قرار واشنطن يمنع التسوية: العدوان الأمريكي على مفاوضات الكويت
موقع أنصار الله || صحافة محلية || إبراهيم السراجي/ صدى المسيرة
انطلقت صافرة إفشال المفاوضات من واشنطن بنفس الطريقة التي انطلق فيها العدوان على اليمن، وإذا كان اليمنيون على قناعة أن العدوان أمريكيا بالدرجة الأولى فلابد أيضا أن يثبتوا أن عرقلة وافشال المفاوضات كان أمريكياً وهذا الدليل جاء من اجتماع لندن بين البريطانيين والامريكيين ودولا خليجية صدر عنها بيان عدّ انقلاباً صريحا على المرجعيات وكل ما تم الاتفاق عليه في الجولة الأولى من المفاوضات بما في ذلك رؤية ولد الشيخ التي وردت في احاطته الأخيرة لمجلس الأمن في ختام الجولة الأولى وتضمنت تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى تنفيذ الاتفاقات العسكرية والأمنية.
يرى كثير من المراقبين للوضع اليمني أن السعودية وعلى رغم أنها تقود تحالف العدوان على اليمن لكنها لا تملك القرار الفصل في مجال الحرب والسلم ولديها مساحة صغيرة بين ذلك كأن تبرم اتفاقات تهدئة حدودية وليس أن تقرر انهاء الحرب الذي يملك مفاتيحها البيت الأبيض الذي مايزال يستفيد من العدوان بالتمدد والتوسع في الجنوب بحسب ما أعلن عنه قائد القوات الأمريكية في المنطقة والذي قال لرويترز أن بلاده قررت مضاعفة عدد مواقعها في اليمن وكذلك عدد قواتها موضحا ان العدوان او ما وصفه حلفاءهم الخلجيين منحوهم الفرصة للتحرك بشكل أفضل ولكن باسم محاربة القاعدة.
الانقلاب الظاهر على مرجعيات المفاوضات بما في ذلك قرار مجلس الأمن، الذي يصوره العدوان ومرتزقته على أنه ملزم للجيش واللجان الشعبية فقط فيما الحقيقة أنه ملزم لجميع الأطراف، رجّح صحة التحليلات التي ذهبت للقول بأن انطلاق المفاوضات كان من الأساس بغرض الإيحاء بأن العملية السياسية بابها مفتوح وأن العدوان هو الذي أوصل إلى المفاوضات بينما كان العدوان هو من قضى على المفاوضات التي كانت قريبة من التوصل لحل نهائي في صنعاء قبيل العدوان وبحسب المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر الذي جرى ابعاده بحسب رغبة معسكر العدوان.
وما يؤكد أن الدول الكبرى المؤيدة للعدوان كانت تسعى لتضليل العالم من خلال وجود مفاوضات في الكويت تبعد الأنظار عن العدوان وجرائمه هو أن المواقف الغربية تغيرت بشكل جذري من خلال بيان اجتماع لندن.
في مطلع يونيو الماضي وفيما كان قد مضى أكثر من شهر على جولة المفاوضات الأولى في الكويت قال وزير الخارجية البريطاني آنذاك فيليب هاموند في حوار تلفزيوني لقناة “سكاي نيوز” الإماراتية “أن حكومة هادي لا تمثل الشعب اليمني وتفتقد للمصداقية معتبراً أن اعتراف المجتمع الدولي بشرعيتها لا يعني أنه لا توجد مشكلة سياسية في اليمن وأن الحاجة إلى حكومة توافقية ليست ملحة”.
وأضاف هاموند في حينه قائلاً “الحكومة الشرعية المعترف بها في اليمن، لا تمثل كل الشعب اليمن وليس لديها مصداقية بين كل أطراف اليمن، وإذا أردنا أن نتجنب حرباً اهلية ونزاعا عسكريا علينا أن نجد طريقا لتوفيق بين المصالح المختلفة”.
أما قبل نحو ثلاثة أيام وبعد اجتماع لندن الذي خرج ببيان أمريكي بامتياز يدعم الحرب ويضع نهاية واضحة للمفاوضات من خلال فرض شروط تخالف كل المرجعيات لتعود بريطانيا ذاتها لتعبر عن هذا الانقلاب على لسان سفيرها الذي قال: “يجب أن يلتزم وفد أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بالانسحاب لو أردنا التقدم نحو تحقيق السلام في اليمن”. واختصر السفير البريطاني بذلك التصريح مخطط الانقلاب الأمريكي على المفاوضات والسلام في اليمن.
في الأوساط السعودية بات من المسلم به ان بلادهم تورطت بالعدوان على اليمن ووقعت في مستنقع حذرها منه الكثيرون لكن نظام آل سعود الذي أعلن عن العدوان على اليمن عبر سفيره من واشنطن، لا يملك قرار الحرب ولا السلام وإنما البيت الأبيض الذي يشهد تاريخه منذ الحرب العالمية الثانية ان كل الحروب التي شهدها العالم بعد ذلك في الحرب الباردة كانت واشنطن هي الطرف الأساسي فيها وان تنوع ظهورها في تلك الحروب بين المباشر وغير المباشر.
المحلل السياسي العربي لقمان عبدالله الذي يقيم في نيويورك استطاع توصيف ذلك الوضع بشكل دقيق عندما قال في مقال أن السعودية ليست ” وحدها من يُعرقل التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب والأزمة في اليمن. تقف السياسة الأميركية التي تُعدّ المرجعية الرئيسية لاستراتيجية السعودية كحجر عثرة في طريق أي حلّ، إذ إن واشنطن تتطلع إلى حكومةٍ لا تخرج من عباءة سياستها في المنطقة”.
ويضيف أن “واشنطن لا تستطيع القبول بيمنٍ متجذرٍ بالعداء لإسرائيل ولمنظومة الهيمنة الأميركية في المنطقة، خصوصاً لما يمثله هذا البلد من موقع استراتيجي حيوي ولإشرافه على باب المندب، أحد أبرز الممرات العالمية الذي يمرّ عبره ثلث التجارة العالمية”.
وعلى قدر وضوح الدور الأمريكي في عرقلة المفاوضات والتمسك بخيار العدوان فإنه وبعد عقود من الزمن وحين ترفع السرية عن الحقائق سيظهر المسؤولون الأمريكيون في الأفلام الوثائقية يتحدثون ضاحكين أنهم بالفعل من اتخذ قرار الحرب على اليمن وهم من تحكم في المسار السياسي بنفس الطريقة التي تحدثوا بها عن عرقلتهم الصريحة للمفاوضات بين قادة فيتنام الشمالية والجنوبية عندما كان المتفاوضون قريبون من الحل في فرنسا فجاءت البرقية الأمريكية عبر الحزب الجمهوري للجنوبيين بالمماطلة حتى تجري الانتخابات الامريكية والتي كان المرشح الجمهوري في حينه “ريتشارد نيكسون” واثقا من الفوز بالانتخابات ربما بنفس الشكل الذي يحدث اليوم في المفاوضات اليمنية مع اقتراب نهاية ولاية أوباما واقتراب الانتخابات الامريكية أيضا.