون إليها، هي بيت سميت بيت الله، معلما من معالم دينه، من معالم توحيده، من معالم ربوبيته، وألوهيته، نفس الكعبة يثوب إليها الناس بطريقة مستمرة، يعودون إليها، يعودون إليها؛ لأن ثاب إلى الشيء بمعنى: رجع، فكأن الناس وهم دائماً يعودون إلى الكعبة، يعودون إلى الكعبة باستمرار، هذا معنى يثوبون إليها.

لها قيمة هامة جداً فيما تعطيه من معاني، فيما تعطيه من مشاعر، فيما يتعلق بالله سبحانه وتعالى، الإنسان عندما يكون قريباً من الكعبة يشعر وكأنه قريب في أجواء تجعله قريباً من الله، في أجواء تراها دينية، ترى مشاعر الناس هناك كلها مشاعر دينية، مشاعر توجه إلى الله، كل واحد يشعر وكأنه قد وصل إلى المكان الذي قد هو قريب من الله جداً. يثوبون إليها التقاؤهم المتكرر هو وسيلة من وسائل بث الهدى والوعي فيما بينهم بطريقة مستمرة.

لهذا كان الحج مهماً جداً، وما يزال الأعداء من اليهود والنصارى ينظرون إليه كقضية خطيرة جداً أي: أن هذه الأمة ما تزال تمتلك نقطة تمثل قوة بالنسبة لها، وإيجابية كبيرة بالنسبة لها، وعاملاً من عوامل إمكانية توحدها، إمكانية نقل المفهوم الواحد فيما بينها، تعميم المفهوم الواحد، والرؤية الواحدة فيما بينها، اطلاع البعض منهم على ما يعاني البعض الآخر، من خلال التقاءاتهم، لهذا عملوا من زمان على تفريغ الحج عن محتواه، تفريغ الحج عما يمكن أن يعطيه من إيجابيات بالنسبة للأمة.

ويقول أيضا: هذه المقومات الأساسية الهامة للأمة التي عبرت عنها هاتان الآيتان:{قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً}[البقرة: من الآية124] {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ}[البقرة: من الآية125] عندما لم تعد القضية على هذا النحو في الأمة ما الذي حصل؟ ضاعت الأمة فلم يعد البيت، ولم يعد الحج بالشكل الذي يعطي الإيجابية، ولم يعد لدى الأمة قيادة واحدة على هذا النحو: القيادة التي هي ماذا؟ امتداد لقيادة إبراهيم، وقيادة محمد (صلوات الله عليهما).

لديك الآن [57 قائداً] ماذا عمل هؤلاء أمام مجموعة من اليهود؟ لا شيء، و[57 قائداً] تحتهم كم؟ مليار وثلاثمائة مليون مسلم، وتحتهم ثروات هائلة جداً، وتحت أقدامهم منطقة استراتيجية هامة جداً، وتراهم لا شيء، لا يجرؤون بكلمة واحدة إلا القليل منهم، وعندما يتكلم القليل منهم يكون الآخرون بالشكل الذي ربما مستحيل عندهم أن يستجيبوا لكلمته، وأن تنطلق إلى مواقف عملية جادة، لا يوجد.

إذاً فقدت الأمة شيئين هامين جداً تعتبر من أهم المقومات لبناء الأمة، وأن تكون أمة لها فاعليتها، أمة مؤثرة في حركتها، أمة لا يمكن أن تصل إلى الوضعية التي وصلت فيها الآن.

 

جريمة منع الحج

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنَاً}[البقرة: من الآية125] في نفس الوقت “أمناً” لا يجوز لأحد أن يعمل أي شر بالآخرين في محيط ذلك البيت نهائياً؛ لهذا كان دخول رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى مكة بطريقة حكيمة يتفادى معها أي إضرار بشخص حتى من الكافرين داخل مكة حتى من أعدائهم وهم لا يزالون أعداء كافرين داخل مكة. فتح مكة ما أظن أنه حصل فيه أي حادث على الإطلاق نهائياً ترتيبات دقيقة جداً حقق من خلالها فتحاً لمكة، وانكسار شوكة الكفر نهائياً مع الحفاظ على حرمة البيت الحرام، وعلى هذه القاعدة الإلهية: أنه جعله مثابة للناس وأمناً.

ولهذا كان جريمة كبيرة جداً: عندما قتلوا العشرات من المسلمين في [عام 1407هـ] السعوديون وقع منهم تلك المجزرة الرهيبة جداً قتل فيها أكثر من أربعمائة شخص والله قد حرم قتل صيد حمامة جعل لها حرمة، حرم صيدها، وهؤلاء قتلوا أربعمائة؛ ولهذا ترى من بعد ما عاد قامت لهم قائمة الدولة السعودية ما عاد قام لها قائمة فعلاً؛ لأن الله قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج: من الآية25] تدهورت دولتهم من ذلك اليوم إلى الآن، ولا تتوقع لها أن تنهض، لا تتوقع لها أن تنهض على الإطلاق إلى الأفضل إنما انحطاط إلى أن تتلاشى، وتنتهي بخزي، وعذاب أليم، عذاب نفسي والله أعلم ماذا سيكون من أنواع العذاب.

والله سبحانه يقول:

[وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون] وجريمة منع الحج جريمة كبيرة تضاف إلى جرائمهم السابقة في رفع التكاليف على الحجاج وخلق العوائق أمام المسلمين بشكل دائم ومتكرر، وهو ما يجعلها حتما محط سخط الله وعقابه وعذابه.

ويقول الشهيد القائد أيضا في سياق حديثه عن قول الله تعالى:

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِنا}[البقرة: من الآية126] لأنه يعرف أن يكون هذا المكان هو مثابة للناس أن الجانب الأمني مهم، الجانب الأمني سواء من الجهة التي تعتبر نفسها قائمة عليه، أو فيما بين الناس أنفسهم، عندما تلقى من اعتدى عليك، عندما تلقى قاتل ابنك، أو قاتل أبيك، أو أي شخص ليس محلاً أبداً أن تنتقم فيه من أحد {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[البقرة: من الآية126] كيف اهتمام الأنبياء أنفسهم، اهتمام الأنبياء بما هو من معالم دين الله، واهتمامهم أيضاً فيما يتعلق بالناس، وبالذات الناس القريبين من هذا البيت الحرام لئلا يصبحون أناساً يستغلون الوافدين إليه، وفّر لهؤلاء، أرزاقهم، وليس فقط سيدعو لهؤلاء فقط؛ لأنه عندما يكون المحيطون لهذا البيت، ومن هم في طريق الوصول إلى هذا البيت الحرام رزقهم متوفر قد يشكل هذا أمناً بالنسبة للناس، أمناً من السطو على ممتلكاتهم، وأمناً من استغلالهم، استغلالهم في أقواتهم، استغلالهم في توفير المسكن والطعام والشراب لهم، لكن عنده كراهة شديدة بالنسبة للكافرين بالنسبة للظالمين {مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[البقرة: من الآية126].

لاحظ من الناحية الأمنية أنه حتى ولو هم أناس عاصون في ذلك المحيط قد يهيئ الله أرزاقهم رعاية لمن؟ رعاية لمن يفدون إلى هذا البيت؛ ليكون فيما يتعلق بالجانب الأمني يتوفر للناس أمن، ولكن اتركهم يعتبر متاعاً بالنسبة لهم قليل {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.

إذاً فهذه ترد على من يقدر بأنه أولئك الناس هم على حق بحجة أنه لاحظ كيف الباري مدهم! كان يمد قريشاً {الَّذِيْ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوْعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} وهم مشركون لكن على هـذه القاعدة: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً}[البقرة: من الآية126] ممكن حتى ويتوفر لـه رزقه لكن وسيؤاخذ مؤاخذة شديدة، لماذا يوفر له رزقه؟ لأنه عسى أن يكون في توفير رزقه مأمن من أن يسطو على الآخرين، ويستغل الآخرين الذين يثوبون إلى هذا البيت، ويتجهون إلى العبادة التي هي مرتبطة بأدائها على نحو معين عند ذلك البيت، ليس معناه أنه عندما أعطاهم أنهم أهل الحق، وأنه قد اعتبرهم أهل الحق؛ لأن الباري قد أعطاهم بترول، وأعطاهم، وأعطاهم، وأشياء من هذه! لا، ستكون هذه مسؤولية كبيرة جداً، وخطورة بالغة جداً عليهم عندما يتوفر لهم الرزق؛ ومن الاعتبارات الهامة في توفيره من أجل الآخرين، ثم تراهم يستغلون الآخرين، أي يتوفر لهم الرزق هناك بالشكل الذي يستطيعون أن يقدموا تسهيلات كبيرة جداً للحجاج، وليس أن يأخذوا منك خمسمائة ريال سعودي مقابل استخدام [الزفلت] استخدام الخطوط!.

 

النظام السعودي وتعامله مع الحج والحجاج

وعندما نتأمل واقع النظام السعودي وتعامله مع الحج ومع الحجاج طوال الأعوام الماضية، وصولا إلى المنع الكامل للمسلمين من الوصول إلى بيت الله نجد أنه بات قريبا من عقوبة إلهية وعذاب كبير، لكل جرائمه تلك، وأنه لن يجد من بأس الله مجيرا ولن يجد له من دونه وليا ولا نصيرا.

مصداقا لقول الله تعالى: [وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ]

وللتأمل أكثر نذكر بما قاله الشهيد القائد حسين بدر الدين في سياق آخر وهو يتحدث عن قول الله :

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[البقرة:158]

تجد أن لها علاقة فيما يتعلق بالطرف الآخر فعندما تكون هذه لها أثر إيجابي بالنسبة للمسلمين: البيت الحرام، وهذه المشاعر المقدسة وتشريع الطواف بين الصفا والمروة وغيرها من المشاعر المقدسة حول البيت الحرام أنها قضية تمثل نقطة قوة بالنسبة للمسلمين لها إيجابية كبيرة بالنسبة للمسلمين في موضوع الصراع مع الآخرين؛ لهذا تجد الآخرين يتوجهون بجدية ضد الحج والسيطرة على الحج وأن يعملوا بأي طريقة للحيلولة بين المسلمين بأن يتوقفوا عن الحج أو أن يأتوا بأعداد قليلة جداً وبدأوا فيما يتعلق بماذا؟ بالتقصيد أعني كل بلد لا يحج منه إلا ما يساوي واحد في الألف مع أن الله سبحانه وتعالى جعل مكة بالشكل الذي يتسع لأي عدد يحج من الناس.

ويقول أيضا:

قضية غير صحيحة عندما يقولون: يقصِّدون الناس على أساس لا يكون هناك زحمة، هذا غير صحيح الله عندما يقول لنبيه إبراهيم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}[الحج: من الآية27] أذن في الناس بالحج، والله يعلم بالنسبة للناس إذاً فليحج كمَّا يحج من الناس هو يعلم بالمكان أنه يستوعب لأنه هو الذي قال: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} وجعل الحج في وادي ومليء جبال، لم يذهب يبحث لصعيد صحراء سيناء أو صعيد مصر أو صحراء أفريقيا أو أي منطقة أخرى، أليس يعلم سبحانه وتعالى بأنه هو الذي جعل ذلك المكان محاطا بالكثير من الجبال ليجتمع الناس كمّا اجتمعوا سيتسع لهم المكان.

الأشياء التي يبدو أمامنا فيها زحمة قد تكون نتيجة من قلة وعي لدى بعض الحجاج ولقلة خدمات فيما يتعلق بتنظيم الحجاج وهي أماكن محددة هي أماكن سيحصل فيها زحمة لو لم يحج إلا مائة ألف وهي عند الجمرات، عند الجمرة الأولى، جمرة العقبة، يوم النحر، يوم العيد، الزحمة هناك تراها ليس لأنه حج ثلاثة ملايين شخص زحمة قد تراهم مزدحمين وهم قد يكونون خمسة آلاف على الأكثر الحجاج المزدحمين قد يكونون خمسة آلاف.

إذاً ليست المشكلة أن هناك ثلاثة ملايين، مكان يزدحمون فيه نتيجة عدم وعي نتيجة قلة رحمة بين المسلمين أنفسهم يأتي أناس يتجمعون ويتكتلون قد يصلون إلى حدود خمسين شخصا أحياناً ثلاثين شخصا عشرين شخصا وشكلوا زحمة وضروا الذين قبلهم وليس هو من أصله، الإشكالية لديهم هم وليس من أجل كثرة العدد، إذا كان الزحمة قد تحصل بحضور ألفين في ذلك المكان لا يؤدي إلى أن تقول يجب أن نقلل عدد الحجاج وكل بلد لا يحج منه إلا عدد معين ثم يرفعون تكاليف الحج، هذه خطة -يبدو- أمريكية ترويض للناس أن يتقبلوا تقليص وتقليل عدد الحجاج من كل بلد عدد معين ويكون عدداً قابلاً للتخفيض وكل سنة يخفضون أكثر وكل سنة يفتعلون شيئاً فيما يتعلق بالكعبة يقولون: قد حصل وباء أو حصل كذا من كثرة الازدحام، إذاً قللوا العدد قللوا العدد حتى يصبح الحج قضية لا تعد محط اهتمام عند المسلمين أو في الأخير يوقفوه.

وفي ذات السياق يقول أيضا:

كما قلنا أكثر من مرة كما أذكر: أن الإمام الخميني قال من قبل: أنهم يخططون للسيطرة على الحج، أمريكا وإسرائيل يخططون للسيطرة على الحج، وهي قضية معروفة الآن، نسمع المؤامرات الرهيبة، ومحاولة تمحل الذرائع كما يسمونها، فيما يتعلق بالسعودية، وفيما يتعلق بدول المنطقة، وشعوب المنطقة كلها.

ويقول أيضا عند ذكر تفاصيل الحج و التوثيق الزمني للحج :

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: من الآية197]. وهناك قال: {واذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[البقرة: من الآية203] التأكيد على أن الحج أشهر معلومات قضية هامة يجب أن يتشبث بها المسلمون، لا يأتي العدو في يوم من الأيام مع استجابة الأنظمة الحاكمة للمسلمين، ويقدم من لديه رؤى: أنه يوزع الحج على أشهر، اليمنيون يحجون في شهر كذا، والإيرانيون في شهر كذا، أو الأفارقة في شهر كذا، والآسيويون في شهر كذا، ويوزعونهم ويقولون: المقصود واحد. إذا المقصود واحد يطوف ويذهب يرمي، هي هذه حاصلة، لا. {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} لا يصح إلا فيها.. لا يصح إلا فيها. لأنه لو يجزأ الحج بالنسبة لوقته، معناه: تبطل الغاية العظيمة من وراء تشريعه: يمثل ملتقىً واحداً للمسلمين في وقت واحد، وأيام معدودة معينة، الأيام المعدودات: هي أيام منى، أيام التشريق.

 

الحج محط مؤامرة من قبل بني إسرائيل

ويقول أيضا في سياق حديثه عن قول الله تعالى:

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}لاحظ هنا الكلام عن بني إسرائيل قبل الكلام عن الحج وبعده، قبل الكلام عن البيت وبعده، وهنا توثيق للموقع أليس توثيقاً هنا؟ يعني: هذه تشعر مثلما كان هناك توثيق للزمان زمن الفريضة الحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: من الآية 197] ويذكر هناك أياماً معدودات {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة: من الآية 203] وهنا توثيق للموقع نفسه، يعني لو جاء شيء مثلاً يضرب هذا البيت القائم يمكن إعادة بنائه لكن في نفس الموقع لا يقبل أي اقتراحات أخرى ما تقبل أي اقتراحات أخرى بأنه ممكن نعطي لكل شعب بيت مثلما قالوا: إنها فكرة حصلت عند [أبرهة] يريد يعمل للعرب هنا في صنعاء بيتاً أو يريد يحجون إلى الكنيسة. وفي أيام بني أمية في أيام عبد الملك بن مروان حاول أن يحج الناس إلى الصخرة التي هناك، وقالوا عمل مسجداً عليها أو قبة وقال يحجون هناك إلى الشام.

ومعنى هذا بأنه هذا الموقع وهذا البيت الحج والبيت هو محط مؤامرة من قبل بني إسرائيل وفعلاً لهم موقف منها من زمان من زمان وما زالوا مستضعفين ما بالك الآن وهم في زمن قوة أنه مما صرفهم عن البيت عداوتهم لإسماعيل وبني إسماعيل كارهين لذلك الموقع كارهين له لعدة اعتبارات وبالطبع عندما يكونون مستقوين عندما يكونون يرون أنفسهم أقوياء ونافذين يتآمرون والمؤامرة قائمة فعلاً مؤامرة بني إسرائيل لا تكون فقط بشكل تدمير موقع فقط بل أيضاً يحاولون أن يكون بالشكل الذي يصرف الناس، هنا جاء توثيق للزمن وتوثيق للمكان.

وفريضة أن يحج الناس إليه في أي ظرف كان أن يحجوا إليه وأن هذا البيت والحج إليه واجتماع المسلمين حوله يمثل قوة بالنسبة لهم يمثل معلماً من معالم القوة بالنسبة للمسلمين.

فعندما يتجه بنو إسرائيل إلى المؤامرة على الحج على البيت لعدة اعتبارات لديهم: كراهية لهذا البيت كراهية لمن هم مرتبطون بهذا البيت من بني إسماعيل ولإسماعيل، كراهية لأثره الهام بالنسبة للمسلمين أنه يعتبر معلماً يبرهن أن هذه ما تزال أمة واحدة ما تزال أمة واحدة.

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}[آل عمران: الآية 98] وقد ذكر سابقاً كيف كانوا يكفرون بآيات الله ويكفرون بآيات يعلمونها وآيات يشاهدونها وكانت قصتهم عندما كفروا بآيات جاءت على يد عيسى بن مريم قضية رهيبة جداً وغريبة جداً عندما يأتي يصنع من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وهم يشاهدونه يشاهدون كل تلك الآيات وهو يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ويكفرون بهذا قال هناك: {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}{لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}وفي مقامات يقول: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ}.

ويوضح أيضا خطورة ما يعملونه من تخريب وضرب للآثار والمعالم الإسلامية:

يبين هذا أهمية ما يسمى بمعالم تاريخية، أو تراث معين هنا مقام إبراهيم أليس مقام إبراهيم يعني حجراً كان إبراهيم يصعد من فوقها وهو يبني الكعبة؟ أثر هذا تاريخي هام له أثره من الناحية التوثيقية ومن الناحية النفسية عندما تعرف بأنه هناك ما يزال أثراً من آثار إبراهيم الذي رفع قواعد هذا البيت العظيم وأثراً لوحدة الدين؛ ولهذا أن الله قال في آية أخرى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً}[البقرة: من الآية 125] يحاول أن يصلي الناس عنده يتذكرون.

هنا تلحظ أنه لماذا الآخرون يحاولون يضربون كل الآثار والمعالم الإسلامية ويغيرون آثارها في نفس الوقت الذي يحاولون فيه أن يبقوا آثارهم على ما هي عليه تجد في مكة وفي المدينة كثير من الآثار غيروها هذه هي نفسها من الأشياء الرئيسية التي يتجه إليها اليهود، تغيير المعالم، أليسوا في فلسطين يصيح الفلسطينيون أن اليهود يتجهون إلى تهويد القدس، تهويد القدس يعني: ليس فقط تهويد نفوس يريد تهويد المنطقة معالم معينة يهودية ويطمس معالم إسلامية أو عربية فهي آية من آيات الله التي يعرفها بنو إسرائيل لكنهم يكفرون بآيات الله.

{لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ}[آل عمران: من الآية 70] ألم يقل هناك: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ}[آل عمران: من الآية 97] لكن دائماً هم هكذا الكثير منهم موطنين أنفسهم على أنهم يكفرون بآيات الله يشاهدونها أو يعلمونها وينطلقون على ما يخططون هم من جهة أنفسهم وعلى أهوائهم {وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}[آل عمران: من الآية 98] توحي هذه بأنه لديهم نظرة سلبية نظرة عدائية بالنسبة للبيت الحرام والآيات هذه البينات التي فيه وللحج أنهم بالشكل الذي طبيعي أن يتآمروا يحصل لديهم مؤامرة لكن الله شهيد على ما يعملون هذه فيها تهديد لهم تهديد لهم مهما تآمروا سيجعل دائرة السوء عليهم يجعل مكرهم كما قال في آية أخرى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر: من الآية 43].

ومن التأمل لكل ما سبق نجد أن الموضوع ليس جديدا أبدا، فالسعودية عملت خلال سنين من أجل المنع المتدرج.. سواء بتعقيد الإجراءات أو مضاعفة التكاليف.. تحت ذريعة مبررات مختلفة..

إضافة إلى ضرب الأهداف الإسلامية الحقيقية من فريضة الحج.. وتفريغه من مضمونه التعبوي والسياسي والعملي تجاه الكافرين..وهذا من أسوأ أنواع الكفر.. ولذلك تجلت فيهم مصاديق هذه الآية. {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }الحج25

 وكذلك قول الله جل شأنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }البقرة126 واليوم أعلنت المنع جهارا نهارا.. {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا }وذلك بدعوى الحرص على الأمن..فيعاقبهم الله بالخوف والعذاب

 {أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }البقرة 114

وكل أفعالهم القبيحة تمثل شهادة عليهم..

كما يقول الله :  {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ }التوبة17وكل استهدافهم للحج يأتي في سياق الخشية من غير الله.. {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ }التوبة18.

أما من يقولون انظروا كيف وسّعوا الحرمين.. وكيف يقدمون الخدمات للحجاج.. ورغم عدم صحة ذلك.. إلا أنه لا يعد مقبولا إذا قدم مفصولا عن الإيمان والجهاد..

وفي أمثال هؤلاء يقول الله: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[التوبة 19 – 20] ، وكل النصوص القرآنية تؤكد أنهم سيكونون محط العذاب والعقاب الإلهي..وعلينا جميعا أن ندرك خطورة التقصير في مواجهتهم والتفريط في صراعنا معهم.

نسأل الله أن يكرمنا بشرف التأديب لهم.. وأن نكون من جنوده الذين سينزلون عذابه عليهم.. وأن يعاقبهم بأيدينا…

والعاقبة للمتقين..

 

قد يعجبك ايضا