الحضور الأكبر في التاريخ.. اليمانيون يحيون مولد أعظم الخلق
|| صحافة ||
اكتملت اللوحةُ المحمديةُ الفريدةُ في الفعاليات الجماهيرية المليونية لتخلِّــدَ أروعَ وأبهى وأنصعَ صورة في التاريخ عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ولأول مرة في التاريخ تحتشد الجماهير في ساحاتٍ كثيرةٍ بمختلف المحافظات، ليتم إحيَاء مناسبة المولد النبوي في وقت واحد، وبمشاهد واحدة، وأساليب واحدة، وهتافات واحدة، وفي وقت لا يزال اليمانيون يعانون من استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ للعام السابع على التوالي.
ولعل أبرز ما تميزت به الفعاليات هو النجاح الأمني، حَيثُ لم يتم تسجيل أي خلل أَو اختراق، وهي رسالة أوصلتها صنعاء إلى الخارج بأنها تستطيع أن تحشد الملايين في وقت واحد، مع قدرة فائقة على ضبط الأمن وتأمين هذه الفعاليات، وهو انتصار كبير للأجهزة الأمنية لا سِـيَّـما إذَا ما قارنا ذلك بالوضع المتردي في المحافظات الجنوبية المحتلّة والتي تشهد انفلاتاً أمنيًّا غير مسبوق.
والرسالة الثانية التي أراد اليمنيون إيصالها هو أن الشرعية الحقيقية هي في صنعاء وليس في مكان آخر، وأن صنعاء المتمسكة بمنهج الرسول لا يمكن أن تتنازل عن عزتها وكرامتها وأن تستسلم أَو تخضع، حتى لو بلغ الحصار ما بلغ وكذلك العدوان، كما أنها تؤكّـد للعالم مدى تمسك اليمنيين بالقائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي دعا للحضور المشرف في هذه المناسبة فلبى اليمانيون هذا النداء.
وتميزت ساحة الاحتفال بميدان السبعين بصنعاء بالحضور المليوني اللافت، الذي أذهل العالم، وعكس النجاح الكبير لصنعاء في التنظيم والإعداد لهذه المناسبة على كافة المستويات، دون تسجيل أية اختلالات أَو قصور، ووصلت الرسالة إلى العالم أجمع لتجعل من شاهد هذا الاحتفال المهيب يصفه بأنه مظاهر فخمة من الفرحة والبهجة والسرور التي تشرح النفس وتبهج العين، ويقول بعدها: “يا ليتني كنتم معهم”.
واصطفت لجانُ الاستقبال واللجان التنظيمية على المداخل المتعددة لساحة الاحتفال، مردّدين عباراتٍ ترحيبيةً بضيوف رسول الله: “حياكم الله يا ضيوفَ رسول الله فوق العين والرأس” وَ”أهلاً بكم أيها الأوفياء” وَ”أهلاً بكم أيها الأنصار يا أحفاد الأنصار” وعبارة أُخرى مكتوب عليها: “أهلا بكم وبخطواتكم المباركة فأنتم في ضيافة خير خلق الله وأكرمهم فارحبوا”.
أما من ينظر إلى وجوه الحاضرين الداخلين والواصلين والمستقبلين والخارجين فيراهم في نسق واحد وفي هيئة واحدة تجمعهم وجوه متشابهة تزف البشرى وتشرق بالسعادة والرضا والفرحة والسرور، مبتسمين جميعهم لا وجود لعابس بينهم أَو مكروب، وكلهم على وجوههم علامات الرضا والفوز والفلاح، فهم جند الله وأنصار دينه ونبيه، وهم من يتبعون رسول الله قولاً وفعلاً وسلوكاً تعرفهم الميادين في الماضي والحاضر، ومن يجهلهم فقد جهل من الدين قوامه.
الأطفال والشباب وكبار السن يتبادلون التهاني والمصافحة والاحترامات، وكُلٌّ يجل الآخر، وَيريد أن يفسح للآخر ويقعده مكانه، ولا يمكن أن يؤذيَ بعضُهم بعضاً، أَو ينهر بعضُهم بعضاً، ولا وجود لأية صفة تعيبُ فيهم على الإطلاق، فهم من يصدق فيهم قول الله تعالى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)، وَوعيهم كانتصاراتهم تسابق الزمن والزمن يلاحقهم ليكتب ما خلدوه وما سيخلدونه.
ومن يدقق في تفاعل المحتشدين وانفعالاتهم مع كُـلّ عبارة أَو قضية أَو جملة يتحدث عنها وبها أَو يتطرق إليها قائد الثورة وعلم الأُمَّــة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطاب فعالية المولد النبوي الحاضرين لاستماعها يلمس مدى لهفتهم وشوقهم وإنصاتهم وتفهمهم لما يقوله ولما سيقوله، فيمر الوقت وهم في شوق مُستمرّ دون ملل، متطلعين إلى المزيد من الكلام لقائد الثورة.
علاقةٌ غيرُ منفصلة برسول الله
ويقول المواطن عبده صالح أحمد الكبني: “وليعلم العالم أننا شعبُ الإيمان والحكمة ولن يزيدنا عدوانُهم الظالم، ومكرهم البائر، إلا تمسكاً واقتداءً برسول الله ورسالته الخالدة، وبمن أمرنا بتوليهم واتّباعهم من آل بيته”.
ويشير الكبني إلى أن هذه الحشود المليونية تعبر عن مدى وعي الشعب اليمني وترسخ قناعاته بأهميّة التعظيم لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، وأن الواقع يتطلب توحيد صفوف أبناء شعوب الأُمَّــة حول نبيها وقائدها وقدوتها المبعوث رحمة للعالمين، للخروج مما هي فيه من المعاناة والحروب والهيمنة الأمريكية الصهيونية على المنطقة، وتبعاتها المكلفة.
من جانبه، يقول المواطن محمد العامري -أحد المشاركين في الاحتفال الكبير بميدان السبعين-: إنه لن يمنعنا أحد في هذا الكون من التعبير عن حبنا وولائنا لرسول الله وكما نحن حاضرون في ميادين المواجهة للأعداء فنحن حاضرون في ميادين الفرح والسرور والاحتفاء بمولد خير خلق الله، ومنقذ البشرية ومخرجها من الظلمات إلى النور.
ويضيف العامري: “شعبنا اليمني المتمسك برسول الله والنور الذي أنزل منذ القدم لن يكل ولن يستكين أمام ظلم الظالمين وتجبر الطواغيت، بل يستمد قوته وعزمه من قوة وعزم وإرادَة رسول الله حين كان في مواجهة مشركي قريش واليهود والمنافقين في زمن بعثته، ويأخذ الدروس والعبر من غزواته وسرياه التي دافعت عن حصون الدولة الإسلامية، ورسخت مداميكها، وهدمت حصون وقلاع خيبر وبنو قينقاع ودكت ممالك كسرى وقيصر والروم”.
أما المجاهد عباس المؤيد فيقول: “هذا الحضور جزء بسيط من شغفنا وعمق حبنا وولائنا لنبينا ومعلمنا وقدوتنا وقائدنا محمد رسول الله، وما يحقّقه مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة ما هو إلى ثمرة من ثمار هذا التولي وهذا الحب وهذه العلاقة الحميمية برسول الرحمة الصادق الأمين خير مبعوث رحمة للعالمين”.
ويضيف المؤيد: “بفضل الله وبفضل الثقافة القرآنية وبفضل ارتباطنا برسول الله وقوة علاقتنا به واتباعنا له لن تستطيع كُـلّ قوى البغي والظلم والعدوان إركاع شعبنا اليمني منذ سبع سنوات لعدوانها المتواصل علينا، بل كُـلّما زاد عدوانهم واستمرت جرائمهم زدنا تمسكاً برسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وبمنهاجه القويم كتاب الله تعالى، قولاً وفعلاً”.
من جانبه، يقول محمد الشامي: إن اليمنيين لم يأتوا بجديد، وإنما هذا الاحتفال هو امتداد للأنصار الذي فرحوا بالرسول وناصروه، مُشيراً إلى أن المناسبة محطة دينية وأخلاقية وسياسية، وتوصل رسالة لكل العالم بأن هذه المناسبة هي عودة للقيم والأخلاق والمبادئ، وأنها رسالة للشعب اليمني بأن يكونوا يداً واحدة في مواجهة الباطل مهما كانت المخاطر.
أما المواطن علي المساجدي فقال: إن اليمنيين يفتخرون بهذه المناسبة وإن الشعب اليمني يحبون رسول الله وهم أهل المدد والسند لرسول الله.
من جهتها، قالت الطفلة صرخة الحق: إن أطفال اليمن جاءوا ليحتفلوا بالمولد النبوي الشريف، في حين تحتفل الإمارات والسعوديّة بعيد الحب والشجرة ورأس السنة بحسب قولها، مختتمة حديثها بالقول: “روحي لك الفداء يا رسول الله”.
يمانيون على قلب رجل واحد
ومن كُـلّ الجهات ومن مختلف الأبواب، يدخل اليمانيون إلى ساحة الاحتفال بميدان السبعين مسبحين الله ومستغفرين وحامدين وشاكرين على نصره وفتحه في جبهات المواجهة مع أعدائه وأعداء رسوله وأعداء أنصاره وشعبهم، وتلهج ألسنتهم بالصلاة على رسول الله وآله، وملبين بهُتافات: لبيك يا رسولَ الله، لبيك يا محمد.
ومن نظر إلى عظمة المشهد وعظمة وكثافة الحضور، والإصغاء إلى كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وما تضمنته من خارطة طريق في مواجهة قوى البغي والضلال والاستكبار، فقد ترسخت في قلبة قناعة لا تتزحزح بأن الله غالب على أمره ولو كره الكافرون، وله جنود في السماوات والأرض بهم ينتصر لدينه ولأمة رسوله وعلى سواعدهم ذات البأس ستحرّر الأوطان والشعوب والمقدسات ويعود للأُمَّـة مجدها وللرسول مكانته وعظمته بين القلوب والجوارح، وأن محمداً رسول الله بمنهاجه القويم ورسالته المهداة رحمة للعالمين حاضر بيننا قولاً وعملاً وسلوكاً، وأن من يعاديه ويعادي دينه وأمته وأنصاره إلى زوال.
ويرى عضو المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، محمد علي الحوثي، أن هذه الحشود المليونية اليمانية شاهد على حيوية الشعب وارتباطه بالرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- ودليل على رفض وفشل أي مشروع دخيل لا يلتزم بمشروع النبي ولا يقتدي بهداه، ودليل على خسارة الحرب الموجهة بكل إشاعاتها ضد السراج المنير.
ويؤكّـد الحوثي أن المولد النبوي أثبت الترابط بين الشعب والقائد.
من جانبه، يؤكّـد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حسن إيرلو، أن الشعب اليمني يؤكّـد تمسكه القوي بمنهج الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وبهذا الخروج الكبير يُثبت للعالم عمق علاقته بالرسول، وأنه لن يتنازل عن مقاومته وعزته وكرامته ولن يخضع لقوى العدوان والاستكبار.
من جهته، يقول مفتي الديار اليمنية، السيد العلامة شمس الدين شرف الدين: إن هذه المناسبة غالية على قلوب المسلمين جميعاً، وبالأخص على قلوب أبناء الشعب اليمني، الذي يقابله بخروجه المشرف والعظيم في ساحة ميدان السبعين في العاصمة صنعاء وبقية الساحات في عواصم المحافظات اليمنية بالملايين ليعبروا عن ولائهم لمحمد صلوات الله عليه وعلى آله، وارتباطهم بهم قيماً ومبادئَ وسلوكاً ومنهَجاً، ويبادلون الوفاء بالوفاء ومحبة ومعزة، مُشيراً إلى أن أبناء اليمن كان لهم المكانة العالية في قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهناك الكثير من الأحاديث عنهم منها (الإيمان يمان والحكمة يمانية)، وَ(جاءكم أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة)، وأحاديث كثيرة منها ما أشار بيده صلى الله عليه وآله وسلم، إلى أهل اليمن وقال: “إني لأَجدُ نَفَسَ الرحمن من ها هنا”.
ويؤكّـد العلامة شرف الدين أن الكثير من الأحاديث وردت عن أهل اليمن، لا عن وحي العاطفة ولا عن وحي المجاملة والمداهنة؛ لأَنَّ كلامَه صلى الله عليه وآله وسلم، ما هو إلا وحي يوحى علّمه شديدُ القوى، منوِّهًا إلى أن أهل اليمن كانوا عند حُسن ظن النبي -صلى الله عليه وآله- بهم، وها هم يعبرون عن حبهم وولائهم ويبادلونه الوفاء بالوفاء.
ويواصل العلامة شمس الدين شرف الدين في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” قائلاً: “هذه الحشودُ الغفيرة توصل رسائل للداخل والخارج، بالنسبة للداخل فهي تؤكّـد أن اليمنيين على قلبِ رجلٍ واحد وَالحمد لله، وهم أهل لأن يحظوا بهذه المنزلة الرفيعة عند الله، نتيجةَ هذا الحضور المشرف، أما الرسالة الثانية للأعداء مفادها أن الشعبَ اليمني شعب واحد لن يفرقه شيء ولن يخذله شيء إلا من شذ، ومن شذ شذ في النار، وأن أبناءَ الشعب اليمني على قلب رجل واحد، ويتبعون قيادة واحدةً ومنهجاً واحداً يعظمه ويجله وينصره ويعزه امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْـزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)”.
صحيفة المسيرة