كينونةُ النصر
موقع أنصار الله || مقالات ||منصور البكالي
كينونة النصر في القرآن الكريم الضامن لها هو الله الموجِّه لعباده المؤمنين ببعض الاشتراطات العملية الميدانية ذات الصلة بالصبر والمرابطة والتحَرّك والجهاد والقتال في سبيل الله والتقوى، ولما لها عنده هو من قدر عظيم وثمار أعظم تنعكس على الميدان وتفرز من خلالها النفوس الطيبة من الخبيثة والمؤمنة الصادقة من المنافقة والمتخاذلة.
ففي صورة آل عمران ما يكفي لتوضيح وشرح موضوع كينونة النصر واشتراطاته وفضح رهانات قوى العدوان الأمريكي السعوديّ في فتح عدد من الجبهات كمحاولة للتخفيف على جبهة هنا أَو هناك، غيرَ آبهة بأن شعبنا اليمني العظيم ينطلق من منطلقات قرآنية ويتحَرّك بحركة القرآن في واقعه الجهادي والإداري والثقافي ومختلف مجالات بناء الدولة والجيش… إلخ.
ومن هذه الآيات قوله تعالى “وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إذ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، إذ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ، بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ، وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَو يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ”.
الآيات الآنفة وضحت دور القيادة واستشعارها للمسؤولية، وكل شيخ قوم ووجيه وعالم وخطيب ومثقف ومسؤول وتربوي اليوم قائدٌ في مواجهة العدوان، وكُلٌّ في مترسه، وحين تتطلب المعركة الخروجَ تكون جاهزيتُنا عاليةً، وهذا شيء مؤكّـد، كما في هذه الآيات توضيحٌ للاشتراطات المؤكّـدة على الصبر والتقوى”.
وحول الضمانات يقول الله: “لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا يُنصَرون، ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أين مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأنبياء بِغَيْرِ حَقٍّ، ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ”.
إذن مواجهةُ عدو هذه نفسياتُه التي أخبرنا الله عنها بسيطة، ومعيار النصر فيها أبسطُ وهو مقترنٌ بالاستجابة لتوجيهات الله بالنفير في سبيله والوفاء بتنفيذ الاشتراطات المؤدية لتحقيق كينونة النصر التي هي بيد الله القادر على مد مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة بملائكة مسومين، ولكن ذلك يتناقض مع ما يريده الله لنا من الفضل والعزة أن انتظرنا الملائكة!
وفي الجانب الآخر، قبائل اليمن الوفية المشهود لها بالمَدَد والنُّصرة مَن ناصرت رسول الله منذ بزوغ دعوته هي اليوم من تناصر وتتحَرّك تحت راية علَم الهدى السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي المواصل لنهج الشهيد القائد مؤسّس المشروع القرآني.
وبالعودة إلى كينونة النصر واشتراطاتها، نؤكّـد لأبناء شعبنا اليمني أن مضاعفة جهود التحشيد إلى الجبهات في هذا التوقيت أمل كُـلّ الأُمَّــة المنتظرة للفرج من قبل اليمن الذي يقوم بمعركة كسر العظم للهيمنة الصهيوأمريكية وأذنابها في المنطقة والعالم، وهذه الآمال تحتم علينا كشعب الأوس والخزرج أن نكون قرآنيين بكل ما للكلمة من معنى وأن نتحَرّك بشكل كبير وفعّال وبما يلبي تلك التطلعات والآمال، التي توجب علينا استشعار المسؤولية وإثبات المصداقية لله وللوعي القرآني الذي مَنَّ الله به علينا وأكرمنا بقيادة لم يكرم بها أحداً من العالمين في هذا العصر.
فالقضية الفلسطينية مرتبطٌ مصيرُها بمصير شعبنا وبمدى استمرار تحَرّكنا وتحشيدنا وكذا مصير كُـلّ الشعوب العربية الواقعة تحت الهيمنة المباشرة للاحتلال الأمريكي أَو للمستبدين عملاء وأدوات أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وَإذَا ما قلنا: إن من واجبنا الديني والأخلاقي أن نقدم دين الله للعالمين، ودين الله يحتاج إلى تضحيات كبيرة وملزمة، مع أنها في الحقيقة بسيطة جِـدًّا ولنا شواهدُ كثيرةٌ منذ الحرب الأولى على محافظة صعدة، والله هو من توعد بتعويضها عزًّا ونصرًا وتمكينًا وقوةً في الحياة الدنيا، والفوز برضوان الله في الآخرة وما نحن إلا شعب يحملُ هَمَّ أُمَّـة وينهل من علم هدى ويتثقف بثقافة القرآن ويذوب في حب محمد رسول الله وحب آله إلا طلاب عزة ونصر وفلاح في الدارين.
كينونةُ النصر تكمُنُ في تحَرُّكنا القرآني الصادق المخلص الواعي، إن أردنا أن يكون نصر الله قريباً، وَإذَا ما تحَرّكنا بشكل جماعي في أوساط مجتمعاتنا لنضاعف الجهود ونشد الهمم ونستشعر عظيم المسؤولية أمام الله والقيادة والتأريخ.