أزمة مشتقات بهندسة أممية أمريكية.. انفراجة “مأزومة” تبقي على معاناة المواطنين

|| صحافة ||

مع استمرارِ الحِصارِ الأمريكي السعوديّ الإماراتي على سفن النفط، يزدادُ الخِناقُ ضيقاً على القطاعات الحيوية والخدمية اليمنية، في إنذارات متكرّرة بكوارث وشيكة بتنفيذ دول العدوان ورعاية الأمم المتحدة.

وفي سياق ارتدادات الأزمة النفطية الخانقة، جدد المركز الوطني لعلاج الأورام، تحذيره من توقف وشيك لخدماته نتيجة استمرار تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي في ممارسة القرصنة البحرية على سفن المشتقات النفطية ومنعها من دخول ميناء الحديدة، وهو ما يوحي بكارثة تلقي بظلالها على مرضى السرطان المحاصرين في اليمن.

وأوضح مدير المركز الدكتور عبدالله ثوابة، أن المركز يقوم بمعالجة كافة المرضى بحسب الخطط العلاجية في حين أن معظم الإمْكَانيات غير متاحة حَـاليًّا، مبينًا أن اليمن شهد ارتفاعاً في معدل الإصابة بالسرطان خلال السبع السنوات الماضية مقابل شحة الإمْكَانيات ومضاعفات العدوان والحصار.

وذكر أن عدد الحالات التي استقبلها المركز منذ إنشائه وحتى اليوم بلغت 78 ألف حالة منها 37 ألفاً خلال السنوات القليلة الماضية، مُشيراً إلى أن عدد حالات الوفاة لمرضى السرطان يصل إلى 300 حالة سنوياً، في إشارة إلى أن الأسلحة الأمريكية المحرمة التي تستخدمها دول العدوان في ارتكاب الجرائم، تسهم بشكل كبير في نشر الأمراض المختلفة كالسرطان ومختلف الأوبئة.

ونوّه إلى أن تحالف العدوان منع دخول الأدوية الخَاصَّة بمرضى السرطان وحرم في الوقت نفسه المصابين من حقهم في السفر للعلاج بالخارج، داعياً المجتمع الدولي للضغط على تحالف العدوان لفتح مطار صنعاء الدولي والسماح للمرضى بالسفر خَاصَّة الأطفال المصابين بسرطان الدم.

وحول آثار وأضرار العدوان على مرضى الأورام وخدمات المركز، أفاد الدكتور ثوابه بارتفاع معدل الإصابة بمرض السرطان خلال سنوات العدوان من أربعة آلاف وَ207 حالات في العام 2015 إلى ستة آلاف وَ239 حالة في العام 2021.

ولفت إلى حرمان أكثر من ثلاثة آلاف مريض من مرضى السرطان من السفر لتلقي العلاج في الخارج وتوقف خدمات العلاج المشع والطب النووي نهائيًّا نتيجة الحصار وإغلاق مطار صنعاء من قبل تحالف العدوان، مؤكّـداً أن قسم الإشعاع بالمركز قد يغلق في حال لم تتدخل منظمات المجتمع الدولي لدعمه.

وقال “مادة اليود المشع بسيطة غير مكلفة وتدخل في إطار علاج المريض واليوم ممنوعة من دخول اليمن؛ بسَببِ الحصار”، لافتاً إلى أن العلاج الكيميائي للسرطان لم يعد ممكناً إدخَاله؛ بسَببِ استمرار إغلاق المطار.

وأرجع مدير المركز، انعدام أكثر من 50 % من الأدوية الخَاصَّة بمرضى السرطان وخَاصَّة الأدوية الموجهة والكيماوية إلى عزوف الموردين عن استيرادها نتيجة العراقيل والإجراءات التعسفية التي تفرضها دول العدوان للحيلولة دون دخول تلك الأدوية عبر ميناء الحديدة أَو مطار صنعاء خَاصَّة أن معظمها تحتاج إلى الحفظ في درجات حرارة معينة ومحدّدة عند نقلها.

وأشَارَ إلى توقف أكثر من 40 % من الأجهزة التشخيصية والطبية عن العمل؛ بسَببِ مشاكل الصيانة وصعوبة توفير قطع الغيار خَاصَّة أجهزة الأشعة المقطعية والمختبر وقلة عدد الكوادر الفنية والتخصصية في مجال تشخيص وعلاج الأورام نتيجة تسرب البعض للعمل في الخارج وتوقف المنح وبعثات الدراسات العليا؛ بسَببِ العدوان والحصار وشحة الموارد المالية، بالإضافة إلى تخلي الكثير من المنظمات الدولية والإقليمية والجهات المانحة عن التزاماتها.

من جهته أوضح تقرير صادر عن المركز أن عدد الحالات الجديدة خلال العام 2021م وصل إلى ستة آلاف وَ239، فيما بلغ عدد الحالات المتردّدة على العيادات الاستشارية 46 ألفاً وَ204 حالات وعلى عيادات التدخلات الطبية ألفين وَ311، فيما بلغ عدد الحالات التي استقبلتها وحدة تحضير العلاج الكيميائي لأقسام الرقود والإعطاء الخارجي 30 ألفاً وَ443 حالة.

ولفت التقرير إلى أن عدد الحالات في أقسام الرقود الداخلية ثلاثة آلاف وَ595 حالة، فيما بلغ عدد الحالات التي استقبلتها دائرة العلاج بالإشعاع ألف وَ518 حالة، وبلغ عدد الفحوصات التي أجريت للمرضى في قسم المختبر 108 آلاف وَ580 فحصاً.

وبين التقرير أن عدد الأشعة السينية التي أجريت للمرضى بلغ ألف وَ843، والتلفزيونية ألفين وَ479، وتم صرف 142 ألفاً وَ824 وصفة مجانية من صيدليات المركز، فيما بلغ عدد الحالات المتردّدة على قسم الطوارئ 38 ألفاً وَ884.

 

القطاعُ الصحي يجدد التحذيرَ من وقوع الكارثة

بدوره، أكّـد اتّحاد المستشفيات اليمنية الخَاصَّة، تراجع الخدمات الطبية بنسبة 50 % وإغلاق عدد من الأقسام في بعض المستشفيات، نتيجة استمرار منع دخول المشتقات النفطية من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي.

وحذر الاتّحاد في مؤتمر صحفي عُقد أمس بصنعاء، حول الآثار الصحية الكارثية المترتبة على منع دخول سفن المشتقات النفطية إلى اليمن، من أن عدم وصول المشتقات النفطية إلى المستشفيات وارتفاع كلفة الحصول على الوقود سيؤدي إلى عجز تام عن تقديم الخدمات الطبية وإبقاء أبواب المستشفيات الخَاصَّة مفتوحة أمام المرضى، وهو ما ينذر بمفاقمة معاناة المرضى اليمنيين الذين باتوا بين سندان القرصنة وتعطيل القطاع الصحي، ومطرقة الحصار والحرمان من العلاج بالخارج والحصول على الأدوية الصالحة في الداخل.

وأوضح أن منع دخول المشتقات النفطية تسبب حتى الآن في تراجع الخدمات المقدمة للمرضى بنسبة 50 % وإغلاق أقسام العزل وثلاجات الموتى ووفاة العديد من المرضى في أقسام العناية المركزة والطوارئ والعمليات، فضلاً عن عدم تمكّن المستشفيات من حفظ الأدوية الخَاصَّة بالأمراض المزمنة مثل السكر والأورام.

وأشَارَ الاتّحاد إلى تراجع قدرة المستشفيات الخَاصَّة على الحصول على المشتقات النفطية بنسبة تجاوزت 85 بالمِئة، حَيثُ يبلغ احتياجها الشهري من مادة الديزل مليون و156 ألف لتر، مبينًا أن المستشفيات لم تحصل خلال شهر يناير وبداية شهر فبراير الجاري، سوى على ما يقارب 15 % من احتياجاتها.

وطالب الاتّحاد الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، بالضغط على تحالف العدوان للسماح بدخول المشتقات النفطية ورفع الحصار، محملاً إياها المسؤوليةَ الكاملةَ عن تداعيات ونتائج هذا الحصار الجائر على الشعب اليمني.

ودعا كافة المنظمات الإغاثية والإنسانية إلى الوقوف مع القطاع الصحي الخاص وتعزيز دوره في تقديم الخدمات الطبية وإنقاذ حياة المرضى في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها اليمن.

 

رعاية أممية للحصار الأمريكي:

وفي استمرار الرعاية الأممية للحصار الأمريكي السعوديّ الإماراتي، كشفت شركة النفط اليمنية عن استمرار الدور الأممي المساند لعمليات القرصنة وتضييق الخناق على اليمنيين.

وفي تصريحات له قال المتحدث الرسمي للشركة، عصام المتوكل: “عندما نلتقي مع مسؤولي الأمم المتحدة لا يعطونا إجَابَة صريحة حول سبب قرصنة سفن النفط رغم حصولها على تصاريح أممية”، في إشارة إلى تناغم أممي أمريكي سعوديّ إماراتي لاستخدام الحصار كورقة ضغط على اليمنيين.

وَأَضَـافَ “عندما تتحَرّك الأمم المتحدة وتتحدث عن الوضع المأساوي في اليمن فالغرض من ذلك هو ابتزاز الدول المانحة؛ مِن أجلِ الأموال”.

وأكّـد ناطق النفط أنه “يجب على الأمم المتحدة أن تقف على الحياد فيما يتعلق بالوضع الإنساني والذي يعاني منه جميع أبناء الشعب وألا تقف مع الجلاد ضد الضحية”، مُشيراً إلى أن “هناك عجزاً كبيراً في جميع القطاعات الخدمية وخُصُوصاً القطاع الصحي نتيجة النقص الحاد في الوقود”.

وتأتي تصريحات ناطق النقط تعقيباً على لقاء عقد أمس الأول، جمع المدير التنفيذي للشركة عمار الأضرعي مع مديرة مكتب المبعوث الخاص للأمين العام ‎للأمم المتحدة “روكسانا بازرجان” ونائب منسق الشؤون الإنسانية في اليمن “دييغو زوريلا”، لمناقشة أزمة الوقود الناتجة عن احتجاز السفن وتأثيراتها على الوضع الإنساني، وهو ما يشير إلى أن المساعي الأممية في هذا السياق لا تتجاوز التغطية على الدور الحقيقي لها في مساندة أعمال الحصار والقرصنة الأمريكية السعوديّة الإماراتية.

 

انفراجة محدودة

وعلى الرغم من الإفراج عن السفينة الإسعافية “سي أدور” التي بدأت في تموين المحطات في العاصمة ومختلف المحافظات، ما تزال قوى تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي تحتجز عدد 5 سفن نفطية منها سفينة تحمل مادة الغاز، حسب بيان صادر عن شركة النفط.

وأوضح البيان أن السفن المحتجزة تحمل كميات إجمالية تبلغ (113.814) طناً من مادتي الديزل والمازوت ولفترات متفاوتة بلغت بالنسبة للسفن المحتجزة حَـاليًّا أكثر من خمسة أشهر “177” يوماً من القرصنة البحرية، على الرغم من استكمال كُـلّ تلك السفن لكافة إجراءات الفحص والتدقيق عبر آلية بعثة التحقّق والتفتيش في جيبوتي (UNVIM) وحصولها على التصاريح الأممية التي تؤكّـد مطابقة الحمولة للشروط المنصوص عليها في مفهوم عمليات آلية التحقّق والتفتيش، مما يؤكّـد مخالفة التكوينات المعنية التابعة للأمم المتحدة لبنود الاتّفاقية الدولية لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني وقانون الصراع المسلح، وكافة القوانين والأعراف المعمول بها، فضلاً عن تجاهل الأمم المتحدة الدائم لجوهر وغايات اتّفاق السويد الذي شدّد في مجمله على ضرورة تسهيل وصول المواد الأَسَاسية والمساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة وبما يلبي احتياجات وتطلعات الشعب اليمني.

ومع الانفراجة المحدودة لأزمة المشتقات النفطية جراء السماح بدخول السفينة الإسعافية “سي أدور”، يتبين للجميع أن الحصار الأمريكي السعوديّ الإماراتي على السفن النفطية هو من يخلق الأزمات، وأن السماح بدخول المشتقات هو العامل الرئيسي لتبديد الأزمة.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا