تخبط سياسي وعسكري للمرتزقة في مأرب.. لحظات ما قبل الهزيمة
|| صحافة ||
يعيشُ مرتزِقةُ العدوان الأمريكي السعوديّ في مدينة مَأرب هذه الأيّامَ أحلكَ اللحظات، الأيّام والليالي سوداء داكنة، والرعب يملأ أماكنَهم وعقاراتِهم التي تم بناؤها من قوت الشعب.
ومع التقدم المتسارع لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة إلى تخوم مدينة مَأرب، يرتفع صرخ المرتزِقة وأنينهم، وتبرز خلافاتهم إلى العلن، حَيثُ يحمّلون بعضهم البعض مسؤولية ما يحدث من هزائم على الأرض، في حالة تكشف الانكسار والتخبط لهؤلاء المرتزِقة وهم يقفون عاجزين عن مصالح وثروات مَأرب التي لا تخدم في المقام الأول سوى العدوان بقيادة أمريكا والسعوديّة.
وظهر محافظ الفارّ هادي المرتزِقة، سلطان العرادة، يوم أمس الأول، في خطاب مهزوم، محاولاً رفع معنويات مقاتليه، ومدعياً بأنه من المحال على أبطال الجيش واللجان الشعبيّة تحرير مَأرب، حتى لو خرج السيد حسين بدر الدين الحوثي من قبره، وهو في هذه الحالة يحاول أن يرفع من منسوب الانهيار لدى قواته، ويستهزئ بانتصارات أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ويقلل من شأنها، كما أن الرجل يعيش مرحلة “الغرور” و”الاستعلاء”، وغير مؤمن بأن المعارك باتت على أبواب قصوره وممتلكاته في مَأرب.
ويحاول المرتزِق العرادة معالجة الانهيار الذي أظهرته الأحزاب السياسية الموالية للعدوان قبل أَيَّـام، والتي حملت الفارّ هادي وتحالف العدوان مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالمدينة، وهو بيان اعتبره الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين للشأن اليمن “انهزامياً”.
ويرى الدكتور محمد السادة، وهو دبلوماسي يعمل في وزارة الخارجية بصنعاء، أن بيان الأحزاب السياسية التابعة للعدوان محاولة مكشوفة لتبرئة حزب الخونة الإصلاح الذي ظل على مدار ما يقارب سبع سنوات من العدوان يتحكم في مَأرب التي تُعد معقله الرئيس ويسيطر فيها على كُـلّ شيء من مرافق عسكرية وحكومية، والمنشأة الحيوية النفطية والغازية وإيراداتها الكبيرة التي يوظفها لصالحه، وتحميل تحالف العدوان وحكومة الخائن هادي مسؤولية الفشل والسقوط في وقت كان ولا يزال الإصلاح جزءًا أَسَاسيًّا من مكون العدوان على الشعب اليمني وشريكًا رئيسيًّا في قتل الأطفال والنساء وارتكب المجازر والجرائم ضد الشعب.
ويقول السادة في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: إن الأحزاب السياسية في مَأرب تعيش حالة من الندم، والتشظي وتبادل تهم الفشل والخيانة فيما بينهم، وهذا يعكس صوابية توجّـهات صنعاء وقيادتها الثورية والسياسية وخياراتها للانتصار في قضيتها العادلة التي هي قضية كُـلّ مواطن يمني حر، مؤكّـداً أن ما يسمى ببيان قوى الأحزاب السياسية الموالية للعدوان مؤشر على إمْكَانية تسليم مدينة مَأرب لقوات الجيش واللجان الشعبيّة من خلال اتّفاق، بالإضافة إلى أنه يمكن قراءة البيان بأنه اعتراف بخسارة ما كان يحظى به حزب الإصلاح من ثقل سياسي وعسكري ويؤهله لمغادرة المشهد اليمني أَو الاحتفاظ بسقف بسيط من الحضور في أحسن الأحوال.
أوراقٌ محروقة
وعلى الرغم من أن البيان لم يرسل إشارات إيجابية تجاه صنعاء تتعلق بمراجعة المواقف، وتقر بشجاعة بالهزيمة، وتدعو إلى وقف المعارك، والاتّجاه نحو تسوية سياسية من خلال التعاطي الجاد مع مبادرة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، لكنه كذلك خلا من مضامين وعبارات التهديد والوعيد المفرغة التي كان المرتزِقة دائماً يطلقونها ضد صنعاء والقوات المسلحة، بعكس ما ظهر عليه المرتزِق العرادة والذي حاول الظهور في موقع القوة وهو في الأصل مهزوم.
ويؤكّـد الكاتب والباحث السياسي سند الصيادي أن كُـلّ الأوراق التي راهن عليها أُولئك المرتزِقة والخونة باتت محروقة، وغير مجدية، ولهذا رأيناهم يسوقون التهم والمبرّرات لهزائمهم من خلال نقد تحالف العدوان والمجتمع الدولي، وَيتشدقون بالمزاعم الإنسانية، في محاولة لتوظيف هذه الادِّعاءات الكاذبة لكبح جماح التقدم المُستمرّ لأحرار اليمن نحو مدينة مَأرب، لافتاً إلى أن هذه الأحزاب والقوى السياسية تعيش في وضع الهزيمة، وهذا يمثل نتيجة طبيعية ومتوقعة ومشهودة على مر التاريخ لكل من راهن على الخارج دون الله عز وجل، وعلى حساب شعبه ووطنه، ولهث خلف المال المدنس ظناً منه أن الدعم الخارجي والمواقف الدولية المساندة هي من تصنع النصر، وليست المبادئ الدينية والوطنية وقداسة القضية، داعياً المرتزِقة إلى أن يحسنوا قراءة المشهد في لحظاته الأخيرة ويتلقفوا الفرص التي أهدروها مراراً، وينحازوا إلى شعبهم ووطنهم وقيادته ومشروعه قبل فوات الأوان.
ويتفق المتحدث الإعلامي باسم تكتل الأحزاب المناهضة للعدوان، الدكتور عارف العامري، مع طرح سند الصيادي، لافتاً إلى أن العدوان الأمريكي السعوديّ والمرتزِقة وبعد أن فشلوا في حسم المعركة عسكريًّا، وما تكبدوه من خسائر كبيرة، لم يعد أمامهم سوى التخبط ورمي التهم تجاه بعضهم البعض، دون الاعتراف بالأمر الواقع، أَو البحث عن حلول تجنب المدينة ويلات الدمار والخراب.
الوداعُ الأخير
كُـلُّ الأحزاب والقوى السياسية التي فضّلت الارتزاق طيلة السنوات الماضية، ومساندة العدوان الأمريكي السعوديّة إعلامياً وعبر مواقف مخزية تتحسس اليوم مصيرها، باتت مدركة أن حبل المشنقة ملفوف على الأعناق، وأن لا مجال للمراوغة على الإطلاق.
وَيقول وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، الدكتور نبيل الغولي: إن بيان ما يسمى قوى الأحزاب السياسية في مَأرب، واتّهامات تحالف العدوان وحكومة المرتزِقة بسوء الإدارة وبالفشل السياسي والاقتصادي والعسكري وأن قيادة العدوان تتحمل نتائج الخذلان المخزي لمَأرب وما سيترتب عليه، هو إعلان رسمي لإخراج الإصلاح من الساحة السياسية والعسكرية، والخضوع لأمر الواقع والتسليم، موضحًا أن البيان لم يأت من فراغ بل جاء مقدمة لتسليم مَأرب وتترجمها مضامين البيان القائلة: “لا تلومونا” فنحن بين خيارين إما أن نسلم أَو نموت.
ويضيف الغولي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن هذا يعد بيان “الوداع الأخير” وإعلان الهزيمة، كما يأتي كإعلان رسمي من قبل حزب الخونة الإصلاح بتحرير مدينة مَأرب، من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، وحكومة صنعاء الشرعية الفعلية الممثلة للشعب اليمني كافه، وتمهيداً لتبرير الهزيمة التي ستلحق تحالف العدوان ومرتزِقته في بقية المحافظات التي لا تزال في قبضة حزب الخيانة الإصلاح وتحالف العدوان ومرتزِقتهم، مُشيراً إلى أن البيان بشارة نصر لكل الأحرار من الشعب اليمني والجيش واللجان الشعبيّة لتحقيق أهدافهم الوطنية بتحرير كافة أراضي وجزر الجمهورية اليمنية من المحتلّين المعتدين ومرتزِقتهم.
من جهتها، تقول الإعلامية أُمَّـة الملك الخاشب: إن بيان حزب الخونة الإصلاح الذي حمل تحالف العدوان مسؤولية الهزائم، يعتبر مقدمة للاعتراف بالهزيمة، ولكن هذا الرأي ليس سوى احتمال.
وتضيف الخاشب في تصريح لصحيفة “المسيرة” أن ذلك البيان ربما يكون تمويهاً وخدعة من العدوان والمرتزِقة، ليجعل قوات صنعاء تطمئن بأنهم سيسلمون المدينة سلمياً، معتبرة البيان بمثابة كمين لإراقة دماء أكثر، وكل شيء وارد من مرتزِقة حزب الإصلاح العملاء؛ لأَنَّهم عقائديون ورضعوا منذ الطفولة الحقد المذهبي والطائفي ولا يستجيبون لخطابات السلام والإخاء والمحبة والعفو التي دائماً تطلقها القيادة في صنعاء.
صحيفة المسيرة