القرآن واسع بالشكل الذي لا يمكن لأحد إطلاقًا أن يحيط به

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

الكون هو كتاب آخر يكشف أيضًا صحة هذا الكتاب نفسه، القرآن يكشف كيف يمكن أن تكون الأحداث على النحو الذي تحدث عنه، كيف يمكن أن يكون واقع الحياة على النحو الذي تحدث عنه؛ لهذا تأتي بعد كل فقرة من المواضيع المهمة التي فيها هداية الأمة إلى أشياء مهمة جدًا يقول فيها: آيات الله {تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

تعتبر أعلام تكشف لك الحقائق، ومن خلال الرجوع إلى القرآن، والرجوع إلى الأحداث والوقائع، والرجوع إلى العترة تتجلى الأمور بشكل آخر، فترى في الأخير أن هذا المفسر، أو هذا، أو هذا من أولئك لتصبح المسألة – على الرغم من حسن نيته وعلى الرغم من جديته – تصبح المسألة وكأنها تضييع للقرآن، تضييع للقرآن حقيقة.

لأن هذا ربما انطلق بنظرة أنه يريد أن يقدم لك القرآن لكن من منطلق آخر مثلًا، أو هو نفسه ما زال يحمل عقائد تجعله بالشكل الذي لا يهتدي إلى القرآن بالشكل المطلوب، أو يعطف القرآن على ما لديه من عقائد هي مغلوطة؛ فطلع بهذا الشكل.

لهذا الإمام الخميني قال في كلمة عندما يرجع إلى تفاسير معينة، لم ير تفسيرًا يلبي ما يريد، يعود إلى التفاسير لكن ما رأى التفسير الذي يشبع الموضوع القرآني، يكشف القضية بالشكل المطلوب، ما حصل ذلك نهائيًا.

هم فعلًا بعض العلماء يقولون بأن القرآن واسع بالشكل الذي لا يمكن لأحد إطلاقًا أن يحيط به علمًا، مثلما قال الإمام علي بأنه: (بحر لا يدرك قعره)، لكن وفي المقابل يأتي آخرون فيقولون بأنه ما يمكن أن يكون فيه خطاب لا نفهمه نحن، أي لا يفهمه أي واحد منا، هو كتاب له آلية معينة، ومن خلال هذه الآلية مثلما قال الزمخشري: نهتم بالمعاني والبيان، يعني في جانب معرفة البلاغة، وندخل إلى القرآن، والقرآن خلاص يجب أن نفهم فيه كل شيء! لو افترضنا بأن فيه شيء أنا لا أفهمه يعني ذلك أنني أصبحت مكلفا أن الله كلفنا بشيء ونحن لا نفهمه.

فهذه النظرة هي نفسها ضيقت القرآن؛ لأنها انطلقت من مسألة التكليف بالأحكام الخمسة، ومن منطلق أن القرآن هو كتاب تشريعي يدور في هذه الدائرة: التكليف الفلاني، وليس كتاب هداية، فعندما ينظر الإنسان هذه النظرة الضيقة يصبح القرآن فعلًا ضيقًا.

وفي الأخير ما الذي سيحصل؟ ستجده في الأخير ما أفادك بشيء، فترجع إلى أشياء أخرى فتغرق في الضلال، فتغرق في الضلال، ثم تصبح مجاملًا لتلك الآيات، تجاملها فقط مجاملة، وإلا ما عاد منها شيء.

لكن ترجع إلى القرآن ككتاب هداية، ومتى ما رجعت إلى تفسير من التفاسير فأيضًا من هذا المنطلق أنه ما الذي يمكن أن يعطيني هذا المفسر بالنسبة لهذه الآيات من وجهة نظر بحث عن هداية، ليست مسألة حفظ أو ما حفظ، فسيمكن أن الإنسان سيستفيد من القرآن، ويستفيد الناس جميعًا من خلال القرآن، وكل إنسان بحسب معرفته، بحسب صحة نظرته، فيفهم الناس الكثير من القرآن ولو على أقل تقدير ما يعزز ثقتهم بالله سبحانه وتعالى، ما يرسخ في نفوسنا الخوف منه، ما يجعلنا نهتدي بأشياء كثيرة وضعها، كأعلام، مقاييس، قواعد، ترسخ لدينا وعي ننطلق منه.

تجد من العجيب كل الناس يقولون: أن الله تحدث عن اليهود كثيرًا في القرآن، ألم يتحدث عنهم كثيرًا في القرآن؟ لكن نسوا بأن من تحدث عن اليهود في القرآن ليس من الممكن إطلاقًا أن يتحدث عنهم ثم لا يوجه الأمة إلى كيف تكون في ميدان مواجهتهم، أصبحت النظرة إلى ما عرضه عن أهل الكتاب في القرآن الكريم وكأنه عرض تاريخي، وسرد تاريخي فقط، قصصي.

هذه الخلاصة بأن العودة إلى القرآن من منطلق ثقة، بالاعتماد على الله سبحانه وتعالى، والنظرة إلى القرآن بأهمية كبرى، أن يكون للقرآن مكانة كبيرة في نفسك، تُجِلّ القرآن، تعظّم القرآن، حتى تثق بتوجيهاته، وإلا فأحيانا قد تصبح عالمًا، تسمى عالمًا، تصبح عالمًا كبيرًا وعمرك كم سنين وأنت مقروي، لكن ويبقى في واقع المسالة تعاملك مع القرآن بالشكل المهزوز، فتصبح لا تستفيد منه حتى لو أصبحت عالمًا، معك مكتبة كبيرة.

لاحظ كيف جانب واحد تحدثنا عنه، جانب أننا نسينا من هم هؤلاء، ولم نتعامل معهم من منطلق ما يوحي به القرآن في كيف يجب أن نتعامل معهم كأعداء.. فتجمّع لنا الشقاء والضلال، الشقاء والضلال بكله، تجمّع لنا على أيدي هؤلاء.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

 

 [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

من نحن ومن هم؟

ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: شهر شوال 1422هـ

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا