حشد مليوني مهيب في ميدان السبعين بصنعاء.. اليمانيون في رحاب الرسول
تجمع بشري فريد لم يشهد له التاريخ مثيل
|| صحافة ||
أثبتت اليمانيون مجدَّدًا أنهم الرقمُ الأولُ في حبهم وتعظيمهم لرسول الإنسانية محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــه- وأن الاحتفال بمولده لا يقارَنُ بأي احتفال في العالم.
وامتلأ ميدانُ السبعين بصنعاء، عصرَ أمس الاثنين، 18 أُكتوبر 2021، بالحشد المهيب الذي قُدِّرَ عدده بأكثرَ من مليون مشارك، حمل الكثيرون منهم الأعلام الخضراء، ولبسوا بعضَ الملابس الخضراء، مطلقين هتافات متواصلة “لبَّيك يا رسول الله”، وغيرها من العبارات التي تمجد رسول الله وتوقره وتعزره.
ومنذ مساء الأحد، كانت صنعاء تعيشُ وقعاً استثنائيًّا؛ استعداداً لهذا الحدث المهيب، فأبطالُ الأمن منتشرون في شوارع العاصمة، وعدد من المداخل، واستحدثت عشرات النقاط الأمنية في صنعاء؛ تأميناً لضيوف رسول الله، وللمشاركين في الاحتفال.
وما إن جاء صباح الاثنين، حتى بدأ التوافُدُ الكبيرُ إلى ميدان السبعين، والذي كان في الأصل مكتظًّا بالوفود التي قدمت إليه منذ أَيَّـام، وتحوَّلت صنعاء إلى يوم عيد، فالسيارات ممتلئةٌ بالمواطنين، والحافلات الكبيرة، وكل وسائل النقل تحولت تلقائياً لخدمة ضيوف رسول الله، وصرخات المواطنين تهتفُ في كُـلّ شارع وحي لرسول الله، ودقات “البرع” لا تتوقف في معظم السيارات، والدخول إلى الميدان كان من كُـلّ الجهات والجوانب، وفي مشهد لافت نُصبت بوابات اكتست باللون الأخضر، وبجوارها رجالُ الأمن البواسل، في لوحة عكست جماليةً أروع وتنظيم بديع.
وحَلَّ كبارُ المسؤولين في صنعاء إلى جانب الشعب في ميدان السبعين، في تلاحُمٍ وثيقٍ بين الشعب والقيادة، وتأكيد على أن ما يجمعهما هو حب رسول الله الأعظم؛ باعتبَاره “القُدوةَ” لليمنيين في تحَرّكهم ونضالهم ضد العدوان الأمريكي السعوديّ الذي يواصل عربدته للعام السابع على التوالي.
وكعادة المحتشدين في كُـلّ مناسبة، فقد جلجلت الأصواتُ مدويةً لتُعبِّرَ عن السخط الكبير من أمريكا وإسرائيل، وأطلق الحضور شعار الصرخة عشرات المرات، مردّدين (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، في مشهد يغيظُ الصهاينة، ويوحي للعالم بأن اليمانيين على ارتباطٍ وثيقٍ مع النبي محمد صلوات ربي وسلامه عليه، وأنه من المحال هزيمتُهم أَو الاستهانة بهم.
وامتاز الاحتفالُ برفع راية الرسول الأكرم، لتؤكّـدَ وَحدةَ الشعب اليمني والتفافهم حول النبي العظيم، كما أظهرت اللجانُ التنظيمية براعةً مذهلةً، من خلالِ ارتداء البعض ملابسَ تعكسُ هُــوِيَّة الإنسان اليمني وأصالته بتاريخه وهُــوِيَّته، كُـلّ ذلك كان مصحوباً بترديد الأناشيد الدينية، وعلى رأسها “طلع البدرُ علينا من ثنيات الوداع” والتي هتف بها أجدادُنا الأنصار، إضافةً إلى الأناشيد التراثية المعبرة عن حب الرسول والتولي له.
وعبّر العديدُ من المشاركين عن فرحتِهم بميلاد النور، وذلك من خلال ممارسة “البرعة” الشعبيّة، إضافةً إلى ترديد الأناشيد والأشعار والقصائد، كما تميّزت الاحتشاد بمشاركة صغار السن، الذين رسموا على وجوههم العباراتِ المحمدية، وارتدوا القُبعات الخضراء، ورفعوا اللافتاتِ الصغيرة التي كتبت عليها عبارات الثناء والمجد لرسول الله.
وإلى جانب الأطفال الصغار، شارك كبارُ السن، والمرضى، وجرحى الحرب، وكل فئات المجتمع كانت متواجدة وحاضرة في هذا الحشد المليوني المهيبِ، في حين كان رجال الأمن في مهامهم الكبيرة يرتبون وينظّمون الصفوف، محقّقين انتصاراً أمنياً فريداً من نوعه، وبجانبهم كان الإعلاميون يعملون كخلية نحل لنقل وقائع هذا الاحتفال عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.
رسالة متعددة
وقال مديرُ مكتب قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، سفر الصوفي: إن الشعبَ اليمني توجّـه إلى الساحات ليعليَ مقامَ رسول الله، وهي رسالةٌ بأن الشعب اليمني كريم وعزيز، وبإمْكَان الأُمَّــة أن تأخذ كُـلّ عزتها من التوجّـه والتمسك بمنهج رسول الله، مُضيفاً أن الشعب اليمني أوصل رسالةً إلى قوى العدوان الأمريكي السعوديّ بأنه مهما حاربتم الشعب اليمني، ومهما توجّـهتم بالمؤامرات فهذا لن يوهن من عزم اليمنيين ولن يضرهم، وسيظلون متمسكين بالرسول وبالدين ومسيرة الإسلام.
من جانبه، قال مدير مكتب رئاسة الجمهورية، أحمد حامد: إن الاحتفال الكبير بهذه المناسبة يدل على مدى وعي اليمنيين والتفافهم حول القرآن الكريم، ومدى أهميّة العودة الصادقة إلى الرسول عودة عملية، مؤكّـداً أنه لا مخرجَ للأُمَّـة إلا بالعودة إلى مصدر عزتها وقوتها التي يحاول الأعداء فصلنا عنها.
وأشَارَ حامد إلى أنه مهما طال العدوانُ واشتد الحصار على الشعب اليمني كلما ازداد الوعيُ في مواجهة هؤلاء الأعداء تحت قيادة واحدة.
بدوره، قال وزير الإعلام في حكومة صنعاء، ضيف الله الشامي: إن الشعب اليمني وهو يحتفل بهذه المناسبة يقدم رسائل عديدة للعالم بأكمله بأن من يريد العزة والكرامة والحرية فعليه أن ينتهجَ منهجَ النبي الذي أخرج الناس من واقع العبودية إلى العزة.
وَأَضَـافَ الشامي أن الشعبَ اليمني يطبِّقُ ذلك على الميدان من خلال التحَرّك في كُـلّ الميادين في الساحات، حَيثُ عبر المحتشدون عن فرحهم وابتهاجهم بالنبي، مؤكّـداً أن الحصارَ على الشعب اليمني ومحاولةَ القضاء عليه قد فشل ولا يمكن لأية قوة في العالم أن تفصلَنا عن الله وعن الرسول.
أمين العاصمة حمود عُباد من جهته قال: إن الشعب اليمني يحتفلُ بذكرى مولد رسول الله في لحظة تاريخية تشتد المؤامرة عليه، مؤكّـداً أن اليمنيين ينتصرون في كافة الميادين لارتباطهم بنهج رسول الله.
وقال الإعلامي محسن الشامي: إن اليمنيين لم يأتوا بجديد، وإنما هذا الاحتفالُ هو امتدادٌ للأنصار الذين فرحوا بالرسول وناصروه، مُشيراً إلى أن المناسبةَ محطة دينية وأخلاقية وسياسية، وتوصل رسالة لكل العالم بأن هذه المناسبة هي عودة للقيم والأخلاق والمبادئ، وأنها رسالة للشعب اليمني بأن يكونوا يداً واحدة في مواجهة الباطل مهما كانت المخاطر.
أما المواطن علي المساجدي، فقال: إن اليمنيين يفتخرون بهذه المناسبة وإن اليمنيين يحبون رسول الله وهم أهل المدد والسند لرسول الله.
من جهتها، قالت الطفلة صرخة الحق: إن أطفال اليمن جاءوا ليحتفلوا بالمولد النبوي الشريف، في حين تحتفلُ الإمارات والسعوديّة بعيد الحب والشجرة ورأس السنة بحسب قولها، مختتمةً حديثها بالقول: “روحي لك الفداءُ يا رسولَ الله”.
صحيفة المسيرة