الأهمية القصوى لربط مبدأ التوحيد بثمرته ونتيجته

فمسألة الشرك مسألة خطيرة، وأهمية مبدأ التوحيد، والضرورة القصوى لترسيخه؛ حتى نحصل على ثمرته، وتتحقق إيجابياته في واقع حياتنا، وفي أعمالنا، والتزاماتنا العملية، من أهم الأمور، ونأخذ العبرة في ذلك من خطاب الله “سبحانه وتعالى” لنبيه “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، وهو من هو في إيمانه وكمال يقينه، فيقول له: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: من الآية19]، وهو من يعلم ذلك، هو من يؤمن بذلك، هو الأكمل في إيمانه بذلك من كل إنسان، مع ذلك يوجِّه إليه هذا الخطاب: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، هذا يفيدنا أننا بحاجةٍ مستمرة، وبدون انقطاع، في كل مسيرة حياتنا- وليس فقط إلى مرحلة معينة، أو مرتبة إيمانية معينة، بل في كل مسيرة حياتنا- إلى ترسيخ هذا المبدأ العظيم.

ونجد كم ورد في القرآن الكريم من آياتٍ ترسِّخ هذا المبدأ، تنص على أنه: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، على: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}… وهكذا، آيات كثيرة، ثم تربط ما بين ذلك، وما بين الثمرة المترتبة على ذلك، والنتيجة الأساسية لذلك، من مثل قوله تعالى”: {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}[النحل: من الآية2]، {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[النحل: من الآية51]، {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: من الآية25]، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ  َاسْتَغْفِرُوهُ}[فصلت: من الآية6]، وهذا ما غاب كثيراً في واقع أمتنا الإسلامية: الربط ما بين هذا المبدأ العظيم، وما بين ثمرته، وما بين نتيجته.

تتلخص المشكلة لدى الكثير من أبناء أمتنا،  فيما هم معرضون عنه من كتاب الله على المستوى العملي، على مستوى الالتزام به في واقع العمل، ولا سيما ما يتصل بالمسؤوليات الكبرى، من مثل: إقامة القسط، من مثل: التعاون على البر والتقوى، من مثل: الاعتصام بحبل الله جميعاً، والألفة، والأخوة الإيمانية، وتوحد الكلمة على الحق، من مثل أيضاً: الجهاد في سبيل الله، بمفهومه القرآني، التحرري، العظيم، المقدس، وهكذا المسؤوليات ذات الأهمية الكبيرة جدًّا في واقع حياتنا، يتلخص العامل الرئيسي في ذلك: هو بالمخاوف، حالة الخوف من الآخرين، والبعض أيضاً بحالة الأطماع والرغبات فيما لدى الآخرين، وهذا نقص واضح في ثمرة الإيمان بمبدأ التوحيد.

وإلَّا فنحن عندما نؤمن بالله “سبحانه وتعالى” أنه (لا إله إلا هو)، ويرتبط بهذا المبدأ كمال الله “سبحانه وتعالى”، وركَّز القرآن على هذا كثيراً، يتحدث عن أنه الإله، ثم يأتي ويذكر لنا من أسمائه الحسنى ما يبين لنا كماله؛ لأنه الذي يجب أن نأله إليه وحده، أن نرجوه وحده فوق كل شيء، أن نخاف من عقابه فوق كل شيء، أن نؤمن بأنه المسيطر على هذا العالم بكله، أنه ملك السماوات والأرض، أنه الرحمن الرحيم، فنثق به، في أنَّ ما يأمرنا به من منطلق رحمته، ونتوكل عليه، ونتيقن أنه سيرحمنا، وسيعيننا، ولن يتركنا من ألطافه، ورحمته، وفضله، وهكذا أنه العزيز الحكيم، أنه القوي العزيز… أسماؤه الحسنى في كثيرٍ منها تأتي بعد الحديث عن ألوهيته وأنه (لا إله إلا هو).

نجد هذا مثلاً: في آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة: من الآية255]، ثم ما تلى ذلك من الحديث عن عظمته “سبحانه وتعالى”، وكماله، وأسمائه الحسنى. نجد هذا في آخر سورة الحشر، وما ورد تبعاً له من أسماء الله الحسنى، والحديث بشكلٍ مركَّز على توحيده، وهكذا نجده في كثيرٍ من الآيات القرآنية، أخذ مساحةً كبيرةً، وحيزاً واسعاً، في الحديث داخل الآيات القرآنية، وهذا مهمٌ لنا جدًّا، من أهم ما يمكن أن نعالج به في واقع أمتنا الإسلامية، وفي واقع أنفسنا، أزمة الثقة بالله “سبحانه وتعالى”: هو الترسيخ لهذا المبدأ بوعي، ومن خلال ما ورد في القرآن الكريم.

خلال شهر رمضان المبارك والإنسان يتلو القرآن، من المهم أن يركِّز على هذا الموضوع؛ لأنه- كما قلنا- من المهم أن يركِّز عليه الإنسان في كل مسيرة حياته.

 

السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي

 

 

قد يعجبك ايضا