لنستوعب نعمة الله العظمى بالرسالة والرسول
فرسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” بما أعطاه الله من الكمال العظيم، وأهَّله به، جسَّد كل مكارم الأخلاق إلى حدٍ بلغ فيه مستوى العظمة، مستوى العظمة، فما من خُلُقٍ من مكارم الأخلاق إلَّا وهو بلغ فيه مستوى العظمة، وجاء القرآن الكريم ليعبِّر تعبيراً جامعاً عظيماً وراقياً ليقول: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: الآية4]، الله يشهد لنبيه لرسوله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” في هذه الآية المباركة بأنه بلغ مستوى العظمة في كل مكارم الأخلاق وبالتأكيد: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، بصيغة فيها تأكيد قاطع وكبير جدًّا، هذا الإنسان العظيم الذي نحتفي به، الذي قدَّمه الله ليكون هو قائدنا، وقدوتنا، وأسوتنا، وأعطاه منهجاً من نوره ووحيه وكلماته وتعليماته المباركة، التي هي برحمته وبحكمته، أليس نعمةً عظيمةً علينا؟
لو أتينا إلى الواقع البشري، واقع الأمم والشعوب فيما هي عليه، تراهم شعباً هنا أو شعباً هناك يتشبث ببعضٍ من العادات والتقاليد، وببعضٍ من الأساطير؛ ليجعلوا منها عقيدةً، وليجعلوا منها ثقافةً، وليعتمدوا عليها كهوية ينتمون إليها في مسيرة حياتهم، وتراهم يعتزون بها، ويقيمون من أجلها الأعياد والمناسبات، وتكون محط فخرهم واعتزازهم، يلتفون حولها، يتعصبون لها، يتشبثون بها، يخلصون لها، يتفانون من أجلها، ويجعلون منها هويةً يربون عليها أجيالهم جيلاً بعد جيل، ويتوارثونها عبر الأجيال، وكم فيها من خلل كبير جدًّا، ومن إشكالات، وأحياناً حتى من المتاعب والصعوبات.
لو نأتي إلى ما قد يعتبرونه في نظرهم أدياناً معينة، أو ثقافات معينة يعتقدونها، ويبنون عليها حياتهم، ويطبعون بها هوياتهم، في كثير من شعوب الأرض، تجد حتى المأساة فيها، وكم ينشأ في واقع حياتهم تلك، في ظل تلك العقائد، وذلك الموروث الذي يتشبثون به من مشاكل اجتماعية، مشاكل اقتصادية… مشاكل متنوعة في حياتهم؛ أما نحن كأمةٍ مسلمة، فإنَّ الله أعطانا وهو أعطى للبشرية بكلها، إنما مع نعمة الإسلام الحجة علينا أكبر، والنعمة متاحةٌ لنا أكثر من غيرنا من بني البشر؛ لأننا منتمون لهذا الإسلام، فلدينا أعظم منهج قويم؛ لأنه ممن؟ مصدره مَنْ؟ قد يكون مصدر ثقافة، أو عقيدة، أو حضارة معينة لشعبٍ معين: زعيم معين يعتزون به منتهى الاعتزاز، وأحياناً أسطورة حتى، يعتزون بها منتهى الاعتزاز، ويتشبثون بها بأشد ما يكون من التشبث والتمسك، ويحافظون عليها، ويسعون ألا يفرِّطوا فيها؛ أما نحن فالله منَّ علينا، وكما قلت وأعطى للعالمين، لكن مع نعمة الإسلام يتاح لنا أن نستفيد أكثر من غيرنا من بني البشر، وأن نقدِّم أرقى نموذج بأعظم منهج: آيات الله، تعليماته المباركة والقيِّمة والعظيمة، التي هي منطلق علمه، وحكمته، ورحمته، ما يساعدنا على أن نمتلك أرقى ثقافة، وأن تكون لدينا في هذه الحياة أرقى رؤية نعتمد عليها في كل شؤون حياتنا، وعندنا مشكلة بالفعل في واقعنا كأمةٍ مسلمة: هي الفجوة الكبيرة في علاقتنا بالرسول والقرآن؛ لأن العلاقة عندما يشوبها الكثير من الإشكالات نتيجة البعض من الخلل الثقافي والفكري، هذا يؤثر سلباً في ارتباطنا الصحيح والأصيل بهذه المصادر العظيمة جدًّا بهذه النعمة الكبيرة التي فيها الرحمة وفيها الفضل من الله “سبحانه وتعالى”.
في واقع المسلمين عندما حصل خلل ثقافي، عندما دخلت حالة التحريف والانحراف؛ أثَّرت وشوشت على هذه العلاقة، وهذا الارتباط العظيم بالرسول وبالقرآن، وترك هذا الانحراف والتحريف تأثيرات سيئة في واقع الحياة في واقع المسلمين، ومشاكل كثيرة في واقع المسلمين، وأصبح الكثير من المسلمين اليوم لديهم ثقافات تختلف مع ثقافة القرآن، لديهم تصورات خاطئة، لديهم انحرافات، لديهم تحريف، وهذا أثَّر في واقعنا كمسلمين، واستغله أعداؤنا في إساءتهم إلى الإسلام، وحتى في إساءتهم إلى الرسول وإلى القرآن.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
كلمة السيد في افتتاح الفعاليات والأنشطة التحضيرية لمناسبة ذكرى المولد النبوي 1442 هـ