نظرة في تفاصيل الخداع، وهزيمة العدو في الجبهة السياسية
موقع أنصار الله || صحافة محلية _صدى المسيرة|| أنس القاضي
(قراءه لما كتبه عضو الوفد الوطني في مشاورات الكويت مهدي المشاط عن كواليس المشاورات)
تَحرَّكَ الوفد الوطني المفاوض إلى جبهة الكويت السياسية، بعدَ فشل جنيف 1 وجنيف2 مستفيداً من خبرتهِ السابقة مدركاً طبيعة التوجه لدى قوى العدوان والوفد الممثل له ومدى جديتهم في الحل، فلذا توقف وفدنا في (مسقط) واشترطَ وقف العدوان والحِصار لانتقاله إلى الكويت، وما لبث تحالف العدوان ان خرق الشَرط الذي قبل بهِ والاعلان الذي أعلنه عن وقف العمليات العسكرية في تاريخ 10 ابريل الماضي، فكان من وفدنا أن فضَل الاستمرار في الكويت، لإلا يترك فرصة للعدو أن يُحمله مسئولية فشل المشاورات. كما عملَ وفدنا الوطني على نقل المظلومية الشعبية، والتوضيح للأطراف الخارجية بموقف القوى الوطنية وموقف أنصار الله وحقيقة العدوان، وكان ناجحاً في هذه المهمة. واليوم مع هدم المشاورات من قبل طرف العدوان، ها هوَ عضو الوفد الوطني المفاوض الأستاذ مهدي المَشاط يكشف الستار عن حقيقة ما كان يدور، وينقلنا إلى التفاصيل، ويوضح لنا مقدمات ما وصلت اليه المفاوضات، والأسباب التي عكست هذه النتائج المخيبة للآمال.
بداية المعركة السياسية
عندما اجتمع الوفد الوطني ووفد العدوان على طاولة واحده في الكويت ، وبعد أن قَبِلَّ الوفد الوطني بكل المرجعيات التي طرحها وفد الرياض، كان وفدنا الوطني قد عَقَدَّ من أزمة وفد الرياض، إذا كان مطلوباً من وفدنا الوطني الرفض، فينتصر وفد العدوان، لكن إصرار وفدنا على مواصلة المشاورات عبر تلك المرجعيات، حتمَ على وفد العدوان أن يخوض الصراع السياسي داخل المرجعيات التي طالب بها أي الميدان الذي أعدَهُ، وكان كُل هَمهم أن يأخذوا من هذه المرجعيات ما يلبي مصالحهم ومصالح المعتدين، فلم يكن لهم هذا، لصدق وفدنا الوطني في قبول كل ما يؤدي إلى حَل، ولمعرفته التامة بكل الثغرات في هذه المرجعيات التي يُريد أن يستغلها العدو، فكانت كل جلسة انتصار لوفدنا الذي يقدم رؤى واقعية وعملية لا يستطيع المنطق أن يرفضها، وهزيمة لوفد العدوان الذي يتململ ويتهرب ويصعد ميدانيا، من أجل حرف الأنظار عما كان يتلقاه من صفعات تكشف هزالته وعدم جديته في الوصول إلى الحل، هذه الصفعات لم تكن من مطالب وفدنا الوطني ولا من مرجعياته فلم نشهد منه تعصب مثلاً لاتفاق السلم والشراكة المعترف به أممياً، بل من المرجعيات التي طالب وفد العدوان بها من قرار مجلس أمن ومبادرة خليجية، راهنوا على رفض وفدنا الوطني لها، أو جهله بها، وتعشموا النصر بهذه الطريقة، وكان يُمكنهم الانتصار للوطن بأن يصلوا إلى حل، لكن الحقيقة أن الأمر ليسَ بأيديهمُ.
حصاد سبعين يوم من المشاورات
ما الذي جرى خلال سبعين يوماً من مشاورات الفترة الأولى التي انتهت بمناسبة العيد؟ يُجيب المشاط: ” تلخصت (بهذه الفترة) افكار منصفة للحل تتلخص في سلطات تنفيذية (رئاسة وحكومة) بالتوافق ولجنة امنية وعسكرية وترتيبات امنية وعسكرية بالإضافة الى وقف العدوان ورفع الحصار والقيود التي اضرت باقتصاد البلد. وكان الاتفاق ان المبعوث الموريتاني الجنسية يقوم بصياغة هذه الافكار خلال اجازة العيد ونعود لفترة اسبوع للتوقيع فقط وليس للنقاش. لكن الامريكي يرى بان استمرار العدوان على اليمن لصالحه وكان لا يستطيع ان يرفع صوته (وسط المفاوضات) ويرفض خاصة وان هناك اجماع للمجتمع الدولي بان الحل بات واضحا ومنصفا ولا داعي للتأخير”.
العجز الأمريكي والارتباك أمام نجاح وفد صنعاء بالخروج بحلول وطنية واقعية توقف العدوان والحصار
فكيف عمل الأمريكي من أجل رفض الورقة المنصفة التي تم الاتفاق عليها، يُجيب المشاط: ” حرك اياديه وامر المبعوث بان يذهب خلال إجازة العيد لمناقشه الورقة مع حليفته السعودية وقوبلت الورقة (المنصفة) بالرفض (من السعودية) لأنه كان مرسوم لها ان ترفض (لأنها ليست كما تشتهي السعودية وأمريكا) وصعَّدت (السعودية وأمريكا) عبر منافقيها اليمنيين”. المرتزقة الذين لا حول لهم ولا قوة ولا فهم ولا إدراك ولا متابعه ولا يقاتلون اصلاً من أجل هدف سياسي بل من أجل المال والنفوذ وإقامة امارات اللصوص والداعشية!
وهذا ما يُفسر لنا تصعيد المرتزقة خلال إجازة، الذي أستدعى من الذيل هادي أن يتوجه إلى مارب، لكن السعودية وأمريكا أدركت بأن زيارة هادي إلى مارب وتصريحه برفض الحل كان خطئاً، يُظهر قوى العدوان الأمريكية السعودية، بأنها الرافضة، للحل فما كانَ منهم إلا أن يعملوا على الانقلاب على المشاورات، أن يقدموا لولد الشيخ ورقة تعبر عن موقفهم لا عمَّا تم الاتفاق عليه، وأن يدافعوا في اعلامهم عن الحل ويبدون رغبتهم في الحل، ولكن الحل الذي قدموه هم لا الذي تم الاتفاق حوله بين الطرفين”.
الانقلاب على المشاورات!
كان الانقلاب كما يُفيد المشاط هوَ من قبل ولد الشيخ باستبدال الورقة التي تم التوافق حول دقائق أمورها خلال سبعين يوماً بورقة جديدة، لا تمثل سوى مصالح القوى المعتدية، فعلاوة على تبني هذه الورقة رؤية قوى العدوان في الورقة الأخيرة التي تم بها الانقلاب، تم مجدداً محاولة فرض انجاز حل سياسي حول الأمر العسكري بمعزل عن بقية القضايا الإنسانية والاقتصادية والسياسية، وهذا يَكشف عن مدى تقهقرهم العسكري، وتوجعهم من الملف العسكري المؤثر عليهم والذي يسعون إلى حله وخاصة في الجبهة الحدودية ، فيما ليس عندهم أي مانع ان يستمروا في حصارنا وإذلالنا، وعرقلة بقية الملفات الإنسانية والاقتصادية والسياسية، واستمرار الحرب والعدوان في بقية الجبهات الداخلية، لكن وفدنا الوطني تمسك مبدئياً في رفض أي حل جزئي.
يقول المشاط: “قدموا الورقة التي جعلوها بالشكل الذي هم متأكدون انك وفد وطني لن تقبلها لانهم يعرفون في قرارت انفسهم انها ليست منصفة ولا واقعية ولم تبنى على الافكار التي خضناها خلال سبعين يوم من المشاورات، اي انها انقلاب – بكل ماتعني الكلمة من انقلاب- على كل ماكنا قد توصلنا اليه من خلال المشاورات وهذه حماقة(…….) وما كلام مندوب روسيا في مجلس الامن عن هذا المبعوث الا دليل على هذا والكثير مما ستكشفه الايام القادمة للبدئ بالانحدار الاممي وتكشُّف دور جمعية الامم المتحدة في إطار هذا الاستكبار الامريكي. “.
الوفد الوطني والجمع بين الدبلوماسية السياسية والوحدة مع الموقف الشَعبي
السياسة كبناء فوقي كانعكاس للواقع الملموس، وفن لإدارة الصراعات، تَقتضي بأن الصمود اليمني على الأرض يَعكس ذاته في ملف المشاورات، إلا أن قوى العدوان، لا تُريد السياسية معبرة عن الواقع، إنما تريد استخدامها للتأثير على الواقع وعكس الحقائق، فحاولوا أن يكسبوا بالمفاوضات ما عجزوا عن تحقيقه على الأرض، وحينَ ترفض أن يحققوا ذلك تُعد بالنسبة لهم مُعرقلاً سواءً أقاومت في الميدان مدافعاً بالنار، أم صمدت في المشاورات، ومثل هذهِ المحاولات للكسب بالسياسة عما يعجز العدو عن كسبة بالسلاح، حدثت في المفاوضات بين الفيتناميين وبين الفرنسين الذين كانوا مستعمرين لفيتنام، إلا أن الفيتناميين اظهروا صلابة في التفاوض كصلابتهم في الميدان، فباتحادهم مع الموقف الشَعبي يتقوون بقوته وحركته كقانون عام ضاغط، وها هوَ الوفد الوطني اليَمني ايضاً ويخرج للعالم بمدرسة في السياسة الثورية وفي إدارة المفاوضات.
الموقف الروسي، والانقلاب الأمريكي، والدور البريطاني.
دور بريطانيا في العدوان أخفى من الدور الأمريكي، إلا أنها في السياسة اشد وضوحاً من موقف أمريكا الذي يتلبس الديمقراطية والحياد والخوف على السِلم العالمي، فكان الانقلاب الأخير أمريكي التوجه، الذي يلبي مصالح أمريكا الرأسمالية، فعدم توقف العدوان يعني استمرار ريع الحرب التي تجنيه أمريكا من تأجير القواعد والاقمار الصناعية، والصيانة للطائرات، واستمرار أرباح صفقات السلاح والذخيرة، إلى جانب الرغبة الأمريكية الاستراتيجية في احتلال جنوب بلادنا وفي وضع يدها على طرق التجارة العالمية في سقطرى وباب الندب، فيما روسيا التي تواجه ملفا معقدا على أرض حليفتها سوريا، تريد أن يُحل الملف اليمني ، ليسَ كما تُريد هي فليس لديها هذه النزعة الاستعمارية، إنما تكمن مصلحتها في أن تخرج اليَمن كدولة مستقلة تقيم علاقاتها بما يتوافق مع الخيارات المتعددة، لا أن تخرج اليمن من هذه المحنة دولة تابعه لخصمها الأمريكي على الساحة الدولية.
يقول المشاط سائلاً ومجيباً وموضحا بذات الوقت: ” لماذا مندوب بريطانيا تقدم بإضافات في مشروع بيان مجلس الامن ؟؟
الجواب: كي يفشل اي صوت مع وقف الحرب واي دعوة للحلول في اليمن لان امريكا تريد استمرار العدوان على اليمن. وهنا اشير انه إذا اردت ان تعرف موقف امريكا في قضيةٍ ما فانظر للموقف البريطاني فهو الموقف الحقيقي لأمريكا هكذا يعمل الشيطان…. “وصلت هذه المعطيات التي ذكرتها لكم الى مجلس الامن ورأى مندوب روسيا بان يُقدَّم موقف يؤكد على الحل الشامل في اليمن وهذا الذي لا يريده الاستكبار الامريكي كيف يعرقله؟ عمل عبر بريطانيا ومندوبها بإضافة بعض النصوص الى هذا المشروع والتي ستفشل اصدار اي موقف يدعو الى سرعة الحل لان الاستكبار الامريكي يريد استمرار العدوان. وما طرحته لكم كانت هي المعطيات الموجودة لدى مندوب روسيا في مجلس الامن والتي جعلته ينفعل ويخرج من الجلسة ويدلي بذلك البيان الذي سمعتموه “.
درس مشاورات الكويت!
الدَرس والتجربة من هذه المشورات، وما لمسه الوفد الوطني هوَ ان هناك إصرار من قوى العدوان على افشال اي حلول توقف العدوان على اليمن، ولو قدم فيها وفد الوطني أجحف التنازلات، فوق الحرب لا ينسجم مع المصالح الرأسمالية الاستعمارية الأمريكية، فهي تريده أن يتوقف حين يتوقف في الموقف الذي أعدته هي وهوَ موقف الاذلال لشعبنا والاستعمار لبلادنا، كما لمس وفدنا الوطني حرص قوى العدوان عن عدم كشف هذه الحقائق وعدم توضيحها للناس، لهذا أزعجهم التصريح الروسي الذي كشف الحقيقة للرأي العام العالمي والمحلي، وأزعجتهم الحلقات التي نشرها المشاط، فمازالت المشاورات والرعايات الأممية حيلة قديمة جديده تُريد قوى الاستعمار أن تعيق بها كل سعي شعبي في بلد نحو التحرر.