عاشق النبي يصلّي عليه.. ويكون أول الضيوف الوافدين
موقع أنصار الله || مقالات ||عبدالقوي السباعي
تقولُ بأنك تُحِبُّ رسولَ الله، ومن عُشاق رسول الله، لكن.. اليوم إجازة رسمية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وأنت ما زلت نائماً، أو تريد أن تخلوَ بنفسك، أَو تريد الاستمتاع بالإجازة، عادي.. أغلقتَ هاتفك؛ لكي ترتاح ولا تريد أن يشغلك اليوم أي شيء، عادي هذا من حقك.. لكن أن تشاهد السيول البشرية من عُشاق رسول الله ومنذُ الصباح الباكر تتدفق إلى ساحات الاحتشاد للاحتفال، وترى جباههم تتوهج حباً لرسول الله، وتسمع أصواتهم تصدح عشقاً له، وألسنتهم تهتف: لبيك يا رسول الله.. هُنا أسمح لي.. فهذا الأمر ليس بالعادي مطلقاً.
فإمّا أن تكون من عُشاق رسول الله، وتكون بين تلك الحشود، وإمّا أن تنتظر دورك في الانضمام إلى قطيع أعداء رسول الله، أم أنك تخشى أن يقول الناس عنك، إن أنت شاركت في إحيَاء ذكرى المولد النبوي الشريف في إحدى الساحات، أَو عبّرت عن فرحتك فيها بتزيين واجهة بيتك أَو محلك أَو سيارتك، تخشى أن يلمزوك تصريحاً أَو تلميحاً، بأنك شخص مبتدع، أَو أنك تنتمي إلى الطائفة “س” أَو المذهب “ص”، ولم تدرك بعد أن هذه المناسبة تمثل رمزاً عظيماً للوحدة الإسلامية التي يتوجب أن تجتمع عليها كُـلّ الطوائف والمذاهب والفرق، وكل الأحزاب والجماعات، في بوتقةٍ واحدة؛ تعزيزاً لوحدة الصف، وَالكلمة في مواجهة أعداء الأُمَّــة جمعاء.
هل تساءلت: لماذا الأُمَّــة اليمنية وهي نقوم اليوم بإحيَاء مناسبة عظيمة كهذه، وبهذا الزخم؟؛ لأَنَّها كانت قد سُلبت عنها، وانسلت منها، وغُيِّبَ وعيها لعقودٍ مضت، وما استذكارها لهذه المناسبة إلا إحيَاء للهُــوِيَّة اليمانية الحقة وبعثها من جديد، وإعادة للهُــوِيَّة الإيمانية الأصيلة، ودافعنا اليوم لاستذكار مولد وسيرة الرسول الأعظم يكمن في كونها أضحت منهاج حياة، ومفتاح هداية، وخير وسعادة الأُمَّــة.. فمن بعد العُسر يُسرى ونصر وتمكين وفلاح الدنيا ونعيم الآخرة.
تخيّل لو أن هذه المناسبة تُقام في كُـلّ دولة إسلامية، في نفس التوقيت، أليست تدل على القاسم المشترك بين كافة أبنائها؟، أليست ذكرى المولد تمثل مناسبة الجميع؟، وَتذكر أبناء الأُمَّــة بأن يعودوا إلى نبيهم؟، وأن يرسخوا الروابط القوية فيما بينهم، وأن يكونوا كالجسد الواحد مهما أطرتهم الأيديولوجيات، وعصفت بهم الاختلافات، وتجاذبتهم الفتاوى والاجتهادات والثقافات الدخيلة، ومهما فرقتهم الحدود السياسية ودسائس المؤامرات.
فهمت لماذا عاشق النبي يصلّي عليه، ويقوم من بدري، يهب، يندفع، يحشد، يشارك في الاحتفاء بالذكرى العظيمة؟!؛ لأَنَّها محطة إيمانية للتزود بقيم ومبادئ وأخلاق وفضائل وشمائل الرسول الأعظم، واستحضار نضالاته وتضحياته، والدلالة التي يمثلها احتفالنا اليوم تتضمن تأكيدَ الولاء لله ورسوله، وصرخة براء من أعداء الله ورسوله، وَرسالة قوية للعالم أجمع بأننا حريصون على الاقتدَاء بنبينا الأكرم، وسائرون على نهجه، وتأكيدٌ بأن اليمنيين سيظلون حاملين لراية الإسلام اليوم وغداً، كما كانوا بالأمس وَسيحملونها إلى أن يشاء الله، مجسدين قيمَها ومدافعين عنها.
ويا من سمع الظاهرة رحم الله والديك، وعاشق النبي يصلي عليه، ويكون السبّاقَ في الحضور إلى ساحات ضيوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.