سياسات التجويع تفجّر غضب الشارع ضد دول العدوان وأدواتها في المناطق المحتلّة

|| صحافة ||

على وَقْــعِ التدهور المتسارع وغير المسبوق للعُملة المحلية في المحافظات والمناطق المحتلّة، تصاعد السخط الشعبي ضد حكومة المرتزِقة وتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، حَيثُ شهدت عدةُ مدن، أمس الاثنين، احتجاجات غاضبة ندّدت بالسياسات الاقتصادية العدائية والمدمّـرة التي تمارسها دول العدوان وأدواتها ضد البلد، والتي يعتبر تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية اليوم أبرز وأوضح مظاهرها، وقد ردت سلطات المرتزِقة على هذه الاحتجاجات بقمع المشاركين فيها لتؤكّـد بذلك على حقيقة الدور الإجرامي الذي تلعبه في إطار خدمة تلك السياسات.

وشهدت مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة مرتزِقة العدوان، أمس، احتجاجات واسعة، قام خلالها المتظاهرون بقطع العديد من شوارع المدينة بالإطارات المشتعلة، ورفعوا هتافات وشعارات حملت دول تحالف العدوان مسؤولية انهيار العُملة المحلية وتدهور الأوضاع، وطالبوا بإسقاط الفارّ هادي وحكومته.

ووثّقت صورُ ومقاطعُ فيديو قيامَ المتظاهرين بتمزيق صور كبيرة للفار هادي وقيادات من تحالف العدوان، في مظهر كشف سقوطاً مدوياً للدعايات الزائفة التي تم الترويج لها على مدى سنوات لتبرير العدوان والحصار، وأبرزها دعاية “الشرعية”.

وجاءت الاحتجاجات في الوقت الذي أغلق فيه العديد من التجار داخل المدينة أبواب محلاتهم في إطار عصيان مدني واسع، اعتراضاً على ما سببه تدهور سعر العُملة المحلية من تداعيات كارثية وفوضوية على أسعار السلع.

وتجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي مطلع هذا الأسبوع 1200 ريال، في أكبر تدهور للعُملة المحلية في تأريخها، ما أَدَّى إلى مضاعفة الارتفاع الجنوني في أسعار البضائع والمواد الغذائية في المناطق المحتلّة التي كانت تعيش أصلاً وضعاً مأساوياً قبل التدهور الجديد.

وبالمقابل، أقدمت فصائل المرتزِقة المسلحة التي تحكم مدينة تعز، وفي مقدمتها القوات التابعة لـ “حزب الإصلاح”، على قمع الاحتجاجات بصورة إجرامية وأمام مرأى ومسمع الجميع، في فضيحة إضافية تجدد التأكيد على حقيقة تواطؤ هذه الجماعات مع تحالف العدوان في جريمة تجويع المواطنين وضرب الاقتصاد.

وبث نشطاء محليون مقاطع فيديو تظهر قيام عناصر من مرتزِقة ما يسمى “الأمن” و”الجيش” التابع لمليشيا الإصلاح في المدينة بإطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر على المتظاهرين وملاحقتهم في الشوارع.

وأفَاد النشطاء ومصادر محلية بأن قوات المرتزِقة من مختلف تشكيلاتها العسكرية والأمنية، انتشرت بشكل كبير وقامت باختطاف عدد من المحتجين بعد ملاحقتهم والاعتداء عليهم.

وأُصيب عدد من المتظاهرين برصاص قوات المرتزِقة، وقالت مصادر محلية ونشطاء: إن أحد الجرحى نُقل إلى المستشفى بإصابة خطرة، فيما تحدثت أنباءٌ عن مقتله لاحقاً.

وأظهرت مقاطع الفيديو القيادي المرتزِق خالد فاضل، قائد ما يسمى “محور تعز” التابع لحزب الإصلاح، وهو يشرف بنفسه على قيام عصابات المرتزِقة بقمع المتظاهرين وملاحقتهم.

وضاعف قمع المحتجين حالة السخط ضد سلطات المرتزِقة، كما كشف مغالطات حزب الإصلاح الذي يسعى دائماً لسرقة صوت المواطنين في مدينة تعز، ويحاول كُـلّ مرة توظيف الاحتجاجات ضد خصومه من المرتزِقة.

وقال نشطاء: إن سلطات المرتزِقة لجأت لقمع الاحتجاجات؛ لأَنَّها انطلقت من خارج عباءة “الأحزاب” المسيطرة على المدينة وفي مقدمتها حزب الإصلاح، في إشارة إلى محاولة فصائل المرتزِقة احتكار صوت الشارع والتحكم به للتغطية على جرائمها وقطع الطريق أمام الناس للمطالبة بحقوقهم.

ولاحقاً، اتهمت ما تسمى “اللجنة الأمنية” التابعة لمرتزِقة الإصلاح، المحتجين بـ”التخريب والفوضى” وَ”خدمة أجندة متربصة” وتوعدت بـ”الضرب بيد من حديد” تجاه أية محاولات مماثلة.

وجاءت الاحتجاجات في مدينة تعز في إطار سخط شعبي أوسع يتنامى داخل مختلف المحافظات والمناطق المحتلّة؛ بسَببِ التدهور غير المسبوق للعُملة والارتفاع الجنوني في الأسعار، إلى جانب الفوضى الأمنية الواسعة وتردي الخدمات.

ونشرت وسائل إعلام محلية موالية لتحالف العدوان، أمس، صوراً تظهر إغلاق العديد من المحلات التجارية أبوابها في أنحاء متفرقة من محافظة عدن المحتلّة.

وقالت وسائل الإعلام: إن تجار الجملة في عدن طلبوا من أصحاب المحلات التجارية الدفع بالريال السعوديّ، لكن الصرافين رفضوا بيع عُملة سعوديّة لأصحاب المحلات، ما اضطرهم في النهاية إلى الإغلاق.

وقالت مصادر محلية: إن سعر كيس الرز (40 كيلوجراماً) في عدن وصل إلى أكثر من 50 ألف ريال، علماً بأن الأسعارَ تختلفُ من محل إلى آخر بحسب البائعين، حَيثُ تحدث سكانٌ عن قيام بعض التجار باستغلال الوضع واحتكار السلع والبضائع لمضاعفة أسعارها أكثر في ظل انعدام الرقابة وسط الفوضى التي تعيشها عدن.

وتشهدُ عدنُ هذه الفترة أَيْـضاً أزمةً خانقةً في المشتقات النفطية، وانقطاعاً متزايداً للتيار الكهربائي، برغم إعلان النظام السعوديّ عن إرسال دفعة جديدة مما يسمى “المنحة النفطية” إلى عدن.

وكانت وسائلُ إعلام تابعة للمرتزِقة قد نقلت هذا الأسبوع عن مصادرَ في البنك المركز بعدن توقعها بأن يقفز سعر صرف الريال السعوديّ إلى 500 ريال خلال الفترة القَصيرة القادمة.

وفي محافظة أبين، شهدت مدينةُ زنجبار احتجاجاتٍ غاضبةً وقطعاً للشوارع؛ تنديداً بتدهور الأوضاع المعيشية نتيجة انهيار العُملة المحلية، وأوضحت مصادر إعلامية أن المدينة شهدت عصياناً مدنياً وإغلاقاً للمحلات التجارية في إطار الاحتجاجات.

وكانت مديرية “لودر” في المحافظة ذاتها شهدت في وقت سابق عصياناً مدنياً واحتجاجاتٍ لنفس الأسباب.

وشهدت بعضُ مديريات محافظة حضرموت، أمس، أَيْـضاً احتجاجاتٍ وإغلاقاً للمحلات التجارية والمكاتب الرسمية.

وكانت موجة واسعة من الاحتجاجات اندلعت في عدد من المناطق والمحافظات المحتلّة قبل أسابيع، لكن فصائلَ المرتزِقة قامت بقمعها وتم اختطاف العديد من المشاركين في الاحتجاجات بعدن واتّهامهم بالعمل الاستخباراتي؛ مِن أجلِ إرهاب المواطنين.

وتواصلُ حكومةُ المرتزِقة طباعة وضخ الأوراق النقدية غير القانونية إلى الأسواق، متسببةً باستمرار تدهور العُملة المحلية، بإيعاز من تحالف العدوان الذي أكّـدت تقاريرُ أمميةٌ ودوليةٌ أنه يستخدم “التجويع” كسلاح حرب ضد اليمنيين.

ولا تكتفي حكومةُ المرتزِقة بذلك بل تحاول استغلال المعاناة الناجمة عن هذه الجريمة إعلاميًّا وسياسيًّا، بل واستخدمها أَيْـضاً كورقة للتكسُّبِ من الأطراف الدولية الراعية والداعمة لها، تحتَ ذريعة “دعم استقرار العُملة”.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا