المولد النبوي محطة فاصلة في تاريخ الأُمَّــة ويمن الأنصار تفرد بحبه وعشقه للرسول الأعظم

|| صحافة ||

يحلُّ الربيعُ المحمدي في كُـلّ عام كغيثٍ مدرارٍ، يعيد الأُمَّــة إلى نهجها الأصيل ومنهجها القويم، فها هو شهر ربيع الأول كنورٍ زاهر يضيء أرجاء يمن الإيمَان بميلاد خير البشرية وخاتم الرسل “الصادق الأمين”، فأحفاد الأنصار يحيونه فرحة وبهجة وَنهجاً وتولياً واهتداء واقتدَاء، كما أن مولده محطة جهادية يتزود منها الشعب اليمني كُـلّ معاني الولاء والانتماء لرسول الله محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- فمولده العظيم يعتبر حدثاً تاريخيًّا عظيماً يستحق أن يقف أمامه العالم بإجلال واعظام، فشخصيته -صلى الله عليه وآله وسلم- شخصية عظيمة تستحق أن نعظمها ونوقرها امتثالًا لأمر الله والتوجيه الإلهي حين قال: (فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).

إن اليمانيين يحيون هذا اليوم العظيم في كُـلّ عام انطلاقاً وتولياً وفداء وتحَرّكاً، ولا يقتصر الأمر عليهم، إذ أن لليمنيات دورهن الكبير في إحيَاء هذه المناسبة بشكلها اللائق والمميز.

وتقول الكاتبة والإعلامية ألطاف المناري: إن مولدَ سيد البشر وخاتم الرسل يعني لنا الكثيرَ، فبمولده خبا الشرك، وعلى يديه أصابه الفلول، ووُئِدَت العادات والتقاليد غير الحميدة، وانقشع الظلام، وعم النور، وسادت الخيرات والبركات، وصلحت النفوس، وأُعيد للإنسان مجده ورفع الإسلام من قيمته وحرم سفك دمه دون وجه حق بعد أن كان في الجاهلية مُمتهن مباح دمه وعرضه.

وتضيف المناري أنه بمولد نبي الرحمة علا شأن المرأة وجعلها العنصرَ الأهم في بناء أجيال محافظة، والركيزة الأَسَاسية في نهضة الأمم وصلاحها بها يصلح المجتمع وبها يفسُد”، مواصلة حديثها بالقول: “نحن اليمنيين يعني لنا مولد رسول الله والاحتفال به التولي الصادق لنبينا والحب الأزلي له يعني عزنا ورفعتنا وشموخنا وفلاحنا في الدارَين”.

وتوضح المناري أن ما يميز اليمن أن الاحتفال بمولد النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- يقام في كُـلّ مدرسة وحي وجامعة ومعهد وفي كُـلّ المؤسّسات الحكومية والخَاصَّة والجميع يؤكّـد أنه سالكٌ درب الجهاد أسوة بنبيه، متمسك بالعهد، سالكٌ ذات النهج لا يرجو من الله إلا القبول والرضا، متمنياً أن يكون كما وصفه رسول الله شعب حكمة وإيمَان.

وتختم المناري حديثها بالقول: “في أَيَّـام المولد النبوي الشريف لا يَنسَى اليمنيون تفقد أحوال الفقراء والمساكين بشكل أكبر من السابق، فينطلق الجميع في كُـلّ حي وبحسب خطط ولوائح يوزّعون سِلالاً غذائية، ووجبات متنوعة للفقراء والمحتاجين، وتطلق مبادرات خيرية عدة، كُـلّ يعبر عن حبه بما يستطيع، فمن خلال المولد النبوي الشريف تتوحد الأُمَّــة وتعلن لأعدائها أنها متمسكة بنبيها وبما جاء به وأن الأعداء وإن منعوا الشعوبَ من زيارة قبر رسولها والطواف بالكعبة المشرفة أنها ستطوف يوم مولده مقدسة شعيرة من شعائر الله، معلنة أن محمداً ما زال حيًّا فيها بمبادئه وقيمه وبكل فريضة جاء بها، وإن منع بني صهيون الحج لن يكون عائقاً أمام وحدتها ولن يزيدها إلا تمسكاً وعودة صادقة إلى حبيبها وقدوتها محمد وبكل ما جاء من ربها”.

 

اليمنيون.. تفرد بحب الرسول

من جهتها، تقول الأمين العام لاتّحاد كاتبات اليمن، أشجان الجرموزي: إن حبنا لرسول الله لا ينضب وأملٌ يتجدد وفرحة لا تضاهيها أية فرحة.

وتضيف الجرموزي: “نحن بأنواره نهتدي ومن نهج خير الخلق نستقي، حَيثُ يكون لمولده في أنفسنا عظيم الشأن ويكون أحب إلينا من النفس والمال والولد، فمولده -صلوات الله عليه وآله- يُحيينا قبل أن نحييَه أمامَ العالم، فيُحيي الأخلاق الحميدة والجهاد الحقيقي والبذل والتفاني والتمسك الحق بالهُــوِيَّة الإيمَانية.

وتواصل الجرموزي حديثها بالقول: “نحن الأنصارَ مَن استقبل النبيَّ -صلوات الله عليه وآله- حينما خذله كفار قريش وساداتها وكذبوا بالرسالة الإلهية، أما يكفينا ذلك فخراً وعزة ورفعة، ونحن من قال فينا سيد الخلق: “الإيمَان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان” مؤكّـدة أن إحيَاءنا لذكرى مولده هو أقل ما نقدمه لمن بعث الله لنا هادياً ومرشداً وسراجاً منيراً”.

بدورها ترى الكاتبة والشاعرة فاطمة حسين، أن المولد النبوي الشريف عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، يعتبر المناسبة الأعظم والأقدس على مدار العام، فهذه المناسبة هي من تعيد الأُمَّــة المحمدية إلى نهجها الأصيل، ومنهجها القويم، موضحة أن شهر ربيع الأول هو الشهر الذي تنتظره الأرواح بكل لهفةٍ وشوق لإحيائه حباً وعشقاً، تفانياً وقرباً، وليس الهدف من إحيائه هو الفرحة والتزيين، بل الهدف الأول والأسمى من إحيَاء مولد الحبيب المصطفى هو إحيَاء لشخصية الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- كشخصية قيادية منهجية في وجدان الأُمَّــة، والتذكير بصفاته ومكارمه التي طُمست في عصرنا الحالي، كما يعتبر المولد النبوي الشريف محطة فاصلة في تاريخ الأُمَّــة يزداد فيها المسلمون ارتباطاً بمنهجية نبيهم، ومكانته العالية والرفيعة، ويتزودون من خلاله العبر والدروس في كُـلّ أمور حياتهم، بعد أن حاول الأعداء طمس شخصيته العظيمة؛ لأَنَّهم يعرفون مدى خطورة ارتباط الأُمَّــة الإسلامية بنبيها.

وتستشهد حسين بقوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” مؤكّـدة أن الله أرسله رحمةً للعالمين أجمع وليس لأمةٍ واحدة، ولكنّ الله شرّف الأُمَّــة المحمدية بأن بعث النبي محمد منهم، وهذا ما جعل اليهود يحقدون على هذه الأُمَّــة، ويحاولون بكل الأساليب فصل هذه الأُمَّــة عن نبيها.

وتشير حسين إلى أنه وعلى الرغم مما تشهده أمتنا الإسلامية من وضعٍ مأساوي، إلا أن حبَّ محمد ما زال ينبض في القلوب، ولكن وبشكلٍ خاص تفرد يمن الأنصار بحبه وعشقه منذ دخولهم الإسلام وإلى الآن، حَيثُ كان لهم الشرف الأكبر في إحيَاء مولده في كُـلّ عام باستبشار وسرور منقطع النظير، وهذا إن دل فَـإنَّما يدل على وعي هذا الشعب بشخصية صاحبها عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم، لافتة إلى أن شعب الأنصار ككل عام بل وأفضل يستعد للاحتفال بمولده العظيم بمستوى يليق بمكانته الرفيعة والعالية في قلوبهم، رغم ما يتجرعونه من عدوانٍ غاشم وحصار خانق منذ سبعة أعوام، إلا أن هذا لم يقلل من عزيمتهم في إحيَاء هذه المناسبة العظيمة في كُـلّ عام من أعوام العدوان، بل تراهم في كُـلّ عام يزداد سباقهم لينالوا شرف الاحتفاء بمولده.

من جانبها تقول الكاتبة والشاعرة أم زكريا الكبسي: ينبغي أن يكون المولد النبوي هو مرتكز الإجماع ونقطة الاجتماع ليس للمسلمين فقط بل للإنسانية والبشرية جمعاء وَللخلائق كلها، حَيثُ والنبي -صلوات الله عليه وعلى آله- بعث رحمة للعالمين ومنقذاً للبشرية من الظلم والضلال وكان حبل النجاة بما أرساه وأسّس له من القيم والمبادئ العظيمة متمماً للأخلاق ومكارمها ولكل الغايات الفطرية الإنسانية العظيمة التي كان هو التجلي للكمال البشري المطلق فيها.

وترى الكبسي أنه من هنا تميزت أُمَّـة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- به وبمبعثه العظيم فيها ومنها للعالمين ولذلك ينبغي أن تكون أُمَّـة محمد هي السباقة والمبادرة والمتميزة والمتفاعلة الأولى في إحيَاء مولده الشريف بالشكل اللائق بكونه نبياً بعث فيها، وعليها أن تجتهد في إظهار عظمته وعظمة الرسالة التي جاء بها وفي جعل مولده -صلوات الله عليه وعلى آله- منطلقاً للتأسي به والاقتدَاء بصفاته وأفعاله والتخلق بأخلاقه لينعكس كُـلّ ذلك في تعاملها وأخلاقها وجهادها وبذلها وإنفاقها والتزامها وللنهوض بواقع الأمه التي هي خير أُمَّـة أخرجت للناس.

وتختتم الكبسي حديثها بالقول: “لابد أن نبدأ من المنطلق الرئيس أولاً وهو معرفة النبي المعرفة الصحيحة من هو النبي ?! وما الذي جاء به ?! وما الذي دعا إليه وحث عليه ووصانا به ?! ومن هم أهل بيته الذين أورثهم الله الكتاب والحكمة?! حتى لا تبقى الأُمَّــة في ضلال وتيه بعد وفاة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- ينبغي علينا معرفة ذلك بعيدًا عن الأحاديث الموضوعة والروايات المغلوطة التي نسبت إليه لتبعد الأُمَّــة عن منهج الرسول الجهادي والعقائدي المرتبط بالقرآن الكريم، وينبغي علينا أن نجعل مولده الشريف منطلقاً لتربية أبنائنا بالحب والتعظيم والمعرفة بمنهج النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- ليكونوا هم النواة الأولى في النهوض بواقع الأُمَّــة لتعود كما قال الله عنها “خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا