عملية ثلاثية الأبعاد للقوة الصاروخية اليمنية ح2
موقع أنصار الله || مقالات || إبراهيم محمد الهمداني
٢- معسكر تدريب في مأرب.
تعد محافظة مأرب حجر العقد في مسار العدوان على اليمن، وأهم نقاط قوته واستمراريته؛ لما تتمتع به من أهميّة جيوسياسية كبيرة، سواء على المستوى الجغرافي، وما يتضمنه من حساسية الموقع، وطبيعة الديموغرافيا القبلية والاجتماعية، أَو على المستوى السياسي، الذي يعكس طبيعة التحالفات والولاءات القائمة، ودور الثروات النفطية والمعدنية، في تعزيز الصراع، وإطالة أمد العدوان، ولذلك حرصت قوى العدوان على التشبث بمأرب، وبالغت في بسط نفوذها، وشراء الذمم والولاءات، وتغذية مشاعر الحقد والكراهية، تحت مسميات مذهبية وعنصرية وطائفية، ونظرا لتلك الأهميّة الكبيرة، التي تحتلها هذه المحافظة، وخطورة دورها في معادلة الصراع العالمي، أحاطتها قوى العدوان، بحوائط جغرافية وبشرية دفاعية، شملت محافظة الجوف، وأجزاء من محافظة صنعاء، بالإضافة إلى أجزاء من محافظة البيضاء، وأجزاء من محافظة شبوة، وحشدت إلى هذه المناطق أعتى مقاتلي التنظيمات الإرهابية، من القاعدة وداعش وغيرهما، بتخطيط صهيوني، وإشراف أمريكي أممي، وتمويل سعوديّ خليجي، لكي تحول بذلك دون وصول أبناء الجيش واللجان الشعبيّة، إلى محافظة مأرب، أَو حتى الاقتراب من محيطها، لما لذلك من الخطورة العالية، على مركزية الكيان الوجودي الاستعماري، ونقطة تمركز وانطلاق الكيان الوظيفي، التابع لقوى الاستعمار وأدواته، التي تلعب دورا بارزا وحيويا، في مشروع العدوان الإجرامي، بحق أبناء الشعب اليمني، علاوة على ما تقدمه من مساعدات وتسهيلات، لقوى الهيمنة والنفوذ، في نهب ثروات الشعب اليمني -في مأرب والمحافظات الجنوبية- وتوريدها إلى حسابات بنكية في عواصم دول العدوان، وفي مقدمتها بنوك الرياض وبنوك أبو ظبي وغيرها، جاعلة ما تجود به من الفتات على عملائها، منحة ملكية ملزمة لهم بتقديم قرابين الولاء والطاعة الأبدية، والاستماتة في الدفاع عن المشروع الإمبريالي، حتى آخر نفس، وآخر قطرة دم.
غير أن معادلات الرد والردع، ومسار عملية التحرير، الذي رسمه وانتهجه المجاهدون الأبطال، من أبناء الجيش واللجان الشعبيّة، قد قلب موازين الحسابات، وكسر قوانين معادلات الصراع، في صيغتها الاستعمارية العالمية، متجاوزا مقتضيات المنطق والواقع، ورهانات القوة والهيمنة، ومن خلال تلك العمليات العسكرية البطولية، تم اختراق الحوائط الدفاعية -بكل مقوماتها وإمْكَاناتها الهائلة- وتحرير مساحات جغرافية واسعة، انطلاقا من فرضة نهم، في محيط محافظة صنعاء، وُصُـولاً إلى عمق محافظة مأرب، والمديريات المحيطة بمركز المحافظة، مدينة مأرب ذاتها، وتطويقها من جهة محافظتي البيضاء وشبوة، وُصُـولاً إلى محيط مدينة مأرب، من ثلاثة اتّجاهات.
وإزاء هذه التطورات العسكرية، وما ترتب عليها من تطورات وتغيرات سياسية، تحول الموقف العالمي، وانكشفت حقيقة الدور الأممي الاستعماري، الذي ازدادت وتيرة قلقه، من حتمية فقدانه آخر أوراق رهاناته، وسقوط أذرعه وعملائه، وأصبحت تصريحات البيت الأبيض والأمم المتحدة ومجلس الأمن والمبعوث الأممي، كلها تصب في خانة تكريس الوجود الاستعماري، والتهديد العلني والمباشر، من مغبة المساس بمصالح المستعمر وعملائه، في المنطقة، والتحذير المباشر من تداعيات دخول مأرب.
إن سقوط ذلك الكيان الوظيفي القاعدي الداعشي المتطرف، ممثلا في حزب الإصلاح بأجنحته – المذهبية والقبلية والعسكرية – والجماعات التكفيرية الإرهابية، التي تلتقي معه على قاعدة التطرف ذاتها، وتشارك معه رسميًّا، في كُـلّ المعارك والمواقع، جنبا إلى جنب، قد أسقط معه مرجعيته الأيديولوجية الوهَّـابية المتطرفة، ومواضعات هيمنة البترودولار، ليسقط بذلك الكيان السعوديّ الوظيفي، وتسقط فاعلية دوره الارتزاقي الخياني، في تمكين مشروع الهيمنة الصهيونية في المنطقة، خَاصَّة بعد ثبوت فشله وعجزه عن حماية نفسه، ناهيك عن حماية مرتزِقته، والحفاظ على مصالح ونفوذ وهيمنة المستعمر الصهيوأمريكي، ويمكن القول إن الكيان السعوديّ الوظيفي المتهالك، حمل بذور سقوطه منذ لحظات ميلاده المشئوم، وقد وصل – في الوقت الراهن – إلى مرحلة متقدمة من الانهيار والتحلل، ولم يعد يمتلك أدنى مقومات الوجود والبقاء والاستمرار.
انعكست تداعيات سقوط الكيان السعوديّ، سلباً على الجماعات التكفيرية الإرهابية، التي يتبناها أيديولوجياً ومالياً، وعلى وجود وهيمنة ونفوذ، القوى الاستعمارية، الأمريكية الصهيونية البريطانية.
وبذلك يتجسد البعد الثالث (العالمي)، لرسالة استهداف مأرب، بسقوط قوى الهيمنة والاستكبار، في تموضعها الاستعماري، بعد قطع أذرعها المحلية والإقليمية، دون أن تجرؤ على رد اعتبار ذاتها، واستعادة هيبتها وحضورها.
٣- معسكر قوات الواجب، في عسير المحتلّة.
حمل هذا الاستهداف رسالة مباشرة إلى النظام السعوديّ، مفادها لا عاصم اليوم من الزوال المحتوم، إن هو استمر في عدوانه وحصاره، علاوة على ما تحمله خصوصية المكان المستهدف (عسير)، في الوجدان الجمعي اليمني، وفي عقلية المحتلّ السعوديّ، وما يحمله ذلك التموضع المكاني، من الإجرام التاريخي السعوديّ، بحق الأرض والإنسان.
كما حمل رسائل غير مباشرة، بأثر عكسي/ تحتي، إلى جميع مرتزِقة الإمارات والسعوديّة وأسيادهم، بعد نجاح قوات الجيش واللجان الشعبيّة، من قطع كُـلّ طرق وسبل الإمدَادات البشرية والمادية، عن مأرب، وقدرتهم على إنهاء المعركة فيها.
والرسالة الثانية، على المستوى الأفقي، في إطار تموضع قوات التحالف، مفادها أن سقوط الشقيقة الكبرى، ليس إلا إعلانا بزوالكم المسبق، ومنع استمرار إنتاج وتفريخ ودعم الجماعات الإرهابية، ونهاية أدواركم الخيانية، الداعمة للتطبيع، والتواجد الصهيوني الغاصب في فلسطين، والمنطقة العربية عُمُـومًا.
وفي الرسالة الثالثة، التي يحملها المكان (عسير)، في خصوصيته التاريخية والاجتماعية، يتجه الخطاب تصاعديا، إلى أسياد الكيان السعوديّ الوظيفي، ونظائره من الأنظمة الخليجية وغيرها، مفادها إن تخليكم عن حلفائكم، وعجزكم عن حمايتهم، وسحب أنظمة الدفاع الجوي، من المنطقة العربية، واستمراركم في (حلب) تلك الأنظمة العميلة، نظير ما تزعمونه من تكاليف الحماية، قد أسقط وجودكم إلى الأبد، والمسألة مسألة وقت فقط، وبذلك تسقط الرافعة الرئيسية للمشروع الصهيوني، وترتفع هيمنة الأمريكي عن الضرع الحلوب، وتفقد بريطانيا كُـلّ مقومات النفوذ والهيمنة، الاقتصادية والثقافية والفكرية والسياسية، التي عملت على صنعها، منذ زمن طويل.
ج – البعد الثوري.
ويتمثل هذا البُعد في مسارين، مؤكّـداً على:-
١- استمرار النهج التحرّري، بداية من تحرير كافة الأراضي اليمنية، إلى تحرير المقدسات الإسلامية، وقطع نفوذ وهيمنة القوى الإمبريالية، وصياغة علاقات جديدة، على مبدأ الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، علاوة على ما يحمله هذا السياق، من تشجيع وتحفيز جميع شعوب العالم، على انتهاج درب التحرّر والاستقلال، والخروج من حالة الاستلاب واليأس، واليقين المسبق بالهزيمة، والانتصار على مواضعات الهيمنة والاستكبار، في كُـلّ مظاهر تجلياتها وصورها.
٢- كشف الوجه الحقيقي، للأمم المتحدة ومجلسها، وإسقاط القناع عن طبيعتها الاستعمارية، ودورها التسلطي القبيح، والتركيز على سقوطها القيمي والأخلاقي، وكشف تناقضاتها، وانقلابها على ما زعمت من القيم والمبادئ، وتخليها عن ما زعمت حمايته والحفاظ عليه، من حقوق المستضعفين، ورعايتها للحقوق والحريات والديمقراطية، وحق السيادة والاستقلال، بينما هي تمارس أبشع أنواع القمع والكبت، ومصادرة الحقوق والحريات، وممارسة أقذر أدوار الاستعمار، في سياقاته الإجرامية والتسلطية والقمعية، والكيل بمكيالين، حسب مقتضيات المصالح الاستعمارية وتقاسم مناطق النفوذ والهيمنة، والاستفراد بالثروات دون الشعوب.
هنا تسقط كُـلّ مواضعات السيادة الإمبريالية، بمختلف مسمياتها وتموضعاتها، وتبدأ مرحلة جديدة، معلنة ميلاد فجر الإنسانية الجديد.