الجهاد وتحمل المسؤولية.. المحك الأساس

 

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، ولربما الكثير من الناس في حساباتهم ذلك: يحسبون- فعلاً- أنه يمكن أن يدخلوا إلى الجنة، دون أن يكونوا في هذه الدنيا وقفوا هذا الموقف: الموقف الذي تفرضه عليهم المسؤولية أمام الله -سبحانه وتعالى- الموقف الذي رسمه الله -سبحانه وتعالى- موقف التحمل للمسؤولية، التحرك في إطار المسؤولية للتصدي لقوى الطاغوت والإجرام، والثبات على الحق.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ}، لربما الكثير من المنتمين لهذا الدين يحسبون- بالفعل- أنهم سيدخلون الجنة من دون جهاد، ولا تحمل مسؤولية، ولا صبر، وأن يقفوا موقف الحق، بل البعض يؤمِّل أنه سيدخل الجنة ولو اتخذ موقف الباطل، ولو كان في صف الباطل، وللأسف الشديد نتيجة لأشياء كثيرة جدًّا: قوى ضالة في الساحة الإسلامية (كما هو حال التكفيريين)، وسعي دؤوب من قوى أخرى لفصل الناس في مواقفهم عن مبادئهم وأخلاقهم، يعني: الانفصال بالموقف عن المبدأ، وعن الأخلاق، وعن القيم الدينية والإيمانية؛ سهَّل للكثير من الناس أن ينطلق باعتبارات أخرى ودوافع أخرى، ويظن المسألة سهلة وعادية وبسيطة، ويظن أنه يمكن أن يدخل الجنة إذا كان سيصلي ويصوم، ولو وقف في صف أمريكا، أو عملاء أمريكا، أو عملاء إسرائيل، ولو كان مع الظالمين الطغاة، والمفسدين في الأرض، والمستكبرين، والظالمين، ولو وقف في صف البغاة، يتصور أنه بالإمكان أن يدخل الجنة، هذه نظرة فظيعة جدًّا وخطيرة، خطيرة، والأعداء ركزوا على أن يرسخوا في الذاكرة العامة التأثير على الناس سلباً في مواقفهم؛ لأنهم يريدون من الناس مواقفهم.

القرآن الكريم يعلمنا أن الأحداث تمثل اختباراً كبيراً، وأنها ميدان لتجلي الحقائق، وأنها الميدان الذي تعبر فيه عن حقيقة ما أنت عليه: إما أن تكون إنساناً صادقاً، وفياً، ثابتاً؛ فتتخذ الموقف الذي رسمه الله لك، وتفرضه عليك المسؤولية، ويعبر عن حقيقة انتمائك لهذا الدين في مبادئه وقيمه وأخلاقه ومواقفه، وإما أن تتخذ الموقف الآخر، وهنا يعتبر اتخاذك لهذا الخيار خروجاً وانحرافاً عن تلك المبادئ الإيمانية، عن تلك التعليمات الإلهية؛ وبالتالي ستدفع ثمن هذا الخيار وهذا القرار السلبي والسيء في الدنيا وفي الآخرة.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، فالموقف الحق في الإسلام، والتحمل للمسؤولية بأن تنطلق في ميدان الصراع، في إطار موقف الحق، متحركاً بهذا الواجب، قائماً بهذا الدور، مجاهداً تبذل جهدك، وتتحرك في ميدان الصراع تتصدى لقوى الطاغوت والاستكبار، وبصبر، هذا جزءٌ أساسيٌ من الدين، وجزءٌ أساسيٌ في أن يقبل الله منك دينك، وأن يعتبرك صادقاً، هو جزءٌ أساسيٌ من الدين، وهو محكٌ أساسيٌ يجلي حقيقة الانتماء الصادق والادعاء الذي يدعيه الإنسان، فالمسألة مهمة جدًّا.

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

الذكرى السنوية للشهيد 1440 هـ

قد يعجبك ايضا