قبائلُ العبدية في “ضيافة” صنعاء.. قلوبٌ مفتوحة للتسامح
|| صحافة ||
تُثبِتُ صنعاءُ من حين إلى آخر أنها رقمٌ هامٌّ في جميع المعادلات، وأنها مثلما تنتصر في ميادين المواجهة العسكرية ضد العدوان والمرتزِقة، فَـإنَّها كذلك تنتصر في ميادين الأخلاق والسمو والتعالي على الجراح.
ويعد الاستقبالُ الكبيرُ لقبائل “العبدية” في صنعاءَ، الخميس الماضي، درساً للتاريخ، فصنعاء المكلومة بفعل غارات العدوان الأمريكي السعوديّ على امتداد 7 سنوات مضت، تعلِّمُ أعداءَها المعانيَ الحقيقية للإنسانية، وأنها دولة تتجاوز عتبات العنف والانتقام والثأر من الآخرين حين تنتصر في الميدان العسكري وهي بذلك على النقيض تماماً من العدوان الأمريكي السعوديّ ومرتزِقة من الخونة اليمنيين، وهي تدحض كُـلّ الشائعات والدعايات السوداء التي ساقها إعلام العدوان على مدى السنوات الماضية، وأوهمت القبائل في مأرب وغيرها بأن مقاتلي صنعاء (أبطال الجيش واللجان الشعبيّة) ليس لديهم من طموح سوى الوصول إلى السلطة وإراقة دماء اليمنيين، ولهذا فَـإنَّ ما حصل كان مفاجئاً لقبائل “العبدية” التي كانت في ضيافة صنعاء، أمس الأول، وغير متوقع لهم.
وحظيت قبائل “العبدية” باستقبال كبير، ونُقِلَ وفدُهم عبر حافلات جماعية إلى مديرية سنحانَ جنوب شرق العاصمة، حَيثُ كان في مقدمة المستقبلين عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي ووجهاء وشخصيات اجتماعية بارزة من مديريتي خولان الطيال وسنحان، ومحافظ صنعاء عبد الباسط الهادي وقيادات بارزة.
وعلى وَقْـــعِ الاستقبال، كانت الرقصاتُ الشعبيّة ترافقُ وفدَ قبيلة “العبدية” وهم يتجوَّلون في سد “سيان”، وعددٍ من المناطق الهامة في المديرية.
وقبل تناول وجبة الغداء، كان الوفد في اجتماع مع قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وقد اتسم اللقاء بالمصارحة وتوضيح الكثير من الحقائق، وبعدها وجَّه السيد عبد الملك بالإفراج عن أسرى القبيلة الذي تم إلقاء القبض عليهم أثناء المعارك الأخيرة في مأرب، وحَثَّ الحكومة والسلطة المحلية بمحافظتي مأرب وشبوة على الاهتمام بالمواطنين في المديريات المحرّرة، داعياً مشايخ وأبناء العبدية وكل المناطق المحرّرة لصلح عام في قضايا الثأر والتعاون مع الدولة لتثبيت الأمن والاستقرار.
وناقش المشايخ ووجهاء العبدية في اللقاء مع السيد القائد الوضعَ في المديرية عقبَ تحريرها من المرتزِقة، مبدين استعدادَهم الكاملَ للتعاون مع الدولة في تثبيت الأمن والاستقرار وإعادة الهدوء للمديرية، مؤكّـدين وقوفَهم إلى جانب أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في المعركة المصيرية لتحرير بقية محافظة مأرب وكل المناطق المحتلّة، موضحين أن زيارتهم إلى صنعاء تأتي في إطار تجسيد وحدة الصف والإخاء ورسالةٌ لقوى العدوان بدعم قبائل العبدية لخيار النصر.
ولفت مشايخ العبدية إلى أن قوى العدوان تعمدت نشر الشائعات المضللة للتغرير بالمواطنين لسنوات، مؤكّـدين أن زيارة صنعاء بددت كُـلّ الأكاذيب التي نشرها العدوان خلال السنوات الماضية، وعكست قيم ومبادئ الأخوة والتلاحم والاصطفاف في مواجهة الغزاة والمحتلّين ومواصلة معركة التحرّر والاستقلال الوطني.
وعبَّرَ مشايخُ ووجهاءُ العبدية عن ارتياحهم لما أبداه السيدُ القائدُ من تفهُّمٍ لمطالبهم واهتمامٍ كبيرٍ بتهدئة الأوضاع في المديرية، مؤكّـدين أن “هذه المبادرةَ الحكيمةَ من السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، جميلٌ كَبيرٌ لن تنساه قبائل العبدية وسنقابل هذا الوفاء بوفاء”.
ودعا مشايخُ العبديةِ الوجهاءَ في مدينة مأرب ووادي عبيدة للانضمام إلى صف الوطن والتعاون مع الجيش واللجان الشعبيّة لطرد قوى العدوان والاحتلال.
من جهته، أكّـد رئيس اللجنة الوطنية للأسرى عبدالقادر المرتضى، أنه تم العفو عن جميع الأسرى من أبناء مديرية العبدية في محافظة مأرب، وذلك بتوجيه من قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
وقال المرتضى: بتوجيه من قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله-، تم اليوم العفوُ والإفراجُ عن جميع الأسرى من أبناء مديرية العبدية، وعددهم (52) أسيراً، مُشيراً إلى أن التوجيه بالعفو عن الأسرى جاء بعد لقاء قائد الثورة بوفد من مشايخ ووجهاء مديرية العبدية”.
وقد توجّـه الأسرى المفرج عنهم بالشكر والعرفان للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي على هذه المبادرة الأخوية والتعامل الراقي مع مختلف الأسرى، داعين من لا يزالون يقاتلون في صف تحالف العدوان إلى تحكيم العقل والعودة إلى وطنهم وأهاليهم.
ارتياح كبير
ولاقى هذا الاستقبال الكبير لقبائل “العبدية” بصنعاء، والإفراج عن أسراهم ارتياحاً كَبيراً على المستوى الشعبي والرسمي، معتبرين أن هذه هي أخلاق الأولياء والصالحين.
وقال عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، في كلمة له مع وفد قبائل “العبدية”: “نحن لدينا عدوٌّ واحد، العدوُّ الذي يعتدي علي بلدي فقط، أما بقية أبناء الجمهورية اليمنية فهم إخواننا، ونحن باسم أبناء الشعب اليمني، ندعو الجميع هناك إلى العودة إلى أحضان الوطن، والوطن يرحب بالجميع، ولا يمكن أن نتخلى عن أحد ما دام يحب وطنه ويعود إلى جادة الصواب”.
وثمّنت قيادةُ السلطة المحلية بمحافظة مأرب هذه التوجيهاتِ، وعبَّرت عن الشكر والعرفان لقائد الثورة على هذه المبادرة الإنسانية في العفو عن الأسرى المغرر بهم؛ تقديراً لمشايخ ووجهاء مديرية العبدية وجميع الأحرار من أبناء مأرب.
وأشَارَت إلى أن مبادَرَةَ الإفراج عن الأسرى سبقتها خطواتٌ وإجراءات عديدة وجَّهَ بها قائد الثورة والقيادة السياسية، سهلت للمئات من أبناء المحافظة المغرر بهم في صفوف العدوان العودة إلى حضن الوطن بعد أن لمسوا قيم التسامح والعفو والإخاء ويعيشون في مناطقهم بحرية وأمان.
ودعت قيادة السلطة المحلية المخدوعين في صفوف العدوان لاغتنام قرار العفو العام والعودة إلى صف الوطن والعيش بأمان وسلام في مناطقهم، وسيتم منحهم كامل حقوق المواطنة، مهيبة بالنازحين نتيجة ظروف العدوان والاحتلال العودة إلى مناطقهم وقراهم، مؤكّـدة أن المديريات المحرّرة تشهد استقراراً أمنيًّا.
ودعا الشيخ أحمد الثابتي، أحد كبار مشايخ العبدية، الجميع إلى أن يكونوا في خندق واحد، وفي صف واحد، وفي اتّجاه واحد، ليقاتلوا العدوّ الحقيقي وهو العدوان الأمريكي السعوديّ، كما دعا كُـلّ القبائل إلى المصالحة مع بعضهم البعض.
وقال الثابتي في كلمة له: “رسالتنا إلى أبناء مأرب أن يضعوا أسلحتهم جانباً، وأن يمدوا يد السلام ونتصالح ونحن إخوة وأبناء يمن واحد لا يمكن نختلف أبداً، وأن يعودوا ويتأكّـدوا مما يقال لهم؛ لأَنَّنا تأكّـدنا مما كانوا يقولون ولم نجد منه شيئاً”.
ويتابع الثابتي بقوله: “ماذا وجدتم؟ وجدنا الصدق، وجدنا الإخاء، وجدنا التكافل، وجدنا التعاون، وجدنا الثقة بالله ثقة مطلقة”.
من جانبه، قال الشيخ محمد بالغيث، أحد كبار مشايخ العبدية: “نقول شكراً لسيدي ومولاي السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، على عفوه وعلى كرمه وعلى حسن استقباله، وكرم ضيافته، وعفوه عن من هم موقوفون، وتوجيهه بعلاج الجرحى، ونؤكّـد وقوف قبائل العبدية إلى جانب الجيش واللجان الشعبيّة، كما نعلن عن تشكيل قبائل العبدية ومن معها من المديريات المحرّرة لواءً عسكرياً يحمل اسم أويس القرني”.
أما الشيخ عبد ربه أحمد الشدادي، أحد كبار مشايخ العبدية، فوجّه الشكر والتقدير لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي على كرمه، وإكرامه لهم بفك الأسرى، والسماحة والصلح والنظر إلى مديرية العبدية بعين الأخوّة وعين الكريم، وعين الحاكم العادل.
بدوره، قال الشيخ سالم العواضي، أحد كبار مشايخ العبدية: “لن نقبَلَ بالتفرقة ولا بالتجزئة، ولن نقبلَ بغازٍ أَو محتلّ، كفى ما سبق بالمحافظات والمديريات السابقة، وحاضرون لنضحي عن مديرياتنا وَمحافظاتنا وسمعتنا ودولتنا وحدودنا، ومستعدون ندفع بأبنائنا الشباب وأرواحنا في المقدمة معهم حتى نستعيدَ كُـلَّ شبر مغتصب من أراضينا”.
وواصل العواضي قائلاً: “ودعوتي إلى إخواننا ومشايخ وادي العبدية، وجميع من تضمه وتهمه محافظةُ مأرب بالعودة إلى حضن الوطن، ورفض الغزو والاحتلال، فهم لم يريدوا لنا إلا ما شفناه وشافوه، ولن يكون لهم عدوٌّ واحدٌ من اليمنيين، بل أعداء اليمن كلهم عندهم””.
أما الشيخ محمد حسن الثابتي، أحد كبار مشايخ مأرب، فيقول: “رسالتُنا لقبائل مأرب بشكل عام، الذين هم موجودون في المجمع وغير المجمع، وهذا ليس للدعايات، بل نحن نقول من هذا المكان، إننا ندعو قبائل مأرب إلى التلاحم وإلى مد يد السلم والمسالمة؛ لأَنَّ الذي يقول إن الانتقام موجود فنحن ننفي هذا الخبر، ونحن من مشايخ العبدية وجدنا حسنَ كرم الضيافة وكذلك العفو العام، وكذلك الإفراج عن الأسرى والجرحى، فمن هذا المكان نحن نوجّه هذه الرسالة والتي ندعو فيها قبائل مأرب إلى مد يد السلم والمسالمة”.
من جهته، يقول الشيخ عبدالكريم العواضي، أحد وجهاء العبدية: “رسالةُ أبناء العبدية، مشايخَ وأفراداً وعقالاً، إلى كافة أبناء الشعب اليمني، بأننا إلى جانبهم كتفاً بكتف، من مترس إلى مترس ومن جبهة إلى جبهة، وسنفتح مدينةَ مأرب، حَيثُ لا يعد سوى مدينة مأرب والوادي”.
وأكّـدت قبائل “العبدية” أن قوى العدوان وعبرَ أبواق حزب الإصلاح عمدت على بث الشائعات المشوِّهة واستثارة غِيرة أبناء العبدية بالأكاذيب والمزاعم المشوِّهة للجيش واللجان الشعبيّة والطرف الوطني بشكل عام، معبِّرةً عن بشاعة ما تعرض له أبناؤها من استغلال قذر للزج بهم في جبهات القتال تحت راية الغزاة المعتدين وبمزاعم الدفاع عن اليمن والقيم.
وقال الشيخ ناصر العمري، أحمد مشايخ العبدية: “دولُ العدوان استهدفت البشرَ والشجر والحجر في اليمن، استهدفت الإنسانَ باستهدافها لعقليته وأيديولوجيته بالخطأ والكذب.. كلها خلاف”.
من جانبه، قال الشيخ أحمد عامر، أحد مشايخ العبدية: “وصلنا إلى هنا، لا خُمس ولا شيء، ولا بيضة خامسة، ولا قالوا بايشلوا النسوان، وأنهم با يجوا ينتهبوا، ولا حصلنا من هذا الكلام شيء، دخلوا عندنا في العبدية وَالله كُـلّ شيء على ما يرام”.
وأعلنت قبائلُ العبدية على لسان الشيخ محمد حسين الثابتـي -أحد كبار مشايخ العبدية- ولاءَها لحكومةِ صنعاء وقائدِ الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-، مؤكّـدين وقوفَهم إلى جانبِ أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في تحرير ما تبقَّى من مدينة مأرب، وكل شبر من أراضي الجمهورية اليمنية.
صحيفة المسيرة